سهير عبد الحميد من كليكيا بأرمينيا الصغرى انتقلت عائلته إلى حلب، بعد سقوط مملكة كليكيا، قصته جزء من قصص متوارثة تتناقلها العائلات الأرمينية القديمة الموجودة بحلب وربما اندثر بعضها وبقيت حقيقة أنهم ماتوا كى يعيش من نجا. فى الشام استقر وذكرى الإبادة فى يقينه حاضرة، بعد أن حرم الأتراك أسرته من لقبها الأرمينى، فنزعوا من آخره النون ليصبح «كوسا» بدلا من «كوسان» فى محاولة بائسة لتدمير الهوية الأرمينية.. المطران كريكور أوغسطينوس كوسا أسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك الذى كانت لكنته الشامية المرحبة خطوة مشجعة لبدء الحوار، وفى مقر بطريركية الأرمن الكاثوليك بشارع صبرى أبو علم بعابدين، كانت جلستنا حول إجراءات إحياء ذكرى مئوية الإبادة فى الكنيسة الكاثوليكية. ما تاريخ الكنيسة الأرمينية الكاثوليكية فى مصر؟ كنيسة الأرمن فى مصر موجودة من القرن الثامن الميلادى وتزايدت أعداد الأرمن فى القرنين الثانى عشر والسادس عشر. وتزايدت أكثر فى القرن العشرين وتحديدا عام 1915 بعد المذابح الأرمينة، حيث توافد الأرمن إلى مصر من سورياولبنان وسائر الدول العربية . ورسميا اعترفت الدولة العثمانية 1930 بالكنيسة الأرمينية الكاثوليكية تحت اسم بطريراكية الإسكندرية للأرمن الكاثوليك، والتى تضم تحت لوائها مصر والسودان وسائر بلدان إفريقيا . مبنى الكنيسة الكاثوليكية شيده أبناء الجالية بتبرع قدمه جرابيد ماتوسيان صاحب معامل السجائر بمصر عام 1926 وتم تكبير مساحتها عبر مراحل تاريخية مختلفة . وللأرمن الكاثوليك كنيسة فى درب الجنينة باسم القديس كريكور (غوريغوريوس) المنور شيدت 1841 وكنيسة أخرى فى مصر القديمة يرجع تاريخها إلى عام 1730، وتعتبر من الكنائس القديمة التى تثبت وجود الأرمن فى مصر منذ زمن بعيد، وكانت لنا كنائس أخرى فى شبرا والظاهر ولكنها اندثرت بسبب الزلالزل والعوامل الطبيعية وتوسعات الطرق. وللكنيسة مدرسة للراهبات الأرمن مشهورة بتربية الفتيات فى شارع الميرغنى وتنشئتهن على العمل وخدمة الوطن ورفعته علميا وثقافيا، والتأكيد على ترابط الناس بعضهم البعض، وكان للبطريركية مدرسة بإدارة الآباء المختارين وأيضا كان هناك فى الإسكندرية مدرستان لراهبات الأرمن والآباء المختاريون وأغلقت المدارس لهجرة الأرمن من بداية 1952 وصدرو قرارات التأميم . ما أعداد الأرمن الكاثوليك فى مصر ؟ 6500 شخص. ماذا عن استعدادات الكنيسة لإحياء ذكرى المئوية ؟ لنا احتفالات كثيرة فى مصر منها احتفالات كنسية مع الكنيسة الأرمينية الأرثوذكسية الشقيقة، واحتفالات فى لبنان مقر الكرسى البطريركى مع سائر الكنائس والهيئات الروحية الإسلامية، كما هناك احتفال الكنيسة الأرمينية الكاثوليكية فى أرمينيا الوطن الأم والاحتفال مشترك بين الكنيسة الأرمينية الأرثوذكسية. وعلى مستوى الأرمن الكاثوليك فى العالم يوم الأحد 12 إبريل سيحتفل قداسة البابا فرنسيس وبطريرك الأرمن الكاثوليك قداسة الكاثوليكوس البطريرك نرسيس التاسع عشر مع آباء المجمع المقدس فى قداس حبرى فى حاضرة الفاتيكان فى احتفال، سيحضره عدد كبير جميع الكنائس فى العالم والسلك الدبلوماسى المعتمد فى الفاتيكان وجمهورية إيطاليا إلى جانب عدد كبير من الإعلاميين الذين سيتوافدون من العالم للمشاركة فى ذكرى المئوية، وفى يوم ذكرى الإبادة سيعلن قداسة البابا القديس فرنسيس القديس أكريكور (غوريغوريوس ناريكاتسى) معلما فى الكنيسة الجامعة المعروف بكتاباته اللاهوتية والشعرية والصوفية، وسيتم إصدار طوابع بريدية تذكارية بالفاتيكان سيكون أولها خاص بذكرى الإبادة عبارة عن صليب منقوش على الصخر، والثانى للقديس الشهيد المطران أغناطيوس مالوين والطابع الثالث يمثل القديس أكريكور ناريكاتسى، وسيتم نشر بيان أو رسالة رعوية لغبطة أبينا البطريرك بعدة لغات ليتعرف العالم على الإبادة ونتائجها. لماذا تم اختيار 12 من إبريل تحديدا برغم أن الاحتفال بذكرى المئوية سيتم فى 24 من إبريل ؟ يوم 5 من إبريل هو عيد القيامة، ويوم 12 إبريل معروف فى طقوسنا بيوم "الأحد الجديد"، فبعد القيامة بدأت حياة جديدة، والإبادة فى تقديرنا لم تكن نهاية الشعب الأرمنى بل بداية وانطلالقة جديدة له، فالأتراك أرادوا إبادتنا، لكن رعاية الله حمت الشعب الأرمنى وانتشروا حول العالم محافظين على هويتهم وتراثهم . ومتى سيتم الاحتفال فى أرمينيا ؟ الكنائس الأرمينية ستحتفل يوم 23 و24 فى أرمنيا فأردنا أن تشتراك الكنائس بكل فروعها حتى يعرف العالم ما جرى فى القرن الماضى، وما يحدث حاليا من إبادات جديدة فى سوريا وليبيا والعراق والأراضى المقدسة وبلدان لم نسمع عنها تتعرض للإبادة، وما يقوم به الإرهابيون من تدمير وخرب واغتصاب فتيات وقتل للرجال والنساء والأطفال لا تمثل الإنسانية التى تدعو إلى المحبة والرحمة. فهؤلاء الإرهابيون لا ينتمون لا إلى دين ولا إلى ضمير والأديان والإنسانية منهم براء . هل هناك رصد لوقائع تعذيب متعمدة من العثمانيين ضد رجال الدين الأرمن؟ بالتأكيد، فالقديس المطران أوغناطيوس الذى سيصدر طابعاً تذكارياً يحمل صورته فى ذكرى المئوية، تم اقتياده مع مجموعة من الأرمن بلغ عددهم 417 شخصا وساروا فى الصحارى، وهم يتعذبون بدون ماء ولا طعام. وتم قتل كل الرجال والنساء أمام راعيهم المطران أوغناطيوس ثم عذبوه وقتلوه فى نهاية الأمر، كما فعل اليهود مع السيد المسيح، علما بأن المطران الشهيد قبل المذابح قدمت له الحكومة التركية الوسام العثمانى من الدرجة الأولى، لكنه رفض مبينا أنه يعلم ماذا ينتظر الشعب الأرمنى فى المستقبل من خفايا وخبث العثمانيين . وفى يوم 24 إبريل اقتاد الأتراك، البطاركة والأساقفة والكهنة والمثقفين والأطباء والشعراء والمثقفين والرموز من كل المجالات وأبادوهم ولم تقف المذابح عند عام 1915 بل امتدت إلى 1920. وما مصير كنائس الأرمن الكاثوليك فى تركيا؟ عدد الأرمن فى تركيا حاليا لا بأس به. ولهم كنائس هدمت وأخرى ما زالت تمارس رسالتها، وهناك كنائس مغلقة لأنها تحتاج إلى الترميم، ولكن الحكومة التركية لا تسمح بذلك، أما بالنسبة لأرمنيا الصغرى فقد ضمتها تركيا إليها وهى أراض أرمينية وأطلقت عليها اسم الأناضول. ما الرسالة التى تبعثها الكنيسة الأرمينية حول العالم فى ذكرى الإبادة من خلال الصلوات والاحتفالات؟ نحن شعب نحب السلام ولكننا نطالب تركيا الاعتراف بالإبادة، كما نرفع صوتنا إلى دول العالم لتعترف بالإبادة حتى نحافظ على بقاء الشعوب وأيضا حتى لا تحدث مجازر أخرى، كما تعانيه البلاد فى الشرق الأوسط فى أيامنا هذه. كما نريد الحفاظ على السلام ورباط الوحدة والأمان بين الشعوب لكى لا نشعر أننا مختلفون عن بعضنا البعض السلام هو الرباط الذى يجمعنا. وبالسلام ننفتح على بعضنا بالثقافات والحياة الاقتصادية والجماعية ونتعرف على بعضنا ونعيش مع بعضنا بمحبة وإخلاص . الأرمن طوال تاريخهم لم يحاربوا إلا من حاربهم وللحفاظ على أرضهم وتراثهم ودينهم، وتفرغوا للبناء وتطوير العلوم وتأليف الكتب، إلى جانب الصناعات اليدوية التقليدية . ما دور الكنيسة ومساعيها فى الحصول على اعترافات دولية بأن ما حدث للأرمن هو عملية إبادة جنس؟ الكنيسة رسالتها روحية واجتماعية وهى تسعى لنشر السلام، لكى تكمل رسالة السيد المسيح الذى قال "طوبى لفاعلى السلام"، و"سلامى أعطيكم سلامى أمنحكم"، وهو الذى انشدت الملائكة فى يوم ميلاده "المجد لله فى العلى على الأرض السلام وللناس المسرة . وبعد قيامته عندما ظهر للتلاميذ دخل عليهم بأعجوبة" قائلا: السلام عليكم، سلامى أعطيكم، سلامى أمنحكم. رسالة الكنيسة رسالة سلام ومحبة، ونحن عندما نتكلم عن السلام ونريد العالم الاعتراف بالإبادات نسعى لتحقيق السلام لخير الشعوب واستقراراها الكنيسة لا علاقة لها بالسياسة. لكن رسالتها تحقيق العيش المشترك بين كل شعوب الأرض. هل تصنفون مجازر الأتراك ضد الأرمن على أنها حرب عرقية أم دينية؟ هى حرب عرقية زجوا بالدين فيها. لكننا نحن دائما عندما نتعامل مع أى إنسان نتعامل معه من منطلق إنسانى، والإنسانية لا تعنى بالعرق أو المذهب أو المعتقد، لأن الإنسان خلق على صورة الله ومثاله. هل ستشارك الكنيسة المصرية فى الاحتفالات بالمئوية ؟ طبعا كل الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية ستشارك فى الاحتفالات التى ستتم فى مصر وأرمينيا لأن دم الشهداء يجمعنا.