سهير عبد الحميد تكونت فى الآونة الأخيرة من أرمن مصر، لجنة إحياء ذكرى مئوية الإبادة الأرمينية، والتى تهدف إلى إماطة اللثام عن ماهية (القضية الأرمينية) بكل أبعادها وملابساتها وتداعياتها أمام الرأى العام العربي، انطلاقا من مصر أرض الكنانة.. هذا ما بينته اللجنة فى مقدمة مجموعة كتيبات تستهدف تعريف الرأى العام المصرى بتاريخ المذابح الأرمينية وحقائق التاريخ والجغرافيا فى هذه القضية.. حيث لم تنس اللجنة فى مقدمة تلك الكتيبات توجيه الشكر إلى مصر التى احتضنت الأرمن فى ذروة أزمتهم. أونيك بلكدانيان، رئيس مجلس إدارة بطريركية الأرمن الأرثوذكس، ونائب رئيس جمعية القاهرة الأرمينية، ورئس لجنة إحياء ذكرى مئوية الإبادة يقول: هناك لجان فى كل الدول التى تضم جاليات أجنبية، وكل لجنة تحاول إحياء المئوية. وكل اللجان تنسق مع اللجنة الرئيسية فى أرمينيا حتى يقوم الجميع بنفس الدور. واجتمعنا خلال سنة معهم أكثر من مرة للوقوف على آخر المستجدات وتحديد ضيوف الاحتفالية. يوم 23 إبريل ستبدأ الاحتفالات بقداس يعلن خلاله أن كل شهداء الإبادة من القديسين، علما بأنه منذ قرون طويلة لم تضف الكنيسة الأرمينية أى اسم إلى قائمة الشهداء، وفى الساعة 15 - 19 التى ترمز للعام 1915 الذى ارتكبت فيه المذابح، ستدق كل الكنائس الأرمينية حول العالم أجراسها 100 دقة نسبة إلى المئوية وفى مصر سيتم عمل القداس فى التوقيت نفسه. يوم 23 إبريل أيضاً ستعزف الأوركسترا السيمفونى الأرمنى فى أهم ميدان فى يريفان. ثم تنطلق مسيرة إلى النصب التذكارى حاملين الشموع والورود، والتى ستستمر حتى صباح يوم 24 من إبريل حيث الاحتفالية الرئيسية، حيث إنه اليوم الذى تمت فيه إبادة معظم المثقفين والسياسيين الأرمن وكل رموز الأرمن. وقد قامت اللجنة فى مصر بإعداد كتيبات عن تاريخ الأرمن وذكرى الإبادة.. ونعد 3 كتب رئيسية عن مذابح أضنة ومصر واللاجئين الأرمن عن مخيم بورسعيد، والثالث عن القضية الأرمنية فى الذاكرة العربية، إضافة إلى ندوات ومؤتمرات فى الكليات وفى مكتبات القاهرةوالإسكندرية والأقاليم والكليات، وفى مكتبة الإسكندرية. وقد لعبت اللجنة دورا مهما فى التعريف بالإبادة الأرمينية ودور مصر فى تأييد الأرمن. هناك دول عديدة اعترفت بالإبادة ونأمل أن تبدأ الدول العربية فى الاعتراف بالإبادة الأرمينية كما فعلت لبنان. ويشير أونيك إلى أن إحياء الذكرى المئوية، يستهدف الحصول على اعتراف دولى بالإبادة، وهى خطوة كبيرة تثبت أن الشعوب متمسكة بحقوق الإنسان، وأن هناك نوعاً من التعاطف مع القضية الأرمينية، ومن جانب آخر نأمل أن يمثل ضغطاً على تركيا ذاتها، والتأكيد على أنها لن تستطيع تغيير التاريخ كما يحلو لها. الحكومة التركية بشكلها الحالى مازالت تمارس الإنكار، حتى إنها أقامت حفل عيد 25 إبريل عن معركة جالبولى، حتى تصرف انتباه العالم عن المئوية ووجهوا الدعوة لرئيس أرمينيا بحضور الحفل وأعتقد أن الاعتراف الدولى خطة أولية والتعويضات خطوة مستقبلية عن الأراضى التى انتزعوها من أرمينيا ، وعن الأرواح التى أزهقت والآلاف الذين تم تشريدهم. د.أرمن مظلوميان، عضو لجنة المئوية يقول: عندما تردد البعض حيال قرار هتلر بإبادة اليهود والغجر قال لهم: ومن الذى يتذكر الآن مذابح الأرمن. وها نحن بعد مرور مئة عام نصر أن تظل تلك المذابح فى الذاكرة الإنسانية، وإثبات خطأ ما قاله هتلر. لابد أن يظل العالم يتذكر ما تعرض له الشعب الأرمينى من أول إبادة فى القرن العشرين، فقد تم تهجير الأرمن وطمس هويتهم من جميع القرى، والمدن التى كانوا يعيشون فيها بشرق الأناضول على امتداد أرمينيا التاريخية الواقعة تحت الحكم العثمانى فى تلك الفترة وكانت نتيجتها المليون ونصف المليون شهيد. تركيا وهى الوريث الشرعى للدولة العثمانية، مازالت تلجأ إلى حملات تشويه وتشكيك وقلب للحقائق والترويج لأن الأرمن هم من اعتدوا وقتلوا الأتراك. الإنكار لا يفيد، لكنه يعمق الجرح ويخلق المزيد من الكراهية بين الشعبين اللذين عاشا بالجوار وتفاعلا معى بعضهم البعض على مدار قرون وشكلا تاريخ المنطقة بأسرها. ولكنى أرى بادرة أمل فى الأفق، فهناك تغيير ما يحدث فى السنوات الأخيرة فى الأوساط التركية من قبل الباحثين والمثقفين الأتراك، إذ أطلق العديد من كبار الكتاب والمجتمعات المدنية والحقوقية حملة تضامنية مع ضحايا الأباطة الأرمينية، وطالبوا الحكومة التركية بتقديم اعتذار رسمى للشعب الأرمينى، وقد وقع عشرات الألوف على بيان الحملة التى كانت بمثابة رسالة إلى الرأى العام التركى مفادها أن البقاء دون إحساس تجاه الكارثة الكبرى التى تعرض لها الأرمن عام 1915 أمر لا يمكن لضمير أن يقبله. ونحن نناشد البرلمان المصرى للاعتراف بالإبادة الأرمينية، فمصر فجر الضمير الإنسانى التى احتضنتنا وأصبحنا جزءا من نسيجها الوطنى والثقافى والسياسى.