صور| أسماء أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية في قنا    خاص| الدبيكي: لجنة قطاع العلوم الصحية تبدأ أولى خطواتها لإصلاح تطوير التعليم الصحي في مصر    مطالب ترامب بخفض أسعار الفائدة تقود الذهب إلى الصعود مجدداً    نائب محافظ دمياط تتابع معدلات تنفيذ مشروعات "حياة كريمة"    قافلة "الصمود".. اختبار للمواقف الإقليمية وتحرك شعبي يعيد الزخم للقضية الفلسطينية(تقرير)    مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية: العالم أقرب من أي وقت مضى إلى حافة الإبادة النووية    صيحة تحذير.. فلننتبه!    الزمالك يوقع عقوبة مالية على أحمد حمدي بعد أزمة سفره إلى ألمانيا    «حال عدم جاهزيته».. شوقي يتوقع بديل وسام أبوعلي بتشكيل الأهلي أمام إنتر ميامي    بسبب خلافات زوجية.. أب يذبح أبناءه الثلاثة ويشنق نفسه ب«إيشارب» في سوهاج    العربيات اتعجنت، مصرع شخصين وإصابة 5 آخرين في تصادم سيارتين بجرار زراعي بالبحيرة (صور)    محافظ الدقهلية في زيارة ليليلة مفاجئة لمدينة جمصة    مشاجرة عائلية بسبب خلافات نسب في الفيوم تنتهي بوفاة رجل وإصابة شقيقه    كيف يكون التعليم منتجًا؟    10 قروش تراجعًا بسعر الدولار مقابل الجنيه في البنوك عقب عطلة عيد الأضحى    تراجع مبيعات تيسلا للشهر الخامس على التوالي    مرتجي: زيزو يشبه الأهلي.. وأطالب اتحاد الكرة بالاطلاع على ميزانيات الأندية    الزمالك يتقدم بشكوى جديدة ضد زيزو عقب الانتقال إلى الأهلي    السومة يتحدى مرموش وربيعة.. مهاجم سوريا يدعم قائمة الوداد في كأس العالم للأندية    مرتجي: تمنيت ضم زيزو منذ 3 سنوات.. وهذا ما قاله لي عن جماهير الأهلي    بقيادة محمد شوقي.. مصدر يكشف ليلا كورة الجهاز الفني الجديد ل زد    «الري»: الإجراءات الأحادية لإقامة السدود تُهدد الاستقرار    ننشر أسماء أوائل الشهادتين الإبتدائية والإعدادية الأزهرية بالمنيا    أسعار اللحوم اليوم الخميس في الأسواق بعد انتهاء عيد الأضحى    أحدهما ل يائير يعقوب، نتنياهو يزعم استعادة جثتين لرهينتين في قطاع غزة    ظهرت رسميًا.. نتيجة الصف الثالث الابتدائي 2025 في الجيزة بالمساعد الذكي والخط الساخن (رابط)    درجات الحرارة في مدن وعواصم العالم اليوم الخميس.. والصغرى بالقاهرة 36    انهيار جزئى لسور عقار قديم غير مأهول بالسكان فى المنيا دون خسائر    وفاة تاجر الذهب بالبحيرة متأثرًا بإصابته على يد شخصين    آكسيوس: نتنياهو يطلب وساطة أمريكا للتوصل إلى اتفاق مع سوريا    حسن الرداد يكشف حقيقة سفر الفنانين لتشجيع الأهلي في كأس العالم للأندية: "تقل دم وسماجة"    أسرة فتاة الشرقية أمام النيابة: مكناش نعرف أن زواج أقل من 18 سنة غير قانوني والعريس مثالي    "هيكون نار".. تركي آل الشيخ يشوق متابعيه لفيلم الفيل الأزرق 3    بعد تعافيه من عملية القلب، صبري عبد المنعم يوجه رسالة لجمهوره    international fashion awards" يُكرم منة فضالي بلقب "ملهمة الموضة fashion muse"    مصطفى كامل يطلب الدعاء ل نجل تامر حسني بعد خضوعه لجراحتين دقيقتين    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    الطب البيطري: نجاح عملية ولادة قيصرية لقطة بالغربية -صور    استشاري يحذر من قلة النوم وتأثيره على الصحة العامة    بالأسماء.. تعرف على أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية بالمنيا 2025    روسيا.. هجوم بمسيرات أوكرانية يستهدف مقاطعتي خيرسون وزابوريجيا    1.36 تريليون دولار إجمالي عجز الموازنة الأمريكية منذ بداية العام    المخرج محمد حمدي ل«البوابة نيوز»: نجوم السوشيال ليسوا بدلاء للممثلين.. والموهبة هي الفيصل    هل لديك نظر حاد؟.. اعثر على حبات جوز الهند الثلاثة في 12 ثانية    وزير الخارجية الأردني يؤكد ضرورة تكاتف الجهود لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة    بعثة الأخضر تصل إلى أمريكا للمشاركة في بطولة الكأس الذهبية    تبدأ الأربعاء.. موعد صرف مرتبات شهر يونيو 2025 بعد تبكيرها رسميًا (احسب قبضك)    وزارة السياحة: تنسيق محكم وخدمات متميزة لضيوف الرحمن    محافظ المنوفية: لا تهاون فى مواجهة مخالفات البناء والتعامل بحسم مع أى تعديات    الأوطان ليست حفنة من تراب.. الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة المقبلة    الصحة: ميكنة 11 مركزًا لخدمات نقل الدم القومية وتعزيز البنية التحتية    لمرضى السكري.. 6 مشروبات طبيعية لترطيب الجسم في الصيف دون رفع السكر    وزير الزراعة: تشجيع صغار المزارعين على التوسع في زراعة القمح    حزب «مصر القومي» يكثف استعداداته لخوض انتخابات مجلسي النواب والشيوخ    اعتماد وحدة التدريب بكلية التمريض الإسكندرية من جمعية القلب الأمريكية    محمد ثروت يدعو لابن تامر حسني بالشفاء: "يارب اشفه وفرّح قلبه"    «فتح» تدعو الإتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوات حاسمة ضد المخططات الإسرائيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى تهديد قوي للتعددية الوليدة.. هجوم «باردو» طعنة فى قلب الديمقراطية الوحيدة الناجحة في الربيع العربي
نشر في الأهرام العربي يوم 04 - 04 - 2015


تقرير محمد وطني
بين عشية وضحاها تحولت تونس من مهد «الثورات العربية» ضمن ما بات يعرف على نطاق واسع ب»الربيع العربي»، والنموذج الأفضل للتحول الديمقراطي في العالم العربي هذه الأيام، وذلك وفق العديد من المحللين ووسائل الإعلام الغربية والعربية، لتصبح مهدا للإرهاب وأحد أكبر مصدري «الإرهابيين الجهاديين» في العالم من قبل وسائل الإعلام ذاتها، والمحللين أنفسهم إلا قليلا، وذلك بعد حادث متحف «باردو» في وسط العاصمة التونسية، والذي خلف 23 قتيلا بينهم 20 سائحا و43 جريحا.
عقب الهجوم وصف تقرير ل»رويترز» تونس التي «حازت الإعجاب والثناء باعتبارها نموذجا للتقدم في موجة الربيع العربي» بأنها «تحولت أخيرا إلى جزء من ساحة الجهاد العالمية بعد أن قتل مسلحان إسلاميان عددا من السياح الأجانب في هجوم جريء في قلب العاصمة».
وبغض النظر عن مبالغة التقرير المشار إليه، إذ ليس من المعقول أن تتسبب عملية إرهابية واحدة وقعت وتقع وربما تقع مجددا في أي منطقة في العالم في وصف بلد ما بأنه أصبح "ساحة من ساحات الجهاد العالمية"، وذلك دون التقليل من حجم الحادثة أو الآثار المترتبة عليها سياسيا وأمنيا واقتصاديا؛ إلا أن واحدا من أهم ما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار فيما يتعلق بحادثة "باردو" هو ما أشار إليه رفيق الشلي، كاتب الدولة للشئون الأمنية بوزارة الداخلية التونسية حين قال: "ثمة كثير من التونسيين مع تنظيم "داعش" في سوريا والعراق، لكن يوجد أعضاء تونسيون في داعش عائدون إلى هنا أيضا".
وتشير تقارير أمنية وإعلامية إلى أن مئات التونسيين وجدوا في ليبيا، حيث تلقوا تدريبات عسكرية، وبعضهم عاد إلى تونس، من بينهم منفّذا هجوم متحف باردو، فليس خافيا أن انهيار الدولة في ليبيا وسيطرة "الميليشيات" المسلحة على مناطق واسعة منها، جعل التسلل إلى أراضيها وإنشاء معسكرات للتدريب على القتال، واستقبال المقاتلين من دول الجوار أو حتى من أي منطقة في العالم أمرا يسيرا، وأسهم تركز سيطرة هذه الجماعات المسلحة التي تتدعي المرجعية الإسلامية في غرب ليبيا وبالقرب من الحدود التونسية في تزايد أعداد التونسيين الملتحقين بها، سواء للمشاركة في القتال الدائر على الأراضي الليبية، أو للتدريب والعودة إلى تونس لتنفيذ عمليات كعملية "باردو".
ولا يقتصر خطر وتبعات التدهور الأمني في ليبيا على تونس فحسب، بل يمتد لكل دول الجوار الليبي، وعلى رأسها مصر والجزائر، وتنقل رويترز عن المحلل الأمني الجزائري خليفة الركيبي، قوله إن هجمات مثل عملية متحف باردو منخفضة التكلفة وسهلة من الناحية اللوجستية بالنسبة للمقاتلين المدفوعين بالانتماء ل"داعش" أو القاعدة رغبة في إنزال أقصى الخسائر بخصومهم ونشر الفكر المتطرف.
وأضاف الركيبي: أن الهجوم على باردو سيحفز جماعات أخرى لتقليده أو زيادة التجنيد سواء ل"داعش" أو القاعدة، فالإرهاب يزداد احترافية والخطر يتزايد. وقد انجذب متشددون في شمال آسيا إلى أهداف اقتصادية مثل حقول النفط في ليبيا، ومجمع أميناس للغاز في الجزائر حيث قتل 40 من عمال النفط قبل عامين في هجوم شنه مقاتلون أجانب. وتونس لا تملك ثروة من النفط والغاز، لكن قتل الزوار الأجانب، يضر بالسياحة المحرك الرئيسي لاقتصادها.
السياحة.. كلمة السر
وقد كشفت ملابسات الهجوم الإرهابي في تونس أن الهدف الأساسي هو السياحة التونسية، التي تعد من أهم موارد الاقتصاد في البلاد، والتي لم تتعاف بعد منذ أحداث الثورة التونسية على نظام بن علي، منذ أربع سنوات. وقالت سلمى اللومي، وزيرة السياحة التونسية: "إن النموذج التونسي هو الذي كان مستهدفا من خلال هذا الاعتداء الإرهابي، حيث أرادوا إصابتنا في الصميم: ضرب الثقافة والاقتصاد والنموذج الديمقراطي التونسي".
وأضافت الوزيرة: "تلقينا بعد هذه الضربة رسائل دعم من دول أوروبية صديقة، ودول الجوار كالجزائر والمغرب وهناك دول أكدت أنها ستبقى على حجوزاتها ولن تلغي أيا منها بعد هذه الضربة. لا نقول إنه لم تحدث عمليات إلغاء حجوزات لكنها طفيفة إلى حد الآن، ورغم تصريح الوزيرة التونسية، إلا أن تقارير إعلامية قادمة من تونس العاصمة أشارت إلى أن آلاف الحجوزات السياحية قد تم إلغاؤها بالفعل، ما دعا الوزيرة لتعلن عن تنظيم مسيرة ضخمة بالعاصمة التونسية، تنطلق من منطقة باب سعدون في اتجاه متحف بارد، وقالت إنه تمت دعوة عدد من قادة العالم للمشاركة فيها تنديدا بالعملية الإرهابية التي استهدفت متحف باردو، وأوضحت الوزيرة في تصريحات إعلامية لاحقة، أن العملية الإرهابية التي مست الاقتصاد التونسي في الصميم وضربت القطاع السياحي الذي يسهم بنحو 7 % في الناتج الإجمالي للبلاد لن تزيد الحكومة الحالية إلا إصرارا على مزيد من العمل من أجل دعم أمن البلاد واستقرارها والخروج بها إلى بر الأمان بحسب تعبيرها.
وأضافت "نحن بالمرصاد لظاهرة الإرهاب الوافدة على المجتمع التونسي والتي لا يمكن أن يتقبلها أي تونسي أصيل"، مشيرة إلى أن "العنف والإرهاب والإجرام ظواهر ليس لها مكان في حياة المواطن التونسي المحب لثقافة التسامح والمقبل على الحياة"، بحسب قولها، مؤكدة أن "عدد الحجوزات الملغاة لا يعد رقما لافتا للنظر، رغم قساوة العملية الإرهابية الأخيرة".
يذكر أنه يعمل في قطاع السياحة التونسية نحو 400 ألف تونسي، وكانت الحكومة تتوقع جذب نحو 7 ملايين سائح خلال العام الجاري، كما أن توقيت العملية جاء متزامنا مع بداية موسم السياحة الصيفي الذي يعد الأكبر بين المواسم السياحية في البلاد، كما تمثل السوق المغاربية المورد لنحو نصف عدد السياح الذين يفدون إلى تونس، ومن بينهم نحو مليون سائح جزائري وأكثر من مليوني سائح ليبي، وفي هذا الإطار قالت وزيرة السياحة التونسية: "نسعى حاليا إلى تحفيز السياحة الداخلية، واستقطاب المواطنين في الخارج إلى تونس وتشجيع السياحة المغاربية".
اختراق أمني ونشر الجيش
كشفت عملية اقتحام متحف باردو الواقع داخل حرم البرلمان التونسي، الذي يخضع بدوره لحراسة مشددة، عن استغلال المهاجمين لثغرة أمنية في حراسة المتحف، وهو ما أقر به لاحقا قادة ومسئولون أمنيون تونسيون، وقد نقلت وكالات أنباء أن رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد، أقال الاثنين الماضي مسئولي الشرطة في العاصمة وباردو بعد أن لاحظ "ثغرات" في حماية منطقة المتحف بعد خمسة أيام من الهجوم عليه، فيما لقي جندي تونسي مساء الأحد الماضي حتفه في انفجار لغم زرعه إرهابيون في منطقة جبلية بغرب تونس على الحدود مع الجزائر- بحسب مسئولين تونسيين .
وقال مفدي المسدي، المستشار الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء التونسي، والمتحدث باسمه، إن الصيد "قام بزيارة مساء الأحد إلى حي المتحف وشاهد عدداً من الثغرات، فقرر إقالة مسئولين أمنيين، بينهم قائدا الشرطة في تونس وباردو". وأضاف المسدي ، أن الإقالة شملت مدير إقليم الأمن بتونس، ورئيس منطقة باردو ومدير الأمن السياحي، ورئيس فرقة الإرشاد في باردو، ورئيس مركز باردو، ورئيس مركز سيدي البشير .
وقد أقر الصيد الذي كان وزيرا للداخلية، بعد ثورة 2011، بأن الهجوم على المتحف أظهر وجود ثغرات أمنية خطيرة، وقال في مقابلة مع صحيفة لو فيجارو الفرنسية: "نحن بصدد إجراء تقييم للوضع، واتخاذ الإجراءات الضرورية لكي تقوم وزارة الداخلية بعملها".
وقال رئيس الحكومة إن السلطات "أهملت لبعض الوقت" التهديدات التي يشكلها الشبان الذين توجهوا لتلقي التدريب أو للقتال في سوريا والعراق أو ليبيا على غرار المسلحين اللذين هاجما متحف باردو. وأضاف إن هؤلاء "يعودون وقد تلقوا تدريبا جديا، ولديهم قدرة على شن عمليات مماثلة لتلك التي حدثت في باردو".
من جهته، دعا حزب النهضة الإسلامي المشارك في الحكومة إلى طرح مشروع قانون في مجلس النواب ضد الإرهاب، وآخر لحماية الشرطة".
وكان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي قد أعلن أن "التحقيقات حول "الخلل الأمني" ستذهب بعيدا جدا"، وقال سفيان السليطي، المتحدث باسم المحكمة الابتدائية في تونس العاصمة، إن قاضي التحقيق المتعهد بملف الهجوم الإرهابي على متحف باردو، قد أصدر أمرا بحبس أحد الجنود المكلفين بالحراسة في متحف باردو، كما استمع قاضي التحقيق أيضا إلى مسئولين أمنيين بمنطقة الأمن بباردو المكلف بحراسة المتحف، ولا تزال التحقيقات مستمرة.، فيما نقلت وكالات إعلام أن الحكومة التونسية قررت نشرُ قوات الجيش في مدن البلاد بالتزامن مع تعزيز الحماية الأمنية للمؤسسات الإستراتيجية مثل مقر الإذاعة.
داعش تتبنى العملية
في تسجيل صوتي نشر على الإنترنت تبنى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الهجوم على متحف باردو، وانتهى التسجيل الصوتي بتهديد موجه إلى التونسيين، بأنهم سيتعرضون إلى مزيد من الهجمات.
وفي تعليقها على الهجوم اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها الحادث ضربة موجعة ليس ضد تونس فحسب، ولكن ضد المجتمع الدولي أيضاً، وأشارت الصحيفة إلى أن الهجوم يؤكد أن المتطرفين الذين يبسطون نفوذهم في مختلف أنحاء المنطقة أصبحوا الآن يهددون تونس، التي تقدم قصة النجاح الوحيدة في ثورات الربيع العربي، بحسب الصحيفة، التي أضافت أن تونس تمر حالياً بمرحلة عصيبة مع تحركها نحو ترسيخ الديمقراطية التي نشأت بعد الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام بن علي قبل أربع سنوات، مؤكدة ضرورة أن يتوخى قادة البلاد الحذر من سحق الحريات المدنية التي تشكل حجر أساس لأي مجتمع ديمقراطي أثناء تعاملهم مع التهديدات الأمنية المتزايدة.
وأكدت الصحيفة أن تونس بحاجة للحصول على مساعدات اقتصادية وتجارية ودعم في تدريب قوات الأمن التابعة لها من قبل الولايات المتحدة وأوروبا ودول الخليج، لأنها كانت نموذجاً للاستقرار في منطقة تلتهمها الفوضى وتهيمن عليها الحكومات الاستبدادية، وأنها باتت بحاجة إلى مساعدة المجتمع الدولي للبقاء على هذا النحو، على حد قول الصحيفة.
فيما ذهبت مجلة "فورين بولسي" إلى أن الهجوم يمثل اختبارًا حقيقيًا للحكومة التونسية، مشيرة إلي رد فعل الساسة التونسيون الذي وصفته ب "الخاطئ" على هذا الحادث، والذي سمح للانقسامات القديمة بالظهور علي الساحة السياسية الجديدة، ما قد يهوي بتونس في نفس المأزق الذي وقعت فيه مصر وليبيا في عملية انتقال السلطة - بحسب المجلة، التي أضافت أن الهجوم علي متحف باردو مؤشر خطير يهدد السلطة الجديدة في تونس بسبب ما قد يؤجج الخلاف بين الإسلاميين والعلمانيين لتبادل التهم فيما بينهم، لتوظيف الانقسامات السياسية لتطبيق الأجندات الخاصة بكل طرف، وشددت المجلة - التي ينظر إليها صانعو القرار الأمريكي بتقدير كبير- إن على الرئيس التونسي أن يكون رئيسًا لكل التونسيين، وأن يواصل العمل مع الإسلاميين المعتدلين، مشيرة إلى أن الوضع الأمني في ليبيا يمثل جزءا كبيرا من الأزمة الحالية، بسبب ما تصدره من إرهابيين ينتشرون علي الحدود التونسية- بحسب المجلة.
تونس مصنع للدواعش
وفي تقرير ثان للمجلة نقلت عن "مصادر في وزارة الداخلية والأمن الخاص التونسية"، أن ما يقرب من ثلاثة آلاف تونسي انضموا إلى الحرب في سوريا، وأن تونس قد ساهمت بعدد من المقاتلين الذين انضموا للدولة الإسلامية أكثر من المملكة العربية السعودية وتركيا. وقد يبدو من المستغرب أن قصة نجاح الديمقراطية الوحيدة في الربيع العربي قد أنتجت المزيد من المتطرفين.
وأضافت "فورين بولسي" أن التحول الديمقراطي "الهش" في البلاد قد يكون هو السبب الرئيسي، ورغم أنها دولة خالية من الاستبداد والقبضة الحديدية، إلا فإنها ليست قوية أو متقدمة بما يكفي لتقديم حياة أفضل لمواطنيها، وأصبحت تونس أراضي خصبة للمجندين المتطرفين، كما تبين من الهجوم "الإرهابي" الدموي في وسط تونس، والذي أعلنت "الدولة الإسلامية" مسئوليتها عنه.
وأشارت المجلة إلى أن بعض أعضاء حزب النهضة، الذي وصفته ب"الحزب الإسلامي المعتدل" الذي جاء إلى السلطة في أول انتخابات ديمقراطية في تونس، شجعوا بصورة علنية المؤيدين للسفر إلى سوريا لمحاربة "الأسد".
تهديد للديمقراطية
أما صحيفة "كريستيان ساينس مونتور" الأمريكية، فقالت في تعليق لها على الحادث، إن ديمقراطية تونس الوليدة باتت تبحث عن إجابات في أعقاب الهجوم الإرهابي، مضيفةً أن أحد أهم الأسئلة المثارة بعد الهجوم هو هل يؤدي الحادث إلى تقسيم أم توحيد تلك الديمقراطية الوليدة.
واعتبر التقرير تونس تعتبر قصة النجاح الوحيدة في الربيع العربي، بسبب تميز ساستها وناخبيها بضبط النفس والتفاوض والمساومة، الأمر الذي جنّب تونس حمامات الدماء والفوضى التي ضربت دول الربيع العربي الأخرى، وأكدت الصحيفة أن هجوم المتحف يمثل تحدياً جديداً، لكونه أول هجوم إرهابي منذ عام 2002 يسقط ضحايا من الأجانب، وأنه أول هجوم إرهابي على الإطلاق في العاصمة التونسية، كما أنه استهدف السياحة التونسية، وهي أحد أهم مصادر الاقتصاد التونسي.
وقالت الصحيفة، إن الحكومة المطالبة بالرد على هذا التحدي هي مجرد ائتلاف هش لم يُختبر من قبل، مشيرةً إلى أن تونس كانت تحاول استقطاب السياح والمستثمرين الأجانب الذين نأوا عن البلاد منذ 2011. لكن العديد من التونسيين يريدون من السلطات الموازنة بين الحاجة إلى أمن قوي والحفاظ على الحريات المكتسبة من الثورة. حيث طالما استخدم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي مكافحة الإرهاب كذريعة لانتهاك الحريات المدنية.
وقالت الصحيفة : إن هناك توترات خفية بين أهم حليفين في الحكومة التونسية: حزب نداء تونس، وحزب النهضة الإسلامي، مشيرةً إلى أنهما كانا متنافسين في الانتخابات الأخيرة، لكنهما اشتركا في تأليف الحكومة، وأضافت أن حزب نداء تونس اتهم حزب النهضة فيما مضى بالتهاون في التعامل مع المتشددين إبان توليهم الحكومة الانتقالية من عام 2011 حتى 2014، وهو الخطأ الذي اعترف النهضة بارتكابه - بحسب الصحيفة، التي قالت إنه مع الجهود المبذولة لتعزيز الأمن في حربه على الإرهاب، حذر تقرير لمنظمة هيومان رايتس ووتش من أن مسودة القانون الجديد لمكافحة الإرهاب ماهي إلا تعديل لقانون مكافحة الإرهاب الذي استخدمه بن علي من قبل في دولته البوليسية.
وينتظر الكثيرون داخل وخارج تونس تطورات الأحداث خلال الأيام المقبلة، وماهية الإجراءات التي ستتخذها الحكومة، ومدى تأثيرها على الديمقراطية التونسية الوليدة، إضافة إلى تداعيات الحادث، وتأثيراته على الاقتصاد التونسي من جهة، والائتلاف الحكومي من جهة أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.