محافظ الغربية يستدعى سيارة إسعاف لمسنة تعثرت بعد الإدلاء بصوتها أثناء جولته الميدانية    محافظ الدقهلية يتفقد لجان جولة الإعادة لانتخابات النواب بمركز ومدينة أجا    وزير العمل يبدأ زيارته إلى إيطاليا بلقاءات مع قيادات شركات التوظيف والتدريب    زراعة الشيوخ تكرم رئيسها ووكيلها بالفصل التشريعى الأول    4 إصابات بالرصاص خلال اقتحام الاحتلال لنابلس واعتقالات في طولكرم    256 شاحنة مساعدات تغادر معبر رفح البري إلى كرم أبو سالم لتسليمها للجهات الفلسطينية    الجيش السوداني يجهز قوة كبرى لتحرير كردفان ودارفور بدعم حلفاء لتعزيز توازن القوى    ليفاندوفسكي يرحل عن برشلونة ويحدد وجهته القادمة    الانطلاق غدا| مواعيد مباريات الجولة الثانية ل «كأس عاصمة مصر»    شوبير يكشف مفاجآت الأهلي: بلعمري قريب..وحمدان على قائمة الأولويات    القبض على 4 متهمين لقيامهم بتوجيه الناخبين بالدقهلية    السجن المؤبد لشاب قتل آخر بمطواة داخل سوق ماشية في قنا    ياسمينا العبد ل ست ستات: ميد تيرم عمل من الشباب للشباب ويحمل رسالة أمل    الزعيم عادل إمام يغيب عن عزاء شقيقته إيمان    خالد الجندي: من الشِرْك أن ترى نفسك ولا ترى ربك    ما حكم حلاقة القزع ولماذا ينهي عنها الشرع؟.. أمين الفتوى يُجيب    محافظ الجيزة: زيادة عدد ماكينات الغسيل الكلوى بمستشفى أبو النمرس إلى 62    السيسي يرحب بتوقيع اتفاق الدوحة للسلام الشامل بين حكومة وتحالف نهر الكونغو الديمقراطية    جلسة صعود وهبوط: 6 قطاعات فى مكسب و10 قطاعات تتراجع    ترامب يحذر من تراجع الدعم لإسرائيل داخل الكونجرس الأمريكي    ضبط 3 أشخاص في دار السلام بالقاهرة بحوزتهم مبالغ مالية تمهيداً لتوزيعها على الناخبين    الداخلية تكشف حقيقة إجبار سيدة على ترك مسكنها بالبحر الأحمر    البنك الزراعي المصري يسهم في القضاء على قوائم الانتظار في عمليات زراعة القرنية    مستشار رئيس الجمهورية: مصر تمتلك كفاءات علمية وبحثية قادرة على قيادة البحث الطبى    أرفع أوسمة «الفاو» للرئيس السيسى    جامعة الدول العربية تطلق المنتدى العربي الأول للإنذار المبكر والاستعداد للكوارث    مدير تعليم سوهاج يتناول وجبة الإفطار مع طالبات مدرسة الأمل للصم (صور)    الروائى شريف سعيد يتحدث عن "عسل السنيورة" الفائزة بجائزة نجيب محفوظ    التموين تنتهي من صرف مقررات ديسمبر بنسبة 73%    الصحة: إجراء جراحة ميكروسكوبية دقيقة لطفل 3 سنوات بمستشفى زايد التخصصى    تضامن المنوفية: تسليم 46 مشروع إنتاجي لتمكين المرأة الريفية    كيف دعم حسن حسني الراحلة نيفين مندور في فيلم «اللي بالي بالك»؟    جوائز مالية ضخمة للمنتخبات المشاركة في كأس العالم 2026    تأييد حبس الفنان محمد رمضان عامين بسبب أغنية رقم واحد يا أنصاص    مفتي الجمهورية يلتقي نظيره الكازاخستاني على هامش الندوة الدولية الثانية للإفتاء    مكتبة الإسكندرية تشارك في افتتاح ملتقى القاهرة الدولي للخط العربي    محافظ القليوبية يكرم البطلة جنة صليح لحصولها على برونزية قذف القرص بدورة الألعاب الأفريقية    الأمطار وراء تأخر فتح لجنتين بالتل الكبير لمدة 20 دقيقة بالإسماعيلية    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    عراقجي: نؤكد ضرورة تعزيز العلاقات الإيرانية الروسية في المجالات كافة    باسل رحمى: دورات تدريبية للمواطنين على إقامة مشروعات جديدة    الداخلية تضبط 3 أشخاص لتوزيعهم أموال بمحيط لجان المطرية    حقيقة انفصال مصطفى أبو سريع عن زوجته بسبب غادة عبدالرازق    سوريا.. الأمن يوقف متورطا بجرائم حرب زمن النظام المخلوع    اتجاه في الزمالك لتسويق أحمد حمدي في يناير    المصرف المتحد يرعى المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها الثانية والثلاثين    مع بدء التصويت بانتخابات الاعادة للمرحلة الثانية .. حزب العدل يتقدم ب 7 شكاوي للهيئة الوطنية للانتخابات    عاجل- الأرصاد السعودية تحذر: أمطار ورياح شديدة على منطقة حائل    "الكهرباء" توقع عقدًا جديدًا لتعزيز كفاءة الشبكة القومية الموحدة    النائب أيمن محسب: الخروقات الإسرائيلية تهدد استدامة وقف إطلاق النار وتعرقل المرحلة الثانية من الاتفاق    إصابة سيدة وابنها صدمتهما سيارة بقرية فى أبو النمرس    محافظ قنا يوجه بحملات مرورية مكثفة للحد من حوادث الطرق    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    إصابة ثلاثة طلاب من جامعة بنها جراء اعتداء بمياه النار في كفر شكر    باريس سان جيرمان يصطدم بفلامنجو في نهائي كأس إنتركونتيننتال 2025 بالدوحة    بدء التصويت في أول أيام جولة إعادة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    كامل أبو علي ينصح حسام حسن: تجاهل السوشيال ميديا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى تهديد قوي للتعددية الوليدة.. هجوم «باردو» طعنة فى قلب الديمقراطية الوحيدة الناجحة في الربيع العربي
نشر في الأهرام العربي يوم 04 - 04 - 2015


تقرير محمد وطني
بين عشية وضحاها تحولت تونس من مهد «الثورات العربية» ضمن ما بات يعرف على نطاق واسع ب»الربيع العربي»، والنموذج الأفضل للتحول الديمقراطي في العالم العربي هذه الأيام، وذلك وفق العديد من المحللين ووسائل الإعلام الغربية والعربية، لتصبح مهدا للإرهاب وأحد أكبر مصدري «الإرهابيين الجهاديين» في العالم من قبل وسائل الإعلام ذاتها، والمحللين أنفسهم إلا قليلا، وذلك بعد حادث متحف «باردو» في وسط العاصمة التونسية، والذي خلف 23 قتيلا بينهم 20 سائحا و43 جريحا.
عقب الهجوم وصف تقرير ل»رويترز» تونس التي «حازت الإعجاب والثناء باعتبارها نموذجا للتقدم في موجة الربيع العربي» بأنها «تحولت أخيرا إلى جزء من ساحة الجهاد العالمية بعد أن قتل مسلحان إسلاميان عددا من السياح الأجانب في هجوم جريء في قلب العاصمة».
وبغض النظر عن مبالغة التقرير المشار إليه، إذ ليس من المعقول أن تتسبب عملية إرهابية واحدة وقعت وتقع وربما تقع مجددا في أي منطقة في العالم في وصف بلد ما بأنه أصبح "ساحة من ساحات الجهاد العالمية"، وذلك دون التقليل من حجم الحادثة أو الآثار المترتبة عليها سياسيا وأمنيا واقتصاديا؛ إلا أن واحدا من أهم ما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار فيما يتعلق بحادثة "باردو" هو ما أشار إليه رفيق الشلي، كاتب الدولة للشئون الأمنية بوزارة الداخلية التونسية حين قال: "ثمة كثير من التونسيين مع تنظيم "داعش" في سوريا والعراق، لكن يوجد أعضاء تونسيون في داعش عائدون إلى هنا أيضا".
وتشير تقارير أمنية وإعلامية إلى أن مئات التونسيين وجدوا في ليبيا، حيث تلقوا تدريبات عسكرية، وبعضهم عاد إلى تونس، من بينهم منفّذا هجوم متحف باردو، فليس خافيا أن انهيار الدولة في ليبيا وسيطرة "الميليشيات" المسلحة على مناطق واسعة منها، جعل التسلل إلى أراضيها وإنشاء معسكرات للتدريب على القتال، واستقبال المقاتلين من دول الجوار أو حتى من أي منطقة في العالم أمرا يسيرا، وأسهم تركز سيطرة هذه الجماعات المسلحة التي تتدعي المرجعية الإسلامية في غرب ليبيا وبالقرب من الحدود التونسية في تزايد أعداد التونسيين الملتحقين بها، سواء للمشاركة في القتال الدائر على الأراضي الليبية، أو للتدريب والعودة إلى تونس لتنفيذ عمليات كعملية "باردو".
ولا يقتصر خطر وتبعات التدهور الأمني في ليبيا على تونس فحسب، بل يمتد لكل دول الجوار الليبي، وعلى رأسها مصر والجزائر، وتنقل رويترز عن المحلل الأمني الجزائري خليفة الركيبي، قوله إن هجمات مثل عملية متحف باردو منخفضة التكلفة وسهلة من الناحية اللوجستية بالنسبة للمقاتلين المدفوعين بالانتماء ل"داعش" أو القاعدة رغبة في إنزال أقصى الخسائر بخصومهم ونشر الفكر المتطرف.
وأضاف الركيبي: أن الهجوم على باردو سيحفز جماعات أخرى لتقليده أو زيادة التجنيد سواء ل"داعش" أو القاعدة، فالإرهاب يزداد احترافية والخطر يتزايد. وقد انجذب متشددون في شمال آسيا إلى أهداف اقتصادية مثل حقول النفط في ليبيا، ومجمع أميناس للغاز في الجزائر حيث قتل 40 من عمال النفط قبل عامين في هجوم شنه مقاتلون أجانب. وتونس لا تملك ثروة من النفط والغاز، لكن قتل الزوار الأجانب، يضر بالسياحة المحرك الرئيسي لاقتصادها.
السياحة.. كلمة السر
وقد كشفت ملابسات الهجوم الإرهابي في تونس أن الهدف الأساسي هو السياحة التونسية، التي تعد من أهم موارد الاقتصاد في البلاد، والتي لم تتعاف بعد منذ أحداث الثورة التونسية على نظام بن علي، منذ أربع سنوات. وقالت سلمى اللومي، وزيرة السياحة التونسية: "إن النموذج التونسي هو الذي كان مستهدفا من خلال هذا الاعتداء الإرهابي، حيث أرادوا إصابتنا في الصميم: ضرب الثقافة والاقتصاد والنموذج الديمقراطي التونسي".
وأضافت الوزيرة: "تلقينا بعد هذه الضربة رسائل دعم من دول أوروبية صديقة، ودول الجوار كالجزائر والمغرب وهناك دول أكدت أنها ستبقى على حجوزاتها ولن تلغي أيا منها بعد هذه الضربة. لا نقول إنه لم تحدث عمليات إلغاء حجوزات لكنها طفيفة إلى حد الآن، ورغم تصريح الوزيرة التونسية، إلا أن تقارير إعلامية قادمة من تونس العاصمة أشارت إلى أن آلاف الحجوزات السياحية قد تم إلغاؤها بالفعل، ما دعا الوزيرة لتعلن عن تنظيم مسيرة ضخمة بالعاصمة التونسية، تنطلق من منطقة باب سعدون في اتجاه متحف بارد، وقالت إنه تمت دعوة عدد من قادة العالم للمشاركة فيها تنديدا بالعملية الإرهابية التي استهدفت متحف باردو، وأوضحت الوزيرة في تصريحات إعلامية لاحقة، أن العملية الإرهابية التي مست الاقتصاد التونسي في الصميم وضربت القطاع السياحي الذي يسهم بنحو 7 % في الناتج الإجمالي للبلاد لن تزيد الحكومة الحالية إلا إصرارا على مزيد من العمل من أجل دعم أمن البلاد واستقرارها والخروج بها إلى بر الأمان بحسب تعبيرها.
وأضافت "نحن بالمرصاد لظاهرة الإرهاب الوافدة على المجتمع التونسي والتي لا يمكن أن يتقبلها أي تونسي أصيل"، مشيرة إلى أن "العنف والإرهاب والإجرام ظواهر ليس لها مكان في حياة المواطن التونسي المحب لثقافة التسامح والمقبل على الحياة"، بحسب قولها، مؤكدة أن "عدد الحجوزات الملغاة لا يعد رقما لافتا للنظر، رغم قساوة العملية الإرهابية الأخيرة".
يذكر أنه يعمل في قطاع السياحة التونسية نحو 400 ألف تونسي، وكانت الحكومة تتوقع جذب نحو 7 ملايين سائح خلال العام الجاري، كما أن توقيت العملية جاء متزامنا مع بداية موسم السياحة الصيفي الذي يعد الأكبر بين المواسم السياحية في البلاد، كما تمثل السوق المغاربية المورد لنحو نصف عدد السياح الذين يفدون إلى تونس، ومن بينهم نحو مليون سائح جزائري وأكثر من مليوني سائح ليبي، وفي هذا الإطار قالت وزيرة السياحة التونسية: "نسعى حاليا إلى تحفيز السياحة الداخلية، واستقطاب المواطنين في الخارج إلى تونس وتشجيع السياحة المغاربية".
اختراق أمني ونشر الجيش
كشفت عملية اقتحام متحف باردو الواقع داخل حرم البرلمان التونسي، الذي يخضع بدوره لحراسة مشددة، عن استغلال المهاجمين لثغرة أمنية في حراسة المتحف، وهو ما أقر به لاحقا قادة ومسئولون أمنيون تونسيون، وقد نقلت وكالات أنباء أن رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد، أقال الاثنين الماضي مسئولي الشرطة في العاصمة وباردو بعد أن لاحظ "ثغرات" في حماية منطقة المتحف بعد خمسة أيام من الهجوم عليه، فيما لقي جندي تونسي مساء الأحد الماضي حتفه في انفجار لغم زرعه إرهابيون في منطقة جبلية بغرب تونس على الحدود مع الجزائر- بحسب مسئولين تونسيين .
وقال مفدي المسدي، المستشار الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء التونسي، والمتحدث باسمه، إن الصيد "قام بزيارة مساء الأحد إلى حي المتحف وشاهد عدداً من الثغرات، فقرر إقالة مسئولين أمنيين، بينهم قائدا الشرطة في تونس وباردو". وأضاف المسدي ، أن الإقالة شملت مدير إقليم الأمن بتونس، ورئيس منطقة باردو ومدير الأمن السياحي، ورئيس فرقة الإرشاد في باردو، ورئيس مركز باردو، ورئيس مركز سيدي البشير .
وقد أقر الصيد الذي كان وزيرا للداخلية، بعد ثورة 2011، بأن الهجوم على المتحف أظهر وجود ثغرات أمنية خطيرة، وقال في مقابلة مع صحيفة لو فيجارو الفرنسية: "نحن بصدد إجراء تقييم للوضع، واتخاذ الإجراءات الضرورية لكي تقوم وزارة الداخلية بعملها".
وقال رئيس الحكومة إن السلطات "أهملت لبعض الوقت" التهديدات التي يشكلها الشبان الذين توجهوا لتلقي التدريب أو للقتال في سوريا والعراق أو ليبيا على غرار المسلحين اللذين هاجما متحف باردو. وأضاف إن هؤلاء "يعودون وقد تلقوا تدريبا جديا، ولديهم قدرة على شن عمليات مماثلة لتلك التي حدثت في باردو".
من جهته، دعا حزب النهضة الإسلامي المشارك في الحكومة إلى طرح مشروع قانون في مجلس النواب ضد الإرهاب، وآخر لحماية الشرطة".
وكان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي قد أعلن أن "التحقيقات حول "الخلل الأمني" ستذهب بعيدا جدا"، وقال سفيان السليطي، المتحدث باسم المحكمة الابتدائية في تونس العاصمة، إن قاضي التحقيق المتعهد بملف الهجوم الإرهابي على متحف باردو، قد أصدر أمرا بحبس أحد الجنود المكلفين بالحراسة في متحف باردو، كما استمع قاضي التحقيق أيضا إلى مسئولين أمنيين بمنطقة الأمن بباردو المكلف بحراسة المتحف، ولا تزال التحقيقات مستمرة.، فيما نقلت وكالات إعلام أن الحكومة التونسية قررت نشرُ قوات الجيش في مدن البلاد بالتزامن مع تعزيز الحماية الأمنية للمؤسسات الإستراتيجية مثل مقر الإذاعة.
داعش تتبنى العملية
في تسجيل صوتي نشر على الإنترنت تبنى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الهجوم على متحف باردو، وانتهى التسجيل الصوتي بتهديد موجه إلى التونسيين، بأنهم سيتعرضون إلى مزيد من الهجمات.
وفي تعليقها على الهجوم اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها الحادث ضربة موجعة ليس ضد تونس فحسب، ولكن ضد المجتمع الدولي أيضاً، وأشارت الصحيفة إلى أن الهجوم يؤكد أن المتطرفين الذين يبسطون نفوذهم في مختلف أنحاء المنطقة أصبحوا الآن يهددون تونس، التي تقدم قصة النجاح الوحيدة في ثورات الربيع العربي، بحسب الصحيفة، التي أضافت أن تونس تمر حالياً بمرحلة عصيبة مع تحركها نحو ترسيخ الديمقراطية التي نشأت بعد الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام بن علي قبل أربع سنوات، مؤكدة ضرورة أن يتوخى قادة البلاد الحذر من سحق الحريات المدنية التي تشكل حجر أساس لأي مجتمع ديمقراطي أثناء تعاملهم مع التهديدات الأمنية المتزايدة.
وأكدت الصحيفة أن تونس بحاجة للحصول على مساعدات اقتصادية وتجارية ودعم في تدريب قوات الأمن التابعة لها من قبل الولايات المتحدة وأوروبا ودول الخليج، لأنها كانت نموذجاً للاستقرار في منطقة تلتهمها الفوضى وتهيمن عليها الحكومات الاستبدادية، وأنها باتت بحاجة إلى مساعدة المجتمع الدولي للبقاء على هذا النحو، على حد قول الصحيفة.
فيما ذهبت مجلة "فورين بولسي" إلى أن الهجوم يمثل اختبارًا حقيقيًا للحكومة التونسية، مشيرة إلي رد فعل الساسة التونسيون الذي وصفته ب "الخاطئ" على هذا الحادث، والذي سمح للانقسامات القديمة بالظهور علي الساحة السياسية الجديدة، ما قد يهوي بتونس في نفس المأزق الذي وقعت فيه مصر وليبيا في عملية انتقال السلطة - بحسب المجلة، التي أضافت أن الهجوم علي متحف باردو مؤشر خطير يهدد السلطة الجديدة في تونس بسبب ما قد يؤجج الخلاف بين الإسلاميين والعلمانيين لتبادل التهم فيما بينهم، لتوظيف الانقسامات السياسية لتطبيق الأجندات الخاصة بكل طرف، وشددت المجلة - التي ينظر إليها صانعو القرار الأمريكي بتقدير كبير- إن على الرئيس التونسي أن يكون رئيسًا لكل التونسيين، وأن يواصل العمل مع الإسلاميين المعتدلين، مشيرة إلى أن الوضع الأمني في ليبيا يمثل جزءا كبيرا من الأزمة الحالية، بسبب ما تصدره من إرهابيين ينتشرون علي الحدود التونسية- بحسب المجلة.
تونس مصنع للدواعش
وفي تقرير ثان للمجلة نقلت عن "مصادر في وزارة الداخلية والأمن الخاص التونسية"، أن ما يقرب من ثلاثة آلاف تونسي انضموا إلى الحرب في سوريا، وأن تونس قد ساهمت بعدد من المقاتلين الذين انضموا للدولة الإسلامية أكثر من المملكة العربية السعودية وتركيا. وقد يبدو من المستغرب أن قصة نجاح الديمقراطية الوحيدة في الربيع العربي قد أنتجت المزيد من المتطرفين.
وأضافت "فورين بولسي" أن التحول الديمقراطي "الهش" في البلاد قد يكون هو السبب الرئيسي، ورغم أنها دولة خالية من الاستبداد والقبضة الحديدية، إلا فإنها ليست قوية أو متقدمة بما يكفي لتقديم حياة أفضل لمواطنيها، وأصبحت تونس أراضي خصبة للمجندين المتطرفين، كما تبين من الهجوم "الإرهابي" الدموي في وسط تونس، والذي أعلنت "الدولة الإسلامية" مسئوليتها عنه.
وأشارت المجلة إلى أن بعض أعضاء حزب النهضة، الذي وصفته ب"الحزب الإسلامي المعتدل" الذي جاء إلى السلطة في أول انتخابات ديمقراطية في تونس، شجعوا بصورة علنية المؤيدين للسفر إلى سوريا لمحاربة "الأسد".
تهديد للديمقراطية
أما صحيفة "كريستيان ساينس مونتور" الأمريكية، فقالت في تعليق لها على الحادث، إن ديمقراطية تونس الوليدة باتت تبحث عن إجابات في أعقاب الهجوم الإرهابي، مضيفةً أن أحد أهم الأسئلة المثارة بعد الهجوم هو هل يؤدي الحادث إلى تقسيم أم توحيد تلك الديمقراطية الوليدة.
واعتبر التقرير تونس تعتبر قصة النجاح الوحيدة في الربيع العربي، بسبب تميز ساستها وناخبيها بضبط النفس والتفاوض والمساومة، الأمر الذي جنّب تونس حمامات الدماء والفوضى التي ضربت دول الربيع العربي الأخرى، وأكدت الصحيفة أن هجوم المتحف يمثل تحدياً جديداً، لكونه أول هجوم إرهابي منذ عام 2002 يسقط ضحايا من الأجانب، وأنه أول هجوم إرهابي على الإطلاق في العاصمة التونسية، كما أنه استهدف السياحة التونسية، وهي أحد أهم مصادر الاقتصاد التونسي.
وقالت الصحيفة، إن الحكومة المطالبة بالرد على هذا التحدي هي مجرد ائتلاف هش لم يُختبر من قبل، مشيرةً إلى أن تونس كانت تحاول استقطاب السياح والمستثمرين الأجانب الذين نأوا عن البلاد منذ 2011. لكن العديد من التونسيين يريدون من السلطات الموازنة بين الحاجة إلى أمن قوي والحفاظ على الحريات المكتسبة من الثورة. حيث طالما استخدم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي مكافحة الإرهاب كذريعة لانتهاك الحريات المدنية.
وقالت الصحيفة : إن هناك توترات خفية بين أهم حليفين في الحكومة التونسية: حزب نداء تونس، وحزب النهضة الإسلامي، مشيرةً إلى أنهما كانا متنافسين في الانتخابات الأخيرة، لكنهما اشتركا في تأليف الحكومة، وأضافت أن حزب نداء تونس اتهم حزب النهضة فيما مضى بالتهاون في التعامل مع المتشددين إبان توليهم الحكومة الانتقالية من عام 2011 حتى 2014، وهو الخطأ الذي اعترف النهضة بارتكابه - بحسب الصحيفة، التي قالت إنه مع الجهود المبذولة لتعزيز الأمن في حربه على الإرهاب، حذر تقرير لمنظمة هيومان رايتس ووتش من أن مسودة القانون الجديد لمكافحة الإرهاب ماهي إلا تعديل لقانون مكافحة الإرهاب الذي استخدمه بن علي من قبل في دولته البوليسية.
وينتظر الكثيرون داخل وخارج تونس تطورات الأحداث خلال الأيام المقبلة، وماهية الإجراءات التي ستتخذها الحكومة، ومدى تأثيرها على الديمقراطية التونسية الوليدة، إضافة إلى تداعيات الحادث، وتأثيراته على الاقتصاد التونسي من جهة، والائتلاف الحكومي من جهة أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.