محمد عيسى بينما كانت طائرات التحالف الدولى لمحاربة التنظيم الإرهابى داعش تدك مواقع التنظيم فى سوريا والعر اق، كان يتنامى ويتعاظم إرهاب هذا التنظيم فى ليبيا، ولم يقترب منه التحالف بأى عمل أو حتى تهديد بالقول، وتركه حتى استقوى فى عدد من المدن الليبية. وأمام استفحال خطره وتحديه للدولة المصرية وقيامه بذبح 21 عاملا مصريا فى ليبيا، جاء الرد المصرى باتفاق مسبق مع القوات الليبية، وفى إطار الشرعية الدولية فى حق الرد والدفاع، بضرب معاقل هذا التنظيم فى مدينة درنة الليبية. تحرك القوات المسلحة تجاه تنظيم داعش فى ليبيا، جاء بعد أن وضح للعيان أن التحالف الدولى ينتقى مناطق معينة للتنظيم ليضربها ويترك أخرى - رغم أنه تنظيم إرهابى واحد - وليترك أخطر خلاياه القريبة على الحدود المصرية - الليبية ، وهو الأمر الذى يعزز فرضية المؤامرة على مصر، وجر جيشها إلى ساحة قتال يستنفد فيها قواه، لأنه آخر أقوى الجيوش فى المنطقة بعد انهيار وتفكك الجيش العراقى ومن بعده السورى، لتبقى المنطقة العربية مربعاً أخضر وآمناً أمام إسرائيل، تتحرك فيه كيفما تشاء دون رادع. وأمام هذا التحدى والانتقائية الدولية فى محاربة أذرع هذا التنظيم، جاء التحرك المصرى، الذى يحتاج فى نفس الوقت إلى مساندة دولية، وهو ما أيدته العديد من الدول الأوروبية على رأسها فرنساوإيطاليا.، حيث دعا الرئيس ا لفرنسى فرانسوا أولاند إلى عقد جلسة لمجلس الأمن لمناقشة الوضع فى ليبيا واتخاذ إجراءات جديدة ضد تنظيم داعش، ودعت إيطاليا أيضا إلى رد من الأممالمتحدة، حيث قال رئيس وزراء إيطاليا ماتيو رنتسى بعد أن أجرى اتصالا هاتفيا مع الرئيس عبد الفتاح السيسى، إن الوضع فى ليبيا صعب، لكن المجتمع الدولى يملك كل الوسائل التى تمكنه من التدخل إذا أراد. لكن الرئيس عبدالفتاح السيسى يرى أن الأمر يحتاج إلى أكثر من ذلك ، حيث دعا فى مقابلة مع إذاعة "أوروبا 1 الفرنسية" الأممالمتحدة لاستصدار قرار يمنح تفويضًا لتشكيل تحالف دولى للتدخل فى ليبيا بهدف القضاء على تنظيم داعش الإرهابى ، وأكد فى حديثه، أنه ما من خيار آخر فى ضوء موافقة شعب ليبيا وحكومتها ودعوتهما لمصر بالتحرك. وردًا عما إذا كان من الممكن أن تقوم مصر بتوجيه ضربات أخرى لهذا التنظيم داخل لييا، أكد أن الموقف يتطلب فعل ذلك من جديد وبشكل جماعى، وهو ما يفسر دعوة مصر أيضا التحالف الدولى المناوئ لتنظيم داعش والذى يقصف أهدافا لها فى العراقوسوريا وتقوده الولاياتالمتحدة إلى توسيع عملياته لتشمل ليبيا، كما سلطت مصر الضوء على الكيفية التى يوسع بها التنظيم نشاطه لضرب معاقل هذا التنظيم فى البلدان والمدن المنتشرة فيها. كما ينشط عدد من الجماعات الإسلامية المتشددة فى عدة مدن ليبية منذ سقوط معمر القذافى عام 2011. وأعلنت بعض هذه الجماعات ارتباطها بالدولة الإسلامية كما أعلنت مسئوليتها عن هجمات كبيرة من بينها الهجوم على فندق كورينثيا فى طرابلس الذى قتل فيه تسعة أشخاص بينهم متعاقد أمنى أمريكى ورجل فرنسى. الضربة الجوية المصرية لمعاقل تنظيم داعش فى مدينة درنة الليبية، ليست بعيدة عما يقوم به أفراد التنظيم فى سيناء، حيث يؤكد مسئولون أمنيون أن الإرهابيين المتمركزين فى ليبيا أقاموا صلات مع جماعة ولاية سيناء التى أعلنت مبايعتها لتنظيم داعش فى نوفمبر الماضى، وبالتالى فضرب معاقل هذا التنظيم فى درنة الليبية، فيه إضعاف لخلاياهم الموجودة فى سيناء، والتى تستهدف قوات الجيش والشرطة والمنشآت الحيوية هناك. وقد حاولت بعض الدول المتربصة بمصر، أن تصور هذه الضربة الجوية، على أنها تدخل فى شأن دولة جارة، وسارعوا فى التهليل عبر قنواتهم الفضائية المعروفة، لشحن العالم ضد مصر، لكن سرعان ما صمتوا ولم يجدوا ما يبرر كذبهم، بعد علمهم بأن الضربة جاءت بالتنسيق مع السلطات الليبية، وأن الطيران الليبى شارك فى طلعات جوية أجرى لضرب التنظيم فى مناطق أخرى، كما أكد قائد القوات الجوية التابعة للحكومة الليبية "المعترف بها دوليا" صقر الجروشى أن الطلعات الجوية تتم مع مصر بالتنسيق وستستمر ضربات أخرى. وفى الوقت الذى شعر فيه المصريون بارتياح لما قامت به نسور مصر فى درنة، كانت تتردد على ألسنة القلة مخاوف من أن تكون هذه الضربة الجوية بداية لدخول الجيش المصرى فى حرب استنزاف لمقدراته، وهى مخاوف نابعة من الحب والخوف الشديدين على هذا الجيش العظيم الذى لم يعد سواه فى المنطقة، ويواجه بمفرده تكالبا وتآمرا على تدميره وبلاده. لكن الواقع الذى نعيشه، والتاريخ والخبرات السابقة للجيش المصرى، تؤكد أنه لم ينجر طوال تاريخه العسكرى وراء استفزاز أو عصبية أو أى هرتقة، وأن مصر عندما قررت أن تواجه هذا التنظيم علنا، واجهته بعدما أصبح أمرًا مفروضًا وأن أى تأخير فى محاربته كان سيعد تقصير وقصورًا، كما أن مصر ليست الدولة العربية الوحيدة التى تدخل فى مواجهة مع هذا التنظيم، فالأردن قام بدور قيادى فى الهجمات الجوية على أهداف داعش فى سورياوالعراق، بعد أن نشر التنظيم المتشدد تسجيلا مصورا يظهر حرق طيار أردنى محتجز لدى التنظيم حيا فى قفص حديدى، كما تشارك الإمارات أيضًا وغيرهما من الدول..