وفاء فراج ملايين من المصريين يعانون من إصابات أو أمراض فى العمود الفقرى بنسب أكبر من إصابة باقى الشعوب بهذا المرض، فنادرا ما تجد شخصا لا يعانى من أوجاع فى ظهره أو رقبته أو باقى عموده الفقرى، حيث تتنوع إصابات العمود الفقرى التى تنتشر بين المرضى فى مصر ما بين الغضروف إلى تشوهات الخلقية إلى هشاشة العظام إلى الخشونة، ويؤكد الأطباء أن انتشار أمراض العمود الفقرى سببه الرئيسى عادات المواطنين الخاطئة فى العمل والجلوس والنوم والمشى وغيرها، إضافة إلى الابتعاد عن الرياضة، تلك الأمراض التى تعد أمراضاً مزمنة وليس لها علاج أحيانا ويعيش بها المريض إلى نهاية عمره، وبالطبع كان يلجأ المرضى لأساليب عديدة للشفاء ومنها الحجامة والعلاج الطبيعى والإبر الصينية وغيرها من أساليب، ليبتعد بها عن اللجوء للجراحات لما كانت تسببه من آلام ومضاعفات وأيضا بطء فى العلاج، وأخيرا حدثت طفرة هائلة فى كل العالم فى جراحات وعلاج العمود الفقرى، التى بالتالى انتقلت إلى مصر منذ نحو 5 سنوات والتى أصبح لها السبق على الوطن العربى وإفريقيا فى استخدام تلك التقنيات والتى تتعدد ما بين جراحات المناظير والجراحات الميكروسكوبية والليزر والتردد الحرارى، تلك التقنيات التى مازالت موجودة فى عدد محدود فى المستشفيات المصرية، كما أنه مازال عدد من أطباء العظام الذين يبرعون فى استخدام تلك التقنيات يعدون على أصابع اليدين ومنهم الدكتور "هشام شاكر"، استشارى جراحة العظام والعمود الفقرى الذى تناولت معه «الأهرام العربى» فى حوارها التالى معه كل ما يهم القارئ عن أمراض العمود الفقرى والتعرف على أحدث تقنيات علاجها .. فى البداية هل يمكن تصنيف أشهر الأمراض التى تصيب العمود الفقرى فى مصر؟ فى الأغلب يصاب المواطن المصرى بالانزلاق الغضروفى كمرتبة أولى، حيث إن نسبة 70 % من مرضى العمود الفقرى يشتكون من أعراضه، ثم العيوب الخلقية التى يطلق عليها التزحلق الفقارى، ويأتى فى المرتبة الثالثة مرض الخشونة وما ينتج عنها من آثار خاصة مع كبار السن، ثم أمراض التشوهات العظمية، وأخيرا هشاشة العظام، ومعظم هذه الأمراض تنتج عن العادات الخاطئة لممارسة الحياة اليومية، بالإضافة إلى البعد عن الرياضة . حدثنا عن أحدث التقنيات فى علاج الانزلاق الغضروفى خصوصا أن الجراحة التقليدية نتائجها غير مؤكدة كما هو شائع ؟ فى البداية هذا أمر خاطئ، لأن الانزلاق الغضروفى له أكثر من طريقة فى العلاج بداية من العلاج الطبيعى وتغيير طبيعة العمل والراحة ثم الجراحة التقليدية وأخيرا جراحة المناظير وكلها تأتى بنتائج جيدة جدا إذا التزم المريض بتعليمات الطبيب وأصلح من عاداته الخاطئة غير الصحية. والجديد فى علاج العمود الفقرى هو جراحات المناظير التى نعمل خلالها فتحة بطول 2 سنتيمتر بدون الحاجة لنقل دم أو فتح جرح وهكذا، بالإضافة أن هناك بعض الغضاريف الصغيرة التى يمكن علاجها بأساليب غير جراحية أمثال الليزر والتردد الحرارى . استخدام الوسائل الحديثة هل يمكن أن تعالج كل أنواع الغضاريف ام أن هناك حالات لا يمكن التعامل معاها إلا بالجراحات التقليدية ؟ العلاج بالتردد الحرارى أو الليزر يأتى بنتائج فى بداية أعراض الغضروف وفى حالات الغضروف الصغيرة من الدرجة الأولى أو الثانية فقط، أما فى حالة استفحال المرض ووصوله لحالاته الحرجة لا ينفع معاه سوى التدخل الجراحى، والجراحات بالمناظير أو الميكروسكوبات تصلح لجميع أنواع الغضاريف، وهى علاجات أفضل بكثير، حيث إنه إضافة إلى حجم الجرح الصغير يعطينا مساحة للرؤية بدقة اكبر من خلال الميكروسكوب فتعطى جودة أكبر للجراحة. منذ متى دخلت تلك التقنيات مصر؟ وهل هى متوافرة فى جميع المستشفيات؟ نقوم بعلاج المرضى بهذه التقنيات منذ نحو 5 سنوات، ولكن فى الخارج يستخدمونها منذ وقت اكثر، ونشر تلك التقنيات أمر مستبعد جدا فمعظم المستشفيات الحكومية لا تستطيع امتلاك تلك التكنولوجيا ولكنها موجودة فى بعض المستشفيات الجامعية ومستشفيات التابعة للجيش، والأمر يحتاج لدعم مادى أكبر من الدولة لنشر تقنيات العلاج الحديثة هذه . على الرغم من استخدام تقنيات حديثة لعلاج العمود الفقرى لكن مازال المريض يحتاج لفترة نقاهة طويلة كما كان فى العمليات التقليدية .. لماذا؟ فى الجراحات بالمناظير الجرح الخارجى يلتئم سريعا، لكن هناك جرحا داخليا داخل الغضروف والعظام يحتاج من شهر إلى ثلاثة شهور لكى يلتئم، وخلال تلك الفترة نعطى نصائح عامة للمريض لإراحة جسده والتعامل معه بشكل صحيح، ثم نعطيه تمارين رياضية يمارسها، وخلال تلك الفترة لا نمنع المريض من الحركة أو الخروج والممارسة حياته الطبيعية إلا من العمل الشاق والمجهود الزائد، والمريض يمكن أن يعود إلى ممارسة حياته وعمله بعد شهرين أو ثلاثة من إجراء العملية. وبشكل أساسى فإن فترة النقاهة لعمليات المناظير أقل بكثير منها بعد العمليات الجراحية التقليدية. فى رأيك متى يلجأ المريض إلى أطباء العمود الفقرى، وهل لدينا وعى فى هذا الشأن؟ للأسف الوعى الصحى لدى المواطن المصرى معدومة تماما فى كل أنواع المرض، أما بالنسبة لأمراض العظام خاصة العمود الفقرى لا يلجأ المريض للطبيب والعلاج إلا بعد أن يعجز عن الحركة تماما، وهو أمر فى غاية السوء لأن الحالة تستفحل ويعجز أحيانا الأطباء عن علاجها، وتلك من أهم العادات الخاطئة التى يتنهجها الجميع . فسر لنا بطريقة بسيطة الفرق بين العمليات التقليدية وجراحات المناظير فى علاج العمود الفقرى؟ هو كما الفرق بين جراحة المناظير لعلاج المرارة وجراحة المناظير، أى أن الجراحة التقليدية يتم فتح الظهر فتحة كبيرة، مما يؤدى إلى وقت أكبر للشفاء، ويمكن لعمليات المناظير أن تتم بالبنج الموضعى ولكننا نفضل البنج الكامل نظرا لوقت العملية، كما أن تلك الجراحات لا يقف أمامها إصابة المريض بأمراض كالضغط أو السكر وباقى الأمراض المزمنة التى قد تقف عائق أمام الجراحات التقليدية ويقف الطبيب أمامها . يشتكى مرضى الغضروف من عودة الغضروف من جديد بعد استئصاله .. كيف تفسر ذلك كمتخصص؟ مبدئيا الغضروف لا يعود ولكن أعراض آلامه قد تعود أو يصاب إصابة أخرى فى مكان الغضروف القديم، ولهذا أسباب كثيرة ومن أهمها أن المريض يعود ليمارس نفس العادات غير الصحية والممارسات التى أدت إلى إصابة عموده الفقرى فى السابق أهمها الإهمال والإجهاد . بمناسبة العلاج بالليزر والتردد الحرارى هناك كثير من المراكز التأهلية تعالج بهذه الطرق ويدخل فيها شبه البيزنس والنصب أحيانا.. ما تفسيرك؟ أولا اختيار نوع العلاج لنوع المرض وحالته هو أولى وأهم مراحل العلاج وذلك دور الطبيب المتخصص، لكن فى مصر أصبح الليزر موضة، والمريض يطلبه بنفسه، مما أدى لاستخدام الليزر كتجارة لبعض مراكز العلاج التى لا تعطى نتائج ملموسة حقيقة فى علاج المريض فأثرت على سمعة العلاج بالليزر نفسه. فكما قلت من قبل العلاج بالليزر لا يتم إلا فى الحالات الأولى للمرض غير ذلك لن تؤثر، ولابد أن يكون الطبيب المعالج عنده أمانة طبية . تحدثنا عن جراحات المناظير والليزر وغيرها من تقنية حديثة، لكن هل هناك تقنيات أخرى تستخدم فى علاج أمراض العمود الفقرى؟ هناك تقنية حديثة جدا عن علاج التثبيت لأى كسور داخل العمود الفقرى، حيث كنا فى السابق نضطر لفتح معظم ظهر المريض، أما الآن يمكن أن نقوم بعمليات التثبيت من غير فتح جراحى إلا من فتحات أكبر قليلا من فتحات الإبرة لإدخال المسامير للتثبيت باستخدام أشعة الليزر لتوجيه المسمار إلى مكانه فى العمود الفقرى . قلت إن تلك التقنيات العلاجية مكلفة على المستشفيات والدولة.. فكيف يقدر عليها المريض نفسه؟ هى طرق علاج مرتفعة التكاليف فعلا، لكننى أرى أنها أوفر للمريض نفسه من اللجوء للعلاج التقليدى خصوصا أنها توفر عليه فترات أقل فى النقاهة وعدم إقامة المريض فى المستشفى كما كان فى السابق، وتوفر عليه أى مشاكل للجروح كالنزيف ونقل الدم وخلافه من مضادات حيوية وعلاج، وعامة المريض فى مصر فقط يحسب تكلف "أد إيه " وفى العالم يتم حساب الأمر بحسبة إحنا وفرنا للمريض «أد إيه» ماديا ومعنويا . تشوهات العمود الفقرى.. هل لها طرق علاج حديثة أكثر مما ذكرنا؟ كل تكنولوجيا ولها حدودها ومازال العلم يقف أمام هذا النوع من المرض ونقوم بعلاجه عن طريق الفتح التقليدى، ولكن هناك أبحاث تجرى الآن فى استخدام المناظير فى علاج التشوهات ولكن لم تستخدم بعد. فى علاج الخشونة هل هناك تقنيات حديثة للعلاج وهو مرض يعانى منه معظم كبار السن؟ الخشونة فى حد ذاتها ليست أمراً خطيرا وليس لها علاج لأنها تنتج بفعل الزمن نتيجة لاستهلاك المفاصل، لكنها عندما تتسبب فى تكوين «روايش» تضغط على أعصاب العمود الفقرى، ففى هذه الحالة لابد أن يتم التدخل الجراحى والجراحات المناظير حيث نقوم بسنفرة الخشونة لإراحة الأعصاب أو توسيع القنوات العصبية أيضا بالمناظير . نعلم أن السمنة سبب أساسى لمشاكل العمود الفقرى، هل ممكن أن تكون عائقا أمام العمليات الجراحية له ؟ السمنة لها تأثير سيئ ومنها تردد الطبيب فى التدخل الجراحى نتيجة لخوف من تأثيرها على المكان الذى ستتم فيه العملية، بمعنى أنه يزود من حدوث المضاعفات وكأطباء نريد أن نضمن إلى حد كبير نجاح العملية، خصوصا أن السمنة تزيد من خشونة المفاصل مما يؤثر أكثر على أعصاب العمود الفقرى، ولابد أن نطلب من المريض أن ينقص وزنه فورا، وفى معظم حالات السمنة نلجأ أكثر إلى الجراحات بالمناظير لأن الجرح يكون أصغر ويلتئم أسرع ومضاعفاته أقل . الفقرات القطنية التى يعانى منها معظم المواطنين، خصوصا من يقودون السيارات أو يجلسون على مكاتب لمدة طويلة .. هل لها أساليب علاج حديثة؟ العلاج بالمناظير يتم استخدامه عندما تؤثر تلك الفقرات على الأعصاب، لكن فى حالات الألم فقط نوصى بعلاجه عن طريق العلاج الطبيعى والأدوية وتغير أسلوب حياته، وأيضا الحقن بالكورتيزون والمسكنات التى تسيطر على الألم وتقضى على الالتهاب . هل تصيب هشاشة العظام نسبة كبيرة من الناس فى مصر؟ إلى حد ما نسبتها طبيعية نتيجة لتقدم العمر والتغييرات الهرمونية والمصاحبة للأدوية المزمنة ونستخدم الآن تقنية حديثة فى حالات كسور العمود الفقرى لمرضى الهشاشة، ففى السابق كان لا يلحم الكسر مهما حاولنا من طرق، فبالتالى يظل المريض يعيش فى ألم مستمر، أما الآن نقوم بعمل علاج هذه الكسور من خلال حقن إسمنت فى الفقرات المكسورة، أو نستخدم مسامير مخصصة فيها فتحات للإسمنت أيضا لكى تمسك فى الفقرة فيلحم الكسر، والحقن يتم من خلال فتحات صغيرة ببنج موضعى، إما المسامير نضعها بالمنظار .