رشا عامر «ليس هكذا أردنا استقبالكم هنا فى أرض إسرائيل، لقد أردناكم أحياء». بهذه الكلمات بدأ الرئيس الإسرائيلي، رؤوبين ريفلين كلمته أثناء مراسم دفن اليهود الفرنسيين الأربعة الذين قتلوا فى حادث احتجاز رهائن فى متجر لبيع المأكولات اليهودية فى العاصمة الفرنسية باريس، الأسبوع الماضي. ورغم أن ضحايا اليهود الأربعة الذين قتلوا الأسبوع قبل الماضى فى الحادث الباريسى الشهير ليسوا إسرائيليين فإنه تم دفنهم فى إسرائيل. وقد تساءلت صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية عن الأسباب التى وقفت وراء ذلك، فضلا عن الطقوس التى ترافق تشييع موتى اليهود. كان هناك تأكيد من قبل أسر الضحايا على أنه لا يوجد أى التزام للذهاب إلى إسرائيل للقيام بمراسم الدفن، فالمقابر اليهودية تملأ فرنسا طولا وعرضا، لكن المسألة كانت أولا أسبابا إيمانية، لا علاقة لها بالجنسية، فهناك رغبة لدى اليهود حتى وإن كانوا من غير الإسرائيليين فى أن يدفنوا فى إسرائيل، وذلك ليس بالنسبة ليهود فرنسا فقط، بل لجميع اليهود فى العالم وعليه فإنه تم دفن ضحاياهم فى القدس باعتبارهم يهودا، حيث قوبل هذا القرار بالترحاب خصوصا مع توجه نيتانياهو إلى يهود فرنسا عارضا عليهم الانتقال إلى «وطنهم» إسرائيل وبناء عليه تم إخراج جثث الضحايا الأربعة من معهد الطب الشرعى فى باريس لتحلق طائرة تابعة لشركة ال «عال» الإسرائيلية وعلى متنها الجثث لتحط فى مطار بن غوريون الدولى بالقرب من تل أبيب، ويتم دفن الجثث فى مقبرة فى مقبرة «هار همينوخوس» المقامة على أراضى قريتى «دير ياسين» و«لفتا»، المهجرتين عام 1948، بالقدسالمحتلة. وتقول زوجة أحد الضحايا، وهو فيليب بارهام (45 عاما) والذى كان يشغل منصب مسئول تنفيذى فى شركة تقنية معلومات ولديه 4 أطفال وهو شقيق أحد كبار الحاخامات. إن وصية زوجها كان أن يدفن فى القدس لكى يكون بجوار ابنه المدفون هناك. ذلك لأن هناك اعتقادا راسخا لدى اليهود، خصوصا الملتزمين منهم كما جاء فى سفر زكريا من الكتاب المقدس أن القدس هو المكان الذى سوف يبدأ الله منه بإقامة الموتى فى نهاية الأيام. وعليه يتصور اليهود أن الميت لن يشعر بالراحة إلا إذا دفن فى إسرائيل ويا حبذا لو فى القدس. كما أن ما ورد فى سفر التكوين يدفع اليهود إلى الدفن هناك، وذلك لاعتقادهم أن المسيح المنتظر عندما يأتى لإحياء الموتى فسيأتى إلى القدس أولاً. فبالنسبة لليهود فإن هذا المسيح القادم سيأتى لاستعادة السلام، وحفظ الصالحين، وإدانة المخطئين، أما أولئك اليهود الذين دُفنوا خارج إسرائيل، سيكون من الشاق بعثهمَ مرة أخرى! حيث يؤمنون أيضا أن المسيح سيصل إلى القدس ليصطحب الأموات من هناك أولا كبداية للقيامة ! وعندما يختار اليهود الدفن هناك فإنهم يكونون بهذا بالقرب من المسيح! ووفقا للشريعة اليهودية كما تذكر جريدة لوفيجارو فإنه لا يجوز لمس جسد المتوفى، ولكن يمكن الاكتفاء بالصلاة حتى تترك روحه جسده ثم تبدأ الصلاة التى يقولون فيها "اسمعى يا إسرائيل..الرب إلهنا رب واحد". ويمكن لابن المتوفى أن يغلق له عينيه وفمه. ويتم تمديد الجثمان فوق مفرش أبيض على الأرض، وتوقد شمعة بالقرب من وجهه. ويتعين على سبعة من أقارب المتوفى أن يمزقوا جزءا من ملابسهم من ناحية الجهة اليمنى للقلب. ولا تتم مراسم الجنازة فى الكنيس اليهودى، لكنها تتم مباشرة فى المقبرة دون استخدام زهور أو إكليل، وفق ما تتضمنه التقاليد اليهودية. وفى بعض الأحيان يتم وضع جزء من تراب أرض القدس على جسد المتوفى قبيل إغلاق التابوت عليه، والذى دائما يكون مزينا بنجمة داود أو بعض النصوص القانونية أو التوراتية . وتعد جنازات الفرنسيين اليهود فى إسرائيل شائعة إلى حد ما، فكل شهر يدفن هناك ما بين 12 إلى 15 يهوديا فرنسيا، وذلك وفقا لأحدث البيانات الصادرة من الكنيس اليهودى فى باريس . وتشير الصحيفة الفرنسية إلى أن الحادث الأخير عزز من عدم شعور اليهود بالأمان فى فرنسا التى اعتبروها غير قادرة على حمايتهم، خصوصا أن عدد اليهود فى فرنسا يبلغ نصف مليون يهودى ليشكلوا ثالث أكبر جالية يهودية فى العالم بعد إسرائيل والولايات المتحدة، لكن وللمرة الأولى فى عام 2014 تصبح فرنسا أول دولة يهاجر منها اليهود إلى إسرائيل، حيث غادرها هذا العام أكثر من 6600 يهودى ليستوطنوا فى إسرائيل مقابل 3400 العام الماضى ليؤكدوا مقولة ريفلين: "لا يمكن أن نسلم أنه فى عام 2015، بعد 70 عاماً من نهاية الحرب العالمية الثانية أن يخشى اليهود السير فى شوارع أوروبا وهم يرتدون الكيبا، وهى قلنسوة الرأس التى يرتديها المتدينون اليهود".