عماد أنور – جلال الشافعى تساؤلات عديدة حول آداء اتحاد كرة القدم وحال الكرة المصرية المتردي، فجرتها هزيمة المنتخب الوطني على ملعبه أمام السنغال فى الجولة الخامسة من مباريات المجموعة السابعة فى التصفيات الإفريقية المؤهلة لكأس الأمم الإفريقية 2015، لكن تظل أزمة غياب الجماهير عن المدرجات هي الأزمة الأكبر على الإطلاق، والتي لا يمتلك حلها سوى وزارة الداخلية، لأنها الوحيدة القادرة على إصدار قرار عودة الجماهير إلى المدرجات، خصوصا فى ظل الحالة الأمنية غير المستقرة فى البلاد. مدرجات كرة القدم كانت أشبه بالأفلام الصامتة طوال الفترة الماضية، في ظل غياب روحها المتمثل في الجماهير، وباتت الملاعب المصرية كالبيوت المهجورة التي يدوي فيها صدى الصوت، حيث لا صوت إلا للأجهزة الفنية واللاعبين، وهو ما انعكس سلبًا على أداء جميع الفرق الرياضية بلا استثناء، وساوى غياب الجماهير بين الأندية الشعبية وغيرها من الأندية، وأصبح هناك تساؤل يفرض نفسه على الساحة وهو متى وكيف تعود الجماهير إلى الملاعب حتى تستعيد روحها؟ كانت الأجهزة الأمنية قد أصدرت قرارًا بمنع حضور الجماهير للمباريات عقب أحداث مجزرة بورسعيد والتي أعقبت مباراة الأهلي والمصري بالدورى العام فى الأول من فبراير 2012، وراح ضحيتها 74 من جماهير الأهلى، ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن لم ينجح المسئولون فى اتخاذ قرار بعودة الجماهير إلا فى بعض المباريات الدولية المهمة للمنتخب المصرى أول الأندية المشاركة فى البطولات الإفريقية. طاهر أبوزيد وزير الرياضة الأسبق أكد ل "الأهرام العربي" أن قرار عودة الجماهيرللمدرجات تأخر كثيرًا، ومن المفترض عودتهم مع بداية الدور الثاني من الموسم الماضي، مؤكدًا أن الأمر يحتاج إلى إرادة أمنية مع تطبيق القانون، خصوصًا أن جميع الملاعب في مصر أصبحت مزودة بالكاميرات التى تسهل القبض على جميع المشاغبين في حالة حدوث أى أعمال شغب. وشدد أبوزيد على ضرورة تعاون الجماهير على تحقيق الأمن داخل المدرجات والتصدى ونبذ أى فرد يسعى إلى التخريب، موضحًا ضرورة عودة الجماهير في أسرع وقت ولو بأعداد قليلة تزداد تدريجيًا، وذلك حتي تعود الحياة الرياضة في مصر إلى طبيعتها مثلها مثل مؤسسات وقطاعات كثيرة عادة لوضعها الطبيعي، كما كان قبل الثورة. غياب الجماهير لم يكن مجرد تعنت من الأجهزة الأمنية فقط، بل ساهم عدم التزام بعض الجماهير فى استمراره هذه الفترة الطويلة، وهو ما أدى إلى تراجع وزارة الداخلية فى قرارها كلما أعلنت الاتفاق مع اتحاد الكرة عن عودة الجماهير، وذلك لصعوبة عملية التأمين، وهو ما حدث العام الماضي وإلغاء مسابقة الدورى موسم 2012 – 2013 لنفس السبب، جراء عدم استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد. ودفع غياب الجماهير أسامة خليل نجم منتخب مصر والإسماعيلي السابق ومقرر لجنة قانون الرياضة، لتشبيه مباريات الدوري المصري لكرة القدم ب "التقسيمة" الكروية التى لا طعم لها، ما أدى إلى تراجع مستويات الفرق، موضحًا أنه من الصعب ممارسة كرة القدم بدون جمهور، وهو ما يؤكد أن عودة الجماهير للمدرجات أصبحت أمرًا حتميًا. وأوضح خليل ل "الأهرام العربى" ضرورة وضع ضوابط صارمة تحكم عملية عودة الجماهير إلى المدرجات، مشددًا على ضرورة تطبيق قانون شغب الملاعب، والذي يحظر على الجماهير الخلط بين الأحداث الرياضية والسياسية أو الاختلاف الفكري والطائفي أو التمييز العنصري، مع الامتثال للتفتيش وعدم حيازة أو استخدام أى ألعاب نارية، وعدم إتلاف أي مستندات وعدم التعرض للأشخاص المشاركين، مع حق المحكمة في تغريمه المخالفين ماليًا بغرامة فورية تبدأ من 5 آلاف جنيه وحتى 200 ألف جنيه، والحبس من 6 أشهرإلى 7 سنوات والمنع من حضور المباريات مستقبلاً. وأضاف نجم الإسماعيلى السابق، أنه يجب على منظمى المباريات تهيئة الظروف المناسبة واتخاذ الإجراءات التى من شأنها منع الضرر عن المشاركين والجمهور، واتخاذ التدابير الأمنية اللازمة والتنسيق الأمني مع جميع الجهات المختصة لتأمين الجماهير في الأماكن والمنشآت الرياضية، وتوفير نظم مراقبة حديثة ووضع خطط طوارئ تنظم عملية إخلاء المنشأة الرياضية في حالات الطوارئ، بما يضمن سلامة الجمهور والمشاركين, وحماية كل عناصر حتى لا نكرر ما حدث فى مذبحة بورسعيد. خلط الأحداث السياسية بالرياضة من قبل بعض الجماهير أحد العوامل التى أدت إلى تأخر عودتهم إلى المدرجات، وكلما سمحت الجهات الأمنية بالتواجد الجماهيرى فى المباريات القارية المهمة، تأتى قلة مندسة بتصرفات تثير القلاقل وتخرج عن الإطار الرياضى، وهو ما حدث فى مباراة الأهلى وتوسكر الكينى فى إبريل من العام الماضى (2013)، حيث قامت الجماهير بالهجوم على الجيش والشرطة عبر لافتات رفعتها فى المدرجات، كما أشعلت الشماريخ وألقتها فى الملعب وقام البعض بتحطيم مقاعد الاستاد، ما تسبب فى تغريم الأهلى مبلغ 40 ألف جنيه واللعب بدون جمهور 4 مباريات. "الجماهير تملك أهم مفاتيح عودتهم للمدرجات".. هذا ما أكده طلعت يوسف المدير الفني لفريق طلائع الجيش، قائلًا: إن عودة الجماهير للمدرجات في يد المشجعين أنفسهم، وطالبهم بالالتزام والاحترام والصمت فى الفترة المقبلة، واعتبرهم من الأسباب الرئيسية فى تفاقم الأزمة بسبب الأعمال المخالفة للروح الرياضية التى يقبل عليها البعض. وأضاف يوسف، أن الجماهير عليهما أن تعلم أن عودتها للمدرجات تتوقف علي وقف إثارة المشاكل من قبل الأعداد القليلة التي لا تزيد على نسبة 5% من مشجعي مصر وبرغم ذلك يحاولون إثارة الشغب في الملاعب والأندية بشكل مستمر ويعملون فقط علي تشويه صورة مصر أمام العالم أجمع، موضحًا أن دور الجماهير يقتصر فقط على التشجيع مع احترام قوانين الدولة وسيادتها، مشددًا فى الوقت ذاته على ضرورة اختيار التوقيت المناسب لعودة الجماهير من جديد حتى لو تأخر القرار بعض الشىء حتي لا نتعرض لكارثة جديدة. قرار وزارة الداخلية ومن قبلها تصريحات المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، أعادا الأمل إلى الكرة المصرية، حيث أبدى محلب موافقة مبدئية على عودة الجماهير، وذلك خلال لقائه وفد النادي الأهلي الذى دعاه لحضور نهائي البطولة الكونفدرالية أمام فريق سيوي سبور الإيفوارى فى 28 من نوفمبر الجارى، وكذلك افتتاح مقر النادي بالشيخ زايد، بجانب مناقشته في عودة الجماهير بشكل نهائي إلى الملاعب المصرية، وهو الملف الذى وعد رئيس الوزراء بدراسته خلال الفترة المقبلة.