أحمد إسماعيل ظل الحلم الكبير بالعودة إلى «جين» القمح الفرعونى مميز الصفات.. ومرتفع الإنتاج.. يراود الخبرة الزراعية الدكتورة زينب الديب أستاذ علم الأجناس المصرية والإنتربولوجيا.. والحاصلة على «دكتوراة الدولة» من فرنسا. فى هذا التخصص وهذا مستوى رفيع من التقدير يمنح فقط للمتميزين جدا فى مجالاتهم. بدأت أولى خطوات الحلم الكبير فى عام 1981 واستغرق سنوات من الكفاح حتى وصلت إلى ما أرادت من خلال البذور التى فى مقابر أجدادنا الفراعنة وإعادة إنباتها.. بلغت سنوات التجريب وتلاحق النجاح حتى عام 1997. وهنا أثمرت التجربة وأعطت مأمولها، ولكن أعداء النجاح الذين كانوا يمثلون القيادات الفاعلة فى وزارة الزراعة آنذاك تسلموا منها ثمرة كفاحها.. ثم قتلوها عمدا بالإهمال وعدم زراعة الأرض بالقمح الجديد، وكان خلف ذلك ويدعمه مافيا استيراد الأقماح، لتظل مصر هى الدولة الأولى فى العالم فى استيراد القمح، بعد أن كانت مزروعة الدنيا. من جديد وبعد ثورة 25 يناير عاود الأمل الدكتورة زينب فى بعث حلمها القديم الذى قتلوه فى مهده. تقول د.زينب الديب: إن إحياء هذا المشروع الآن يحقق لمصر أمنها الغذائي خلال فترة قياسية ، إلي جانب أنه يعزز ويدعم أمنها القومي بكل ما تعنيه الكلمة من معان ، ويكفي أن هذا المشروع القومي - الذي قدمته ونفذته عالمة الأجناس المصرية الدكتورة زينب الديب - نجح في عودة سلالات جديدة من السلالة الفرعونية القديمة من القمح ضاعفت الإنتاج من 60 حبة في السنبلة إلي 180 حبة ، أي نحو 35 إردبا للفدان. في سيناء وجنوب الوادي والصعيد والوادي الجديد خلال 6 أشهر ، الأمر الذي يغير حياتنا تغييرا جوهريا. تقول الدكتورة زينب الديب: إننا لسنا أمام حلم أو وهم، إننا باختصار أمام حقيقة مؤجلة، وإذا كان الفاسدون قد حاولوا قتل الحقيقة فيما مضى، فعلى ثوار مصر بل على مصر كلها أن تحول الحقيقة المؤجلة، إلى حقيقة واقعة، بسنابل خضراء تمتد على أرض مصر كلها، لتبعث مصر الحديثة. الجديدة. مصر القوية. مصر الثورة من جديد. فقد قدم هذا المشروع القومي نموذجا إرشاديا متكاملا للعمران يستنبض فيه قوة الإنبات الكامنة للتجربة الحضارية المصرية منذ عصورها الأولي حتي آخر ما وصل إليه العلماء بمصر والعالم. وكان المأمول أن تكتفى مصر من القمح بحلول عام 2000 إذا ما حققت مشروع الدكتورة زينب شريطة توزيع تقاوي مجانية للقمح على الفلاحين والتي تصل إنتاجيتها إلى حوالى 35 إردبًا للفدان، وبناء وحدات سكنية إنسانية للشباب بجانب الأراضي الزراعية من منتجات البيئة المحيطة لا تتعدى تكلفة الوحدة 8 آلاف جنيه في حال بناء مجمع سكني كامل من هذه الوحدات. وبرغم أنه كان مشروعا قوميا كان مدرجا بالخطة الخمسية بالدولة وضعته وأرست قواعده العلمية والتطبيقية الدكتورة زينب الديب خلال عشرين عاما من البحث، وخمسة أعوام من التطبيق من خلال المرحلة الأولى من المشروع والمرصودة بدفاتر وزارة الزراعة، لذا يجب أن نعود لكل من أسهم فى هذا المشروع منذ سنة 1981، خصوصا من استعانت بهم الدكتورة زينب وتعاقدت معهم سواء من مراكز البحوث الزراعية أم مراكز بحوث الصحراء كل فى تخصصه من تربية وتهجين وإكثار. إلخ ، ووفقا لما لدينا من سيديهات مسجل عليها إنجازات عديدة للمشروع ويقر بها العديد من رؤساء مراكز البحوث الزراعية، ومنهم د. عبدالسلام جمعة، الذى تحدث, قائلا: إنه وفقا للبرنامج الذى وضعته الدكتورة زينب الديب استطعنا منذ سنة 1981 استنباط سلالات جديدة من القمح، وهذه الأصناف فى مجملها ساعدت على زيادة الإنتاج بمثابة الضعف وأكثر وهى الأصناف التى تسمى القمح طويل السنبلة، بمعنى أنها تزيد فى المحتوى من الحبوب أكثر من الأصناف التى كانت تزرع من قبل، حيث كانت تصل عدد الحبات فى السنبلة الواحدة فى الماضى حوالى 60 حبة، أما الآن فوصلت إلى 180 حبة أى أكثر من ضعف الإنتاج فى السنبلة الواحدة وفقا لبرنامج الدكتورة زينب الديب. أيضا تحدثت د. عنايات غانم، رئيس قسم القمح، وهى زوجة الدكتور عبدالسلام جمعة، قائلة إنه منذ عام 1983 وحتى عام 1993، أى خلال 10 سنوات استطعنا وفق برنامج الدكتورة زينب الديب عمل تربية وإكثار وانتخاب للسلالات حتى ثبوت الصفات الوراثية، وهو ما يعنى أن السلالة عادت لأصولها الأولية، أى مصرية %100، وأصبحت خالية من أى عقم، بل وتم تسجيلها وحصلت على براءة الاختراع، أى أصبحت جاهزة للانتشار، وهو فى حد ذاته إنجاز كبير. كذلك تحدث الدكتور سيد خليل، الذى أكد قائلا: إن كل سلالات القمح والتى كانت موجودة من قبل بدء برنامج الدكتورة زينب الديب كانت مليئة بالعيوب، لكن عندما بدأ البرنامج عام 1981 الذى ترأست الدكتورة زينب الديب، والقائم على التهجين والتربية والإكثار والتهجين الرجعى، استطعنا الحصول على سلالات جيدة فى تحسن مستمر، بمعنى أن كل عام تزداد جودة السنابل التى تم تحليلها وحصلنا على نتائج رائعة خصوصا بما تحمله من بروتينات وجيلاتين. وأكدت العالمة المصرية الدكتورة زينب الديب أستاذ علم الأنثربولوجى العائدة من فرنسا اعتزامها استكمال «المشروع القومى الإنمائى لتطوير البيئة الإنسانية بصحراء مصر»، وهو ما يعني تقديم النموذج الأمثل لإقامة القري الزراعية والحرفية بالصحراء المصرية القائمة علي التواصل والتميز العلمي والفني والحضاري للتجربة المصرية عبر العصور مع الاستفادة المُثلي من الموارد الطبيعية المصرية وتنمية الموارد البشرية. مشيرة إلى أنها تستطيع خلال 6 أشهر، وضع البنية الأساسية لبناء مجتمعات عمرانية متكاملة. وتشترط الدكتورة زينب لضمان نجاح المشروع وتنفيذ المرحلة الثالثة وفق البرنامج الموضوع لن يتحقق إلا بالاهتمام الشعبي ومشاركة شباب الثورة وفلاحى مصر، حيث ولأول مرة تعود السيادة لصاحب السيادة الحقيقية في مصر، وهو الفلاح المصرى زارع الأرض. وتضيف الدكتورة زينب قائلة: إن البرنامج المقترح والمأمول يستهدف المساهمة الفاعلة والأمينة للتنفيذ العملي للمرحلة الثالثة للمشروع القومي المستقبلي للتنمية الإنسانية والبيئية والذي سيسمي بمشروع التحرير لثورة 25 يناير. وهو كالآتي: إقامة القري والمجتمعات الزراعية والحرفية والصناعية الجديدة من خلال المنهجية المطبقة للبحوث الأنثروبولوجية في التنمية الإنسانية والحفاظ علي الأصول والتنوع البيولوجي والتميز الثقافي والحضاري للإنسان والنبات والأنواع الحية علي أساس أن مصير كل منهم يرتبط ارتباطا عضويا بمصير الآخر. وفي هذا الصدد يمكن الاستفادة من النماذج الإرشادية وقاعدة المعلومات البحثية والتطبيقية المقامة علي هذا المنهج والمطبقة ببعض المحافظات المستهدفة لإقامة هذه القري، وذلك بتعظيم الجدوي الاقتصادية والحضارية للموارد الطبيعية والموارد البشرية. والمستهدف لهذا البرنامج المقترح خلال العام الأول 2011 - 2012 ، كمرحلة أولي يكون كالآتي: تشييد عدد عشرين قرية ما بين زراعية وحرفية وصناعية حديثة علي طول الوادي وبالصحراء الشرقية والغربية وصحراء البحر الأحمر. ويتم بناء هذه القري علي أساس التميز في الموقع والموارد الطبيعية والموارد البشرية وذلك في إطار الوحدة الشاملة للتمييز العام لكل أفراد المجتمع المصري، كأمة واحدة لا تتجزأ ويشهد علي ذلك تاريخها الممتد والمتواصل منذ ما قبل التاريخ. وفي هذا الإطار يتم تشييد بعض القري بالنوبة وجنوب الوادي يمتزج فيها ويتوحد أهالي الصعيد مع أهالي الجنوب كوحدة مجتمعية مندمجة تتواصل تجربتها التنموية الحديثة بأصولها العريقة وتراثها المميز في العمارة والزراعة، والحرف منذ العصور الأولي وتتواصل أيضا مع بقية أبناء الوادي المصري كوحدة متكاملة في الأصول والتراث الحضاري تجمع دوما بين الجنوب والشمال. وينطبق هذا أيضا علي منهجية التعمير بسيناء وذلك بإقامة بعض القري يندمج فيها ويتحاور فلاحو الوادي من المحافظات المجاورة مع البدو المستقرين لإقامة مجتمع زراعي حرفي تنموي متميز ومتواصل أيضا بسكان الوادي، وكأننا بصدد عودة تاريخية لطريق حورس التنموي الموغل في القدم والذي تم تشييده ما بين القنطرة شرق وشمال العريش. وبناء علي مؤشرات التجربة السابقة للمشروع القومي القائم علي هذا المنهج نستطيع زراعة وتنمية 100 ألف فدان لاستيعاب وتشغيل 50 ألف نسمة أغلبهم من الشباب، مع الاستخدام الأمثل للزراعة الحيوية و الإثنولوجية والتي تحافظ علي الأصول والبيئة والتنوع البيولجي بعودة برنامج التربية والإكثار للأقماح المصرية الآمنة والتي يمكن لها أن تعيد الأمل في الاكتفاء من محاصيل الحبوب وعلي رأسها محصول القمح، وهذا إلي جانب المنتجات الزراعية الأخري كالخضر والفاكهة المميزة والتي كانت لها شهرة عالمية سابقا مثلها مثل القطن المصري - وذلك لعودة التصدير والاكتفاء من هذه المحاصيل المهمة والمؤثرة علي اقتصاد الدولة المصرية - وتماشيا مع التجربة العالمية والتي تعود اليوم وتطالب علي جميع مستويات المحافل العالمية بعودة الأصول والتوازن البيئي. وتطالب بعمل بنك جيني بكل منطقة مميزة من العالم، ولعل التجربة الحضارية المصرية علي مر العصور، لهي جديرة في هذا الصدد بعمل بنك جيني للحفاظ علي التركيب الوراثي والبصمة المصرية والتنوع البيولوجي للزراعة والأنواع الحية. وفي هذا الإطار تتم إقامة المراكز الحرفية والصناعية لكل الصناعات الحرفية المصرية المميزة بكل محافظة في محاولة جادة للنهوض بها، وعلي وجه الخصوص الحرف والصناعات التراثية والتي يمكن تحديثها من أجل البناء المتوائم مع البيئة مستخدما معظم المواد الطبيعية المتوافرة بكل موقع. وتتم أيضا إقامة الورش المتخصصة لايجاد كوادر فنية جديدة يكون باستطاعتها المشاركة في إيجاد طابع مميز للعمران المصري وتخفيض التكلفة في البناء وذلك للمشاركة الأمينة والحضارية في حل قضية الإسكان خصوصا بمحافظات الدلتا والصعيد وجنوب الوادي، وبالتوسع الطبيعي بالظهير الصحراوي المتاخم لهذه المحافظات وذلك من أجل عودة بناء الأسرة المصرية والمساهمة في حل حقيقي لمشكلة البطالة. هذا إلي جانب عمل خريطة شاملة للسيول بكل من سيناء والساحل الشمالي وأيضا صحراء البحر الأحمر في محاولة جادة للاستخدام الأمثل لهذه السيول، وبالعودة للتاريخ سوف نقف علي أهمية الجدوي الاقتصادية لهذه السيول في برنامج التنمية، وذلك إذا نظرنا إلي ما قامت به الإمبراطورية الرومانية من قبل باستثمار تخزين هذه السيول في زراعة الواحات والصحراء المصرية والتي كانت سلة غلال للقمح للعالم بأثره. كما عهدت د. زينب إلى كبار العلماء من الجيولوجيين من مركز بحوث الصحراء وأسست فريقها العلمى فى كل المجالات المتعلقة بخطة التنمية الشاملة والخاصة بمشروعها القومى والقائم، وكما هو موثق بالخطة الخمسية - لدينا وثيقة الخطة - على أبحاثها فى علوم الإنثروبولوجيا المرئية والتطبيقية وعلى وجه الخصوص علم الأجناس، وهى لم تقصر فى مد هؤلاء الباحثين ومجموعات العمل خلال سبع سنوات متواصلة بحوافز ومستلزمات الإنتاج والتجارب الحقلية والمعملية. وخير شاهد شهادة سفير الاتحاد الأوروبى ماكجيفر بأنه مقتنع تماما بإنجازات المشروع وذلك بعد أن قام بزيارة بعض المواقع ومنها موقع المشروع بالدقى، ومواقع المشروع المعمارية بسيناء، ومؤكدا أنه سيقوم من جانبه وبقدر ما يستطيع من إقناع منفذى المشروعات الجديدة الممولة من الاتحاد الأوروبى باتباع نفس النظام المعمارى فى أى إنشاءات، وأنه كان ينبغى عمل ذلك فى مشروع مبانى محمية رأس محمد الممول من المجموعة الأوروبية، مضيفا أن أهداف المشروع تتماشى مع الأهداف الاجتماعية والإنمائية للمجتمع المصرى فى البيئة الصحراوية ربما يتفق مع الأغراض المعدلة لمشاريع المجموعة الأوروبية. وفى النهاية تكفى الإشادات التى حصلت عليها الدكتورة زينب الديب من كل المحافظين والموجهة لوزير الزراعة السابق للإشادة بمشروعها قائلين: إن هذا المشروع يعد أهم تجربة تنموية معاصرة فى تاريخ الخطة الخمسية، حيث كانت هذه الإشادات ترسل بشكل دورى إلى وزير الزراعة ثم من وزير الزراعة السابق الدكتور يوسف إلى الدكتورة زينب الديب، وهى تقارير من محافظى شمال سيناء وجنوب سيناء وأسيوط والإسماعيلية وأسوان وغيرهم.