ريم عزمي كعادته أعد مهرجان نامور السينمائي الدولي للأفلام الفرانكوفونية واختصاره «فيف FIFF « عدته في دورته رقم 29 بعدد 150 فيلماً، والذى أقيم فى الفترة من 3 إلى 10 أكتوبر الجاري في بلجيكا، ويعطي مساحة كبيرة للأفلام العربية ولا سيما من لبنان ودول المغرب العربي التي تتحدث الفرنسية، ويغوص داخل وجدان الشعوب لإيجاد نقاط إنسانية مشتركة. وتتقابل عدة خطوط مشتركة مثل موضوع الهجرة الشرعية ومحاولة الاندماج في المجتمع الغربي، والهجرة غير الشرعية ومخاطرها، ومشاكل الأقليات، والشيخوخة التي تمثل عبئاً على الغرب حاليا لأن أجيال البيض تقدمت في العمر والأجيال الجديدة تتناقص بسبب قلة المواليد، حتى إن هذا الاتجاه بدأ يظهر في هوليوود أيضا، وربما لو تأملنا المشاكل نجد أن الحلول موجودة بداخلها وأن كل طرف يكمل الآخر فقط نحتاج للتركيز على الإنسانية. مسلمون وإسلاميون لا شك أن وجود المهاجرين العرب والمسلمين في الغرب يثير اهتمام أهل هذه البلاد، ومن ضمن الأفلام التي تقترب من الثقافة الإسلامية فيلم "بارك الله فرنسا Qu'Allah Benisse la France" إنتاج فرنسي يعرض حياة مهاجرين أفارقة منهم من يتأثر بالدعاة ويعتنق الإسلام بل ويقع أحدهم في حب شابة عربية ويقرر الزواج منها, فيصطدم بنوع آخر من التمييز! ثم نطمئن لوجود مساحة من التسامح تنجح في تقريب الشعوب، وننتقل لنوعية أخرى تعجب الغرب، فنال الفيلم الروائي الطويل "تمبوكتو"Timbuktu إنتاج موريتاني - فرنسي وإخراج عبد الرحمن سيساكو الجائرة الكبرى بايار الذهبية كأحسن فيلم كذلك جائزة أحسن سيناريو وأثنى على الفيلم رئيس المهرجان جان - لوي كلوز في ليلة الختام وقال إنه فيلم يظهر المحبة والأخاء في الإسلام ويناسب كل أفراد الأسرة، ويتناول الفيلم الأحداث الأخيرة في مالي، عندما يدخل الإسلاميون المسلحون مدينة تمبوكتو، ويفرضون قواعدهم على السكان. إشكاليات الآخر فيلمان يجمعان ما بين الروائي والوثائقي، عن المهاجرين غير الشرعيين الذين يخاطرون بحياتهم وربما يفقدونها بسبب القوارب الصغيرة التي تعبر البحر الأبيض المتوسط، من خلال فيلم "حدوتة معاصرة Un Conte Contemporain" إنتاج تونسي، وفيلم بعنوان "أمل "Hope إنتاج فرنسي عن رحلة الأفارقة الشاقة لعبور الصحراء الكبرى والوصول إلى الجزائر ثم المغرب من أجل الهرب بقوارب صغيرة أيضا وفي هذه المرحلة ربما يتعرضون لإطلاق النار! ونجد أن الغربيين الذين يؤمنون بالحريات لديهم غالبا قيم لا تتجزأ، فالشخصيات العلمانية سواء ليبرالية أم يسارية ولا سيما الفنانين يريدون الحرية المطلقة، فإذا دافعوا عن الأفارقة والعرب والمسلمين عليهم أيضا المطالبة بحقوق المثليين مما يصطدم بمبادئنا أحيانا! ومن أفلام الأقليات نجد على سبيل المثال الفيلم الروائي الطويل "الببر الصغير Bebe Tigre" إنتاج فرنسي، عن مشاكل داخل مهاجرين هنود من السيخ في فرنسا. العرب يغيرون الغرب في 2009 جاء لنفس المهرجان وعرض فيلمه الناجح عن الجيل الثاني من المغاربيين الذي ولدوا في أوروبا من خلال "البارونات Les Barons "، فيظهر ثقافتهم في بروكسل، وفي فيلمه الروائي الجديد "المسيرة La Marche" إنتاج بلجيكي - فرنسي، يستكمل المخرج المغربي البلجيكي نبيل بن يادير هو أيضا مسيرته الفنية والمأخوذة من أحداث يعايشها جيله ويمزجها هذه المرة بالسياسة، وقال إنه تأثر بهذه التجربة جدا، والقصة مأخوذة عن أحداث واقعية جرت في عام 1983، عندما أصابت الشرطة الفرنسية شابا، ولد لأبوين مهاجرين من العرب قرب مدينة ليون، ما يشبه حادث مدينة فيرجسون الأمريكية في أغسطس الماضي.وفي الفيلم قرر الشاب محمد تحويل تجربته لعمل وطني ونظم مسيرة سلمية تنطلق من ليون حتى باريس مرورا ببعض المدن الفرنسية تحت شعار "مسيرة من أجل المساواة وضد العنصرية"، ولم تلق نجاحا في البداية إلى أن وصلت إلى مائة ألف شخص وتمكنت المجموعة التي بادرت بالفكرة بمقابلة الرئيس الراحل فرانسوا ميتران، وحاولت اقتناص بعض الحقوق للمهاجرين! كما شارك بن يادير في لجنة تحكيم الأفلام الطويلة، كما اختير بن يادير راعيا لنشاط كامبوس الذي يُعرف الشباب بالسينما على هامش المهرجان.