العزب الطيب الطاهر فى حواره مع «الأهرام العربى»، أكد د. عبد العزيز بن عثمان بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، أن وعى المصريين وخبرة ووطنية الرئيس عبدالفتاح السيسى هما الضمانة الأساسية لإفشال مؤامرة تقسيم العالم العربى من خلال مشروع الشرق الأوسط الكبير بقيادة أمريكا وإسرائيل، وأن قوة القاهرة مكسب للخليج، و أن عودة مصر لقيادة المنطقة ستعزز العمل العربى المشترك، ونجاح التجربة المصرية سيكون خير ملهم لدول الربيع العربى. هل تتوقع أن يسفر ذلك عن عودة قوية لمصر إلى محيطها العربى والإقليمى وما تصورك لطبيعة ومحددات هذه العودة وتأثيرها على تعزيز التضامن العربى ؟ وما دور الدول العربية خصوصا الخليجية فى تدعيم الدور المصرى عربيا؟ من الطبيعى أن تعود مصر إلى دورها الطبيعى فى محيطها العربى والإقليمى بعد استقرارها السياسى والأمنى والاقتصادى، الذى نأمل أن يتحقق قريباً بعد أن انتخب الشعب المصرى وبأغلبية ساحقة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهذا الاختيار بهذا الإجماع يؤكد الرغبة القوية للشعب المصرى فى الاستقرار والتنمية بعد أكثر من ثلاث سنوات من عدم الاستقرار، وجميع الدول العربية تنتظر استقرار مصر وعودتها إلى دورها الرائد مع شقيقاتها، لأن استقرار مصر يعنى استقرار المنطقة برمتها، وهذا ما أكدته السنوات الثلاث الماضية، كما أن الدول العربية ومن بينها المملكة العربية السعودية تدعم استقرار مصر وتحترم إرادة شعبها واختياراته، وهى دائما تنحاز إلى رغبة الشعب المصرى المستنير القادر على اختيار الطريق الصحيح، لذلك لم تتأخر المملكة قيادة وشعباً عن دعم إرادة الشعب المصرى على مدى التاريخ، وهذا ما تجلى خلال السنوات الأخيرة. أما محددات العودة وتأثيرها على التضامن العربى فإن مصر القوية المستقرة تعزز العمل العربى المشترك، من خلال دورها المحورى وبالتنسيق والتعاون مع الدول العربية الفاعلة والمؤثرة، فمصر ركيزة مهمة لاستقرار المنطقة وعامل توازن إستراتيجى مهم، كما أن مصر دولة ليست توسعية أولها أطماع فى المنطقة ، ولا تتدخل فى شئون الآخرين، وهذه السياسة نفسها تلتزم بها المملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج، فالهدف الرئيسى لهذه الدول هو تجنيب المنطقة ويلات الصراعات والتدخل فى شئون الآخرين والسماح للآخرين بالتدخل فى شئونها. أما عن دور الدول العربية خصوصا الخليجية فى دعم الدور المصرى، فدول الخليج أثبتت وأكدت ذلك دوماً منذ ثورة 30 يونيو، وهى تعلن وتعمل على دعم مصر لكى تتجاوز الظروف الراهنة بكل السبل، فالتنسيق الخليجى المصرى مستمر، وسوف يتطور ويتنامى على المستوى الاقتصادى والسياسى والعسكرى والأمنى وغير ذلك، لأن دول الخليج ومصر تواجه تحديات مشتركة ومصيرا مشتركا، ولابد من التعاون الفاعل والمثمر بين الجانبين، وفى جميع المجالات ناهيك عن القرب الجغرافى وصلات المصاهرة والعلاقات التاريخية والإستراتيجية . هل يشكل وجود السيسى على رأس السلطة فى مصر بداية تحالف جديد فى المنطقة بين مصر والسعودية والإمارات والكويت والبحرين. مصر المستقرة القوية هى دائماً ركيزة وسند للأمة العربية ولدول الخليج، والتاريخ يؤكد ذلك فجميع الدول العربية تعرف أهمية الدور المصرى فى حفظ الاستقرار ومساندة قضايا الأمة العربية العادلة، ومن بين هذه القضايا قضية الأمن العربى فى منطقة الخليج، خصوصا أن هذه المنطقة حساسة ومهمة للعالم ولمصر تجربة مهمة فى تحرير دولة الكويت من الغزو العراقى عام 1990م، ودول الخليج لن تنسى الدعم المصرى لتحرير الكويت، وأعتقد أن وجود قيادة فى مصر لها دراية كبيرة بالأمن القومى العربى وتحدياته ممثلة بالرئيس عبد الفتاح السيسى فى هذه المرحلة، سوف يحقق العديد من المكاسب لمصر ولدول الخليج، وتصريحاته التى أدلى بها بشأن الأمن فى الخليج تجسد رؤيته الإستراتيجية المهمة، وتؤكد مدى وعيه وإدراكه للتحديات التى تواجه دول المنطقة، وهذا يدعم الاستقرار لكل الدول العربية ودول الخليج بالطبع . إلى أى مدى تعتقد أن مصر فى ظل رئاسة السيسى ستكون قادرة على إجهاض ما يسمى بالشرق الأوسط الكبير الذى روجت له الإدارة الأمريكية وسعت إلى تطبيقه فى المنطقة على نحو يحقق مصالحها من خلال التحالف مع تيار الإسلام السياسى خصوصا جماعة الإخوان المسلمون ؟ أعتقدأن وعى الشعب المصرى ، ووعى شعوب الدول العربية عامة ودول الخليج خاصة خير ضمانة لإفشال المؤامرات الخارجية، وهذا الوعى هو خير سند لزعماء دول المنطقة فى التصدى للمؤامرات الخارجية، ومنها المؤامرة الكبرى التى أُطلق عليها الشرق الأوسط الكبير والذي هدفه إطلاق يد إسرائيل وإيران فى المنطقة، وهذا ما نراه اليوم فى العراق وسوريا و فى اليمن وغيرها من الدول العربية التى تعرضت للأحداث الأخيرة المعروفة إعلامياً باسم الربيع العربى ، وأعتقد أن مصر فى ظل قيادة الرئيس السيسى ستكون لديها قدرة كبيرة على التصدى لهذه المؤامرة وإفشالها وعدم تمريرها ، فللرئيس السيسى تاريخ ناصع فى المؤسسة العسكرية المصرية صاحبة التاريخ المشرف . هل يمكن لمصر فى ظل قيادتها الجديدة استعادة وضعية الدولة المركز فى الإقليم العربى وهل باتت هذه الوضعية مطلوبة وهل يمكن أن تقدم نموذجا للخروج من حالة الاحتقان التى تواجهها دول الربيع العربى ؟ من الطبيعى أن دور مصر مهم ومؤثر ودورها لن يستطيع أن يضطلع به غيرها وهذا ما أكدت عليه القيادة السعودية مراراً، وبالتأكيد أن نجاح التحول السلمى فى مصر سيكون نموذجاً مهماً لبقية الدول العربية، فالمؤسسة العسكرية المصرية الوطنية قامت بحماية ثورة 30 يونيو ، كما قامت من قبل بحماية ثورة 25 يناير ، وهذا مثال جيد للقوات المسلحة الوطنية التى تساند الشعوب ولا تكون عقبة فى طريقها، إضافة إلى أن مصر تؤثر فى محيطها العربى والإفريقى منذ زمن بعيد من خلال القوة الناعمة التى تمتلكها وتتميز بها، وكانت مصر دائماً مصدر الإشعاع العلمى والثقافى والحضارى وهى النموذج الذى يُحتذى، ولذلك فإن نجاح التجربة المصرية سوف يؤسس لاستقرار دول ما يسمى بدول الربيع العربى إذا استلهمت هذه الدول التجربة المصرية.