جيهان محمود استهدف المجلس القومى لحقوق الإنسان التحقق من مدى احترام أحكام مشروع قانون إنشاء مجلس النواب الذي طرحته الدولة للحوار المجتمعى، لأحكام لحقوق الإنسان المصرى المقررة بمقتضى أحكام الدستور والمعاهدات والاتفاقيات الدولية التى إنضمت وصدقت عليها مصر، ويرى المجلس وجوب تنظيم الطعن فيمن يعينون أعضاء بمجلس النواب بقرار من رئيس الجمهورية. وقد اعتمد المجلس القومى لحقوق الإنسان فى بحثه للمشروع على النسخة التى أعلنتها الدولة بغير إلتفاف إلى ما تردد حول إدخال بعض التعديلات عليها، إذ أن ذلك كله لم يصل إلى علم المجلس على وجه اليقين. ووضح من البحث لهذا المشروع: أولا : نصت المادة السادسة من المشروع على أن (يشترط لإستمرار عضوية أعضاء مجلس النواب أن يظلوا محتفظين بالصفة التى تم انتخابهم على أساسها فإذا فقد أحدهم هذه الصفة أو إذا غير العضو انتماؤه الحزبى المنتخب عنه أو أصبح مستقلا أو صار المستقل حزبيا أُسقطت عنه العضوية بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس) ويبين من نص هذه المادة إنها حظرت على العامل أو الفلاح تغيير الصفة التى تم انتخابه على أساسها (عامل أو فلاح)، كما حظرت على النائب تغيير إنتمائه الحزبى الذى انتخب على أساسه. وقد يجد لحظر تغيير العامل والفلاح مبررا مشروعا فى الاحتفاظ بنسبة العمال والفلاحين فى المجلس إعمالا لأحكام الدستور. أما حظر الإنتماء الحزبي فإنه لا يجد له سندا فى أحكام الدستور، بل يتعارض مع حق من حقوق الإنسان الأساسية، وهو حرية الرأى التى كفلها الدستور للمواطن المصري، وذلك نظرا لأن أعمال هذا الحظر قد يفرض على النائب أن يستمر عضوا فى حزب أصبح لا يؤمن بمبادئه حتى يفقد عضويته فى مجلس النواب. ويرى المجلس أن حظر تغيير الانتماء الحزبي المنصوص عليه بهذه المادة يتعارض مع حق أصيل من حقوق الإنسان المصرى. ثانيا : عرفت المادة الثانية من المشروع، العامل والفلاح فى مجال تطبيق أحكام هذا القانون، والترشيح بهذه الصفة لعضوية مجلس النواب، وقد اشترطت فيمن يرغب فى الترشح بصفته عاملاً عدة شروط، من بينها: أن يكون عضوًا فى نقابة عمالية، أى جعلت الانضمام إلى نقابة عمالية شرط لازم للإعتراف للمرشح بأنه عامل، وبهذا جعل المشروع الإنضمام للنقابة العمالية إلزامي، ويتعارض هذا تماما مع اتفاقية الحرية النقابية (87) المعقودة فى عام 1948، وانضمت وصدقت مصر فى عام 1957، والتى تحظر إكراه العامل على الانضمام لنقابة عمالية، ولذا فإن المجلس يرى وجوب حذف هذا الشرط لتعارضه مع أحكام اتفاقية دولية انضمت وصدقت عليها مصر. ثالثا : أوجبت المادة العاشرة من المشروع على طالب الترشيح أن يقوم بإيداع تأمين نقدي. ويخشى المجلس أن تكون قيمة هذا التأمين حائل بين المواطنين وبين ممارسة حقهم الدستورى فى الترشيح لعضوية مجلس النواب، ويوصى المجلس بتخفيض قيمة هذا التأمين إلى قدر لا يحول بين المواطن البسيط وممارسة حقه الدستوري. رابعا: أجاز المشروع لرئيس الجمهورية أن يعين عدد لا يجاوز 5 % من عدد أعضاء مجلس النواب، وحددت المادة (28) من المشروع ضوابط ذلك، ونصت المادة (29) من المشروع على أن يكون المقيدين ذات الحقوق وعليهم ذات الواجبات المقررة للأعضاء المنتمين بالمجلس، ومع ذلك فإن المشروع نظم الطعن فى صحة عضوية أعضاء مجلس النواب المنتخبين، ولم ينظم الطعن فى صحة عضوية الأعضاء المعينين بالرغم من إنه قد يكون لدى أى مواطن طعن فى صحة تعيين أحد النواب المقيدين لعدم استيفائه لأحد ضوابط التعيين المنصوص عليها بالمادة (28) من المشروع. وفى هذا إخلال بحق من حقوق المواطنين المقررة فى الدستور التي تجيز للمواطن الحق فى الإعتراض على انتخاب أو تعيين من لا يتوافر فيه شروط عضوية مجلس النواب.