عادل أبو طالب اكد المشاركون في مؤتمر تطور العلوم الفقهية في عمان الثالثة عشرة التي تقام فعالياتها هذا العام في سلطنه عمان تحت عنوان ( الفقه الإسلامي : المشترك الانساني و المصالح ) على ضرورة تجديد الوعيِ بالتقليدِ الفقهيِ الإسلاميِ الكبير- والعملُ بالبحثِ العلمي الجادّ على الإفادةِ منهُ في الحاضرِ- والانفتاحُ على التأويلِ والتجديدِ وعلى العالم الأَوسع. وألقى الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن سليمان السالمي رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر كلمة وزارة الاوقاف والشؤون الدينية في سلطنه عمان قال فيها أن المشتركُ الفطريُّ والإنسانيُّ في الإسلام يتجلى مِن خلالِ أَمرينِ اثنينِ هما القيَمُ القرآنيةُ والمصالحُ الضَروريةُ لدى علماءِ أُصولِ الفِقه.. أمّا القيَمُ القرآنيةُ فأساسياتها الواردة في القرآن الكريم هي المساواُة والرحمةُ والحُرَّية والكرامةُ والعدلُ والتعارفُ والخيرُ العام وأمّا المصالحُ الضَروريةُ فتتمثل في الحقوقُ الخمسةُ وهي حقُّ النفسِ وحقُّ العقلِ وحقُّ الدينِ وحقُّ العِرضِ وحقُّ الملك. وأوضح أن الاجتماُع الإسلاميُ ظهر قبل بدءِ التنظير لهُ وكانت تجربةً مشتركةً بين الأطراف الثلاثة وهي القرآنُ الكريمُ والسَنّةُ النبويةُ ومجتمعُ المدينةِ المنوَّرةِ الأول والسلطةُ المتكوِّنةُ والتي سمَّاها المسلموَن الأوائل الخِلافةً، تيمُّناً بالمصطلحِ الواردِ بصيغٍ متعددةٍ في القرآنِ الكريم قائلا أنه ولأنّ القيمَ القُرآنيةَ كانت حاضرةً في الأذهان وطرائق تقاليدِ العيشِ فسُرعان ما انصرفَ لمتُكلِّمونَ في القرنِ الثاني الهجريِ للتأمُّلِ فيها والتنظيرِ لها في المبحثِ الذي عُرف باسم "الذاتِ والصفاتِ". وأشار الى أن الفقهاءَ المهتمينَ بقضايا العيشِ الإنساني في المجتمعِ الجديدِ تَناولُوا بعضاً آخَر مِن تلكَ القيمِ .. وكما صارت مَقولاتُ المتكلِّميَن مَبادئَ تتعلَّقُ بالإيمانِ والتوحيدِ والتنزيهِ فإنَّ جواباتِ الفقهاءِ وفتاويهم وأحكامِهم القضائيةِ تحَّولَت إلى نُظُم. وهذانِ الأمرانِ وهما المقولاتِ والمبادئُ من جهة والنُظُم من جهةٍ أُخرى وهي التي تُشكِّلُ مُجَملَ بحوثِ ودراساتِ الندوةِ الفقهية الثالثةَ عشرةَ مِن نَدَواتِ تطور العلوم الفقهية لهذا العام . من جانبه قال رئيس اللجنة المنظمة للندوة أنَّ المباحثَ الكلاميةِ التي جدَّدتِ الوعيَ بمنظومةِ القيمِ القرآنيةِ وتأويلاتهاِ ما لبثتْ تجلياتُها أنْ اتضحتْ باكتمالِ ظهور فئةِ الفقهاءِ والتي ترتَّبَ على اجتهاداتهِا أمرانِ هما تطوّرُ المؤسسةِ القضائيةِ القويةِ لِصَونِ العدالةِ واكتمالُ ظهورِ نظريةِ المصالحِ الضَروُرية . من جانبه أكد فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان أن هذه الندوة بنسخها الماضية وبنسختها الحاضرة تسعى الى بعث رسالة إلى الناس كافة بأن الدين الإسلامي جاء بمبادئ تتطلع لها الإنسانية اليوم (الأحد 6 أبريل/نيسان) وهذه المبادئ هي أسمى ما يمكن أن تصل إليها الحضارة الإنسانية تقوم على أسس العدل والحرية والتسامح والحوار وعلى تكريم هذا الإنسان وتوفير حقوقه وإرساء هذه المبادئ في واقع حياة الناس وهذا يعني أن أصحاب المبادئ وأهل الحق والخير والدين سيتعرضون للابتلاءات ولهذا فإن على أهل الدين والحكمة والبصيرة أن يوقنوا انهم سيبتلون تمحيصا لهم ورفعا لدرجاتهم وإقامة الحجة لهم على غيرهم. وأضاف مساعد المفتي العام للسلطنة إن واقع المسلمين اليوم هو جزء من نواميس الله في خلقه وان التدافع بين الحق والباطل وبين الخير والشر وبين الصلاح والفساد إنما هو جزء من نواميس هذه الحياة موضحا أنه حتى ولو بلغ الحال بهذه الأمة لأن يمزق أبنائها أحشاء جسدها المنهك فإن هذا لا يعني أن هذه الأمة على وشك أن تذبل أو تموت فإن فترات من الضعف يمكن أن تمر بالأمة لكنها لا تموت إنما هي بداية لانبعاثه جديدة تجدد فيها هذه الأمة اجتهادها اللازم لخروجها من أزماتها التي تمر بها لتنطلق بعد ذلك باعثة لرسالة الرحمة والإنسانية والعدالة والمساواة في هذه الأرض كونها صاحبة رسالة تنطلق للعالمين جميعا. يناقش المؤتمر الذي تقام فعالياتها هذا العام تحت عنوان ( الفقه الإسلامي : المشترك الانساني و المصالح ) 68 ورقة عمل تتناول محاور القيم القرآنية في مجال الفقه وأصوله والعدل و الرحمة والآثار الفقهية والمساواة في المواثيق الدولية من منظور إسلامي وما يتصل بمؤسسات العدل في الإسلام و حقوق المحاربين في الفقه وحقوق الطفل في القرآن الكريم وحقوق الانسان ومقاصد الشريعة الإسلامي والرؤية الفقهية حول اعلان الاستقلال الأمريكي و الإعلان الفرنسي و الاعلان العالمي وحقوق الانسان بين الاعلانين العالميين والمشترك الانساني عند ابن بركه والفارابي والعز بن عبد السلام وابن حزم والنائيني والقطب والامام نور الدين السالمي والشيخ علي يحيى معمر والشيخ أحمد الخليلي وأثر الفقه الإسلامي في القانون الانجليزي والفرنسي والاسباني. ويشارك في أعمال المؤتمر فضيلة مفتي مصر د. شوقي علام و عدد من وزراء الأوقاف والشؤون الدينية والمسؤولون عن الإفتاء في عدد من الدول العربية والإسلامية وعدد من العلماء والمفكرين .