أشرف بدر تبت يدا من زرع الفرقة والموت والخراب والدمار وجعلنا جميعا أهدافا مباحة للإرهابيين القتلة الذين يتمسحون بالدين وهو منهم براء، فصارت مشاهد الدماء والأشلاء والجثث المحترقة والمبانى والمنشآت المدمرة إلى آخر ما فى سجل العنف النابع من بؤر التحريض والكراهية وتوظيف الدين للسياسة، تملأ حياتنا وتنغص علينا معيشتنا . تبت يدا كل "الخوارج والطائفيين" الذين أداروا ظهورهم لوطنهم وحرقوا الجامعات، ودنسوا محراب العلم، ورفعوا شعارات تمجد القاتل المغتصب، وقبلوا أن يكونوا مجرد أداة لقتل إخوانهم بعد أن أغوتهم شياطينهم من الجن والإنس، وزيّنوا لهم سوء أعمالهم، فسقطوا بجهلهم فى الضلال البعيد، وهم يحسبون أنهم يُحسنون صنعا. تبت يدا كل الانتهازيين الذين يراقبون إلى أين ستميل الكفة كى يلحقوا بالفائز فيها، فراحوا يقدمون قدما ويؤخرون أخرى، بل إن بعضهم علق ظهوره ووجوده على الساحة حتى لا يحسب على مرشح أو فصيل يدعمه دون آخر، خوفا من خسارة الامتيازات والحصانات التى حصلوا عليها زيفا وخداعا بعد سرقتهم ثورة الشباب وارتدائهم ثياب الثوار، محاولين إطالة عمر هذا الانتفاع، دون أن يتعظوا بالتاريخ وما روى عن آخر ملوك الأندلس "عبد الله الصغير" الذى باع كرامته إلى الغزاة كى يطيل عمره ليوم أو أكثر، ففقد الكرامة والعمر والتاريخ دفعة واحدة. تبت يدا كل المتخفين الصامتين فى ذروة مأساة مصر، الذين ينشغلون بالصداقة مع الأمريكان وتبجيل فساد المسئولين السابقين، فهؤلاء أشد خطرا من الإخوان الذين عرفنا خستهم ونذالتهم، أما هؤلاء فيشعلون الدنيا حماسة فى حب الوطن فى الظاهر، وفى الباطن يحيكون المؤامرات بليل لعرقلة خارطة الطريق، وعدم نهوض مصر من كبوتها ويراهنون على مزيد من جثث المصريين ودمائهم لتحقيق مكاسب سياسية، ويرون أن تدمير المؤسسة العسكرية والأمنية هو طريقهم للمزيد من المكاسب !! هذا العدو الخفى علينا أن نجتثّه من فوق تراب وطننا، ولن يكون ذلك إلابالتسلّح بالإرادة والعزيمة، ونكون على أعلى مستوى من المسئولية الدينية والوطنية، ونعمل على نجاح ثورتى 25يناير و30يونيو، حيث إنه منذ فجر ثورة 25 يناير ونحن لا نزال نقبع فى حفرة تصادم رؤى النخب السياسية، التى تجعل بلادنا فى حالة أشبه بلعبة السلم والثعبان، ما إن نبدأ فى تسلق سلم «خارطة الطريق»، حتى يأتى ثعبان إشعال الحروب الداخلية الوهمية، فيرجعنا إلى نقطة «الصفر»، ومع ذلك فلم ولن يكون اليأس هو سيد الموقف، فللديمقراطية حراسها الذين يدركون جيدا أن التحول الحقيقى نحوها وما يتيح من حريات، هو المدخل الوحيد القادر على حل أكثر النزاعات تعقيدا، وإصلاح ما تخرب وليس بتطبيق الحدود والشرائع والقوانين وحدها . فلقد نصح علماء السودان، الرئيس الأسبق جعفر النميرى بتطبيق الشريعة، فجلد، وقطع، وقتل، ولم تتحقق الشريعة، وفى النهاية أطيح بنظامه.. وعندما قامت ثورات العالم العربى لم تطالب بالشريعة، ولكنها طالبت بالحرية، وإطلاق سراح المعتقلين، والكرامة لجميع المواطنين.. ولعل العقلاء من يختارون "رئيسا" يتراضى عليه الجميع، لا يستمد قوته من عقيدة الأغلبية، حتى يحفظ حقوق الأقليات، ولايعتمد على القهر، والبطش، وإنما على توسيع الحريات، وإشاعة السلام، ويفتح المنابر الحرة، حتى نتحاور فى كل قضايا الوطن، بما فيها الفهم الإسلامى المتخلف، الذى يصر عليه من سموا أنفسهم "الإخوان".. وهذا لا يفهم أننا ضد تطبيق الشريعة الإسلامية، وإنما ضد من يقوم على تطبيقها بالمفاهيم الخاطئة. نحن اليوم أمام مفترق طرق، وعلينا أن نختار .. إما الانتصار لأنفسنا ووطننا.. وإما الرضوخ والاستسلام لهؤلاء القتلة المأجورين الذين يتربّصون بنا؟ فلم يعد هناك مجال لأنصاف المواقف ولغة الدبلوماسية فى التعامل مع الجماعات الإرهابية. كما لم تعد بيانات الإدانة والاستنكار تكفى لكبح جماحهم ووقف جرائمهم البشعة، ولم يعد تحوير ثقافة الموت المجانى إلى تقديس الحياة تنطلى على أبناء الشعب المقاوم لكل أنواع التطرف والبلطجة. صحيح أن آمالنا كلها معلقة بإرادة الله، فلا ربيع أتى بخير، ولا أرض لم تسق بالدم حتى الآن، والأمثلة ماثلة أمامنا فى ومصر وليبيا وغيرها من بلدان الثورات.. إلا أن المصريين الشرفاء الذين قهروا التتار والصليبيين ومخططات أمريكا وحلفائها بقوة إيمانهم، سينتصرون أيضا على جيوش المنافقين والمهرجين والمغفلين والمرتزقة الذين يطبلون ويزمرون ويدافعون عن مصالحهم، ألا تباً لهم وتعساً، كما تبت يدا أبى لهب .