أحمد سعد الدين أثار الإعلان عن قرب عرض الفيلم الأجنبى الذى يجسد فيه الممثل راسل كرو شخصية سيدنا نوح، ويخرجه دارين أرنوفسكى، ضجة كبيرة وموجة من الاعتراض والجدل، تذكر بما حدث أثناء الإعلان عن عرض فيلم «آلام المسيح « للمثل ميل جيبسون. الأزهر بدوره كأكبر مؤسسة دينية أصدر بيانًا شدد فيه على «عدم جواز عرض الفيلم.. الذى يجسد شخصية رسول الله نوح.. وأنه أمر محرم شرعا».. وعلى الجانب الآخر تطالب «جبهة الإبداع المصري» بعرض الفيلم بحجة أن فكرة تحريم تصوير وتجسيد الأنبياء فى الأعمال الفنية «مازالت حتى الآن.. اجتهادا من الشيوخ والفقهاء... اجتهادا فى التأويل»، لكن الأزهر أوضح فى بيانه أن عرض هذا الفيلم «محرم شرعا ويمثل انتهاكا صريحا لمبادئ الشريعة الإسلامية التى نص عليها الدستور والأزهر الشريف، باعتباره المرجعية فى الشئون الإسلامية». وفى أعمال فنية سابقة ثار حولها نفس الجدل، نجد دائما الرقابة على المصنفات الفنية تعامل مع الأمر وفقا للقانون، وهو ما ينبىء بمنع عرض الفيلم فى مصر. طرحنا هذا الجدل على عدد من المهتمين بالفن، وكانت البداية مع المخرج خالد يوسف الذى قال: نحن فى القرن الحادى والعشرين ولسنا فى أيام الجاهلية، وفيلم نوح عمل فنى له أبعاده ومقاييسه التى يقاس بها مقدار تمييزه من عدمة، فلماذا نقيس الأمور بمقاييس أخرى تستند على الحرام والحلال؟ فى رأيى أن الأزهر أقحم نفسه فى مسألة لا ناقة له فيها ولا جمل لأنها ليست فتوى، وإنما رأى كان من الأفضل أن يقول إن رأى الأزهر يرفض ظهور الأنبياء، ويقول إن ما يشاهده يتحمل معصية، برغم أن الفيلم ليس مصريا وهناك ملايين الناس شاهدوه، بالإضافة إلى أن الديانة المسيحية والهودية لا تحرم ظهور الأنبياء والرسل, فلماذا نحجر على رأى الآخرين؟ فى نفس الوقت الدستور الجديد يكفل حرية الرأى والإبداع، ولماذا نقيس الأمور الفنية بقاييس دينية؟ وفى رأيى أن الفيلم سوف يعرض قريبا لأن الدنيا لن تقف على رأى استشارى وليس إجبارى، وعلينا أن نضع فى الاعتبار أن حرية الرأى لها ثمن كبير وعلينا أن ندافع عنها. على الجانب الآخر قال د. محمد وهدان وكيل الأزهر، إنه يجب أن يعلم الجميع أن الأزهر ليس له مصلحة فى عرض فيلم أو منعه، وإنما هناك مبادئ عامة يستفتى فيها الأزهر، وعندما تعرض مشكلة ما على لجنة الفتوى يتم اللجوء إلى القرآن والسنة ثم إجماع العلماء، وقد أجمع العلماء أن تجسيد الأنبياء والصحابة المبشرين بالجنة لا يجوز وعلى هذا الأساس جاء رأى الأزهر، وهناك عدة اجتهادات فى هذا الشأن، أولها أن الممثل الذى يجسد الشخصية قد يجسد شخصية أخرى تشرب الخمر أو ترقص بشكل خليع، وهو ما يتنافى مع من يأخذونه قدوة، الأمر الأول أن الممثل الذى يجسد الشخصية عليه ألا يعمل بعدها ولا يشترك فى أعمال أخرى قد تقلل من شأن الشخصية الصحابية التى جسدها، أما من أفتى بحرق دور العرض التى تعرض الفيلم، فأعتقد أنه ليس عالما ولا يمت للإسلام بصلة، لأن الإسلام دين سماحة ولا يحرض على الحرق والقتل وما شابه ذلك، وأيضا الأزهر الشريف لا يصدر أحكاما، لكن هو يقول رأيه إذا طلب منه أما مسألة تنفيذ هذا الرأى فتسأل فيها الأجهزة الحكومية. أما الناقد طارق الشناوى فقال: اعتدنا مثل هذه الضجة كل فترة فقد سبق منذ حوالى عشر سنوات افتعال أزمة كبيرة بسبب فيلم "آلام المسيح" لميل جيبسون والذى كان يجسد دور المسيح وأمه وقامت الدنيا ولم تقعد وفى النهاية اتخذ قرارا بعرض الفيلم فى السينمات وحصل على نسبة مشاهدة عالية، أما فيلم "نوح" فأنا أرى أن هذه الضجة لا تستند إلى أساس، لأن الأزهر تحدث عن فيلم لم يشاهده حتى الآن فعلى أى أساس تمت الفتوى؟ ثم سمعنا شططا فى الحديث أن هناك أحد الشيوخ أفتى بحرق السينمات التى تعرض الفيلم، فكيف تخرج مثل هذه الفتاوى من الأزهر الوسطى صاحب الدعوة السمحة؟ وعلينا أن نعترف بأن الوسائل العلمية والإلكترونية الحديثة لم تعد تخفى على أحد فمنع عرض فيلم يتبعه نسبة غير مسبوقة من المشاهدة على الإنترنت، وعلينا أن نعترف أن بعض الأعمال قد نالت نسبة كبيرة من المشاهدة برغم أنها جسدت الأنبياء مثلما حدث مع مسلسل يوسف الصديق منذ سنوات، وأيضا مسلسل عمر بن الخطاب الذى أخرجه حاتم على، وهنا يأتى التساؤل الأهم هل أضافت هذه الأعمال بعدا جيدا أم أساءت للدين؟ وهل كفر أحدا من المشاهدين بعد مشاهدة فيلم «الرسالة» مثلا أم كانت شخصية "حمزة بن عبدالمطلب" مثلاً أعلى للشاب؟ علينا أن نتعامل مع الأمور بمنطقية وليس بالعاطفة فقط.