الطيب الصادق عقدت المنظمة العربية للتنمية الإداية بالقاهرة محاضرة تحت عنوان (إدارة التاريخ بين التأثير والتأثر) وقدمها بسام الشماع الباحث المصري التاريخي وذلك برعاية مجلة (إدارة) التابعة للمنظمة. وقال الدكتور رفعت الفاعوري مدير عام المنظمة في كلمته أن دراسة التاريخ مهمة في كل جوانب الحياة وعلى الأخص الإدارة مشيرا إلي أن تاريخ العرب والمسلمين أكبر شاهد على نجاحهم في إدارة الدولة لُتبنى تلك الحضارات التي بقت شاهدا على هذا النجاح والتفوق الإداري حتى عصرنا هذا. وأضاف أن هذه المحاضرة تأتى في إطار الجهود التي تقوم بها المنظمة العربية للتنمية الإدارية نحو عقد سلسلة من الندوات والمحاضرات واللقاءات التي تتناول عددًا من الموضوعات ذات الأهمية في الجانب الإداري والتطويري، في جميع القطاعات بالدول العربية بما يسهم في تحقيق تنمية إدارية عربية تدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة مشيرا إلي أن اختيار هذا الموضوع لما له من أهمية في تسليط الضوء على الجوانب التاريخية للإدارة في عالمنا العربي وتأثيرها على التنمية في حياة الشعوب. وبدأت الندوة بتحدث بسام الشماع عن التاريخ بين مختلف الحضارات الأشورية والفينيقية والمصرية والإسلامية موضحا مدى ارتباط الإدارة ببناء تلك الحضارات وأعطى أمثلة من نماذج كثيرة حول هذا التاريخ ليوضح ان تلك الحضارات قامت على العلم وليس على السوط "فالسوط قد يحرك العبيد لكن لا يحقق الإبداع" الذي رأيناه عبر الحضارات . وتسائل : هل الإدارة علم أم فن ؟ وإجاب أنها الاثنين فعند النظر إلى المصري القديم أو الإنسان في التاريخ الإسلامي والعرب كلهم يجمعهم شئ واحد الإبداع والإتقان في العمل، لافتا إلي أن أقدم جامعة في العالم كانت في الشرق وهي جامعة القرويين في فاس وبنتها فاطمة بنت محمد الفهري القيروني ومن شمال أفريقيا إلى العرب الذين تعلموا إدارة المياه وتجميعها في وقت نزول الأمطار مما يوضح أن أصل هذه الحضارات كان إدارة الموارد الطبيعية حتى قبل نشأة الحضارات، بل إن وجود الكتابة على جدران المعابد والتماثيل والشجر وفي كل مكان يوضح مدى ارتباط العلم بالحضارات. ولفت النظر إلى أن التاريخ مجد العديد من الشخصيات التي أحسنت إدارة الدول ومنهم إموحتب ومعناه الرجل الذي يأتي في سلام وكان رجل غير فاسد عنده رجل دولة من الطراز الأول، وقد ظهر إمحوتب سنة 2800 قبل الميلاد في التاريخ الفرعوني القديم على أنه الرجل النابغة فهو أول مهندس معماري وأول طبيب معروف الاسم في التاريخ المدون بالإضافة للعديد من المجالات حتى إن البعض اعتبره صانع الأعاجيب. وأوضح أن إمحوتب عمل في القصر الملكي كمهندس للملك "زوسر" فصمم هرم زوسر المدرج في سقارة مصر حوالي 2630 ق.م. - 2611 ق.م. في الأسرة الثالثة كما كان لعمل إمحوتب بالقصر الملكي بالإضافة لكونه مهندسا معماريا حصوله على العديد من الوظائف والامتيازات التي يحلم بها العديد والتي تقتصر على الأسرة الحاكمة فقط، وقال الشماع" كيف نتكلم عن الإدارة في التاريخ وننسى دير المدينة الذي يقع على الضفة الغربية لمدينة الأقصر و الذي بني خصيصا لتكريم العمال الذين شاركوا في بناء الكثير من المواقع الرائعة في مدينة طيبة القديمة. وسوف تجد في مجمع دير المدينة معبدا" صغير الحجم فائق الجمال وهو معبد بطليموسي.وقد بني هذا المعبد على أعلى نقطة مقارنة" بالمعابد الأخرى المبنية في عهده، تم بناؤه وزخرفته في القرن على يد بطليموس الرابع والعديد ممن خلفوه ليكون مكرسا" لعبادة الآلهة حاتور وقد ظل هذا المعبد حتى اليوم في حالة جيدة جدا محتفظا بحالته الأصلية.ويعتبر المعبد فريدا" من نوعه ذلك لأنه كان قد بني بصفة أساسية للعمال، وبالتالي فهو يضم بعض السمات والخصائص المتعلقة باحتياجاتهم، وهو يعتبر أيضا" واحدا" من آخر المعابد المحاطة بجدار من قوالب الطوب الطيني والتي لا تزال قائمة حتى اليوم فهل يوجد تكريم أكثر من هذا ولا تزال الرسومات والكتابات الهيروغريفية للمعبد سليمة لم تمس ومحتفظة ببعض ألوانها الأصلية. يذكر ان المحاضر بسام الشماع من أبرز الباحثين في التاريخ بالمنطقة العربية، وعضو اتحاد الكتّاب، وله مجموعة من المؤلفات باللغتين العربية والإنجليزية من أهمها "البحث عن الحقيقة"، و"مصر الحضارة"، كما أنه حاصل على العديد من شهادات التقدير من الولاياتالمتحدةالأمريكية، فضلا عن العضوية الشرفية لجمعية الآثار المصرية بجنوب أفريقيا.