ا ش ا تحل هذه الايام الذكرى التاسعة لكارثة أمواج المد العاتية (تسونامي) في المحيط الهندي، والتي أدت إلى خسائر هائلة في منطقة جنوب وجنوب شرق آسيا. وقد تكبدت اندونيسيا النسبة الاكبر من الخسائر في الممتلكات والضحايا. وقد صارت باندا أتشيه، عاصمة إقليم أتشيه الاندونيسي، اليوم مدينة صاخبة تضم متحفا وسفينة كبيرة كانت الأمواج العاتية حملتها إلى اليابسة، ضمن القليل من المعالم التي تذكر بالكارثة. وقد عادت الحياة إلى طبيعتها بالنسبة لكثير من الناجين من الكارثة الطبيعية التي أودت بحياة عشرات الالاف، ولكن لا يزال آخرون يعانون بسبب افتقادهم للمسكن المناسب. وتقول ناندا سوهادا، التي توفي والدها وشقيقها وجدتها عندما جرفت الموجة العملاقة الحي الذي كانوا يقطنونه في باندا أتشيه :"لن أنسى هذا اليوم ماحيت .. كانت تجربة مروعة". وتعمل سوهادا حاليا مرشدة على سفينة كانت ذات يوم محطة طاقة عائمة وتحولت إلى معلم من معالم تسونامي، ومزارا سياحيا. ودفعت الأمواج بالسفينة التي تزن 2600 طن إلى الشاطئ لمسافة ثلاثة كيلومترات. وتضيف سوهادا : "يمكنني أن أخبر الزائرين بما حدث بالتفصيل خلال تسونامي لأنني رأيته كله بنفسي.. ويوفر هذا العمل حياة كريمة لي". وووفقا لسوهادا، يتردد مابين 500 إلى ألف زائر على السفينة يوميا، وبينهم أجانب. ووقع تسونامي يوم 26 كانون أول/ديسمبر 2004 ، نتيجة زلزال قوي قبالة سواحل جزيرة سومطرة الاندونيسية ، ليودي بحياة حوالي 170 ألف شخص في أتشيه، وجرفت منطقة الساحل بطول 800 كيلومتر. واليوم ، صارت باندا أتشيه عاصمة الإقليم مدينة مزدهرة بزغت مبانيها الجديدة ، مثل مجلس البلدية الفاخر والفنادق ومراكز التسوق، بدلا من الدمار. ويمثل المتحف العصري المكون من أربعة طوابق ، والذي شيد عام 2009 ، معلما رمزيا للكارثة ، وقد صمم سقفه على شكل موجة عالية. ووصفت جهود مواجهة الكارثة بأنها نموذج ناجح للتعاون الدولي. وبحسب بيانات الحكومة ، منذ وقوع تسونامي، تم تشييد أكثر من 130 ألف منزل، وإقامة 250 كيلومترا من الطرق و18 مستشفى جديدا والعديد من مشروعات البنية التحية الاخرى . وأعيد تأهيل أكثر من 80 ألف هكتار من الأراضي الزراعية أو جرى تطهيرها لتستخدم من جديد، فضلا عن إنشاء أحواض أسماك مساحتها 15 ألف هكتار. كما دفعت الكارثة الحكومة الإندونيسية إلى اتخاذ خطوات لتعزيز جهود الاستعداد لمواجهة الكوارث. ويقول سوتوبو نوجروهو المتحدث باسم الوكالة الوطنية لإدارة الكوارث ، والتي أسست في أعقاب كارثة تسونامي ، إنه "منذ وقوع تسونامي ، زادت بشكل هائل قدرتنا على التعامل مع الكوارث". وقد تضاعفت الميزانية السنوية لمواجهة الكوارث بعشرة أمثال عنها منذ خمسة أعوام ، من 300 مليار روبية (6ر24 مليون دولار) إلى 3 تريليون روبية (246 مليون دولار). وتم تأسيس وكالات محلية لإدارة الكوارث في أكثر من 400 مقاطعة بأنحاء البلاد. ويمكن للنظام المتقدم للتحذير من تسونامي ، والذي أنشئ بمساعدة الحكومة الألمانية ، أن يصدر تحذيرا بعد أقل من خمس دقائق من وقوع أي زلزال. وتجري تدريبات دورية على مواجهة تسونامي في سومطرة . وقال نوجروهو "لا يزال هناك مشكلات في تعزيز القدرة على مستوى المقاطعات، نظرا لعدم كفاية التمويل المحلي". ولكن الأمور تحسنت بقدر يسير بالنسبة لبعض الناجين من تسونامي. ولا تزال 20 أسرة تعيش في ثكنات مؤقتة بقرية يولي لهوي على ساحل باندا أتشيه ، لأنه ليس لديهم مساكن دائمة. ويقول برهان ، وهو أحد الصيادين الذين يقيمون في أكواخ خشبية متهالكة مع أسرهم في يولي لهوي منذ دمرت الموجة القرية: "لا يهتم أحد بنا رغم أننا ضحايا تسونامي". وأنشأت الحكومة ميناء وخدمة عبارات تربط باندا أتشيه وجزيرة سابانج، كما تكونت بحيرة صغيرة يمكن للأسر التنزه فيها خلال عطلات نهاية الأسبوع، أو قضاء أوقات في المقاهي القريبة منها . وجرى تمهيد الطريق الذي يربط المدينة بالميناء ، بخلاف الأكواخ الخشبية التي يعيش بها برهان وجيرانه. ويضيف برهان: "كان من المفترض أن نتسلم منازل جديدة ، ولكن حصل عليها آخرون.. وانتهى بنا الحال حيث ترى".