دينا توفيق مختار نوح المحامى بالنقض والدستورية العُليا، والمُهتم بشئون المحامين وحقوق الإنسان والذى كما يذكر دائماً «المهتم بهموم الوطن» .. والمحامى الذى نرى لقاءاته ونقرأ مقالاته والحوارات معه ملء السمع والبصر .. والملحق باسمه دوماً لقب القيادي الإخواني المنشق .. والذى فاجأنى أنه لم ينشق عن الجماعة بل جمد عضويته بها منذ 2005 وأنه لم يكن قيادياً لأنه لم يكن من الثقات واقتصر على كونه بالدائرة المفتوحة للجماعة! وقبل خلع مرسى بأسابيع كان لى معه لقاء (أصابتنى ليلة إجرائه وعكة صحية ولم يتم نشره فى حينه) وفى الحوار لم يسىء مختار نوح للإخوان ولكنه أوضح أموراً تكشف أسرار تنظيم الإخوان الخاص أو الدائرة الضيقة، ومن هم داخلها وخارجها .. وقال لى عندما سألته إن كان مرسى قد هزم الثورة .. إن مرسى هُزِم - هزمته الثورة - لأن مطالبها كانت أقوى من إمكاناته ولأن تصوراته كانت أكبر من تجربته، وأن الحكام بعد الثورات لابد أن يتمتعوا ب "كاريزما" وهو يفتقدها. وفيما يلى نص الحوار: فاجأتنى أنك لم تكن لا قيادياً ولا منشقاً !! "كنت عضوا منبوذا داخل الإخوان وإن كنت محبوباً من المرشدين سواء الأستاذ حامد أبو النصر أو عمر التلمسانى أو الهضيبى، وبرغم أننى كنت مكروهاً من مكتب الإرشاد فإنى كنت لذلك محل حماية، والكلمة الأدق من مكروه أننى لم يكن موثوقاً بى لأننى كنت مشاغباً وأخالف القرارات، ولكننى لا أحب الحديث عن تلك الأسرار إلا فى الوقت المناسب. حتى المرشد رقم كام؟ حتى مأمون الهضيبى وكان يسمينى زرقاء اليمامة لأننى أقرأ الأحداث عن بُعد. كان الهضيبى متشدداً؟ كان متشدداً ولكنه كان عادلاً .. وكان أمره مختلفاً حيث لم يكن يكذب. تكوين الجماعة من الداخل يكاد يكون لغزاً بالنسبة للكثيرين؟ الجماعة تنقسم إلى قسمين «الجماعة والتنظيم» والتنظيم مكون من أهل الثقة وهم الذين حكموا مصر، فنجد سعد الكتاتني عضو مجلس شورى وفي نفس الوقت رئيس حزب الحرية والعدالة ورئيس مجلس الشعب ورئيس اللجنة التأسيسية، فى مقابل عصام العريان الذى ليس له دور في أي من تلك الأماكن، لأنه ليس من أهل الثقة بل إنه ليس في التنظيم أصلا وهو في الجماعة فقط لأنه لا يحظى بعضوية التنظيم إلا أهل الثقة .. على سبيل المثال الدكتور مرسي واحد من أهل الثقة وإن كان عصام العريان له السبق السياسي ولديه الخبرة فمع ذلك لم يتم ترشيحه كبديل لخيرت الشاطر، بينما د. مرسي الأقل خبرة والذى كان مقيما بالخارج هو الذى تم اختياره، ومثال آخر هو حسن مالك الذى ينتمى للفقه المفتوح ولديه مفهوم ورؤية مختلفان عن مفهوم التنظيم الخاص ولذلك فهو بعيد عن المناصب.. ألم تسألى نفسك لماذا لم يتم اختيار جمال حشمت أو عصام العريان كمتحدثين رسميين؟ وجاء ياسر على من الخارج "السعودية" لمنصبه لأنه من أهل الثقة، وألم تتساءلى ماذا يعمل عصام العريان؟ رئيس حزب الحرية والعدالة، إيه يعنى! المهم من هو رئيس الحزب ؟ والمستشار محمود مكى يتقاضى الآلاف برغم أنه لا يعمل بالخارجية وليس هو الأجدر بتولى سفارتنا بالفاتيكان، ولكن الأخوان مكى من أهل الولاء ومعهم هشام قنديل وحسام الغريانى، وستجدين أن وزير التعليم كان أكثر وزير تجىء له الأوامر بتعيين أشخاص من أهل الولاء. ومحمد مرسى؟ لقد صُنع على عينهم، وعندما جاء من الخارج أنزلوه مجلس الشعب لكى يمسك كل مجلس الشعب . والتنظيم قد اختار أسوأ العناصر لأنهم أهل ثقة فكان مثلاً سعد الحسينى برغم كل أخطائه يبقى لأنه من الدائرة الضيقة للتنظيم. هناك أسماء كثيرة أخرى رنانة أحتار الآن فى تصنيفهم وفقاً للرؤية التى تطرحها؟ عصام الحداد وزير الخارجية الفعلى وله عدة أشقاء مثل مدحت وهشام الحداد ولكنهم لا يحظون بمرتبته لأنه من أهل الولاء، البلتاجى والعريان مثل لاعبى الكرة الذين لا يتدربون فإذا نزلوا الملعب قاموا بالتخبيط فى كل شىء .. فهم لم يتدربوا على السياسة بالطريقة الصحيحة فى الفقه المفتوح ولجأوا لإرضاء الفقه الخاص.. لكن ممكن التنظيم يغير وجهة نظره ويتبنى أحدا منهم ويدخله الدائرة الضيقة. أريد أن تفهمى أن البلتاجى والعريان وجمال حشمت وأبو بركة وصبحى صالح ليسوا من الجماعة، فالدائرة الضيقة لا تسمح لمن لم يتربوا فى الإخوان من البداية أن يكونوا من الإخوان. كيف .. ليسوا من الجماعة؟ هم يظنون أنهم فى الجماعة، ويمارسون عمل الإخوان ولكنهم ليسوا من أهل التنظيم .. هم فقط ممن يدورون حول دائرة التنظيم ويتم استثمارهم ويقومون بأدوار .. وعندما يتم اختيار أحد للمناصب يكون مثل الكتاتنى من أهل الثقة. ود. عبد المنعم أبو الفتوح؟ كان فى التنظيم. جدلية نحكُم ونُحكم نريد توضيحها؟ الفقه المفتوح لا يهتم كثيراً بمن يحكمه .. فعمر التلمسانى لم يهتم بمن يحكمه ويهتم أكثر أن تحكُم قواعد الحرية والعدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان . وفى المقابل نجد التنظيم يهتم كثيراً أن يسود وأن يحكُم، لأنه يرى فى نفسه التمكين للفكرة الإسلامية . وحكمه هنا يكون ليس بالإسلام بل بالتنظيم. سمعتك تتحدث عن أنه لو تعارضت قاعدة شرعية مع قواعد التنظيم تطبق قاعدة التنظيم على القاعدة الشرعية (لاحظوا الحوار سبق 30 يونيه)؟ نعم لأن التنظيم من شأنه أن يأتى بجميع القواعد الشرعية ! وما لا يفهمه الناس أن الجماعة لو كذبت فهذا فى فقه التنظيم جائز لأن التنظيم حين يكذب هو لا يكذب، إنما يتخفى عن العدو لحماية نفسه والفرد ليست له حرية حركة، بل إن من يتحرك هو التنظيم .. أما الجماعة المفتوحة التى أسسها التلمسانى فلها فقه آخر الفرد فيها له حرية الحركة بالمجتمع. عندما انتميت للجماعة من البداية ألم تستوعب أن التنظيم يقوض حركة الفرد؟ من البداية كنت فكراً مفتوحاً ولذلك فعلت أشياء على خلاف رغبة التنظيم . لكن وكما نرى الغلبة كانت لأصحاب فكر التنظيم؟ بعد عام 1990 بدأ الصراع .. وانتصر فقه التنظيم على الفقه المفتوح. فقه التنظيم هو القطبيون؟ لا أفضل كلمة القطبيين فهم ليسوا جميعهم قطبيين .. لكنهم جميعاً أصحاب مصلحة واحدة فى بقاء التنظيم فنجد المأمون الهضيبى فى أخريات أيامه ولم يكن قطبياً يسير معهم لأنهم كانوا يشكلون أغلبية مكتب الإرشاد . وقد كان المكتب بالتعيين عدا د. عبد المنعم أبو الفتوح الوحيد الذى تم انتخابه . ولذلك فهم كانوا بالتعيين وبالتصعيد يكونون أغلبية داخل مكتب الإرشاد. إلى ذلك الحد؟ على فكرة فقه التنظيم ليس عيباً وهو مطلوب فى أوقات المحن الشديدة وداخل السجون، ولكن كل إنسان يتبنى فقهاً عليه أن يتحمل مسئوليته أمام التاريخ وأمام الله سبحانه وتعالى. والمشكلة هى تطبيقه فى رئاسة الجمهورية. وإن كان فقه التنظيم هو الذى وضع محمد مرسى بديلا فى سباق الرئاسة، فلا توجد جريمة أو مشكلة، ولكن الكارثة أن مرسى تعامل مع الشعب المصرى بفقه التنظيم حيث إن ما يتم إملاؤه عليه يمليه هو على الشعب، ومنه تعيين أصحاب الولاء وليس الكفاءة وتلك سرقة واستيلاء على المال العام فالغريانى لم يكن هو المناسب ليتولى المركز المصرى لحقوق الإنسان، وكذلك هشام قنديل لم يكن يجوز أن يكون رئيساً للوزراء، وال 13 ألفا الذين تم تعيينهم لدى كشف ب 238 منهم ليسوا أكفاءً! منهم مدرس ابتدائى أصبح رئيساً لأكبر جهاز رقابى على الجمعيات المدنية