محمد فاروق هندى ما زال البعض يروج لفكرة أن 30 يونيو قامت فى الأساس ضد 25 يناير، وذلك برغم تأكيد معظم قيادات الفترة الانتقالية الحالية على عكس ذلك، وعلى رأسهم الرئيس المؤقت عدلى منصور الذى قال نصا: "البعض يتوهم ويأمل أن ثورة 30 يونيو تمحو 25 يناير، وأقول لهم إن 30 يونيو تكمل 25 يناير". من يروجون لهذه الفكرة كانوا دائما رافعين لشعار "آدى اللى أخدناه من الثورة"، ملصقين ب"25 يناير" كل ما حدث من أخطاء وخطايا خلال الفترة الانتقالية، والحقيقة أن الثورة بريئة من كل هذه الاتهامات الباطلة. 25 يناير فكرة بريئة لشباب يحلم بالحرية والعدل والكرامة تلقفها الشعب فصارت ثورة، وكان بالإمكان تحقيق أهدافها لولا أخطاء من أداروها بدءًا من مجلس عسكرى سابق، سار على خطى نظام قامت عليه الثورة فى رؤيته للتعديلات الدستورية وخريطة المرحلة الانتقالية ،بإجراء استفتاء 19 مارس 2011 الذى كان بداية حقيقية لانقسام شق صدعا فى المجتمع المصرى مازلنا نعانى آثاره حتى الآن. 25 يناير بريئة من "إخوان طماعين"، خرجوا عن وحدة الصف الشعبى التى تجسدت أجمل مشاهدها خلال 18 يوما فى ميدان التحرير، فمع أول بارقة أمل فى الوصول للحكم، وبدلا من التمسك بمطالب الثورة الجماعية، غرتهم المقاعد البرلمانية وكرسى الرئاسة، وصار كل همهم الانفراد بالسلطة غير عابئين برفقاء الأمس الذين حولوهم بغباء وانتهازية سياسية عبر أخطاء متتالية لأعداء، ليفقدوا كل يوم مزيدا من المتعاطفين معهم وما زالوا يفقدون. 25 يناير بريئة من "سلفيين" قليلى الخبرة السياسية، فشلوا فى تقديم أنفسهم للشعب بصورة إيجابية، فبدلا من التدرج فى توصيل أفكارهم، واكتساب المزيد من الأنصار، لم يكسبوا سوى عداء من يخالفهم الأفكار، وللأسف منهم من تسبب فى نفور البعض من الدين، أو لنقل التدين على طريقتهم. 25 يناير بريئة من مطالب فئوية عطلت الاقتصاد وأوقفت عجلة الإنتاج كثيرا طوال الفترة الماضية، وإن كان لأصحابها بعض العذر بعد أن ضاعت حقوقهم، وباتوا يعيشون خارج منطقة الكرامة الإنسانية، فإنهم تعجلوا جنى الثمار، ولم يصبروا على جنين صغير انتظروه كثيرا لكنهم أضعفوه أكثر. 25 يناير بريئة من ألتراس فوضوى، لم يعبأ بوطن يعانى، وصار الانتقام من الشرطة هدفه الأكبر، مستغلين حالة انفلات أمنى وعلو لشأن البلطجية - لم تصنعها الثورة، وإنما صنعها نظام مبارك طوال سنوات من الفساد والفقر والجهل، نشرت أذرع الجريمة فى كل مكان – فتسببوا "الألتراس" باختلاف ألوانهم وانتماءاتهم فى كثير من الكوارث والخسائر التى نسبت ظلما للثورة. أكتب هذه الكلمات ردا على كل من يروج لفكرة ظالمة مفادها أن 25 يناير لم تكن ثورة، وإنما "انتفاضة" على حد قول بعضهم، أو "نكسة" من وجهة نظر آخرين جاءت 30 يونيو لتصحيحها والقضاء عليها، وأملا فى أن نتعلم من أخطاء الفترة الانتقالية الأولى، للمرور من المرحلة الحالية بأقل خسائر ممكنة، فهل أصبح التعايش بيننا ممكنا، أم أنه صار حلما مستحيلا؟ * * منذ وصولهم إلى السلطة لا يمر يوم إلا وتفقد فيه جماعة الإخوان المسلمين ومعهم تيار الإسلام السياسى، كثيرا ممن كانوا فى أوقات سابقة من المتعاطفين معهم، ويكسبون بخطاياهم المزيد من الأعداء، فلا أعرف تحديدا من هو "العبقرى" صاحب فكرة اعتصام المترو، فإذا كان الإخوان أو مؤيدو الرئيس المعزول محمد مرسى يبحثون عن التعاطف وكسب تأييد الرافضين لهم، فإنهم بتلك الأفكار وذلك النهج يعملون ضد أنفسهم، فكيف يتعاطف الناس مع من يقطع طريقهم وينغص عليهم حياتهم، ويحاول أن يسير كل شىء فى "الوطن" إلى الأسوأ، من اقتصاد إلى أمن إلى سياحة إلى استثمار إلى مرور، عملا بمبدأ "على وعلى أعدائي"، إنها سفينة إن غرقت سيطال الماء الجميع، ولا تظنون أنفسكم خارجها، أفيقوا قبل فوات الأوان.