حسناء الجريسي تستعد وزارة الثقافة للإعداد لمؤتمر المثقفين المزمع انعقاده فى 21سبتمبرالجارى، وهو المؤتمر الذى ظل ينتظره المثقفون على مدار عامين سابقين، لكن الأحداث التى تشهدها مصر كانت تحول دون افتتاحه ، ويظل التساؤل: ما مصير مؤتمر المثقفين المقبل فى ظل تلك الأجواء المرتبكة؟ وهل سيناقش الأوضاع الحالية ويضع لها حلولا جذرية أم سيكون كسابقه من المؤتمرات التى دارت داخل القاعات المغلقة ويبقى حال الثقافة كما هى عليه .. لا جديد؟ يقول د.جابر عصفور - وزير الثقافة الأسبق - لابد أن يكون هذا المؤتمر فاعلا وفى تماس مع قضايا الناس، مؤكدا أن المؤتمرات السابقة كانت غير مجدية، لأنها كانت نخبوية. ويشير إلى أهمية كتاب "مستقبل الثقافة فى مصر" لطه حسين، موضحا أن هذا الكتاب لا يزال صالحا للقراءة، فالمشكلة ليست فى الأفكار، لكن المهم تطبيق هذه الأفكار فى الواقع، ويتساءل مستنكرا: كيف نرفع المستوى الثقافى ولدينا 40%من الشعب يعانى الأمية؟ كيف ننهض بالثقافة ولدينا الكثيرون ممن لا يتذوقون الباليه، وأغلب أبناء الشعب يقعون تحت خط الفقر؟ ويطالب د.عصفور بوضع خطة ثورية لبحث أوضاع الثقافة والنزول بها للجماهير فى كل القطاعات، وأن تحتوى هذه الخطة على خطة فرعية شاملة للقضاء على الأمية، وهذا كله يستدعى الاهتمام بالثقافة، فالتعصب الدينى يعتبر كارثة كبرى، وهذا وضع ثقافى، وأى شيء سياسى له بعد ثقافى، وأى كلام فى السياسة صالح لأى وقت، المهم الأفكار التى يتناولها المؤتمر. ويواصل د. جابر عصفور: سأشترك فى هذا المؤتمر بورقة بحثية تحمل عنوان "الدولة المدنية" لافتا النظر إلى أن دور المثقفين فى المرحلة المقبلة فى غاية الأهمية، ويتمثل فى تأسيس الدولة المدنية الحديثة، وتأصيل أفكار التنوير لمواجهة التعصب الدينى. ويلتقط الناقد د.حسن طلب طرف الحديث قائلا: "فاعلية هذا المؤتمر تتوقف على مدى فاعلية المحاور التى يناقشها، لست مع المهرجانات والمؤتمرات التى لا يعد لها إعدادا جيدا، لافتا النظر إلى وجود صلة بين المثقفين والواقع السياسى، لذلك لابد أن يتناول هذا المؤتمر الوضع الراهن، وعزله عن الواقع سيجعله غير مجد، لذلك ونحن فى مرحلة تأسيس مسار جديد للديمقراطية فإن مستقبل الثقافة فى المرحلة المقبلة، سيرتبط بالتعليم والإعلام ولابد أن يتحد الإعلاميون مع المثقفين والقوى الثورية لصياغة مبادئ جديدة". ويطالب د. طلب وزارة الثقافة بضرورة التعاون مع التربية والتعليم حتى تحتوى المناهج على النصوص التى تدعم القيم، فالعمل لابد أن يخرج للحياة كافة. وعن دور المثقفين فى المرحلة المقبلة يقول د.طلب إن دور المثقفين كأفراد يتمثل فى إتقان كل واحد لما يقوم به، فإذا صدق كل واحد ولم يبحث عن الضجيج الإعلامى وتمسك بقيمه سيكون هناك حراك قوى وسيصل منتجه إلى قطاع عريض من الناس، فليس دور المثقف الخروج إلى الشارع، لكن الدور الذى يميزه هو تقديم منتج قوى، يدعم من خلاله قيما مجتمعية، ويحث على ضرورة المشاركة السياسية والصمود فى المطالبة بالحرية. بينما يشير الناقد صلاح الراوى إلى ضرورة أن يوجه هذا المؤتمر رسالة واضحة للخارج، ويأسف على وزارة الثقافة، فلا أن تكون لها علاقة بالثقافة الحقيقية سواء من قريب أم من بعيد، فيغلب على طبيعة العمل بهذه الوزارة الصفة الدعائية، فهى وسيلة لملء الفراغ. ويطالب د. الراوى المسئولين بوضع خطة واضحة لتنقية هذه الوزارة من الفساد الراسخ فيها كمقدمة لوضع مشروع ثقافى حقيقى، وهو ما لا نتوقعه بالمطلق من هذه الوجوه – الكلام للراوى - سواء للموجودين فى مواقع رسمية أم الدوائر المحيطة بهم من المنتفعين. ويقول: على الرغم من قيام ثورة يناير بموجاتها المتعددة فإن الغالب على هذه الوزارة هو صيغة الحظيرة. ومن ناحيته يرى الفنان التشكيلى محمد عبلة أن المؤتمر يمكن أن يأخذ شكلا مختلفا إذا تناول كيفية مواجهة الثقافة للتطرف والإرهاب، فمعركة المثقف الحقيقية هى مواجهة ذلك العنف، ويتمنى أن يكون المؤتمر غير تقليدى، تطرح فيه أفكارا متعلقة بالوقت الراهن، ويناقش هموم المثقفين وتطلعاتهم، ولابد أن يكون أحد محاور المؤتمر طرح آليات خروج المثقف للشارع، وتوعية الشعب بدوره فى المرحلة المقبلة . ويرى عبلة أن دور المثقف فى المرحلة المقبلة يجب ألا يقل عن دور الشرطة والجيش، ويعترف بأنه غير راض عن أداء الوزير الحالى، فهو لا يعبر عن تطلعات المثقفين، كنا نتمنى وزيرا يلبى احتياجات المثقفين والشعب. بينما يقول الروائى سيد الوكيل: ليس لدى مشكلة فى التوقيت لكن المشكلة فى نوعية وطبيعة الموضوعات التى يطرحها المؤتمر، ويعتقد أنه سيكون امتدادا لمؤتمرات سابقة نفس الأفكار والشخصيات، ويطرح سؤال: هل نحن فى حاجة إلى مؤتمر للمثقفين أم نحن فى حاجة إلى إعادة النظر فى مفهوم الثقافة نفسها؟ ويرى أن الثقافة هى القاطرة التى تنهض بالمجتمعات الحديثة، والصراع الذى نشهده فى مصر ليس صراعا سياسيا، وإنما هو صراع ثقافى يعكس نزعتين: الأولى النزعة الفوضوية المسجونة فى الماضى باسم الدين، ونزعة مستقبلية تتطلع إلى التغيير الحقيقى، ومن ثم فإن الثقافة هى أهم محرك لإدراك طبيعة المرحلة التى نعيشها، وعلينا مراجعة الكثير من المفاهيم القديمة التى انتهت إلى عزلة المثقف عن واقعه، وأصبح هو المتهم الأول فى كل ما يحدث. ويعتبر الوكيل أن الثقافة منتج شعبى وليس نخبويا، وبالتالى سيكون لها بعدها الإنتاجى، ولا تتوقف عند البعد الاستهلاكى الذى نعيشه الآن. ويضيف الناقد والشاعر د.أمجد ريان أنه على المثقف الذى يحضر المؤتمرات أن يكون قادرا على المساهمة فى الموضوع الذى يطرحه المؤتمر، وعليه أن يدرس ظاهرة الثقافة دراسة علمية دقيقة، وأن يتعمق مفهوم المثقف الإيطالى "جرامشى" وعدد كبير من مثقفى العالم، ويهتم بظاهرة الثقافة وخصوصية المثقف العربى، فكل منتج له طبيعته وخصوصيته وأجواؤه، وعليه أيضا مواجهة الجمهور بإقامة حوار فاعل معه، وعلى المثقف أن يهتم بطرح دراسات ومقالات تعالج القضايا الأساسية فى المجتمع الذى نعيش فيه. ويرى د. ريان أنه لكى يكون هذا المؤتمر فاعلا فعليه مناقشة القضايا التى يعانيها المواطن المصرى، ولابد أن يكون مرتبطا باللحظة الراهنة التى نعيشها، موضحا أن المرحلة الحالية مضطربة للغاية، لذلك لابد من الهدوء والاستعداد الجيد، وعلينا أن ننتظر حتى يتضح الكثير من الرؤى، وهذا سيمكننا من التحاور بشكل أوضح فى إقامة مؤتمر قادر على الوصول إلى الشعب.