أحمد عبد العظيم عامر بينما تنفى القوات المسلحة وجماعة الإخوان المسلمين وجود مفاوضات واتصالات مباشرة فيما بينهما، إلا أن «الأهرام العربي» حصلت على معلومات دقيقة حول حقيقة التفاوض بين الجانبين، وتكشف المجلة فى السطور المقبلة، العديد من تفاصيل الاجتماعات التى تمت بسرية تامة، ونكشف أيضا عن كواليس تلك الاجتماعات والتى كان عدم الاتفاق بشكل نهائى هو مصيرها حتى الآن. تواصلت المفاوضات بين جماعة «الإخوان المسلمين»، والقيادة العامة للقوات المسلحة على مدى ثلاث جولات عبر الوسطاء والاتصالات الهاتفية المباشرة ولقاء واحد جمع قيادات من الجانبين، بهدف حل الأزمة السياسية الراهنة والوصول للمصالحة الوطنية. وبرغم نفى الطرفين وقوع مثل هذه الاتصالات فإن مجلة «الأهرام العربي»، علمت من مصادر مطلعة أن المفاوضات بين الجانبين بدأت فى اليوم التالى لعزل الدكتور محمد مرسى من منصبه كرئيس للجمهورية، وتحديدا يوم الخميس 4 يوليو عبر وسيط عرف فى السابق بدفاعه عن الإخوان واتهمته الجماعة بعد الثورة أنه رجل الدولة العميقة. الفشل كان هو العنوان البارز فى المفاوضات بين الجانبين، على مدار الجولات الثلاث، ومن الواضح أن المسافات ما زالت بعيدة بين ما يطرحه كل طرف، ولم يتم الوصول خلال تلك المفاوضات إلى أرضية مشتركة تشكل انطلاقة يمكن البناء عليها للوصول لحل للأزمة. على الرغم من توصل الوسيط مع القيادى الإخوانى على اتفاق مفاده، أن تتركز خطبة الدكتور محمد بديع المرشد العام للجماعة على التهدئة استعدادا للدخول فى مفاوضات على قاعدة المصالحة مقابل الخروج الآمن، وهو ما لم يتحقق بسبب تدخل المهندس خيرت الشاطر الرجل الحديدى للجماعة، ونجاحه فى التأثير على الدكتور بديع، الأمر الذى أسفر عن تصعيد فى خطبة المرشد العام للإخوان، والتى كانت مفاجأة للبعض، ولكنها ربما لم تكن مفاجأة للقوات المسلحة، التى كانت تضع فى حسبانها احتمال أن يغير بديع من مضمون خطبته ويلجأ للتصعيد بدلا من التهدئة. الجولة الثانية من المفاوضات شهدت قيام القيادى الإخوانى المسئول عن ملف التفاوض مع القوات المسلحة، بالاتصال المباشر مع قيادات بالقوات المسلحة، ونقل القيادى مقترحين لحل الأزمة، الأول يتضمن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة على أن يعود الدكتور محمد مرسى لمنصبه كرئيس للجمهورية، والمقترح الثانى إجراء استفتاء على عودة الدكتور مرسى لمنصبه فى ظل حكم المستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية المؤقت للبلاد. وعلمت «الأهرام العربي» أن المقترحين قوبلا بالرفض من جانب القيادة العامة للقوات المسلحة، وكان عرض القوات المسلحة يقوم على المصالحة مقابل الخروج الآمن وعدم التنكيل بالجماعة، ونظرا للاختلافات بين ما يطرحه كل جانب، فقد فشلت الجولة الثانية، وكادت الأمور تنزلق للهاوية، لولا تدخل الوسيط الذى شرع فى المفاوضات وعرض مقترحاً بمشاركة الإخوان فى الحكومة الانتقالية وضمان الخروج الآمن مقابل المصالحة وهو ما جدد الأمل فى احتواء الأزمة مجددا. الجولة الأخيرة من مفاوضات القوات المسلحة والإخوان تمت على مائدة إفطار يوم الخميس الموافق 18 يوليو، وتم بحث الأزمة بشكل دقيق، ولكن كان الفشل أيضا هو العنصر المسيطر، ولم يتوصل الجانبان لأرضية مشتركة، لحل وإن كانا نجحا فى الاتفاق على التهدئة ومواصلة المفاوضات ولكن على قاعدة جديدة تبدأ بالإفراج عن قيادات الإخوان المحبوسين كبادرة حسن نية وخصوصا الذين لم يتورطوا فى أى تصريحات تدفع إلى العنف، وهو ما قد يكون سببا فى تحريك دعاوى قضائية ضدهم، كما اتفق الطرفان على عدم التنكيل بالجماعة وحلها، وعدم ملاحقة قياداتها أمنيا، وتوافقا على عدم المساس بحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة، وتقنين أوضاع الجماعة بعد صدور قانون الجمعيات الأهلية بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة. الجولة الثانية من المفاوضات شهدت تقدما ملموسا، حيث تراجعت جماعة الإخوان خطوة للوراء فيما يتعلق بالتمسك بعودة الدكتور مرسى لمنصبه كرئيس للجمهورية، ولكن الجماعة تشددت فى موقفها المتمسك بضرورة إيجاد إطار قانونى ودستورى لإنهاء الأزمة السياسية الراهنة. وطالب قيادات الإخوان من القيادة العامة للقوات المسلحة الضغط على وسائل الإعلام التى تشن هجوما عليها، والتى تصفها الجماعة ب «إعلام الفلول»، لوقف تحريض المواطنين ضد المعتصمين فى ميدان رابعة العدوية، وخصوصا أن نزيف المزيد من الدماء سيجعل من الصعب على قيادات الإخوان إقناع القواعد التنظيمية بالمصالحة والتسوية. الجولة الثالثة من المفاوضات حضرها مندوب لإحدى الجهات السيادية وتساءل عن طبيعة علاقة قيادات جماعة الإخوان بالجهاديين فى سيناء الذين يقومون بشن هجمات منذ عزل مرسي، مستهدفين كمائن الجيش والشرطة والمنشآت الشرطية والعسكرية، وهو ما نفاه القيادى الإخوانى بشدة، موضحا أنه قد يكون هناك اتصال بين أحد قيادى الجماعة وهذه القواعد بشكل شخصي، ولكن لا توجد اتصالات مباشرة مع الجماعة كتنظيم، ولا يوجد تأثير للإخوان على هذه القواعد. وعلمت مجلة «الأهرام العربي»، أنه من المقرر عقد اجتماع على شكل أوسع بين الطرفين لمواصلة المفاوضات بغية تثبيت المبادئ التى اتفقا عليها فى اللقاء الأول، والبحث عن أطروحات جديدة لإنهاء الأزمة السياسية الراهنة، فى ظل تعدد حلفاء الطرفين والضغوط التى يتعرض لها كل من القيادة العامة للقوات المسلحة، والإخوان للتصعيد ضد الطرف الآخر. وأوضح قيادى إخوانى لمجلة «الأهرام العربي»، أنه من المتوقع أن يسبق اللقاء المرتقب بين الجانبين الإفراج عن 2 أو 3 من قياديى الجماعة المحبوسين، والمعروفين بميولهم الإصلاحية كبادرة حسن نية، وبغية تمكين التيار الإصلاحى من الوقوف أمام ما يعرفون داخل الجماعة برجال خيرت الشاطر فى الهيمنة على قرار الإخوان. واختتم القيادى البارز بالإخوان تصريحاته بالإشارة إلى أن الإفراج عن القيادات الإصلاحية تأتى فى سياق محاولة تحجيم دور الدكتور محيى حامد مستشار رئيس الجمهورية السابق، والدكتور حسام أبو بكر والذى عينه مرسى محافظا للقليوبية فى حركة المحافظين الأخيرة، واللذين يهيمنان على قرار الجماعة، موضحا أن هذه الخطوة تأتى بغية دعم القيادات الإصلاحية المفاوضة من لملمة القواعد التنظيمية وإقناعها بالمصالحة الوطنية. وعلمت «الأهرام العربى» أن جماعة الإخوان اقترحت مبادرة من 6 نقاط تتم دراستها حالياً من قبل القوات المسلحة قبيل الجولة الرابعة من المفاوضات بين الجانبين والتي ينتظر أن تعقد خلال الأيام القليلة القادمة.