مدبولي يتابع جهود إزالة التعديات على النيل وأراضي طرح النهر    الزمالك ينهي التجهيزات الخاصة بعقد الجمعية العمومية للنادي    الارصاد: غدا ارتفاع طفيف فى درجات الحرارة وشبورة صباحية على أغلب الأنحاء    انطلاق فعاليات المبادرة القومية "أسرتي قوتي" بديوان عام محافظة الجيزة    بريطانيا تتراجع 5 مراتب في تصنيف التنافسية الضريبية العالمي بعد زيادة الضرائب    حماس: الاحتلال لديه ثوابت لاختراق الاتفاق وملتزمون بوقف إطلاق النار    منتدى أسوان للسلام منصة إفريقية خالصة تعبّر عن أولويات شعوب القارة    صديق للبيئة.. طلاب تربية نوعية الفيوم يبدعون في معرض "فنون مستدامة".. صور    روني: لن أتفاجأ برحيل صلاح عن ليفربول    حقيقة مفاوضات حسام عبد المجيد مع بيراميدز    رئيس جامعة كفر الشيخ يتفقد معامل ومدرجات الطب البيطري لمتابعة أعمال التطوير    مصرع وإصابة 8 أشخاص فى حادث مرورى بالمنيا    وكيل تعليم الفيوم يشيد بتفعيل "منصة Quero" لدى طلاب الصف الأول الثانوي العام.. صور    هيئة السكة الحديد تعلن مواعيد قطارات المنيا – القاهرة اليوم    وزير الثقافة يهنئ محمد سلماوي لاختياره "شخصية العام" بمعرض الشارقة للكتاب    حوار| وائل جسار: مصر بلد الفن.. ووجودى فيها تكريم لمسيرتى الفنية    إسراء عصام: أشارك للسنة الثانية في مهرجان الموسيقى العربية.. وأغني "أنساك" تكريمًا لكوكب الشرق    نقابة الأشراف تعليقا على جدل مولد السيد البدوي: الاحتفال تعبير عن محبة المصريين لآل البيت    غدًا.. أساتذة طب الفيوم يناقشون أمراض الحنجرة والتهابات الأذن    محافظ أسوان يتفقد مركز الأورام ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل    نساء 6 أبراج تجلبن السعادة والطاقة الإيجابية لشركائهن    تكريم ستة فائزين بمسابقة المنصور الجامعة للأمن السيبراني    أمينة الفتوى: الزكاة ليست مجرد عبادة مالية بل مقياس لعلاقة الإنسان بربه    هل يشترط وجود النية في الطلاق؟.. أمين الفتوى يوضح    المغرب يستضيف بطولة للكرة النسائية بمشاركة تاريخية لمنتخب أفغانستان    محمد الحمصانى: طرحنا أفكارا لإحياء وتطوير مسار العائلة المقدسة    «القومي للبحوث» يناقش تطوير علم الجينوم بمشاركة خبراء من 13 دولة    نتنياهو: مصرون على تحقيق جميع أهداف الحرب في غزة ونزع سلاح حماس    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان    هشام جمال يكشف تفاصيل لأول مرة عن زواجه من ليلى زاهر    مصدر من الأهلي ل في الجول: ننتظر حسم توروب لمقترح تواجد أمير عبد الحميد بالجهاز الفني    قرار وزارى بإعادة تنظيم التقويم التربوى لمرحلة الشهادة الإعدادية    "بين ثنايا الحقيقة" على مسرح السامر ضمن ملتقى شباب المخرجين    تشغيل 6 أتوبيسات جديدة غرب الإسكندرية لتيسير حركة المرور    ليست الأولى.. تسلسل زمني ل محاولة اغتيال ترامب (لماذا تتكرر؟)    حزن وبكاء خلال تشييع جثمان مدرب حراس المرمى بنادى الرباط ببورسعيد.. صور    بعد تهنئة إسرائيل له.. من هو الرئيس البوليفي الجديد رودريغو باز؟    مركزان ثقافيان وجامعة.. اتفاق مصري - كوري على تعزيز التعاون في التعليم العالي    الأمين العام الجديد للشيوخ يجتمع بالعاملين لبحث أليات العمل    «العمل»: التفتيش على 1730 منشأة بالمحافظات خلال 19 يومًا    مجلس إدارة راية لخدمات مراكز الاتصالات يرفض عرض استحواذ راية القابضة لتدني قيمته    طارق العشري: زعلت على نفسي بعد رحيلي من فاركو    لعظام أقوى.. تعرف على أهم الأطعمة والمشروبات التي تقيك من هشاشة العظام    وزير الصحة يطلق جائزة مصر للتميز الحكومي للقطاع الصحي    موانئ البحر الأحمر: تصدير 49 الف طن فوسفات عبر ميناء سفاجا    الرئيس السيسي يوجه بمواصلة جهود تحسين أحوال الأئمة والخطباء والدعاة    طالب يطعن زميله باله حادة فى أسيوط والمباحث تلقى القبض عليه    تأجيل محاكمة 3 متهمين بالتنظيم الثلاثي المسلح لسماع أقوال شاهد الإثبات الأول    اتصالان هاتفيان لوزير الخارجية مع وزيري خارجية فرنسا والدنمارك    علي هامش مهرجان الجونة .. إلهام شاهين تحتفل بمرور 50 عامًا على مشوار يسرا الفني .. صور    «نقابة العاملين»: المجلس القومي للأجور مطالب بمراجعة الحد الأدنى كل 6 أشهر    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 330 وظيفة مهندس بوزارة الموارد المائية    سعر الأرز الأبيض والشعير للمستهلك اليوم الإثنين 20اكتوبر 2025 فى المنيا    روح الفريق بين الانهيار والانتصار    حبس المتهم بانتحال صفة موظف بخدمة عملاء بنك للنصب على مواطنين بالمنيا    تقارير: اتحاد جدة ينهي تجديد عقد نجم الفريق    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الملحدون الجدد ظاهرة تتحدى التدين المغشوش .. الرسول لم يقتل ملحدا والتلويح بالردة «حماقة»!
نشر في الأهرام العربي يوم 24 - 07 - 2013

فى الحلقتين السابقتين أجرينا مجموعة من الحوارات الجريئة والمباشرة مع بعض شباب الملحدين، والتى خرجنا منها بالعديد من التساؤلات التى أثاروها والتى كانت وراء جرهم إلى براثن الشرك، أو آراء الذين يحاولون استقطابهم إلى معسكر الإلحاد، حصرنا هذه التساؤلات وتوجهنا بها إلى علماء الإسلام للإجابة عنها، وتوضيح الحقائق .
بقى أن نشير –مجددا -إلى أننا أثناء إجراء تحقيقنا الاستقصائى، حاولنا التزام الحيادية والمهنية بعيدا عن انتماءاتنا العقائدية، لعرض القضية، كما هى بما لها وما عليها لنضع الأمر أمام كل المعنيين بدءا من الرئاسة والأزهر والكنيسة وحتى رجل الشارع العادى، الذى لا يمكنه السكوت على انتشار هذه الظاهرة الغريبة والمريبة والتى من الممكن أن تتطور إلى بحورطائفية من الدم !!
د. أحمد كريمة: مشايخ «السلفية والمتصوفة والشيعة» السبب !
أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر قال: فى البداية أريد أن أوضح أن أحد الأسباب القوية التى أدت إلى طفو هذه الظاهرة على السطح هى حالة الشتات الدعوى بين "الأزهر، الأوقاف، الإخوان، الجماعة الإسلامية، الشيعة، المتصوفة لا الصوفيين، جماعة التبليغ والدعوة" فكل تيار له أفكاره وتوجهاته، وبالاستقراء فى الواقع الدعوى نجد أن الخطاب الدينى المغلوط والأفكار التى طرأت على العمل الدعوى من غير مؤهلين، وبالذات تيارات السلفية بفصائلها الدعوية والحركية، والشيعة وغيرهم يقدمون مفاهيم متضاربة وفتاوى شاذة وطرح دعاوى خالية من أدنى مكارم الأخلاق، من الشتائم والسباب والتنابذ بالألقاب، وعلى سبيل المثال المتسلفة يقيمون تصورا لإله مجسد له يد ويداه مبسوطتان وكلتا يديه يمين... إلخ، ويكفرون من سواه، خصوصا علماء الأزهر الشريف، ويسهم المتصوفة والشيعة فى إضفاء قدسية مزعومة موهومة لرموزهم، مع الإغراق فى الغيبيات والانفصال عن عالم الواقع والعقل، أما جماعة التبليغ والدعوة فتقدم قشورا سطحية تدور حول الزى والعطور.. إلخ.
يشيرون إلى حديث الله مع الملائكة "إنى جاعل فى الأرض خليفة" وموقف الملائكة التى ردت " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك".. فقال الله "إنى أعلم ما لا تعلمون"، ولكن مع الوقت ثبتت تكهنات الملائكة.. كيف تفسر ذلك ؟
عندما قال الله سبحانه "إنى جاعل فى الأرض خليفة" كان يقصد خليفة لمن سبق الإنسان من خلائق وليس خليفة لله جل شأنه، والدليل على ذلك قوله تعالى "جعلكم خلائف فى الأرض"، ولعل ذلك يشير إلى المخلوقات من ملايين السنين قبل النوع البشرى المتمثل فى آدم عليه السلام، والدليل الثانى بقايا الحيوانات التى تم اكتشافها من ملايين السنين.
بما أنه كان هناك الكثير من المخلوفات قبل آدم التى كانت تتقاتل فيما بينها للحصول على الطعام، استطاعت الملائكة التعرف المسبق على طبيعة البشر كسائر مخلوقات الأرض.
أما بخصوص قوله "إنى أعلم ما لا تعلمون" فيدل على معرفة الله أن الإنسان سيفعل ذلك شأنه شأن سائر المخلوقات، ولكنه سيرسل الأنبياء والرسل لتنظيم العلاقة بين البشر وبعضهم البعض، وخلق حالة من الخير والشر، كى يستطيع أن يخلق سبب منطقى يحاسب عليه عباده الطائعين ويدخلهم الجنة، ويدخل العاصين له النار.
يريدون الخروج من الإسلام ولا يجبرون عليه لأنهم لم يختاروه بإرادتهم وإنما بالوراثة.. فكيف يطبق عليهم حد الرد ؟ كيف ترى محاولة تطبيق أحد الآباء حد الردة على ابنه ؟
بداية أحب أن أقول لهؤلاء الشباب عدم التسرع والخروج من الدين وأخذهم بمبدأ "أقرأ"، ولكن عليهم أن يختاروا بعناية لمن يقرأون فأنصحهم بالقراءة لعدد من العلماء والباحثين البارزين، مثل الإمام محمد عبده والشيخ محمد الغزالى والشيخ جوهرى طنطاوى والشيخ جاد الحق والشيخ الشعراوى، وكذلك يقرأون فى الإعجاز العلمى للدكتور أحمد فؤاد باشا والدكتور محمد عمارة وعباس العقاد.
بعد انتهاء مرحلة القراءة إذا بقيت لديهم بعض التساؤلات التى قد تدور فى تفكيرهم يلخصونها ثم يعرضونها عليٌ من خلال "لجان التعريف بالإسلام" بمؤسسة التآلف بين الناس الخيرية للدكتور أحمد كريمة وإخوانه، ومقرها الدمرداش بالعباسية وبريدها الإلكترونى www.taalof.com، وهناك لجان لعلماء أخرين بالجامع الأزهر وفى الإسكندرية.
أما بخصوص الآباء ومحاولة تطبيق حد الردة على أبنائهم، فهذا يعتبر اعتداء على الشريعة الإسلامية "بقتل نفس دون وجه حق"، وأريد أن أذكرهم بحديث الرسول "ص" الذى رواه مسلم "جاء أناس من الأعراب إلى النبى، فقالوا إنا نجد فى أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يقوله "بمعنى شك فى وجود الله"، فقال لهم أوجدتموه، قالوا نعم، فقال ذلك صريح الإيمان"، فهذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم سلك مسلك العلاج وليس مجرد الترهيب أو التعنيف، فما بالك بتطبيق حد الردة.
أفهم من كلامك أن حد الردة له أسس وقواعد تطبيقية؟
بكل تأكيد، فلحد الردة مجموعة من الخطوات الرئيسة وهى :
1. الرأى العلمى المعتمد من الجهة ذات العلاقة "مجمع البحوث الإسلامية"، والذى يؤكد إلحاد الشخص.
2. الحكم القضائى النافذ من المحكمة.
3. الاستتابة "اى المناظرة" ودفع الشبهة بالحكمة والموعظة الحسنة لمدة ثلاثة أيام.
4. موافقة ولى الأمر للجهة ذات العلاقة وهى الشرطة فقط، وليس أى شخص آخر.
يقولون إنهم عرفوا من عدد من الشيوخ أن القرآن قال إن الأرض مسطحة وليست كروية الأمر الذى يتنافى مع العلم ؟
القرآن لم يذكر أن الأرض مسطحة، ولكنه للأسف فهم مغلوط لشيوخ السلفية المنكرين لكروية الأرض، بل نص القرآن على كروية ودوران الأرض، فال تعالى "والأرض بعض ذلك دحاها" أى جعلها كروية كالبيضة منبعجة عند القطبين، كما قال عز وجل فى سورة الرحمن "إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض" وجميعنا يعلم أن القطر هو الخط الواصل بين طرفى الدائرة مارا بالمركز، وقال سبحانه "رب المشرقين ورب المغربين" فإذا كانت الأرض مسطحة ولا تدور ما وجدت مشارق أو مغارب أو اختلاف توقيت ومطالع.
د. آمنة نصير: عندما يتحدث عن «حور العين» فإنه يخاطب عباده بما يشتهونه فى الدنيا
سألنا الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر عن باقى أسئلة هؤلاء الشباب، فكانت إجاباتها صادمة أحيانا خاصة فى معضلة حد الردة، ورأيها فى الأديان السماوية..
تقولون إن الله كتب ما سنفعله قبل خلقنا بأكثر من خمسين ألف عام .. فكيف يحاسبنا الله أمور قد كتبها لنا بالفعل ؟
بالفعل كتب الله لنا ما سنفعله، ولكن ليس من منطلق الإجبار على الفعل، وإنما من منطلق معرفة ما سنختاره بإرادتنا، وهنا يجب أن يعرف الجميع أن علم الله ينقسم إلى نوعين، إرادة إلهية وتعنى علم الله بما يدور فى ملكه الذى خلقه والمسئول الأول عن تسييره، فإذا أخطأ حارس عقار وتم سرقة إحدى الشقق فتتم محاسبته، والنوع الثانى هو الإرادة المشيئية، أى أن الله يعلم أن الإنسان خطاء بطبعه، والله لا يريد أن يعذبنا وإنما يرحمنا ويدخلنا جناته، والدليل على ذلك قوله تعالى "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا"، كما أن الله أراد أن يرفع من شأن آدم وذريته فنثر أمامه جميع ذريته قبل خلقنا بخمسين ألف عام وأخذ عليه وعلينا ميثاق الفطرة " ألا تعبدوا الا الله".
هل نطبق حد الردة على هؤلاء الشباب بما أنهم ارتدوا عن الإسلام؟
لا نستطيع تطبيق حد الردة عليهم، وحد الردة فى الإسلام لا يطبق على الكفر أو الإيمان، إنما يطبق على من انقلب على الإسلام بل وصار عونا على إيذاء المسلمين، ويقتل لأنه صار جاسوسا ومقاتلا لجماعة الإسلام، وليس لأنه خرج من الدين، وأكبر دليل على كلامى قوله تعالى "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، بخلاف أن الرسول "ص" لم يقتل أحدا خرج عن الإسلام فى عهده، وبخصوص الحديث الذى جاء ليقول عن الرسول "من ارتد عن دينه فاقتلوه" فهذا حديث أحاد "أى أن راويه شخص واحد"، وقضايا العقيدة لا يؤخذ فيها بالأحاديث الأحاد، كما أن الإمام مالك قال "يستتاب الملحد إلى آخر العمر ولا يقتل".
الملحدون يقولون إن فكرة صفات الله المتناقضة فكرة بشرية بحته.. فما رأيك فى ذلك؟
أرى أن تناقض صفات الله المتناقضة "المنتقم والغفار، القهار والرحيم" إن دلت على شىء فهى تدل على الكمال الإلهى، مثال على ذلك عندما نجد رب أسرة رحيماً بأبنائه فى أوقات وقاسياً فى أوقات أخرى، أول ما نصفه به نصفه بالحكمة لأنه يستطيع خلق نوع من التوازن فى العلاقة، هذا بالنسبة للبشر فما بالنا بالخالق عز وجل الحكيم الغفور الرءوف بعباده.
بخلاف أن الله بعث لنا بالعديد من الرسائل عبررصفاته سبحانه، فنجد فى قوله تعالى "إنه سميع بصير عليم ليس كمثله شىء" أن الخالق أراد أن يخبرنا بأنه سميع للدعاء، بصير بما يفعلونه فلا يستطيع كائن من كان أن يفل أمر دون أن يعلمه الله، عليما بأحوال عباده فيرزقهم من حيث لا يحتسبون.
يرون أن مخاطبة الله للبشر ووعدهم بالحور العين فى الجنة فكرة جنسية بحتة.. كيف ترى ذلك ؟
إن الله سبحانه وتعالى يحاول أن يخاطب عباده بما يشتهونه فى الدنيا حتى يقربهم لما يريده لهم بمفهومهم الدنيوى وإيجاد بديل له فى الآخرة، كما وعدنا بأنهار من عسل وخمر، بالإضافة إلى ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.
أحد الملحدين قال: ألحدت عندما وجدت الإسلام يحول الناس إلى أجسام بلا عقول يسيرون بمبدأ السمع والطاعة.. هل هذا موجود فى الإسلام؟
هذا غير حقيقى وليس له علاقه بالإسلام، وإنما للأسف بعض الجماعات التى تطلق على نفسها "إسلامية" تتاجر باسم الدين لتحقيق مأرب سياسية وتجارية بحتة، ولعل فى صحابة الرسول الكريم عبرة لنا عندما قال الصحابى الجليل أبوبكر "وليت عليكم ولست بأفضل منكم، فإن سددت فأعينونى وإن أخطأت فقومونى"، الأمر نفسه قاله سيدنا عمر رضى الله عنه، فالقرأن الكريم كتاب عقل وفهم والدليل على ذلك أن أول آية نزلت على الرسول الكريم "اقرأ" التى تعنى تدبر وتفكر، بما يعنى أن لإعمال العقل الدور الأساسى فى الإسلام وليس إغلاقه.
يرون أن الكثير من المسلمين يرفعون من شأن الشيوخ محدودى الفكر على العلماء فى مختلف المجالات مثل زويل والبرادعى.. فما رأيك فى هذا ؟
هذا للأسف حقيقى فالكثير منا يصنعون هالات وهمية حول عدد من رموز بعض التيارات، وإنزالهم منزلة أعلى مما يستحقون بكثير ويستخون بإنجازات العلماء الذين قد يكونون أعلى مرتبة وفكرا، الأمر الذى يخلق نوعا من إهانة العلم والعلماء، والإسلام برىء من هذا كله، فالعلم فى الإسلام ليس علم الدين فقط وإنما سائر العلوم، فتخيل أن العلماء ورثة الأنبياء" وهنا لم تقتصر على علوم الدين فقط وإنما سائرها.
"وما خلقنا الإنس والجن إلا ليعبدون" هل ينقص الله عبادة؟
حاش لله، الخالق لا يحتاج لعبادتنا، وإنما أراد أن يكرمنا ويشرفنا بالحياة الأبدية فى الجنة، أذكر لك مثلا لا نستطيع القياس عليه "الشخص يحلم بالزواج وإنجاب أطفال ليفرح بهم ويربيهم تربية صالحة، ويمتعهم بملذات الحياة"، فالله أراد أن يعمر الأرض ويكافئ من يحاول ألا يعصى الله بالنعيم فى الجنة.
أما بخصوص الحكمة من خلق الملائكة، فهى كائنات نورانية خلقها الله ليكلفها بأمور شديدة التعقيد، منها متابعة سير الكون وحمل عرشه وأمور لا تبدوا لنا.
الحبيب الجفرى: لا بد من تفهم معاناة الشباب بسبب «الواقع المرير» الذى نعيشه
سألنا الداعية الحبيب على الجفرى عن الإلحاد واسباب انتشاره فى هذه الأيام، فأجاب علينا فى مقال حاولنا نشره كما هو..
كثُر الحديث هذه الأيام عما يُسمّى ب«ظاهرة الإلحاد»، وكثر الجدل حولها من نواحٍ عديدة، فتارة تُطرح من باب الدعوة إليه أو التحذير منه، وتارة من باب الثقة بأنه القادم المحتوم أو القلق من كونه الإشكال الخطير، وتارة من باب السرور بأنه المُخلّص أو الغضب من كونه الكفر الوقح.
لكنى أركز على ملمح مختلف بعض الشىء، ألا وهو أن الضجيج القائم حول هذه الظاهرة ومختلف التفاعلات معها قد غيَّب عن الأذهان جانباً مشرقاً فيها!، والجانب المشرق هنا هو ضخ دماء جديدة للبحث عن الحقيقة فى مجتمعنا الذى جَمُدت الدماء فى عروقه.
وأمّة تتجمد دماء البحث عن الحقيقة فى عروقها لا يمكن أن تنهض وإن أحرزت صوراً من التقدم المادى أو مظاهر من الحريات الفردية أو الاجتماعية أو السياسية، فضلاً عن أمة ترزح تحت وطأة التخلّف فى مختلف هذه النواحى.
لهذا فنحن بحاجة إلى التريُّث فى ردة الفعل تجاه هذه الظاهرة، وينبغى لنا ألا نقع فى فخ الانفعال التلقائى الغاضب، أو الهجوم المتحامل على الشباب، أو التلويح الأحمق بالعقوبات، أو الدعوة الهمجيّة إلى البطش، فكل هذا يوصل رسائل خاطئة مفادها عدم الثقة بقدرة الإسلام على البيان بالحُجّة والبرهان، كما أنه يؤدى إلى نتيجة واحدة وهى زيادة التشويش على أذهان الشباب، ومن ثمّ مزيد من الانتشار لهذه الظاهرة.
ولدينا جانبان أساسيان فى تناول هذه الظاهرة:
الأول: هو الجزء المتعلق بمسئوليتنا تجاه انتشارها، وهو يتلخص فى تخلف بيت الخطاب الإسلامى عن فريضة التجديد، وتقصيرنا فى بناء قواعد البحث المعرفى لشبابنا، وعجزنا عن تقديم النموذج العملى للحضارة المبنيّة على الإيمان، مع الاكتفاء باجترار الماضى المشرق للحضارة التى شيدها الأسلاف.
الثانى: هو الجزء المتعلق بفهم معاناة شبابنا من واقعهم المرير وتفهّم آمالهم وآلامهم، واحترام عقولهم ومشاعرهم، وإعطائهم حقوقهم التى جعلها الله لهم فى أن يخوضوا تجربة البحث الجادّ عن الحقيقة بما فى هذه التجربة من نجاح وإخفاق وصواب وخطأ.
وحق الإنسان فى أن يُخطئ هو حق أصيل فى الشريعة؛ سواء كان هذا الخطأ نتاجاً لتجربة البحث الجاد أم كان صادراً عن طبيعة الضعف البشرى.
فصاحب الخطأ الناتج عن البحث الجاد عن الحقيقة له أجر كما أخبر المعصوم (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثمّ أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثمّ أخطأ فله أجر». رواه البخارى.
وفهِمَ العلماء من هذا الحديث أن الجادّ فى محاولته للوصول إلى الصواب، الآخذ بأدوات الاجتهاد، الصادق فى طلب الوصول إلى الحق، له أجر وإن لم يصل إليه، ولهذا قالوا: «كل مجتهدٍ مُصيب»، وقالوا: «الحق واحد لكن الصواب متعدد».
كما أن الخطأ الناتج عن الضعف البشرى أيضاً طريق للوصول إلى الحقيقة فى حالة الاعتراف به والسعى نحو تصحيحه، ولهذا شرع الله لنا التوبة، بل جعل تكررها الناتج عن تكرر الخطأ طريقاً إلى نيل محبة الله، قال تعالى:
{إنَّ اللهَ يُحبُّ التوّابين ويُحبُّ المُتطهِّرين}، وقال تعالى: {قُلْ يَا عِبادىَ الَّذينَ أَسرَفُوا على أَنفُسِهِمْ لَا تَقنَطُوا مِن رحمةِ اللهِ إنَّ اللهَ يَغفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إنّهُ هُوَ الغفورُ الرحيم}.
بل إنّ الخطأ الناتج عن الضعف البشرى مظهرٌ من مظاهر حكمة الله فى خلقه ورحمته بهم، قال الرحمة المُهداة (صلى الله عليه وآله وسلم): «لو أنكم لم تكن لكم ذنوب يغفرها اللهُ لكم، لجاء اللهُ بقوم لهم ذنوب يغفرها لهم». رواه مسلم.
لهذا فنحن بحاجة إلى الكفِّ عن لغة التعنيف والتهجّم والتهديد التى لا تُجدى نفعاً، لننتقل إلى مرحلة تحمّل المسئولية والاعتراف بالخطأ والعمل الجادّ على الإجابة عن أسئلة الشباب.
وأهمس هنا فى أذن الشباب بأن يكونوا جادّين فى طلب الحقيقة أو الصواب، آخذين بأدوات البحث العلمى، صادقين فى التفرقة بين البحث الجادّ والاستسلام للسخط على الواقع، وأن يعملوا بهمّة على التحرر من عبودية الرغبات والشهوات ومزاجيّة الأهواء، كى لا تُشوّش على موضوعية عقولهم الباحثة.
وألا يعتدوا على شرف قيمة حرية البحث وحرية التعبير وأخلاقياته، وذلك بتعدّيهم على قيمة أخرى وهى احترام حق المتدين فى ألا تُنتهك معتقداته بالسب والتجريح والسخرية، فهناك فرق بين النقد والسباب.
وهذه الهمسة أبثّها أيضاً إلى من كان بحثهم عن صوابية وجود الحقيقة فى معترك النسبية المطلقة وفلسفة الحداثة وما بعد الحداثة.
وأتذكّر هنا موقفاً احترمته لشاب اختار الإلحاد؛ حيث رفض العمل على دعوة من حوله إلى اختياره، لأنه يعتبر نفسه فى مرحلة من مراحل التأكّد من صحة هذا الاختيار؛ وذلك بسعيه نحو الوصول إلى الانسجام العقلى والقلبى والنفسى مع اختياره، والتأكد من أنه قد تخلّص فى اختياره من تأثير ردة الفعل تجاه الواقع الذى نعيشه، وذلك بسبب شعوره بالمسئولية تجاه الآخرين، ورجوت أن تكون هذه حال كثير من المتدينين المعاصرين تجاه من يحيط بهم.
وأخيراً.. إن ما توصلتُ إليه بعد بحث ودراسة، لا تزال مستمرة عبر الاستبانة والاستقراء والحوار مع شرائح متنوعة من الشباب، هو أنَّ كثيراً ممن يعتبرون أنفسهم ملحدين أو لا دينيين أو حتى متشككين ومستشكلين، هم فى الحقيقة باحثون عن أجوبة لأسئلة تجيش بها صدورهم ومن حقهم أن يأخذوا الفرصة والوقت الكافيين فى البحث الجادّ عنها.
{أوْ كالَّذى مرَّ على قريةٍ وهى خاوِيةٌ على عُروشِها قالَ أنَّى يُحيِى هذهِ اللهُ بعدَ مَوتِها}.
اللهم يا مَن احتجبَ بنور ظهوره عن خلقه، وأشهدهم حقيقة وجوده بتجلى أفعاله، وأودع فى مكنون قلوبهم بصيرة خرق حجاب نفوسهم، دُلّنا بك عليك، وأوصلنا بفضلك إليك، وانقلنا من حيرة الوهم إلى حيرة الفهم، يا قُدّوس يا سلام!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.