تنفس اللبنانيون الصعداء عندما أعلنت السلطات العسكرية والأمنية أنه لادوافع سياسية وراء اغتيال السياسي والإعلامي السوري المقرب من نظام بشار محمد ضرار جمّو منذ يومين ببلدة الصرفند في جنوب البلاد، وأن هناك دوافع عائلية وراء الجريمة. وأجمع فريقا الموالاة والمعارضة في لبنان وسوريا على "إدانة" الجريمة ، رغم اختلافهما في تفسير أسبابها إذ قدمت "دليلا" إضافيا بالنسبة للموالين للنظام السوري على "إرهاب" المجموعات المسلحة التي تحارب في سوريا ، بينما سعت جهات معارضة إلى "تبرئة" نفسها من الجريمة ومعتبرة أن المسئولية يتحملها حزب الله بتدخله في الصراع السوري ، إلا أنه ثبت أن كل هذه الاستنتاجات لامحل لها من الإعراب ويجب إدخارها لحادث آخر يتوقعه كثيرون في ظل هشاشة الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد وتداخل الوضع السوري واللبناني مثلما تتداخل الحدود والعائلات بشكل يصعب السيطرة عليه. أعطى الدافع العائلي للجريمة هدنة نفسية ليس اللبنانيين فقط ، ولكن للاجئين السوريين أيضا الذين كانوا قد بدأوا يتعرضون لحملة تتهمهم بأنهم سبب لعدم الاستقرار في لبنان، وسط إدعاءات بأن هناك 50 ألف مسلح منشرون بين النازحين السوريين التي تقدر الأممالمتحدة عددهم بنحو 600 ألف، في حين ترفع المصادر اللبنانية عددهم إلى نحو المليون وأكثر. وعقب الجريمة مباشرة ظهرت دعوات مهذبة لإنشاء مخيمات للاجئين السوريين، مثلما اقترح الزعيم الدرزي وليد جنبلاط زعيم جبهة النضال الوطني، وأخرى لاتخلو من الحدة تطالبهم بالعودة إلى وطنهم بعد أن تم الإتفاق مع النظام الذي طردهم على تأمين عودتهم وفقا للشروط والضمانات التي يريدونها، مثلما قال العماد ميشال عون زعيم التيار الوطني الحر بعد أن أبلغه بذلك وزير المصالحة الوطنية في الحكومة السورية علي حيدرمنذ يومين . اكتشاف الجريمة والفاعلين بهذه السرعة، شكل إنجازا لقوى للأمن والجيش اللبناني اللذين يتعرضان لضغوط هائلة، في ظل حرب مستعرة في سوريا وأزمة سياسية تبدو بلا حل في الداخل واستقطاب سني شيعي لايشمل اللبنانيين فقط ولكن يخشى أن يتورط فيه السوريون والفلسطينيون في المخيمات. وأعلنت قيادة الجيش اللبناني أن تحريات مخابرات الجيش اللبناني أكدت أن الجريمة عائلية شخصية، وتوصلت إلى تحديد هوية الفاعلين وتوقيفهم وضبط السلاح المستخدَم في الجريمة. وما لم تذكره قيادة الجيش صراحة ذكرته مصادر قريبة للتحقيقات للصحف اللبنانية إذ كشفت التحريات الأولية أن زوجة السياسي السوري، هي التي حرضت على قتل شريك حياتها، وأن شقيقها وابن شقيقتها نفذا الجريمة، و أن القتلة قد عطلوا جميع الكاميرات قبل يومين تمهيدا لتنفيذ جريمتهم. ووفقا للمعلومات الأولية فإن الخلافات تعود إلى أنّ جمو كان يريد نقل عائلته الى سوريا إلا أنّ الزوجة رفضت واستنجدت بشقيقها الذي نفذ مع ابن شقيقته الجريمة، في وقت تحدث البعض عن "خلافات" تعود لمرحلة ماضية. جريمة قتل مدانة في كل الأحوال،ولكن كونها عائلية فإنها أصبحت مأساة أسرة، أما لو كانت سياسية فإنها قد تصبح مشكلة دولة بأكلمها.. دولة لديها مايكفيها من المشاكل.