نددت سوريا اليوم (الأحد 16 يونيو/حزيران) بقرار الرئيس مرسي مساء أمس -السبت- قطع العلاقات الدبلوماسية مع دمشق ووصفته بالتصرف "اللامسئول، بحسب ما افاد مصدر رسمي. ونقلت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) عن "مصدر مسئول في الجمهورية العربية السورية" قوله إن دمشق "تدين هذا الموقف اللا مسئول الذي يعكس محاولة مرسي تنفيذ أجندة الإخوان المسلمين هروبا من الاستحقاقات الداخلية القادمة"، متهما الرئيس المصري بانه "انضم الى جوقة التامر والتحريض التي تقودها الولاياتالمتحدة وإسرائيل" ضد سوريا. ومن جانب أخر قال محللون مصريون اليوم (الأحد 16 يونيو/حزيران) ان الرئيس المصري الاسلامي محمد مرسي يحاول الهروب من الازمة السياسية الداخلية والتظاهرات المناهضة له المتوقعة نهاية الشهر الجاري عبر التركيز على النزاع السوري ومحاولة كسب ود الولاياتالمتحدة من خلال تبني مواقفها في سوريا. واعلن مرسي المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين مساء السبت "قطع العلاقات تماما مع النظام السوري"، وقال في كلمة القاها امام الاف الاسلاميين المحتشدين في ملعب "ستاد القاهرة" في مؤتمر "لنصرة سوريا" نظمته الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح السلفية ان مصر "قررت اليوم قطع العلاقات تماما مع النظام الحالي في سوريا واغلاق سفارة النظام الحالي في مصر وسحب القائم بالاعمال المصري" في دمشق. وكانت مصر وسوريا تبادلتا سحب سفرائهما بالفعل في فبراير/شباط 2012 خلال فترة حكم المجلس العسكري لمصر وانقطعت خطوط الاتصال السياسي بين القاهرةودمشق منذ اكثر من عام، حسبما قال دبلوماسيون لوكالة فرانس برس. واستغل الرئيس المصري الفعالية الداعمة لسوريا لتوجيه تحذير، اعتبر المحللون انه موجه للحركات الشبابية والاحزاب المعارضة التي دعت الى التظاهر نهاية الشهر الجاري، للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة. واكد مرسي انه سيتم التعامل "بكل حسم مع العابثين" من بقايا النظام السابق، واضاف "الواهمين الذين يتصورون ان بامكانهم هدم الاستقرار والشرعية (...) هؤلاء الواهمون انصار النظام السابق وبقايا فلوله" سيتم التعامل معهم "بكل حسم". ويواجه الرئيس المصري غضبا شعبيا متصاعدا تبلور حول "حركة تمرد" الشبابية التي تجمع توقيعات للمطالبة باجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ودعت الحركة التي التفت المعارضة المصرية حولها وفي القلب منها جبهة الانقاذ الوطني (الائتلاف الرئيسي للمعارضة المصرية)، الى الحشد لتظاهرات في 30 حزيران/يونيو الجاري بمناسبة الذكرى الاولى لتولي مرسي السلطة. وبحسب الصحف المصرية فان حملة "تمرد" نجحت حتى الان في جمع ما يقرب من 15 مليون توقيع على هذه العريضة. وتستغل الحركة تفاقم الازمة الاقتصادية وشح المنتجات البترولية وتكرر انقطاع الكهرباء وغلاء اسعار السلع الاساسية لحشد الاف المصريين الغاضبين ل "اسقاط حكم الاخوان" حسبما تقول. واستحوذت قرارات مرسي على جل اهتمام الصحف المصرية المستقلة والقومية الصادرة اليوم (الأحد 16 يونيو/حزيران). وقالت صحيفة الاهرام المملوكة للدولة في صدر صفحتها الاولى "مصر تقطع العلاقات مع سوريا"، فيما قالت صحيفة الشروق المستقلة "مرسي يقطع العلاقات مع سوريا" لكن صحيفة المصري اليوم المستقلة اهتمت اكثر بالشان الداخلي في خطابه قائلة "الرئيس يحذر المصريين اياكم ان تستدرجوا لما لا نحب لمصر". وخلال عامه الاول في الحكم، اكد الرئيس مرسي بشكل مستمر على حل الأزمة في سوريا بشكل سياسي، كما اقترح لجنة رباعية من مصر وايران وتركيا والسعودية للامر ذاته. واعتبر وزير الخارجية المصري السابق محمد العرابي، الذي كان يتولى هذا المنصب في فترة حكم المجلس العسكري التي اعقبت اسقاط حسني مبارك ،ان "الاسباب الداخلية هي التي حكمت قرارات الرئيس المصري تجاه سوريا"، وقال لفرانس برس "النظام المصري يواجه مأزقا سياسيا داخليا يحاول صرف الانظار عنه عبر التركيز على مشاكل السياسة الخارجية.. هذا امر دارج في السياسة". واضاف العرابي "الموقف جيد لكنه متأخر وغير فعال فالسيناريو الحالي موجود في سوريا منذ عامين وبالتالي التوقيت نفسه مثير للتعجب"، وتابع "هناك ازمة داخلية في مصر وهو (مرسي) يحاول استخدام كل الوسائل للخروج منها". بدوره يعتقد المدير التنفيذي للمجلس المصري للشئون الخارجية السفير السابق السيد امين شلبي ان الرئيس المصري "يحاول التركيز على قضايا خارجية تحقق نوعا من الالتفاف الشعبي حوله"، لكن شلبي قال لفرانس برس "هذا الموقف لن يكون له تأثير كبير على الحراك الشعبي المناهض لمرسي والذي يواصل حشد المواطنين ليوم 30 (حزيران) يونيو". وتابع "الازمة الداخلية اعمق بكثير من ان يغطيها التركيز على قضايا السياسة الخارجية". وخلال الاسابيع القليلة الماضية، شاركت جماعة الاخوان المسلمين في مسيرات وفعاليات حول قضايا خارجية حاشدة الالاف من انصارها في الشارع من بينها مسيرة لدعم القدس قبل عشرة ايام. وتحولت تظاهرة شارك فيها بضعة الاف من الاسلاميين الجمعة في مسجد عمرو بن العاص في القاهرة بهدف "نصرة الشعب السوري" الى تظاهرة لمناصرة الرئيس المصري. واستغل القائمون على "حركة تجرد"، وهي حركة شعبية تهدف لجمع توقيعات لدعم شرعية مرسي، التظاهرة وقاموا بجمع توقيعات من المشاركين. وهتف المتظاهرون "بنحبك يا مرسي"، كما وزعت منشورات تروج "لانجازاته" خلال سنته الاولى في الحكم. وكان حزب النور السلفي، الذراع السياسية للدعوة السلفية، اعلن قبل ايام عدم مشاركته في مظاهرات نهاية الشهر، مشددا في بيان على "ان الحشد والوعيد من الجانبيين (معارضي وانصار مرسي) بالنزول يوم 30 يونيو يوحي بأجواء حرب وصدام سوف يخسر فيها الجميع". كما تحفظ القيادي بالحزب نادر بكار على مؤتمر "نصرة" الشعب السوري الذي قال ان حزبه اعتذر عن المشاركة فيه بقوله "نتحفظ على فعاليات متعددة تُقام في هذا التوقيت تحديدا ًلتؤجج من نار الحشد والحشد المضاد قبل يوم 30 يونيو". ويقول محللون ان مرسي يحاول راب اي صدع في صفوف الاسلاميين قبل التظاهرات لضمان دعمهم له خاصة مناصريه من الجماعة الاسلامية. وتقول ايمان رجب، الخبيرة في مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ان مؤتمر دعم سوريا "يهدف لتوجيه رسالة مفادها ان "الرئيس المصري ليس وحيدا" عبر تعظيم سياسة الحشود لانصاره الاسلاميين. وقالت رجب لفرانس برس "هناك رسالة اخرى بان التحالف الاسلامي متماسك وخاصة مع تواجد جزء من السلفيين والجماعة الاسلامية في المؤتمر حتى لو غاب عنه حزب النور". وترى رجب ان قطع العلاقات مع سوريا هي رسالة موجهة كذلك الى الولاياتالمتحدة في تلك اللحظة الحاسمة قبل تظاهرات نهاية الشهر للتاكيد على انه قادر على مساعدتها في تنفيذ سياساتها في الشرق الاوسط وخصوصا في سوريا. وقالت ان "نظام مرسي تبنى الموقف الامريكي في الصراع في سوريا المنصب حول دعم المعارضة المسلحة والتضييق على النظام السوري ودعم الدول التي تسلح المعارضة"، وهو ما وصفته بانه "محاولة استباقية من مرسي لخطب الود الامريكي وتحقيق انجاز لواشنطن في الشرق الاوسط مقابل غض الطرف عن الطريقة التي يمكن ان يتعامل بها مع التظاهرات المتوقعة". واعتبرت صحيفة الوطن المستقلة التي تتخذ عادة مواقف مناهضة للاسلاميين ان "مرسي يقدم القربان الاخير لامريكا".