يصادف الرابع عشر من يونيو/ حزيران 2013 الذكرى السنوية السادسة لإنقلاب حركة حماس عام 2007 على النظام السياسي الفلسطيني في قطاع غزة، وما ترتب عليه من تداعيات كان لها انعكاساتها من حيث مفاعيلها على القضية والشعب الفلسطيني على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية. أن للإنقلاب أبعاد أعمق يمكن قراءتها من منظور أكبر مما حدث في يونيو/ حزيران 2007، وأبعد من كونه صراع سياسي أو صراع على السلطة بين حركتي فتح وحماس، وفقاً لهذا المنظور لم يكن إنقلاب حركة حماس على المشروع الوطني الفلسطين وليد حزيران/يونيو 2007، فالفكرة كانت قائمة منذ تأسيس الحركة في ثمانينات القرن الماضي، والمتابع لتطور الأحداث منذ أحداث الجامعة الإسلامية 1982 وحتى الإنقلاب يمكن أن يتلمس أهدافها القائمة على تشكيل بديل لمنظمة التحرير، ثم إفشال مشروع السلطة وتأسيس نظام سياسي جديد ومرجعية جديدة مختلفة تماماً عن المشروع الوطني، مشروع يرتبط بمرجعية حركة حماس وأصولها جماعة الإخوان المسلمين، في هذا السياق يمكن تفسير توظيفها للآلية الديمقراطية لتكتسب شرعية جديدة وظفتها للانقلاب على النظام السياسي. إن ما جرى في قطاع غزة في يونيو2007، رسم أبعاد مرحلة معقدة وخطيرة في تاريخ النضال الفلسطيني قوامها تفكيك القضية الفلسطينية، وإضعاف قدرة الفلسطينيين على الفعل والتأثير سواء في إطار المقاومة أو التسوية السياسية، وترك تداعيات كان لها انعكاساتها السلبية على القضية الفلسطينيه على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية. فلسطينياً لم يخلق الانقلاب حالة من الانقسام الجيوسياسي فحسب، بل امتد ليصبح انقساماً ثقافياً واجتماعياً وقانونياً، باعتبار حركة حماس تحمل مشروعاً مغايراً ينتج ثقافة مغايرة لثقافة الآخر هذا من جانب، وعلى الجانب الآخر ترك شرخاً في النسيج الاجتماعي، وأثر سلباً على المشروع الوطني برمته. (التسوية السياسية / المقاومة)، فالتسوية في حالة جمود والمقاومة في حالة تراجع، أثراً لذلك تبلورت حالة من اللاحرب واللا سلم، وضعفت امكانية بناء إستراتيجية وطنية للمقاومة أو للتسوية، بما يشكلُ وضعاً مناسباً لإسرائيل والولايات المتحدة. وعلى المستوى الإقليمي أخذت عملية التشكيك بقدرة الشعب الفلسطيني على حكم نفسه بنفسه خطاً بيانياً متصاعداً، ما شجع على طرح مشاريع الوصاية، والوطن البديل، وإعادة ربط قطاع غزة بمصر والضفة الغربية بالأردن، اضافة إلى ارتفاع وتيرت التدخلات الخارجية في الشأن الفلسطيني الداخلي بحيث أصبحت أكثر حضوراً اثراً لضعف الجبهة الداخلية. الانقلاب وما ترتب عليه من انقسام جيوسياسي، أدى الي تراجع القضية الفلسطينية على سلم أولويات المجتمع الدولي، وتحويلها من قضية سياسية إلى مجرد قضية انسانية تحتاج إلى مساعدات غذائية ورفع للحصار، كما أضحى من الصعوبة بمكان تطبيق قرارات الشرعية الدولية، بوصفها تتحدث عن الضفة وقطاع غزة كوحدة واحدة. والمحصلة أدى الانقلاب إلى تجذير حالة من التشتت والفرقة على المستوى الفردي والجمعي فضاعت مرتكزات القوة في البناء الفلسطيني، وفقدنا فرص التسوية العادلة وفرص العودة للمقاومة المسلحة، في هذا السياق فإن مصير القضية الفلسطينية مستقبلاً يرتبط ارتباطاً وثيقاً بإعادة تصحيح المسار، وهذا يعتمد على قدرة النخبة على تجاوز الخلافات والوصول بالشعب والقضية إلى بر الأمان، في ظل تراجع القضية الفلسطينية وانشغال المجتمع الدولي عنها، وحرصه على بناء نظام عربي جديد قائم على دويلات طائفية وعرقية واثنية. وفقاً لهذا المنظور يجب أن تُرسم السياسات وتُخط الاستراتيجيات، ويتحدد دور كل من طرفي الانقسام، من هنا فإن على حركة حماس، وقيادتها وأفرادها العودة للمسار الوطني الذي حرفه البعض بل الكثير من قيادتها لأسباب شخصية أو حزبية أو إقليمية. وهي دعوة لحركتنا فتح تعالوا نلقي بكل خلافاتنا وننهض من جديد لتقوم الحركة بدورها الريادي نحو قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية بمشاركة الكل الفلسطيني وبوصلتنا نحو الدولة والقدس العاصمة.