تفتح «الأهرام العربي» ملف الجهاديين المصريين الذين يسافرون للقتال ضد نظام بشار الأسد في سوريا، وحتى وقت قريب كان هذا الملف من المحرمات، وشيئا فشيئا بدأت تتكشف خيوطه، مع استشهاد العديد من المصريين هناك، ووقوع بعضهم في قبضة النظام السوري. قرية عرب الصوالحة، بمحافظة القليوبية، إحدى القرى المصرية التي خرج منها بعض الجهاديين ضد نظام الأسد، حيث ترددت أنباء كثيرة عن سفر العديد من شباب القرية للجهاد في سوريا ضد نظام بشار الأسد، وتواترت أنباء أخري عن استشهاد العديد منهم. «الأهرام العربي» ذهبت إلي هناك، والتقت بالحاج حسن زايد، والد الشهيد حمدي الذي تخرج في كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، وكان يحفظ القرآن كاملا منذ نعومة أظفاره، وبعد زواجه بأيام قليلة سافر إلي سوريا تاركا عروسه في شهور الزواج الأولي، متجها إلي سوريا للانضمام للمجاهدين هناك، لكنه كما يقول والده لم يخبر أحداً بذلك، وقال إنه مسافر إلي الإسكندرية لمدة شهر أو شهرين لأخذ بعض «الكورسات» من أجل الحصول علي درجة علمية أعلي. ويحكي الحاج حسن قصة سفر نجله واستشهاده قائلا «يوم 7 رمضان الماضي، أخبرني نجلي حمدي بأنه مسافر إلي الإسكندرية لاستكمال بعض الدراسات، وكان الشيخ عطيه قد زاره قبلها بأيام ليبارك له الزواج، إلا أن حمدي انقطعت أخباره ولم أدري عنه شيئاً إلا بعد ثلاثة أشهر من سفره، عندما اتصل شخص يتحدث بلهجة شامية علي تليفون حاتم، ابن عم حمدي، يخبره بأن حمدي بخير وأنه مع المجاهدين في سوريا، وكانت المكالمة من رقم من سوريا، فأخبرنا حامد بقصة تلك المكالمة". وأضاف والد الشهيد “صعقت من هول الصدمة، وأخذت أحاول الاتصال بالرقم السوري فوجدته مغلقا، وبعد شهرين تكررت المكالمة من نفس الرقم، وتم غلقه أيضا بعد ذلك وحتي الآن.. ومنذ أيام قليلة جاء الخبر بوفاة شخص علي الأراضي السورية من قرية عرب العليقات، وهي قرية مجاورة لعرب الصوالحة اسمه شريف من عائلة الفرماوي، وبعدها ذاع خبر آخر بأن الذين توفوا ثلاثة أشخاص شريف الفرماوي، وابني حمدي، وشخص ثالث، في تفجير لأحد المساجد، على أيدي قوات الأسد، فذهبت إلي صاحب المعلومة وهو شخص يدعي سليمان أحمد كليب، فأكد لي الخبر وقال إن الذي أبلغه بذلك شخص من القرية مقيم في الكويت اسمه محمد أبو عطية، فقمت بالاتصال بمحمد أبو عطية، فأخبرني بأن ابني بخير، ثم اتصلت به بعدها بأيام قليلة مرة أخري للاطمئنان، فقال لي انتظر مكالمة تليفونية اليوم، وبعدها بساعة واحدة جاءتني مكالمة بالفعل من رقم مصري، وإذا بشخص يخبرني بأن نجلي حمدي استشهد علي الأراضي السورية، فاتصلت بمحمد أبو عطية وقلت له الرسالة وصلت، وسألته كيف علم بوفاة ابني هناك، فقال: عن طريق الإنترنت، وأن له اتصالات مع بعض السوريين الموجودين مع ابني هناك. ويستطرد الحاج حسن قائلا “بشعور الأب، لدي إحساس أن ابني لم يمت وأنه سيعود، ولم أعلن وفاته ولم أتقبل فيه العزاء، وفي اليوم التالي اتصلت بالرقمين اللذين أخبرني منهما هذا الشخص بوفاة ابني، وإذا بمالك الرقم الأول يخبرني بأنه صاحب سنترال في منيا القمح بالشرقية، ومالك الرقم الثاني أخبرني بأنه صاحب سنترال في قويسنا بالمنوفية، فكيف حدثني هذا الشخص من الشرقية وبعدها بدقائق حدثني من المنوفية، فبدأت أتشكك في الأمر، فأعطيت أحد الرقمين لأخي واتصل في اليوم التالي، فرد شخص وقال إنه من الإسكندرية. فسألته: وهل كان ابنك يحدثك عن الجهاد أو عن سوريا؟ وهل كان يعرف استخدام السلاح؟ فأجاب: ابني كان يقول إن بشار يحارب الإسلام، والجهاد ضده فريضة، مؤكدا أن ابنه لم يحمل في حياته سلاحا، وأنه مريض، وقام بتغيير صمام في القلب، وأشار إلي أنه ترك وصية مكتوبة يطلب مني فيها مسامحته لأنه كذب علينا وسافر بدون علمنا، وطلب في نهاية الوصية إن استشهد وجاء جثمانه إلي مصر ألا يغسله سوي الشيخ عطية. تركت الحاج حسن وذهبت إلي أسرة الشهيد شريف الفرماوي، لكنهم رفضوا الحديث في البداية، ثم تحدثت مع مصطفي أخو الشهيد، الذي أخبرني بأن أخيه أخبرهم بأنه مسافر إلي السعودية للعمل هناك، وبعد عدة شهور جاءهم اتصال تليفوني من نفس الرقم السوري الذي أبلغ الحاج حسن بوفاة ابنه حمدي، ليخبرهم بوفاة واستشهاد شريف. وأضاف مصطفي بأن شريف حاصل علي بكالوريوس تجارة، وكان يعمل مديرا ماليا بإحدى الشركات الاستثمارية الكبري، ومتزوج ولديه بنتان وولد، وترك ذلك وذهب للجهاد، وأنه كان دائم الدعاء بطلب الشهادة والموت في سبيل الله، وأن العديد من أصدقائه قد ذهبوا للجهاد في سوريا واستشهدوا أيضا، مثل محمد الطوخي وهو طالب في السنة الرابعة بكلية الطب، وإسلام صلاح وهو في السنة الثالثة بكلية الهندسة، وشقيقه السيد وهو مدرب كاراتيه، قد ذهب أيضا إلي هناك وهو لا يعلم باستشهاد أخيه، ولا معلومات عنه حتي الآن، وحاولنا التحدث مع أهالي هؤلاء الشهداء لكنهم فضلوا عدم التحدث الآن.