لا يمكن لأي مؤسسة أن تنهض ما لم تكن في ذات الوقت متخذةً باعتبارها تجارب الأمم الأخرى، الانهيار في المنظومة الصحية على المستوى العربي أصبحت واضحة، فيما كانت الدول العربية من قبل مبدعةً في هذا المجال. ازدادت البيروقراطية والأشكال الاستعراضية في البناء وخفت شكل الخدمة العظيمة التي تتجسد عبر منظومة من الخدمات واستراتيجيات مبنية على نظر الخبراء والعلماء. نستفيد من ماليزيا في الطيران مثلاً كما نستفيد من اليابان في الصناعة ونستفيد من كوبا في الصحة والطبابة.. نعم من كوبا، وتجربتهم الصحية جداً ثرية وتستحق أن تكون موضع أبحاث ودراسات. الدكتور جاسر الحربش فصّل في الحديث عن التجربة الكوبية، وهو الذي قال في مقالة له: "نجاح كوبا المتميّز على مستوى العالم في الرعاية الطبية يقول: كلما كانت النقود كثيرة والبهرجات الهندسية والتجهيزية في المرافق الطبية من الأولويات يصبح من المتوقع أكثر دخول التسرّبات وضبابية الرقابة والإهدار المالي على الخطوط والمسالك في الأنظمة الصحية، وبالتالي وقوع الأداء الصحي العام ضحية لوحش البيروقراطية ذي السبعين ذراعاً وذراعاً. هذا الواقع تشتكي منه دول العالم الأول التي هي أمريكا وكندا أوروبا، قبل أن تشتكي منه دول العالم الثاني والثالث، لأن هذه الأخيرة تشتكي من أشياء كثيرة، وما الأداء الطبي سوى واحد منها". إنها التجربة الكوبية، مع أن كوبا دولة نفطية أيضاً والتشابهات ليست قليلة، لكن استطاعت أن تكون ميداناً للتطور الصحي والخدمة الصحية والمختبرات. ليس صعباً أن نكون بمصاف الأمم الكبرى في مجالاتها فلدينا اقتصاد ضخم من أهم مناطق الاقتصاد في العالم، لدينا الموارد البشرية من خلال الشباب والشابات الذين لديهم استعداد لأن يبدعوا في المجال الصحي. لدينا المقومات الإدارية في حال تخلّصت من وحش البيروقراطية الفجة التي تعطّل الإدارة الحيوية الخلاّقة. كوبا البعيدة يمكنها أن تكون نموذجاً يحتذى، يمكننا أن نتخلص أو نخفف من الكوارث الصحية عبر استلهام تجربتها، يومياً وآخرها الأسبوع الماضي كان هناك فقر مدقع للأسرّة التي يحتاجها المريض. معركة طويلة يعيشها يومياً أكثر من مريض بحثاً عن سرير! بآخر السطر، بدلاً من المستشفيات التي تطرد المرضى يمكننا أن نبني المستشفيات التي تعالجهم، ولنا في تجارب الأمم البعيدة والقريبة خير مثال.