سؤال يبحث عن القصاص طرحته مصر كلها التى اعتصر الحزن قلبها، وسالت دموع المصريين عن بكرة أبيهم أنهارا لعلها تغسل الأرض التى اصطبغت بلون الدم، لا أحد يعرف لماذا حدث ماحدث ؟ لماذا وقعت الواقعة الكبرى التى اهتز لها وجدان العالم كله من أقصاه إلى أقصاه ؟ كيف طاوعت نفس القاتل أن يقتل أخاه فى الإنسانية والوطن ؟ وأين كان رجال الأمن؟ وكيف قبلت ضمائرهم الصمت عن غوث الملهوف أمام أعينهم ؟ وفى رقبة من تعلق الدماء البريئة التى أريقت فى مذبح ملعب المصرى البورسعيدى؟ البحث عن الإجابة على هذه الأسئلة أمر لن يشفى غليل أمهات اكتوى قلبها بنار الفراق العمدى، الذى لم يكن بسبب حادث عبارة هذه المرة أو حريق قطار أو غيرها من مئات الأسباب التى أراقت دماء المصريين وقلنا قضاء وقدرا، لكن الأمر مختلف هذه المرة، فالمسرح الذى شهد المذبحة الشنيعة، ملعب أنشأته الحكومة من أجل ترضية الشباب ومتعة للمحبين للرياضة، أنفقت الدولة عليه ومن أجل تطويره المرة بعد الأخرى من مالها الذى هو مال من راحوا فيه ومن قتلوهم ومن اكتفوا بالمشاهدة وكأنهم أمام مشهد فى فيلم، أو منظر اعتادوا عليه، أو انتظروه طويلا ليرد لهم بعض ما ضاع من هيبتهم، تحول الملعب إلى مذبح وسالت فيه الدماء البريئة النقية لشباب بعضهم فى سن البلوغ لم يعرفوا الدنيا بعد، أحلامهم لم تكتمل فى الرؤى حتى الآن، كل ذنبهم أنهم أحبوا الأهلى وساروا خلفه من أجل تشجيعه لترتسم البسمة فى الأيام العصيبة على محياهم. لكن البسمة غابت هذه المرة وحل العبوس محلها ليس على وجوه الراحلين إلى أعدل العادلين ولكن على وجوه كل المصريين، ليبقى السؤال مطروحا : من القاتل ؟ من الذى استهان بمصر واستباح حرمتها واستهدف هيبتها واغتال مستقبلها المتمثل فى شبابها الذى تعده لغدها الذى تأمله مشرقا ؟ من الذى قتل؟ ولماذا ؟ وبأى جريرة ارتكب فعلته البشعة ؟ والإجابات عن كل هذه الأسئلة باتت فى يد رجال النيابة والقضاء الذى يتولى الأمر الآن ليشفى غليل الشعب كله وليس أسر الشهداء فقط وإنا لمنتظرون.