فى غمرة كل ذلك التناطح والتراشق والاختلاف بين قوى الإسلاميين وسائر القوى الأخرى والانقسام بين مؤيد ومعارض، بين من يقولون نعم ومن يقولون لا، سألنا القانونى والسياسى والنائب السابق زياد العليمى، عن رأيه فيما يدور الآن والصراعات القائمة حول الإعلان الدستورى والدستور وجمعيته التأسيسية، فأجابنى كما اعترضنا على أن يقوم المجلس العسكرى بعمل استفتاء بقرار منفرد، حتى وإن قام بعمل إعلان، لأنه بذلك يستبدل شرعية الشعب بشرعيته هو، فبالتالى فنحن الآن أمام خيارين إما أن يوافق القضاة بشكل نهائى على الإشراف الكامل وأكرر الكامل، أو أن يقرر الرئيس تعديل الإعلان الدستورى دون أن يستفتى عليه، وبذلك يكون قد وضع شرعيته أمام شرعية الشعب، وبذلك يفقد شرعيته برغم أن الإسلاميين طوال الوقت يتحدثون عن الشرعية!! كيف ترى ما يجرى الآن؟ وما المطلوب من الرئيس؟ من مصلحة البلد تراجعه عن الإعلان الدستورى وأن يتم عمل دستور توافقى بجمعية تأسيسية توافقية لإنقاذ البلد وليس التمسك بقرارات صدرت له من جماعة الإخوان، لأنه بذلك يقوم بإسقاط نفسه بنفسه، والآن الكرة فى ملعب الرئيس، فالناس تصرخ فى الشوارع «اللى بيحصل ده غلط» وعلى السلطة الحاكمة أن تستجيب للإرادة الشعبية التى بالملايين فى الشوارع. ما اعتراضاتك على الجمعية التأسيسية ؟ الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، شارك فيها غير أكفاء ومعظمهم كان دورهم التصويت على المواد فقط! فكان منهم 24 عضوا لم يتكلموا ولا مرة طبقاً للمحاضر ولا حتى استفهموا .. و9 أعضاء ممن تكلموا استفهموا مرة واحدة أو تكلموا مرة واحدة خلال الستة أشهر !! و22 عضواً يعملون كوزراء ومستشارين للرئيس!! إن من عملوا فعلياً هم 35 عضوا فقط مقابل هؤلاء ال 65 غير الأكفاء الذين ليسوا أهلاً لصياغة الدستور!! والطريقة التى تم بها اختيار الجمعية وكما صورتها التليفزيونات كانت بالورقة الدوارة التى طافت على النواب من حزبى الحرية والعدالة والنور لأشخاص لا يعرفونهم أصلاً وهذا من حيث البداية أصلاً. قلت لى إن هناك جهودا لإيضاح أسباب رفض الدستور تقوم بها تحت عنوان لهذا نرفض الدستور، فهل يمكن أن نفند بعض بنود ومواد الدستور؟ نرفض الدستور لأن المادة 62 من الدستور تنص على أن تخصص الدولة للرعاية الصحية نسبة كافية من الناتج القومى دون تحديد النسبة، وحتى تحديد أولوياتها فى الموازنة العامة، وهى صياغة مطاطة تفتح الباب أمام استمرار الوضع كما هو بأن يكون إنفاق الدولة على التعليم والصحة مجتمعين أقل من الإنفاق على الداخلية. ترى أن هناك فى الدستور ما يفتح الباب أمام العمل بالسُخرة فيما يخص الأجور؟ نعم فالفقرة الثانية من المادة 64 تفتح الباب أمام فرض العمل جبراً بمقتضى القانون، وهو ما يفتح الباب أمام قيام الحكومة بتشغيل المواطنين جبراً وبالسُخرة، ولأن الفقرة الثالثة من المادة 14 لم تربط الحد الأدنى بالحد الأقصى للأجور، ولم تحدد الحد الأدنى أو معيار حسابه وفتحت الباب أمام الاستثناء من الحد الأقصى للأجور. وفيما يخص الجهات الرقابية؟ المادة 202 تنص على تعيين رئيس الجمهورية لرؤساء الهيئات الرقابية، وهو ما يعنى أن هذه الأجهزة لن تكون مستقلة، والأصل أن تمارس هذه الأجهزة رقابتها على جميع مؤسسات الدولة بما فيها مؤسسة الرئاسة، وبالتالى يجب ضمان استقلالها. وماذا عن حرية الصحافة والإعلام؟ المادة 48 من الدستور تسمح بغلق الصحف ووسائل الإعلام بمقتضى حكم قضائى، وهو أمر غير مسبوق فى قوانين ودساتير الدول الديمقراطية، فالمنطقى أنه إذا أخطأ إعلامى أو صحفى يتم معاقبة المخطئ وليس وسيلة الإعلام، والأصل أن الحصول على المعلومات من خلال وسائل الإعلام حق للمواطنين وليس لوسيلة الإعلام أو الجريدة، كم أن المادة 215 تجعل تنظيم شئون البث المسموع والمرئى والصحافة المطبوعة والرقمية والرقابة عليها من اختصاص المجلس الوطنى للإعلام وهو مجلس مُعين يسحب من سلطات نقابة الصحفيين ومجلسها المنتخب مما يهدد استقلال الإعلام الذى سينظم أموره ويشرف عليه ويراقبه مجلس معين بواسطة السلطة التنفيذية، ونرفض أيضاً المادة 216 لأنها تجعل إدارة الصحف القومية المملوكة للشعب من اختصاص الهيئة الوطنية للصحافة والإعلام، وهى هيئة معينة غير معروف المختص بتعيينها، بينما يُفترض أن تكون إدارة هذه المؤسسات من خلال مجالس إدارة منتخبة لضمان استقلالها عن السُلطة. وماذا عن النصوص التى تخص رئيس الجمهورية وسلطاته؟ الفقرة الأولى من المادة 149 تعطى الحق المطلق لرئيس الجمهورية فى العفو عن العقوبة أو تخفيضها على الرغم من أن المادة 122 من الدستور تحدد أن رئيس الجمهورية هو رئيس السلطة التنفيذية بما يدعم تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية ويفتح الباب للاستثناءات من أحكام القضاء عندما يرغب الرئيس فى ذلك، كما أن المادة 176 تجعل من رئيس الجمهورية مصدر قرار تعيين أعضاء المحكمة الدستورية العليا، وهو ما يُشكِل تدخلاً من السلطة التنفيذية فى السلطة التشريعية ويُهدِر مبدأ الفصل بين السلطات، ولأن المادة 166 تحرم المواطنين من حقهم فى التقاضى بجعل اتهام الوزراء ورئيس الحكومة فى الجرائم التى ترتكب أثناء أو بسبب تأدية وظائفهم من سلطة رئيس الجمهورية أو النائب العام أو ثلث أعضاء البرلمان فقط، ولا يوجه الاتهام ضدهم إلا بعد موافقة ثلثى البرلمان. وأخيراً .. وماذا عن محاكمة المدنيين عسكرياً؟ الفقرة الثانية من المادة 197، سمحت بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى فى الجرائم التى تضر بالقوات المسلحة دون تحديد تلك الجرائم فى ذات المادة .