عبداللطيف نصار - أعاد حادث اغتيال اللواء وسام الحسن، رئيس فرع المعلومات»المخابرات « بقوى الأمن الداخلى اللبنانى، الحديث عن قوة المخيمات الفلسطينية داخل لبنان وما تشكله من قوة ضاربة خصوصا فى وجود السلاح بكل أنواعه داخل المخيمات، وما تردد خلال الأيام التى أعقبت الاغتيال عن دور المسلحين الفلسطينيين فى الاشتباكات المسلحة بين الأطراف المتصارعة على كعكة السلطة فى لبنان ، كما أدى فرار ثلاثة من تنظيم فتح الإسلام المحسوب فلسطينيا من سجن رومية أشهر سجون لبنان إلى الحديث عن القنبلة الموقوتة فى المخيمات الفلسطينية فى لبنان والبالغ عددها 12 مخيما، ويصل عدد سكانها بالإضافة إلى الفلسطينيين خارجها أكثر من 400ألف فلسطينى، خصوصا فى وجود السلاح بكثرة على مختلف أنواعه بداخل المخيمات الفلسطينية. ويوجد فى لبنان النسبة الأعلى من اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون فى فقر مدقع، والمسجلين ضمن برنامج حالات العسر الشديد لدى الأممالمتحدة، كما يعانى اللاجئون فى لبنان انعدام الحقوق الاجتماعية والمدنية، وضعف خدمات وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة “الأونروا"فى مجالات التعليم والصحة والرعاية والخدمات الاجتماعية. وفى لبنان يمنع الفلسطينى من العمل باثنتين وخمسين وظيفة أو بمعنى آخر لا عمل له إلا جمع القمامة أو بيع الخضار، وقد التقيت شخصيا شاباً فلسطينياً بمخيم عين الحلوة الفلسطينى ويحمل ماجستيرا فى الاقتصاد والعلوم السياسية ولا يجد عملا إلا مسح الأحذية! ولم تكن الحال أفضل فى وجود منظمة التحرير الفلسطينية فى لبنان قبل طردها بواسطة إسرائيل وأطراف لبنانية وعربية إلى تونس على إثر الاجتياح الإسرائيلى لبيروت فى 1982، وما أعقبه من مذابح للفلسطينيين العزل فى مخيم صابرا وشاتيلا وخلف أكثر من 4 آلاف قتيل منهم الأطفال والشيوخ والعجائز، ولايزال الفاعل مجهولا حتى الآن وإن كان اللبنانيون يعرفون الفاعل الحقيقى للمذبحة. ونظرا للواقع السيئ الذى يعيشه الفلسطينيون وخروج منظمة التحرير من لبنان ومحاصرة الفلسطينيين فى المخيمات بعد حصر السلاح بداخلها فقط وليس خارجها، وبعد سيطرة الجيش اللبنانى على بوابات المخيمات فلا خروج ولا دخول إلا بتصريح، كل ذلك يؤدى إلى احتقان مكتوم بخاصة بين صفوف الشباب، لاسيما أن السلاح موجود داخل المخيمات، ولنا أن نتصور كيف يكون الوضع إذا علمنا بأن مخيم عين الحلوة مثلا على مساحة 2كيلو متر مربع ويقطنه أكثر من 70 ألف فلسطينى ، يعيشون على إعانات الأممالمتحدة التى توزع عليهم شهريا من الزيت والسكر والأرز والدقيق، ولا تكفى حصة الأسرة فردا واحدا طوال الشهر وليس أسرة بأكملها. ومع كل الأسباب السابقة والظروف المعيشية الطاحنة لمئات الآلاف من الفلسطينيين، ومحاولة بسط الدولة اللبنانية سيطرتها على كامل أراضيها وهذا حقها، انخرط الكثير من رجال المخيمات فى تنظيمات مسلحة مقاومة أحيانا وسلفية متشددة فى أحيان أخري، وليس تنظيم فتح الإسلام ببعيد، حيث اعتدى التنظيم الفلسطينى المسلح على الجيش اللبنانى وحدث ماحدث فيما عرف بعدها بنهر البارد، حيث تصدى الجيش للمسلحين وأجهز على العملية وزج من زج بالسجون، وكان من بين الفارين من السجن الذين أشرنا إليهم فى المقدمة هم قادة من تنظيم فتح الإسلام الموقوفين على ذمة قضية الهجوم المسلح على الجيش اللبنانى. ومما يجعل المخيمات الفلسطينية فى لبنان قنبلة موقوتة أوشكت على الانفجار لتدمر الأخضر واليابس، وتعيد لبنان إلى دائرة الصراع المفرغة بين الفلسطينيين وغيرهم داخل لبنان، سواء كان حزب الله وحده أم حزب الله وحركة أمل الشيعيين واللذين يؤيدان نظام بشار الأسد فى صراعه مع المعارضة المسلحة فى الداخل السورى ، وما يتبع ذلك من اعتداءات متكررة من النظام السورى على المخيمات الفلسطينية فى سوريا، حيث استهدفت قوات بشار الأسد بشكل دموى مخيمى اليرموك وفلسطين فى دمشق ومخيمات أخرى فى شمال سوريا مخلفة عشرات القتلى والجرحى، ومن سوء حظ ميليشيات حزب الله و"حركة أمل الشيعيين اللبنانيين أنهما يشاركان قوات القمع السورية ، فى اقتحام أطراف المخيمين الفلسطينيين فى دمشق فى الشهرين الماضيين، وإن لم يعترف حزب الله وحركة أمل بذلك علانية، وأسهما فى قتل عدد من الفلسطينيين المسلحين والمدنيين وجرح أعداد أكبر، وتدمير عشرات المنازل وإصابة مبانى الأممالمتحدة المعنية بمساعدة اللاجئين الفلسطينيين ، إضافة إلى اغتيال عدد من مسئولى فتح وحماس واعتقال وإخفاء آخرين، وذلك عقب انتقال خالد مشعل إلى القاهرة ودعمه للثورة السورية. تقارير مخابرات تحذر وخلال الشهر الأخير تناولت عواصم أوروبية تقارير استخباراتيّة ، تحذرمن اللاجئين الفلسطينيين، بعد تعاظم استعدادات فلسطينيى مخيمات سوريا ولبنان وبخاصة فى وجود السلاح بالمخيمات فى كلا البلدين، وحذرت التقارير من احتمال حدوث مواجهة مسلحة مع حزب الله الشيعى فى لبنان الذى تتداخل مناطقه الأمنية المستقلة عن الدولة اللبنانية مع 12 مخيماً فلسطينياً منتشرة فى بيروت والشمال والجنوب والبقاع على امتداد الخريطة اللبنانية، وتضم أكثر من 400 ألف لاجئ فلسطيني، والكثيرون منهم خاضوا معارك شوارع سابقة ، وعلى مستوى عال من التدريب على الحرب الأهلية. وكشف تقرير استخباراتى ألمانى أنّ المخيمات الفلسطينية فى لبنان مملوءة بالأسلحة، حيث قدرت أوساط فلسطينية فى لبنان كميات رشاشات الكلاشينكوف التى دخلت المخيمات خلال الأشهر العشرة الماضية بنصف مليون رشاش، إضافة الى أكثر من ستة آلاف قاذفة آر. بى.جى المضادة للدروع والتحصينات، و300 مدفع مضاد للطائرات، وأنواع أخرى من القذائف المضادة للطائرات. وأضاف التقرير أنّ دولا أوروبية وعربية فتحت أبواب ترساناتها العسكرية التقليدية الصغيرة ومتوسطة المدى أمام تزويد الفلسطينيين فى مخيمات لبنان بالذخائر والبنادق والقاذفات، بطلبات متلاحقة من زعامات لبنانيّة أكدت لتلك الدول أن القضاء على دويلة حزب الله فى لبنان بعد سقوط نظام الأسد فى سوريا وإنقاذ سنة البلد ومسيحييه ودروزه من هيمنة ترسانة هذا الحزب المتخمة بكل أنواع الأسلحة، لا بد وأن يكون بمساعدة المخيّمات الفلسطينيّة السنّيّة التى يمكن أن تقدم أكثر من 70 ألف مقاتل فى حروب الشوارع، إذا انفجرت الأوضاع الداخليّة اللبنانيّة قبل إقرار الإستراتيجية الدفاعية التى دعا إليها الرئيس اللبنانى العماد ميشال سليمان لتضم سلاح حزب الله إلى الجيش اللبنانى فور سقوط نظام الأسد، ومما يزيد التقرير تأكيدا هو عدم القدرة فى سيطرة الجيش اللبنانى على المناطق الشمالية من لبنان بخاصة طرابلس وعكار حيث يسيطر المسلحون السنة عليها فى مواجهة العلويين فى جبل محسن بشمال لبنان. وكان مئات المقاتلين الفلسطينيين قد انضموا إلى الثوار فى دمشق وحلب وإدلب ودرعا ودير الزور وحتى الحدود السورية - العراقية، وفى الشمال الشرقى السورى حيث تتركز القوى الكردية، وكأنه إعلان حرب فلسطينية شاملة على نظام الأسد، وتبعا لذلك على حليفيه اللصيقين حزب الله وحركة أمل الشيعيين فى لبنان، ولاسيما أن التاريخ يذكر أن بداية المواجهة المسلحة مع الفلسطينيين فى لبنان ماقبل الحرب الأهلية كانت بين الفلسطينيين وحركة أمل الشيعية. الفلسطينيون والحرب الأهلية ويرجع وجود الفلسطينيين المسلح فى لبنان إلى ستينيات القرن الماضى بدعم دول عربية وقوى سياسية لبنانية بخاصة اليسارية والقومية منها ، وكانت عملياتها المسلحة تتجه صوب فلسطينالمحتلة ، حتى تزايدت قوتها المسلحة وبدأت مناوشاتها العسكرية ضد قوى الأمن اللبنانية والجيش اللبنانى، وهو ما أدى إلى إقراراتفاق القاهرة الذى ينظم الوجود العسكرى الفلسطينى فى لبنان، وطبيعة علاقاته بالسلطة اللبنانية، ونص اتفاق القاهرة على الاعتراف بحقوق الفدائيين الفلسطينيين بالوجود المسلح فى لبنان. وخوّل اتفاق القاهرةالفلسطينيين حق الإشراف على مخيمات اللاجئين، على أن تستمر الدولة اللبنانية فى ممارسة صلاحياتها ومسئولياتها كاملة فى جميع المناطق وفى كل الظروف. وبالرغم من توقيع اتفاق القاهرة فإن الاشتباكات بين الجيش والمقاومة لم تتوقف، وكان أبرزها الاشتباك الذى حصل فى 18/3/1970 فى بنت جبيل وحصلت اشتباكات بين عناصر من حزب الكتائب، والفدائيين فى منطقة الكحالة أدت إلى مقتل حوالى 30 فدائياً، وانتقلت الاشتباكات بين الطرفين إلى بيروت. وفى 14/4/1973 قامت مجموعة فلسطينية بنسف خزانات النفط فى الزهرانى، وفى 2 /5/1973 اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجيش والمقاومة أدت إلى مقتل 22 فدائياً و14 جندياً لبنانيا، ويومها حذر الرئيس الراحل سليمان فرنجية من استمرار الاعتداء على الجيش وسيادة لبنان مؤكداً: لن يرضى لبنانى واحد بجيش احتلال فى لبنان. وكان يوم 13 إبريل 1975 يوم حادثة عين الرمانة، التى شكّلت الشرارة الأولى للحرب الأهلية اللبنانية، ولعب الفلسطينيون دوراً اساسياً فى إشعال الحرب الأهلية وباتوا طرفاً رئيسياً فى هذا الصراع، وفى تغذية المتصارعين، حتى حدث الاجتياح الإسرائيلى لبيروت ومعه خرجت منظمة التحرير من لبنان إلى تونس وحدثت مجزرة صابرا وشاتيلا وحوصر الفلسطينيون فى المخيمات غير الآدمية ، ومع ذلك ظل السلاح موجودا وفى زيادة مطردة ولاتزال المخيمات الفلسطينية فى لبنان، تشكل بؤراً وجزراً أمنية، وتجمعاً لمجموعات وعناصر أصولية من جنسيات مختلفة، بالإضافة للوجود الفلسطينى المسلح خارج المخيمات، وخصوصاً فى سهل البقاع..ومع استمرار حالات الفقر المدقع ، وحصار المخيمات، وقلة العمل أو ندرته ، ومع انتشار الاتجهات الأصولية داخل المخيمات ، وما يحدث للفلسطينيين فى سوريا، والثأر القديم بين الفلسطينيين وحركة أمل الشيعية وبعدها حزب الله الشيعي، ومع المعارضة الخفية والعلنية من سنة لبنان تجاه حركة أ مل وحزب الله ، ودعم السنة للفلسطينيين فى مواجهة النظام السورى أو مؤيديه فى الداخل اللبنانى –حزب الله وحركة أمل - ومع استمرار وجود السلاح وزيادته بأيدى الفلسطينيين، تصبح المواجهة بين الفلسطينيين وشيعة لبنان على وشك الانفجار فى أية لحظة، مما قد يعيد لبنان إلى سنوات الحرب الأهلية ولكن هذه المرة بين اللاجئين الفلسطينيين وفصيلين لبنانيين هما حزب الله وحركة أمل، خصوصا إذا سقط نظام بشار الأسد الداعم الرئيسى مع إيران لحزب الله والشيعة فى لبنان.