ظلت أسعار الحبوب في الأسواق العالمية مستقرة إلى حد ما على الرغم من الزيادة المفاجئة في يوليو من هذا العام،. لكنه لا يوجد ما يدعو إلي الرضا، فلا تزال أسواق الحبوب عرضة لصدمات الإمدادات وتدابير السياسة العامة. في هذا السياق، تكتسب مواسم الحصاد الجيدة المتوقعة في نصف الكرة الجنوبي أهميتها. ففي السنوات العشر الماضية، شهدنا تغييرات كبيرة في سلوك أسعار المواد الغذائية. وحتى عام 2002 تقريباً كانت الأسعار الحقيقية للمواد الغذائية في إنخفاض، لكنها الآن تتجاوز التوقعات لفترة أطول من أي وقت آخر في الأربعين سنة السابقة. ويبدو أن مزيج أسعار المواد الغذائية المرتفعة والمتقلبة سوف يستمر في تحدي قدرة المنتجين والمستهلكين والحكومات على مواجهة العواقب. كل هذا يجعل من المناسب إعادة التفكير في الأحداث الأخيرة المتعلقة بالأسعار وردود فعل المجتمع الدولي، وخصوصا أنه يرجح استمرار تقلب الأسعار في المستقبل المنظور. وكان الاجتماع الوزاري بشأن تقلب أسعار المواد الغذائية الذي عقد بمناسبة يوم الأغذية العالمي في 16 اكتوبر ألماضى هاماً بما يحمله من موضوعات ذات صلة. فقد اجتمع خمسة وعشرون وزيراً و13 نائب وزير لمناقشة القضايا وتبادل الآراء حول كيفية تعزيز التدابير لاحتواء تقلب أسعار الغذاء والحد من أثرها على السكان الأكثر ضعفاً. وأقر الاجتماع أنه قد تم تعلم الكثير من ارتفاع الأسعار الشديد في الأعوام 2007- 2008 و2010-2011 والردود المناسبة على المستويات الدولية والإقليمية والوطنية. كما اتفقوا على إمكانية القيام بما هو أكثر من ذلك بكثير إستنادا إلى خطة العمل بشأن تقلب أسعار المواد الغذائية والزراعة التي اعتمدها قادة مجموعة العشرين G-20 في نوفمبر 2011. لقد أطلقت خطة العمل هذه في الإجتماع الذي استضافه مقر منظمة الأغذية والزراعة، عدة مبادرات دولية رئيسية ولا سيما نظام معلومات السوق الزراعية الذي يراقب التطورات على أساس أحدث المعلومات المتاحة، ويقوم بتحليل حالة العرض/ الطلب العالمية وتوفير تقييمات موضوعية. وكان نظام معلومات السوق الزراعية قد انشئ قبل عام واحد فقط، إلا أنه أصبح بالفعل آلية تعمل بشكل كامل، ولعب دوراً رئيسيا في تهدئة الأسواق هذا الصيف ومنع تدهور حالة سوق الأغذية الهشة ودخول الأزمة المحتملة التي تنبأ بها العديد من المعلقين. ويقدم نظام معلومات السوق الزراعية تقييما موضوعيا لحالة السوق ومخاطره، في حين يدعو الدول الأعضاء في مجموعة العشرين G-20 إلى الامتناع عن اتخاذ تدابير السياسة العامة التي قد تزيد من زعزعة استقرار الأسواق. وتظهر هذه التجربة أن العمل الدولي المنسق وتعزيز الشفافية والمعلومات عن الأسواق الزراعية يمكن أن يحدث فارقا في الحد من ارتفاع أسعار الغذاء والتقلبات المفرطة. وحتى عندما تتأثر بالظروف الجوية السيئة التي تقلل الإنتاج والقدرة التصديرية، فمن المهم أن تتصرف حكومات البلدان المصدرة بشفافية وأن تتحاور مع الجهات التجارية الفاعلة لضمان التوافر المحلي للحبوب دون خلق حالة عدم اليقين في الأسواق الدولية. هذا التنسيق هو أمر حاسم لأنه يستطيع منع الجفاف أو الفيضان من أن يتسبب في أزمة.