وسط تطورات الوضع العربى وانعكاساته السلبية على صناعة السياحة العربية، عقدت أخيرا أعمال الدورة الخامسة عشرة لمجلس وزراء السياحة العرب بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية برئاسة وزير السياحة والآثار والحياة البرية السودانى محمد عبد الكريم الذى خلف نظيره الأردنى نايف الفايز. المناسبة كانت فرصة عمد خلالها الوزراء العرب إلى بحث الكثير من المشاكل والتحديات التى تواجه صناعة السياحة من خلال مناقشة نتائج وتوصيات الدورة الحادية عشرة للمكتب التنفيذى لمجلس وزراء السياحة العرب وتوصيات اجتماع لجنة خبراء الإستراتيجية السياحية العربية التى أعدت خطط العمل التنفيذية لكل البرامج الإستراتيجية التى سيتم البدء فى تنفيذها ابتداء من العام المقبل، وكذلك البنود الخاصة باختيار عاصمة السياحة العربية لعامى 2014 - 2015 ، وجائزة المجلس للجودة السياحية حيث تم عرض أسس ومعايير جديدة لاختيار عاصمة السياحة العربية ولائحة لجائزة المجلس للجودة السياحية. كما بحثت الدورة تقرير الأمانة الفنية حول متابعة تنفيذ القرارات السابقة الخاصة ببرنامج «اعرف وطنك العربى» ويبحث سبل تعميق التعاون العربى التركى ومشروع ميثاق المحافظة على التراث العمرانى فى الدول العربية وتنميته والنهوض بالسياحة العربية البينية هذا من ناحية. من ناحيه ثانية كان لتأكيد الدورة على السياحة البينية مساحة واضحة وهو ما كان ملحوظا فى تأكيد جامعة الدول العربية على ضرورة تضافر الجهود الرامية إلى تعزيز التعاون فى هذا المجال وفق رؤية موحدة تحقق التكامل وتزيد من معدلات التنمية العربية فى صور ترسم شكلا للوحدة السياحية التى فشلت سياسيا واقتصاديا. وجددت الكلمة التى ألقاها الأمين العام للجامعة العربية د. نبيل العربى أمام افتتاح الدورة التأكيد على أن المنطقة العربية تتسم بأنها منطقة ثرية بالموارد السياحية وبالتالى فلابد من زيادة مجالات التعاون فيما بينها فى هذا المجال المهم، داعيا إلى تفعيل الاستراتيجية العربية للسياحة من أجل النهوض بهذا المجال وتفعيل مقررات القمم العربية الاقتصادية الاجتماعية والتنموية “الكويت 2009"، و"شرم الشيخ2011" فى هذا الإطار . وزراء السياحة العرب أكدوا ضرورة التوصل إلى مخرج من الأزمة السياحية التى يعيشها القطاع عالميا وعربيا بحالة من الوحدة السياحية العربية للوصول إلى معادلة جادة من السياحة البينية العربية. واعتبر وزراء سياحة عرب حاليون وسابقون تحدثوا ل «الأهرام العربى» على هامش الاجتماعات أن “اجتماع الدورة 15 للمجلس الوزارى العربى للسياحة فى القاهرة" نقطة تحول جديدة للسياحة العربية تتأسس على حالة نموذجية من التعاون العربى -العربى وتذليل كل الصعوبات التى تواجه السياحة البينية، وذلك من خلال حل إشكالية التنقل عربيا ومسألة التأشيرات وإزالة أى عقبات من شأنها عرقلة السياحة بين الدول العربية وتشكيل نموذج من السياحة المشتركة التى تطيل مدة إقامة السائح بزيارته لأكثر من دولة عربية فى آن واحد. وكانت الدورة قد ناقشت عده تقارير حول أوضاع السياحة العربية اطلعت «الأهرام العربى» على أحدها وهو تقرير كشف عناصر الأزمة وحددها فى أن حجم الخسارة التى تكبدتها السياحة العربية جراء التطورات التى شهدتها المنطقة أخيرا بلغت 7 مليارات دولار .. التقرير زعم أنه رغم أزمة السياحة المستمرة، فإن السياح أنفقوا ما يفوق البليون دولار عام 2011، لافتا النظر إلى أن الدول العربية فى حاجة لرفع قدراتها السياحية لتلعب السياحة دورا فى دخلها القومى وزيادة معدلاته. وفى هذا الصدد شدد وزير السياحة السودانى الدكتور محمد عبدالكريم أهمية دور السياحة باعتبارها جسر التواصل للأمة العربية مع العالم داعيا إلى تقوية هذه الرابطة وتفعيل اتفاقيات السياحة البينية العربية وتشجيع وتوجيه الشركات العاملة فى هذا المجال، وإشاعة ثقافة السياحة البينية لتقوم شركات الترويج السياحى بتوسيع دورها ليشمل كل الدول العربية . وأكد نايف الفايز وزير السياحة الأردنى، أهمية قطاع السياحة باعتباره من أهم القطاعات التى تؤدى دورا أساسيا فى عملية التنمية الاقتصادية كونه يؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر فى شريحة واسعة من المواطنين والمؤسسات سواء العام أو القطاع الخاص، مضيفا أن صناعة السياحة تعد من أكبر الصناعات التنموية فى العالم نظرا للدور المهم الذى تلعبه فى دفع عجلة التنمية الاقتصادية باعتبارها محركا رئيسيا لكثير من القطاعات الاقتصادية الأخرى، لكنه أوضح أن هذا القطاع يواجه العديد من التحديات التى تجب مواجهتها وأهمها الأزمات الاقتصادية والسياسية وأبرزها ما يعرف بالربيع العربى. التقرير ذاته أشار إلى أن صناعة السياحة والسفر ظاهرة مركزية مهمة وفريدة فى عصر العولمة، مشيرا إلى أنها تشكل 5.2 بالمائة من الناتج القومى العالمى وقيمتها الاقتصادية تعادل 1،2 تريليون دولار، كما أنها ثالث أكبر صناعة فى العالم وأسرعها نموا. لافتا النظر إلى أن السعودية استطاعت أن تعمل بشكل متميز فى تنمية السياحة الداخلية واستقطاب السائح المحلى السعودى للسياحة الداخلية فى تجربة فريدة ينبغى الأخذ بها بعين الاعتبار عربيا. لكن التقرير حذر من أن السياحة تقف الآن على مفترق طرق نتيجة التحولات التى يشهدها العالم منذ الأزمة المالية العالمية، فقد تراجعت السياحة فى الدول العربية بنسبة 11 بالمائة منذ الأزمة المالية على عكس التوجهات الدولية التى بدأت تتعافى من هذه الأزمة. مشيرا إلى أن دخل السياحة العالمية تضاعف خلال العشر سنوات الماضية من 480 مليار دولار إلى 920 مليار دولار.مؤكدا أهمية تفعيل السياحة البينية باعتبارها مخرجا ضرورياً من أزمة السياحة العربية، وهو ما أكده نايف الفايز، رئيس الدورة (14) لمجلس وزراء السياحة العرب، مؤكدا أن الدورة الجديدة للمجلس تكتسب أهمية كونها تأتى استمرارا لدور المجلس فى العمل على اتخاذ قرارات تهدف إلى تنمية قطاع السياحة فى الدول العربية . كما أكد ضرورة العمل على تفعيل السياحة البينية وإيجاد حلول لجميع المعوقات التى تحول دون تفعيلها وأهمها عملية التسويق السياحى التى يجب أن تتحول من برامج تسويق تنافسية إلى برامج تسويق تكاملية من أجل توفير منتج عربى سياحى فريد. وشدد الوزير الأردنى على أهمية العمل على تطوير هذا المنتج المبنى على التاريخ والثقافة والبيئة والحضارة المشتركة والمتصلة، لافتا النظر إلى أن هذه العوامل ترتبط ارتباطا وثيقا بالجغرافيا التى تربط ما بين الدول لتشكل منظومة غنية من الخبرات والتجارب السياحية المميزة والتى يمكن ترويجها من خلال المسارات السياحية المميزة والتى توفر فرصة فريدة لبناء شبكة متميزة ومتكاملة من الخدمات والمرافق السياحية. وزير السياحة المصرى السابق منير فخرى عبد النور، أكد للأهرام العربى ضرورة التنسيق العربي- العربى وصولا إلى سياحة تكاملية بين الدول العربية، وتحقيق معادلة متكاملة للتعاون العربى بشكل تذلل به كل العقبات التى من شأنها الحد من تشجيع السياحة البينية العربية. عبد النور أكد أيضا على أهمية السياحة البينية ودورها فى دعم الحركة السياحية بين الدول العربية، مشيرا فى هذا الصدد إلى أهمية ميناء طابا الذى كان قد توقف لعامين تقريبا. وأهميته فى دعم الحركة السياحية البينية بين مصر والأردن بعد تشغيله أخيرا خاصة أنه ينقل نحو ربع مليون سائح سنويا من العقبة إلى طابا المصرية. وكان الإعلان عن عاصمتى السياحة العربية لعامى -2014 2015، ومسابقة جائزة المجلس الوزارى العربى للجودة السياحية أهم الآليات الهادفة إلى تشجيع السياحة فى البلدان العربية. وكان الوزراء قرروا اختيار مدينتى أربيل العراقية والشارقة الإماراتية عاصمتين للسياحة العربية لعامى 2014 و2015، على التوالى وذلك بعد نجاح تجربة اختيار مسقط والمنامة عاصمتين للسياحة العربية لعامى 2012 و2013. ويبقى أخيرا أن نشير إلى أن اتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة بتفعيل القرارات التى تمخض عنها اجتماع الدورة ال 15 للمجلس الوزارى العربى للسياحة تصب فى دعم وتوحيد الجهود العربية والعمل المشترك فى محاوره المختلفة، بيد أنه يظل لتفعيل جميع القرارات المتخذة سابقا فى هذا المجلس والتوصيات الخاصة بالمؤتمر الدولى السادس للسياحة وأهميته فى توحيد الجهود وتكامل الخطط سعيا نحو مستقبل أفضل للسياحة العربية.