د. سلمى المعداوى: لابد أن يكون هناك أخصائى نفسى لكل مرحلة تعليمية كانت الجدات والأمهات يقلن لنا إن الطفل عندما يكبر ستصبح الحياة أكثر راحة، ربما كان ذلك ممكنا فيما مضى . لكن الآن مع ثورة وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعى التى لم يعد فيها البيت هو المكان الوحيد لتربية الأبناء.. أصبحت عملية التنشئة غاية فى الصعوبة، وكلما كبر الأبناء ازدادت مشاكلهم، خصوصا فى مرحلة المراهقة. وتزداد الأمور صعوبة فى حالة انفصال الوالدين التى انتشرت فى مجتمعاتنا العربية، ولأن الحاجة أم الاختراع ، ظهرت دورات تدريبية لتعين الوالدين على وضع إجابة للسؤال الشائك: كيف أتعامل مع ابنى المراهق؟ تقدم هذه الدورات مجموعة من المراكز الأسرية والمتخصصة فى التنمية البشرية وعلم النفس التربوى والسلوكي، وغيرها من المراكز القومية كالمجلس القومى للطفولة والأمومة والأمانة العامة للصحة النفسية، لكن ماذا تقدم هذه الدورات؟ وما المناهج التى تعتمد عليها؟ وما الفئة المستهدفة بالضبط فى التعامل معها؟ وهل هذه المناهج تتوافق مع مجتمعاتنا العربية فقط أم أنها أيضا تشمل المجتمعات الغربية التى يختلف سلوك أبنائها عن أبنائنا فى الدول العربية؟ «الأهرام العربى» التقت المتخصصين فى علم النفس التربوى والإيجابى والتنمية البشرية وتعديل السلوك الذين يقدمون تلك الدورات وكانت هذه آرائهم: الدكتورة سلمى عادل المعداوي، استشارى أسرى وتربوى متخصصة فى تعديل السلوك، تقول إن هذه الدورات عبارة عن كورسات تقسم حسب المرحلة العمرية التى يمر بها الولد أو البنت وتعطى هذه الكورسات أيضا للبنات المقبلات على الزواج لتعرف معنى الزواج، وكيفية التعامل مع الأبناء وكيف تصبح أما، وكيف تتعامل مع الطفل من عمر سنة وحتى 8 سنوات، موضحة أن هناك دورات أيضا تعطى للأب والأم للتعامل مع الأبناء فى فترة سن المراهقة، مشيرة الى أن المناهج الخاصة بهذه الدورات تعتمد على تخصص علم نفس النمو ويكون التعامل مع الأمهات أو المعلمات أو من له علاقة بتربية الأطفال وتقدم لهم هذه المناهج عبارة عن مطبوعات توزع عليهم أو كتب على هيئة ملفات مضغوطة بى دى إف أو منشورات عبر الإنترنت أو فيديوهات على موقع اليوتيوب أو على إسطوانات، وهناك من يحب القراءة فيوزع عليهم كتب مصرية أو عربية أو أجنبية ومترجمة للعربية. أضافت المعداوي، أن الدورة عبارة عن كورس يعطى للأم أو المعلمات أو الأب على مدى ثلاثة أيام ومنها كورسات عبارة عن ساعتين، لكنها ليست مؤشرا رئيسيا، لأنه لابد من تطبيق هذا الكورس على أرض الواقع على الأبناء، موضحة أن طريقة التربية فى أوروبا تختلف عن طريقة التربية فى مصر والدول العربية، لكن طريقة التفكير فى التعامل مع الأبناء ليست مختلفة بقدر كبير. فمثلا الطرق التى نعزز بها الثقة لدى الابن والطفل 50 طريقة تسرى على جميع الأبناء سواء عربيا أو أجنبيا، لكن هناك جوانب أخرى لا يصلح فيها تطبيق المناهج الأوروبية هنا فى مصر لأنها لا تتوافق مع مجتمعاتنا. أشارت المعداوى، إلى أن هناك كلية متخصصة تمنح خريجيها شهادة عليا ليكونوا مؤهلين لتدريب الأب والأم فى كيفية التعامل مع المراهقين، وهى كلية الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس والدراسة بها أربع سنوات، مضيفة أن أغلب الذين يقبلون على مثل هذه الدورات هن الأمهات والمعلمات. كما أن هناك بعض الآباء يتواصلون معنا للحصول على تلك الدورات بالفعل خصوصا المنفصلين عن زوجاتهم، موضحة أن المجلس القومى للطفولة والأمومة والمجلس العربى أيضا يقيمان دورات شهرية بأسعار متاحة للجميع يكون الشرط فيها أن يحضرها الزوج والزوجة ويدرسون فيها كورس عن كيفية التعامل مع الأبناء فى سن المراهقة. تابعت المعداوي، أن الامانة العامة للصحة النفسية تقوم كل فترة بعمل كورسات مجانية للخريجين وطلبة كليات التربية وخصوصا قسم علم النفس وأى قسم له علاقة بالتعامل مع الأطفال ومن هم فى سن المراهقة لكننا نجد أن الحاضرين يتركون هذه القاعة ويخرجون ويملون ولا يكلمون هذه الدورات لأن منهم من ليس لديه الحافز وراء ذلك، مشيرة إلى أن الخريجين من هذه الأقسام يعملون فى المدارس بوزارة التربية والتعليم كإخصائى نفسى، لكننا نفتقد وجودهم فى المدارس وأيضا عددهم قليل جدا لأنه لا يجوز أن يكون فى المدرسة بكاملها متخصص نفسى واحد برغم أنه لابد أن يكون هناك متخصص نفسى لك مرحلة وأخصائى نفسى أيضا للمعلمين. تدريب الآباء والأمهات من جانبها أوضحت نجلاء بكرى، الباحثة فى علم النفس الإيجابى والصحة النفسية للمراهقين، أنه قبل الحديث عن المراهق لابد أن يكون لدى أهله ثقافة فى التعامل مع الابن فى مرحلة المراهقة من ناحية التغيرات الفسيولوجية والسنية والتغيرات النفسية وكيفية برمجته بالشكل الصحيح ليكون إنسانا سويا حتى لا يحدث معه أى انعكاس سلبى يغير حياته، إضافة إلى عامل الصحبة بين الأب. والأم والابن، مضيفة أن المناهج التى تدرس لأولياء الأمور فى الدورات التى تعطى لهم فى كيفية التعامل مع الابن فى مرحلة المراهقة يتم إعدادها إعدادا جيدا وتجميعها من عدد من المراجع من بينها علماء الدين وخبراء فى التربية وأخصائيون نفسيون وأطباء نفسين بها جميع الجوانب الخاصة بكيفية التعامل إذا ظهرت عليه مراهقة عدوانية أو مراهقة انطوائية. أضافت بكرى، أن كلية البنات بجامعة عين شمس بها قسم تعديل السلوك ولكن أنماط المراهقة وفترة المراهقة بشكل عام لا يوجد قسم متخصص فى الكليات عنه، لكن هناك أقسام علم النفس الانتقائى وعلم النفس العام، لكن ليست متخصصة فى التعامل مع الطفل فى سن المراهقة، مضيفة، أنه لابد أن تشتمل المناهج التى تدرس إلى المراهقين أنفسهم على نماذج من التاريخ كانوا قادة فى سن المراهقة، مثل أسامة بن زيد مثلا لنحثهم على أن يكونوا قادة ورجالا ويعتمدوا على أنفسهم، مشيرة إلى أن مناهج الدول العربية فى التعامل مع المراهقين مختلفة عن المناهج الأجنبية فى التعامل معهم نظرا لاختلاف العادات والتقاليد والأعراف، ففى أوروبا تجد أن يكون للولد صديقة وللبنت صديق هو شىء عادى وحرية وليست خاطئة. وتؤكد بكرى، أن الدورات المتخصصة فى كيفية التعامل مع المراهقين بدأت تنتشر فى مصر وبدأ الآباء والأمهات يهتمون بكيفية التعامل مع أبنائهم بعد ظهور مشاكل كثيرة من المراهقين، فلجأ أولياء أمورهم لكيفية علاج هذه المشاكل من خلال منظور علمى ، مطالبة بتطبيق هذه الدورات فى المدارس والجامعات بتدريب المعلمين وأولياء الأمور فى كيفية التعامل مع الأبناء فى سن المراهقة، مطالبة بتعديل المناهج، لتشتمل على بعض الأنماط السلوكية والنفسية التى تفيد الطلاب ليعدلوا من سلوكهم إلى جانب سرد أمثلة من التاريخ العربى والإسلامى فى هذه المناهج وليست قصصا أجنبية وشخصيات تاريخية غربية كهتلر حتى لا ندمر سلوك أبنائنا. منهج مونتيسورى لكن هل هناك مناهج فى الدول العربية تقدم إلى الزوجين لتدريبهم على كيفية التعامل مع أبنائهم فى سن المراهقة؟ هنا يؤكد الدكتور أيمن نسمان، مدرب التنمية البشرية بدولة الجزائر، أن هناك منهجا لتربية الأطفال فى سن المراهقة يسمى منهج مونتيسوري وهو منهج علمى وضعته ماريا مونتيسورى المربية والطبيبة الإيطالية يطبقه خبراء التربية والتدريب فى عدد كبير من دول العالم على الأطفال من عمر 3 الى عمر 18 عاما وهو يعتمد بشكل أساسى على مراقبة سلوك الأطفال، مضيفا أن منهج مونتيسورى يعتمد على منهج تعليمى يهدف لتطوير قدرات الأطفال الإبداعية وقدرتهم على حل المشاكل وتنمية تفكيرهم، والتركيز على حرية واستقلالية الطفل ضمن حدود معينة، إضافة إلى احترام النمو النفسى الطبيعى للطفل. أضاف نسمان، أن منهج مونتيسورى يتضمن مجموعة من الميول البشرية التى تحدد السلوك القيادى للطفل بكل مرحلة وهى التواصل والاستكشاف والمحافظة على الذات والدقة والنظام والتجريد والعقلية الرياضية والعمل والتكرار، والمنهج مقسم لأربع مراحل بداية من عمر الولادة وحتى عمر 24 عاما وكل مرحلة لها طريقة ورؤية حسب الخصائص وطرق التعلم والأنشطة اللازمة، مضيفا أن أهم مرحلة بالمنهج من عمر 12 حتى 18 عاما، لأنها مرحلة المراهقة ويصاحبها تغيرات نفسية وأنشطتها تركزت على عدم الاستقرار النفسى وعدم التركيز ونمو شعور الكرامة والاعتداد بالنفس وهذه المرحلة هى مرحلة بناء الذات، كما أن هذه المناهج تقدم إلى المربيات والمعلمات والمهتمات بتربية الأطفال كالأمهات والمرشدات ومعلمات القرآن. تعميم الدورات وتساءل مكاوى مليجى، استشارى تنمية بشرية وتعديل السلوك، هل يجب أن تكون هناك دورة تأهيلية أو وثيقة تثبت أن الزوجين مؤهلان لتربية الطفل بشكل لا يسبب خطرا على المجتمع وعلى الطفل بذاته، مع العلم أن تربية الأطفال والتعامل معهم فى كل مراحلهم الفكرية هى قضية شائكة ليست بالسهلة؟ مجيبا أن الدورة التأهيلية هى منهج تربوى يوضع من قبل مختصين لكى يوفر بيئة تربوية سليمة للطفل دون عنف أو دخول على أفكار متطرفة تميزية أو أفكار عنصرية، أو يتم ابتزازه عاطفيًا بشكل كبير مما يسبب له مشاكل نفسية فيما بعد، ولابد أن تعمم هذه الدورة التأهيلية على كل المتزوجين بشكل دورى كل فترة من الزمن للحفاظ على نشوء صحيح للأطفال فى المجتمع.