وزير التعليم العالي: طفرة كبيرة بالمنظومة التعليمية في عهد السيسي    الجيل الديمقراطي يعقد اجتماعًا لبحث استعداداته للانتخابات البرلمانية المقبلة    محافظ بورسعيد: المحافظة ظلمت بسبب إدراجها ضمن المدن الحضرية    جامعة القاهرة تستقبل وفدا صينيا بمستشفى قصر العيني الفرنساوي    نصائح يجب اتباعها عند شراء الذهب .. إنفوجراف    توريد 544 ألف طن من الذهب الأصفر لشون وصوامع محافظة الشرقية    شقق متوسطى الدخل هتنزل بكرة بالتقسيط على 20 سنة.. ومقدم 100 ألف جنيه    وزير الشئون النيابية يحضر اجتماع لجنة الإسكان بشأن مشروع قانون تنظيم مرفق مياه الشرب    الأمم المتحدة: حصلنا على الموافقة بدخول 100 شاحنة مساعدات لغزة    اتهام فلسطيني لإسرائيل بمحاولة تصفية قادة الحركة الأسيرة بالسجون    "أونروا": المنظمات الأممية ستتولى توزيع المساعدات الإنسانية في غزة    القاهرة الإخبارية ترصد استعادة الجيش السودانى السيطرة على ولاية الخرطوم    باكستان تؤكد التزامها بزيادة حجم التجارة مع الولايات المتحدة خلال السنوات القادمة    موعد سفر بيراميدز إلى جوهانسبرج لمواجهة صن داونز بنهائي دوري الأبطال    اتحاد السلة يكرم رئيس الاتحاد الإفريقي للعبة    مصيلحي: معظم الأندية وافقت على إلغاء الهبوط.. ولا أتخيل الدوري بدون الفرق الشعبية    سالم: نجهز ملف كامل حول أزمة القمة قبل الذهاب للمحكمة الرياضية.. ومتمسكون بعدالله السعيد    كلوب يفاجئ الجميع.. أوافق على تدريب هذا الفريق    السجن المشدد 5 سنوات لتاجر مخدرات في نجع حمادي    الطقس غدا.. حار نهارا معتدل ليلا واضطراب بالملاحة والعظمى بالقاهرة 31    تغريم شاب 5000 جنيه لسبه زوجته على «فيسبوك» بقنا    نجل عبد الرحمن أبو زهرة يكشف حقيقة إصابة والده ب"آلزهايمر"    العندليب ولبنى عبد العزيز سر من أسرار سمير صبري في مسيرته الفنية    مدير مكتبه الإسكندرية للنواب: نستقبل 2000 زائر يوميا ونحتاج دعم لتجديد البنية التحتية    مهرجان كان يمنح دينزل واشنطن السعفة الذهبية بشكل مفاجئ |صور    «مكافحة العدوى» بمستشفيات سوهاج الجامعية الثاني في ترصد الأمراض الوبائية    «سنة أولى أمومة».. السبب وراء تأخر بعض الأطفال في المشي    "رجال الأعمال المصرية اللبنانية": زيارة الرئيس اللبناني للقاهرة تعزز التعاون الاقتصادي    بتكلفة 5.8 مليون جنيه.. محافظ الشرقية يتابع تنفيذ المشروعات الخدمية والتنموية في القرين    إمام عاشور يرفض عرض الأهلي بعد الجلسة العاصفة.. إعلامي يكشف مفاجأة    ننشر الصور الأولى لضحايا طائرة رأس البر العسكرية    المغرب: حل الدولتين الأفق الوحيد لتسوية القضية الفلسطينية    حسين الشحات: متحمسون للغاية لمواجهة ميسي الأفضل في العالم.. ونثق في حضور جماهيرنا    وزير الزراعة: توطين صناعة المبيدات "ضرورة" تفرضها التحديات الاقتصادية العالمية    «ما يهزهم ريح».. 4 أبراج تتميز بثبات انفعالي مذهل في المواقف الصعبة    قرار قضائي جديد بشأن دعوى طليق الفنانة جورى بكر لرؤية طفله    هل يجوز الحج عمن مات مستطيعًا للعبادة؟.. دار الإفتاء تُجيب    ماذا تفعل المرأة إذا جاءها الحيض أثناء الحج؟.. أمينة الفتوى ترُد    جدول امتحانات الثانوية العامة 2025.. تفاصيل مواعيد الامتحانات لجميع الأنظمة التعليمية    رئيس جامعة مطروح: انتظام سير امتحانات الفصل الدراسي الثاني    قبل امتحانات آخر السنة 2025.. ما هو الاختيار الأفضل لتحلية الحليب لطفلك؟ (أبيض ولا أسود)    حوار خاص| أحمد السبكى رئيس هيئة الرعاية الصحية ل«البوابة»: إطلاق المرحلة الثانية من منظومة «التأمين الصحى الشامل» بمطروح خلال سبتمبر وشمال سيناء في ديسمبر المقبل    أنطلاق فيلم المشروع x بطولة كريم عبد العزيز ويامسين صبري بدور العرض السينمائى    نقابة الفنانين السورية تنعي بطلة «باب الحارة»    بحضور مدبولي.. رئيس سوميتومو العالمية: نحتفل بفخر بإنشاء أحدث مصانعنا المتطورة    الأمن يلقى القبض على المتهم بذبح والده المسن بأسوان    «سيدات يد الأهلي» يواجه فاب الكاميروني في ربع نهائي كأس الكؤوس    برواتب تصل ل15 ألف جنيه.. فرص عمل جديدة تطلب 5 تخصصات بشروط بسيطة    عاجل- الصحة العالمية تُعلن خلو مصر من انتقال جميع طفيليات الملاريا البشرية    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    بعد تداول فيديو.. ضبط قائد سيارة حاول الاصطدام بسيدة على محور 30 يونيو    الصحة: إغلاق عيادة للتجميل وتركيب الشعر الصناعي بالعجوزة للعمل دون ترخيص ويديرها منتحل صفة طبيب    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    نتنياهو: أدين بشدة تصريحات يائير جولان ضد إسرائيل وجيشها    «أكبر خطيئة وتستلزم الاستغفار».. سعد الهلالي عن وصف القرآن ب الدستور    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    «ليست النسخة النهائية».. أول تعليق من «الأعلى للإعلام» على إعلان الأهلي (فيديو)    جامعة حلوان تنظم ندوة التداخل البيني لمواجهة تحديات الحياة الأسرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموتُ.. بوابةُ الحياة
نشر في الأهرام العربي يوم 03 - 06 - 2019

يجلس الواحدُ منا فى المآتم فى صمتٍ مُستمعاً إلى المقرئ وهو يُرتِّل القرآن على رَوحِ من مات. الكُلُّ صامتون يُنصتون، والبعض منهم قد أغلق عينيه مُنصتاً ومتمتماً بشفتيه مع الشيخ، والبعض الآخر يتلفت يميناً ويساراً كأنما هو يتطلع إلى مشاهدة المعزين وهم يتدفقون الواحد تلو الآخر، والبعض قد انشغل بتليفونه المحمول يعبث بشاشته غَيْرَ عابئٍ لما حوله. وها هُو ذَا صاحب المُصاب يقف بين أقاربه صفاً لتلقى واجب العزاء، مصافحاً مُعزييه فى رتابةٍ متتاليةٍ إلا مع البعض منهم من الأقربين فتجده يحتضنهم ويبكى بحرقة.
وهى ساعة من الزمن قد تزيد وقد تنقص، لكنها فى نظر معظمنا كئيبة نستعجلها لتنقضى، فلا يوجد هناك ما هو أكثر عبئاً على القلوب من الموت وسيرته. فهو ذلك الغامض الثقيل، وهو الكامن المنتظر للجميع فى صمتٍ وفى ثبات. هو ذلك المخيف والمؤلم والمُحزن فلا ألم يفوق ألم فقدان الأحِبة، ولا فزع يفوق فزع الموت. ويتساءل المرء منا حيناً كيف ستكون ميتته وأين!! فيعجز عقله.. فيتغاضى ويتناسى ليذهب ويمضى فى حياته تاركاً الموت ليأتيه فى موعده وبقدَره. فلا يعلم المرء متى وأين ستكون ساعته، فهذا حقٌ خالصٌ للخالق جلَّ فى علاه وبأمره.
قال تعالى فى سورة لقمان: {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِى الْأَرْحَامِ، وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا، وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)}
وقال تعالى فى سورة آل عمران: { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِى الشَّاكِرِينَ (145)}
وهكذا فإن أغلبَ الناسِ يهربون من التفكير فى الموت ويعُدُّون سيرته شؤماً، وعند كل ميت يغمضون عيونهم ويشيحون بوجوههم بعيداً عن ذلك المَهيب، وهو لهم قريب وهو إليهم قادمٌ لا محالة.
قال تعالى فى سورة آل عمران: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)}
ومن سورة النساء: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِى بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78)}
وعليه فحالة الهرب الدائم من سيرة الموت والعزوف عن التفكير فيه لهى خطأ جسيم يرتَكبَهُ أغلَبُنا.
فالموت هو تكملة الرحلة الإنسانية والدورة البشرية. هو حلقة الوصل بين الدنيا والآخرة. إنه فصلٌ من كتاب تتوجب علينا قراءته لتكتمل روايةُ كُلٍّ منا.
والمؤمن الحق يفرح بلقاء ربه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: { مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ }
هذه الفرحة هى فرحة الفوز والجزاء على العمل والجزاء على الإيمان وجزاء الصابرين على البلاء.
ولن أحدثكم عن العشرة المبشرين بالجنة ولا الشهداء، ومن هم فى درجتهم العليا، ولا الصابرين على البلاء والداخلين إلى الجنة بغير حساب، سأحدثكم عن هؤلاء الواقفين فى أرض المحشر، وقد نُصِبَت لهم الموازين وتُقرأ عليهم كتبُهم وتشهدُ عليهم الملائكة ..
{هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيَهْ إِنِّى ظَنَنْتُ أَنِّى مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ} «الحاقة: 19 : 20»
وليس هناك ما هو أجمل وأعظم من لحظة الفوز برضا الرحمن ..
(فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا) «الانشقاق: 8-9»
و يبشر الله عباده الفائزين بأن ينزع الخوف من قلوبهم ..
{يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ } «الزخرف : 68-70»
ونرى من بيننا البعض ممن يبحثون عن فهم الحياة الدنيا وإدراك معاييرها ويتعمقون فى مفاهيم الحياة وفلسفتها المعقدة، ويضربون فى الأرض ذات اليمين وذات اليسار ويُبحرون فى كتب الأسبقين. والمحظوظون منهم هم الذين فى بحثهم هذا يصطدمون بحقيقة الموت ويقتربون منه أكثر ويتفهمون مراحله، ويدركون تلك العلاقة بين الروح والجسد وكذلك يدركون أزلية الروح وفناء الجسد، ويتعلمون من القرآن والسنة مرحلية دورة حياة البشر من ظهر آدم وهو فى الجنة إلى الحياة الدنيا ثم الوفاة وحياة البرزخ ثم الآخرة وفيها الخلود إمَّا فى النار ونعوذ بالله منها أو الجنة ونتمناها لكل البشر حُباً فى خالقهم.
إن الفهم لعظمة الموت والإدراك لمَرحلِيَّتِهِ فى نقل الإنسان من الحياة الدنيا إلى الحياة فى الآخرة، لهو البوابة إلى فهم الحياة الدنيا ومعاييرها والارتقاء فوقها، فلا تَذِلُّ نفسُك ولا تخضع للهوى ولا تسقط فى بئر الذنوب والآثام. هذا الفهم للموت يرسم لك علاقةً مع خالقك تسمو بك للأعلى فتكون فى الحياة قوياً منيعاً هادئ النفس. هذه الحالة الفريدة من الفهم العميق للحياة والنابعة من إدراك فلسفة الموت تجعل عينيك ثاقبتين، ترى ما لا تراه أعين الجهلاء، وتجعل قلبك قوياً لا يتقلب إلا فى حب الله وطاعته، وتجعل عقلك صافياً مدركاً بعمق لما حوله، فلا تَهُزُّك عواصف الحياة لأنها زائلة ومؤقتة واختبار من الله له ثوابه.
الموت ..
هو بوابتك
لأن تدرك
حقيقة الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.