لن يتغير شىء فى الجولان السورية، هذا هو لسان حال 200 ألف من السوريين الدروز الذين يسكنون مرتفعات الجولان، فمنذ احتلال إسرائيل لمرتفعات الجولان عام 1967 عرضت على السكان الجنسية الإسرائيلية، ورفض جميع السكان السوريين الجنسية الإسرائيلية خلال ثلاثة أجيال متعاقبة، فالجيل الذى تم احتلال الجولان فى عهده وأبناؤهم وأحفادهم الآن يرفضون أى اعتراف بالسيادة الإسرائيلية، وعلق أحد السوريين من قرية مجدل شمس المقسمة بين الجزء الذى تحتله إسرائيل من المرتفعات، وقال: "دماؤنا سورية، وعاداتنا ولغاتنا سورية، خذ عينة من دمى ستقول لك إننى سورى وهذه الأرض ستظل سورية، ما قام به ترامب يخصه هناك فى أمريكا ولن يغير قراره أى شىء على الأرض". هذا الإعلان الأمريكى لا يغير من وضعية الجولان القانونية شيئا، فالجولان أرض سورية محتلة، ولا تعترف بسيادة إسرائيل عليها أى دولة، وهناك قرارات من مجلس الأمن صدرت بالإجماع لتأكيد هذا المعنى، أهمها القرار 497 عام 1981 الذى أشار بصورة لا لبس فيها إلى عدم الاعتراف بضم إسرائيل للجولان، ودعا إسرائيل إلى إلغاء القرار.
كما أن شرعنة الاحتلال هو منحى جديد فى السياسة الأمريكية، ويمثل ردة كبيرة فى الموقف الأمريكى الذى صار يتماهى بصورة كاملة مع المواقف والرغبات الإسرائيلية.
كل دول العالم بما فيها أقرب حلفاء أمريكا فى الاتحاد الأوروبى وكندا رفضوا هذا النهج، وإذا كان الاحتلال جريمة كبرى، فإن تقنينه وشرعنته خطيئة لا تقل خطورة، فالقوة لا تنشئ حقوقا ولا ترتب مزايا، والقانون الدولى لا تصنعه دولة واحدة مهما كانت مكانتها، وديمومة الاحتلال لفترة زمنية (طالت أم قصرت) لا تسبغ عليه شرعية.
كما أن كل دول مجلس الأمن وفى مقدمتها الصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا رفضت القرار الأمريكى، وقالوا إنهم ما زالوا يعتبرون الجولان أرضاً سورية محتلة، وهو موقف يحظى بإجماع عربى ودولى واضح وكامل، وستعكسه أيضا القرارات الصادرة عن القمة المرتقبة فى تونس.
ويشكل القرار الأمريكى اعتداء صارخا على سيادة ووحدة أراضى الجمهورية العربية السورية، لأن ترامب لا يملك الحق والأهلية القانونية لتشريع الاحتلال واغتصاب أراضى الغير بالقوة، كما أن هذه السياسة العدوانية الأمريكية تجعل من المنطقة والعالم عرضة لكل الأخطار، وتكرس نهجا فى العلاقات الدولية تجعل السلم والاستقرار والأمن فى العالم فى مهب الريح، وأن هذا القرار وقرار نقل السفارة من تل أبيب للقدس يدشن لموجة توترات جديدة فى الشرق الأوسط.
يذكر أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وقع على إعلان يعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، فى سابقة تاريخية تشكل خرقاً للقانون الدولى الذى يعتبر الجولان أرضاً سورية احتلتها إسرائيل منذ عام 1967،وجاء توقيع ترامب على «وثيقة الجولان» خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو بالبيت الأبيض، وقال ترامب:"تعترف الولاياتالمتحدة بحق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها فى مواجهة التحديات الأمنية التى تواجهها، واليوم نأخذ خطوات لمساعدة إسرائيل وأخذ خطوة تاريخية، وسأوقع اليوم إعلانا بالاعتراف بسيطرة إسرائيل على الجولان". وجاء توقيع الإعلان فى حضور نائب الرئيس الأمريكى مايك بنس، ووزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومى الأمريكى جون بولتون ومستشار الرئيس وصهره جاريد كوشنر، والمبعوث الأمريكى الخاص لعملية السلام جيسون جرينبلات وسارة ساندرز الناطقة باسم البيت الأبيض.