«بحضور المحافظ وأساقفة عموم».. تجليس الأنبا مينا كأول أسقف لإيبارشية برج العرب والعامرية (صور)    الإسعاف الإسرائيلي: 22 قتيلًا وأكثر من 400 مصاب منذ بداية الحرب مع إيران    بالمر يقود تشكيل تشيلسي ضد لوس أنجلوس في كأس العالم للأندية 2025    مدحت شلبي عن أزمة ضربة الجزاء: ما حدث لا يليق    الأرصاد تكشف مفاجآت بشأن حالة الطقس فى الصيف: 3 منخفضات جوية تضرب البلاد    تأجيل محاكمة 11 متهما بالانضمام لجماعة إرهابية فى الجيزة ل8 سبتمبر    استوديو «نجيب محفوظ» في ماسبيرو.. تكريم جديد لأيقونة الأدب العربي    «الصحة»: ملتزمون بخدمة المواطن وتعزيز الحوكمة لتحقيق نظام صحي عادل وآمن    «سياحة النواب» توصي بوقف تحصيل رسوم من المنشآت الفندقية والسياحية بالأقصر    نراهن على شعبيتنا.. "مستقبل وطن" يكشف عن استعداداته للانتخابات البرلمانية    "الإسعاف الإسرائيلي": 22 قتيلًا وأكثر من 400 مصاب منذ بداية الحرب مع إيران    بدأت بمشاهدة وانتهت بطعنة.. مصرع شاب في مشاجرة بدار السلام    وزير خارجية إيران: مكالمة من ترامب تنهي الحرب    وزير الثقافة: تدشين منصة رقمية للهيئة لتقديم خدمات منها نشر الكتب إلكترونيا    خبير علاقات دولية: التصعيد بين إيران وإسرائيل خارج التوقعات وكلا الطرفين خاسر    وائل جسار يجهز أغاني جديدة تطرح قريبا    "كوميدي".. أحمد السبكي يكشف تفاصيل فيلم "البوب" ل أحمد العوضي    ما الفرق بين الركن والشرط في الصلاة؟.. دار الإفتاء تُجيب    حالة الطقس غدا الثلاثاء 17-6-2025 في محافظة الفيوم    طبيب يقود قوافل لعلاج الأورام بقرى الشرقية النائية: أمانة بعنقي (صور)    وزير العمل يستقبل المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب- صور    العثور على جثة شاب مصاب بطلق ناري في ظروف غامضة بالفيوم    فيفا يشكر كل من شارك في إنجاح مباراة افتتاح كأس العالم للأندية بين الأهلي وإنتر ميامي    لمست الكعبة أثناء الإحرام ويدي تعطرت فما الحكم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    ما هي علامات عدم قبول فريضة الحج؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أمين الفتوى يوضح حكم الجمع بين الصلوات في السفر    سي إن إن: إيران تستبعد التفاوض مع واشنطن قبل الرد الكامل على إسرائيل    محافظ الدقهلية يتفقد أعمال إنشاء مجلس مدينة السنبلاوين والممشى الجديد    تقرير يكشف موعد خضوع فيرتز للفحص الطبي قبل الانتقال ل ليفربول    البنك المركزي يطرح سندات خزانة ب16.5 مليار جنيه بسعر فائدة 22.70%    إلهام شاهين توجه الشكر لدولة العراق: شعرنا بأننا بين أهلنا وإخواتنا    البنك التجارى الدولى يحافظ على صعود المؤشر الرئيسى للبورصة بجلسة الاثنين    مفوض الأونروا: يجب ألا ينسى الناس المآسي في غزة مع تحول الاهتمام إلى أماكن أخرى    التضامن تعلن تبنيها نهجا رقميا متكاملا لتقديم الخدمات للمواطنين    افتتاح توسعات جديدة بمدرسة تتا وغمرين الإعدادية بالمنوفية    عضو ب«مركز الأزهر» عن قراءة القرآن من «الموبايل»: لها أجر عظيم    التعليم العالي تعلن حصاد بنك المعرفة المصري للعام المالي 2024/2025    «لترشيد استخدام السيارات».. محافظ قنا يُعّلق على عودته من العمل ب «العجلة» ويدعو للتعميم    وفود دولية رفيعة المستوى تتفقد منظومة التأمين الصحي الشامل بمدن القناة    بعد عيد الأضحى‬.. كيف تحمي نفسك من آلالام النقرس؟    إيراد فيلم ريستارت فى 16 يوم يتخطى إيراد "البدلة" في 6 شهور    العربية: إيران تعتقل عشرات الجواسيس المرتبطين بإسرائيل    تخفيف عقوبة 5 سيدات وعاطل متهمين بإنهاء حياة ربة منزل في المنيا    النائب حازم الجندي: مبادرة «مصر معاكم» تؤكد تقدير الدولة لأبنائها الشهداء    تصنيف الاسكواش.. نوران جوهر ومصطفى عسل يواصلان الصدارة عالمياً    توقيع عقد ترخيص شركة «رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري»    بريطانيا تشهد تعيينًا تاريخيًا في MI6.. بليز مترويلي أول امرأة تقود جهاز الاستخبارات الخارجية    محمد عمر ل في الجول: اعتذار علاء عبد العال.. ومرشحان لتولي تدريب الاتحاد السكندري    القبض على 3 متهمين بسرقة كابلات من شركة بكرداسة    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالمنصورة الجديدة.. 6 يوليو    الجالية المصرية فى لندن تحتفل بعيد الأضحى    لا تطرف مناخي.. خبير بيئي يطمئن المصريين بشأن طقس الصيف    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    الينك الأهلي: لا نمانع رحيل أسامة فيصل للعرض الأعلى    أسعار الفراخ اليوم.. متصدقش البياع واعرف الأسعار الحقيقية    إصابة 3 أشخاص بطلقات بندقية فى مشاجرة بعزبة النهضة بكيما أسوان    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    الشرطة الإيرانية: اعتقال عميلين تابعين للموساد جنوب طهران    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سارة السهيل: النصوص ستظل خالدة بوجود التدوين والنص المكتوب
نشر في الأهرام العربي يوم 04 - 10 - 2018

فى إطار فاعليات معرض عمان الدولى للكتاب فى دورته 18 شاركت الكاتبة والشاعرة سارة طالب السهيل بندوة حول النص والصورة، حيث أدار الندوة الصحفى والفنان التشكيلى رسمى الجراح.

وفى مستهل الندوة قالت السهيل: شرفت بحضور افتتاح معرض عمان الدولي للكتاب العام الماضي وسط كوكبة من كبار الكتاب و المفكرين، و اليوم أحضر بينكم بمشاركة في ندوة النص و الصورة، باعتبارها فرصة أتاحها لي مسئولي المعرض لأشارك عمليا في أهم حدث ثقافي في وطني الاردن، وطن التراث و الحضارة و العلم، وخاصة ان هذه الدورة اختارت مصر قلب العروب ضيف الشرف، ولأنها بالأكثر تنطلق تحت شعار "القدس عاصمة فلسطين". ومن ثم فهي دورة برأي تاريخية بكل المقاييس لأنها تنتصر للقدس الرمز والمعني والتاريخ والقدسية التي تحملها قلوبنا لهذه المدينة المقدسة كعرب مسلمين ومسيحين وتنتصر لحق الشعب الفلسطيني الواقع تحت براثن الاحتلال في إقامة دولته وعاصمتها القدس .

وأضافت: فلسطين والقدس هي قضية الامة العربية كلها من المشرق للمغرب علي تعاقب الأجيال، وتبني معرض عمان لها هو تبني للحقوق المقدسة والشرعية وفقا للقوانين الدولية، وهي قضية كل المثقفين والمبدعين الشرفاء في العالم كله ، قضية استعادة الحقوق المسلوبة وتحرير الوطن من الاحتلال وشرف مدينة القدس، ولذلك فإنني أشعر بالفخر والاعتزاز بالأردن وهو يزود عنها في معرض كتابه الدولي ليحفظ ذاكراتها التاريخية امام آلة الاعتداء ضدها وضد أهلها الشرعيين من الفلسطينيين، ولا شك أن معرض عمان أحد المشاعل الثقافية التي تضئ سماء وطننا العربي بأنوار أحدث ما اصدرته المطابع في العالم من ابداع وفكر و ثقافة منجز علمي ، يجمع بين القديم والحديث كجسر ثقافي تعبر عليه الثقافة الإنسانية في ابداعها للنص و الصورة معا .
والقضية التي نتناولها اليوم حول "النص والصور" ة تعبر عن إشكالية جدلية فجرتها وزادت في الحاحها علينا طبيعة عصر ثقافة الصورة الراهنة بل ورقمتنها، وفي تصوري انها ستظل جدلية مشتعلة لعدة أجيال قادمة .
والحقيقة ان كلا من الصورة والنص قد تبادلا الأدوار في معطيات التاريخ البشري الإنساني، وكان لكل منهما منجزه في التأريخ والتعليم والتثقيف وصنع الحضارة.

وحول الصورة اشارت سارة الى انه من المعروف تاريخيا ان ثقافة الصورة قد سبقت ثقافة الحرف من خلال النقوش والحفريات على الصخور والألواح والمعابد القديمة ، بل انه عندما ظهرت ثقافة الكتابة ، فان الصورة اخذت تلاحقها أيضا في القدرة علي الحضور واثبات ذاتها من خلال استخدام الصورة في تقديم تفسيرات مبسّطة على هوامش المخطوطات في العهود القديمة ومع بدايات التدوين.

وقالت: وفي عصر ثقافة الصورة الراهنة فان فضاءات التكنولوجيا الحديثة منحت الفرص الأكبر للصورة لكي تتصدر ملكات التعبير والدلالات وتكون لها الغلبة في كثير من الأحيان علي النصوص مستعيدة في ذلك قدراتها في الأزمنة السحيقة علي التواصل بين البشر والتفاعل الانساني بأبسط الطرق تأثيرا، فقد كانت الصورة سبيلا وحيدا قبل اختراع الكتابة، للحوار والاتصال بالأخرين وتوصيل الأفكار اليهم عبر النقش على الحجارة والأخشاب، وكما يقال في الاثار الصينية ، فان صورة واحدة تغني الف كلمة في قدرتها علي الاقناع.

اما عن الكتابة باعتبارها تطور حضاري اوضحت السهيل أنه برغم أهمية الصورة الا انها لم تفي باحتياج الانسان لمزيد من التعلم والفهم، ومن كانت الحاجة الي اختراع الكتابة كوسيلة للتعبير ،وانطلقت في البداية بالحروف التصويرية ، عبر الكتابة السومرية التي تعود إلى حوالي 3000 سنة قبل الميلاد، حيث ازدهار حركة الزراعة والتجارة في المراكز الكبرى ، ولجأ اليها المسؤولون عن المعابد بهدف الاحتفاظ بسجلات الحبوب والأغنام والماشية التي كانت تدخل أو تغادر متاجرهم ومزارعهم، ، فكتبوا نصوصهم على أقراص طينية رطبة باستخدام أداة مدببة، ثم كانت الهيروغليفية في مصر القديمة التي ظهرت ايضا حوالي عام 3000 قبل الميلاد، واستخدمت للكتابة على جدران المعابد والمقابر والتماثيل وغيرها، وطهر النظام الأبجدي نظام الكتابة الميسيني اليوناني عام 1400 قبل الميلاد، وكان يُعطى لكلّ حرف ساكن أو متحرك رسماً بيانياً مميزاً ، ثم تطور النظام الأبجدي، الذي يهتم بتقسيم الكلمة لمجموعةٍ من الأصوات الساكنة وأصوات العلة، ووفقاً للباحث البريطاني جيفري سامبسون فإنّ معظم الأبجديات الحالية مشتقة من الأبجدية السامية، التي نشأت في الألفية الثانية قبل الميلاد، اخترعها متحدثون من بعض اللغات السامية، مثل اللغة الفينيقية ، وتوالي تطور الكتابة عبر التاريخ و الشعوب حتي القرن الرابع عشر عندما ظهرت فكرة الأبجدية في اوغاريت التي اعتمدت على تفكيك المقطع الصوتي الأكدى والفصل بين الحرف وبين الحركة واستمر الوضع حتى جاء الفينيقيون واخترعوا الخط الأبجدي معتمدين المبدأ الاكروفوني وقد مثلت هذه القفزة الفينيقية أرقى مراحل الكتابة الإنسانية لان الآراميين اقتبسوا من الفينيقيين هذا الخط ونشروه في أرجاء المشرق كله فانبثق منه العبري المربع والتدمري والنبطي والعربي

وفيما يخص الخط العربي استكملت حديثها قائلة: وفقا لحديث نبوي رواه مسلم في صحيحه : ( كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك ) والمراد بالنبي هو نبي الله إدريس وبالخط : خط الرمل والمعنى أن سيدنا إدريس هو أول من عمل على نشر الكتابة في الذرية لأنه تعلم من سيدنا أدم حيث عاش 308 سنة ثم بعد ذلك سيدنا نوح ثم بعد ذلك نبي الله إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام وعن عباس رضي الله عنه : ( أن أول من كتب بالعربية ووضعها هو إسماعيل بن إبراهيم ).إن سيدنا إسماعيل عليه الصلاة والسلام هو أول من كتب بالعربية وقد كتب بخط موصول حتى فرق بينها ولداه همسيع وقيذر، وكما يذكر الباحثون المتخصصون ، فان منشأ الخط كان في اليمن أولا ثم انتقل إلى الحجاز واصله من القلم المسند الذي هو قلم حمير المتفرع عن القلم الآرامي وقد بلغ هذا الخط درجة عالية من الإتقان والجودة زمن دولة التبابعة انعكاسا لحضارتهم وعلمهم.

واكدت سارة أن للكتابة أهمية مشيرا الى انه قد أثبت التاريخ الإنساني أهمية الكتابة والنصوص المكتوبة في تسجيل علوم وتاريخ الشعوب والحفاظ تراثهم من الضياع ومن ثم نقله الأجيال دون ضياع ، فالنص المكتوب هو الذي نقل الينا هو نقل العلوم والقوانين التي ورثناها من أجدادنا ثم طورناها عبر الأجيال لنصنع منها تكنولوجيا العصر الراهنة ، لأنه من المعروف ان العلوم والمعارف تراكمية يبني عليها ، ولا توجد حضارة انطلقت من نقطة الصفر ، لكنها انطلقت من بدايات علمية حفظها لنا النص المكتوب .
فولا هذا لنص لما وصلنا لما نحن فيه الآن من علوم وتكنولوجيا متطورة، ولبدأت كل حضارة أبحاثها من نقطة الصفر.

وقالت السهيل بأن هناك علاقة جدلية بين النص والصورة وذكرت بان هذه العلاقة تبدو متشابكة ومعقدة من حيث قدرة احداها في التأثير على الملتقي مقارنة بالأخرى، فهناك من ينتصر لسطوة الصورة وتأثيرها، وهناك من ينتصر لطغيان النص وتأثيره على الصورة، جاذبية النص، وقد يرتبط التأثير للنص او الصورة علي تعتمد على نوعية المتلقي وتركيبته النفسية ، فقد تميل التركيبة النفسية لإنسان الي الصورة وجمالياتها ، بينما تميل تركيبة انسان آخر الي الكلمة ودلالاتها ويجد متعة كبري في كشف هذه الدلالات وفك شفراتها ورموزها ، في حين ان ثقافاتنا المعاصرة تعتمد علي الصورة لكنها لم تستطع أبدا التخلي عن النص ولم تسطع ان تملأ فراغه وهذا يعني في تقديري ان كلا من النص والصورة يكملان بعضهما في احداث التأثير علي المتلقي فكريا وجماليا .

وعادت الكاتبة سارة بالذاكرة الي نصوص اديب نوبل العربي نجيب محفوظ والتي تحولت معظم ابداعاته الروائية والقصصية الي أفلام سينمائية عبقرية . وقالت ..
فرغم براعة التصوير والأداء التمثيلي لنجوم هذه الاعمال الخالدة الا انها اعتمدت بشكل رئيسي علي نص عبقري ، بل ان قصص وروايات نجيب محفوظ نفسها كانت ملهمة لمبدعي الرسم فأبدعوا في أغلفة هذه الروايات ابداعا موازيا لإبداع النص الأساسي، ولكن أيضا، فانه كما يحقق النص الادبي متعة التلقي وينمي حاسة التذوق لدي الملتقي، فان حضور الصورة بأغلفة هذه الابداعات النصية يزيدها ألقا ويحفز الملتقي علي الاقبال علي النص.

واوضحت بأن هذا ينجلي حقيقة تصوري بأن اقتران الصورة النص عندما يقترن بالصورة فانه يحقق تكاملا في الابداع ، فإبداع الصورة كعنصر جذب وتشويق يولد من رحم الابداع الرئيسي وهو النص، غير ان سن القارئ ودرجه ثقافته وذائقته قد تحدد مدي اقباله على الصورة اكثر من النص او العكس، فكلما كان الكاتب محترفا ومبدعا اصيلا فان الجمهور يقبل علي نصه بمعزل عن الصورة الا في القليل، وقد يفسر هذا لماذا ترتبط قصص الأطفال بشكل أساسي علي فن الصورة كعنصر جذب وتشويق واثارة وأيضا فهم تنمية ذائقة بصرية، فالصغار يحتاجون اكثر من الكبار الي الصورة في عمليات تثقيفهم وتعليمهم وتنمية حواسهم الوجدانية وأيضا ملكاتهم العقلية، فالنص القصصي للصغار قد يكون قالبا خياليا تستوحي منه الرسوم الشارحة للطفل والجاذبة لانتباهه، فعلميا فان البعد البصري يستحوذ علي انتباه الطفل اكثر من النصوص نفسها، لأنه يستثمر قدرته عليالتخيل عبر تفسير الصورة لغوياً . وهذا المعيار التعليمي والتثقيفي يمثل ضرورة في الفهم والتلقي والتذوق في المراحل العمرية الاولي من عمر الانسان، لان معطيات الصورة المشوق في الصغر تنقل الأطفال لاحقا الي عالم القصص والرواية عندما يشب عن الطوق .


اما عن لغة الصورة فاستطرت بالحديث مؤكدة أن العلماء يؤكدون بان دخول الصور والرسوم بطريق تربوية وعلمية يمثل ضرورة ملحة في الابداع للصغار ،لأنها تعمل على تنمية الحس الأدبي لديهم ، ولذلك فان اول يجذب الطفل في الكتاب أو القصة هو الغلاف بما يحتويه من صورا ورسوماً تحكي الموضوع بألوان جاذبة و براقة.

واشارت ايضا فى حديثا عن الرسوم باعتباره تعد لغة مهمة تساعد الطفل على فهم النصوص القصصية وتضفي عليها الروح الجمالية وتحفز الطفل علي القراءة عبر عنصر الخيال الفني لهذه الرسومات، كما انه تساعده على تذكر القصة وإغناء قاموسه اللغوي، وعلي ذلك، وفي ظل ثقافة الصورة وتصاعد تأثيرها في القرية الكونية وفضاءات الانترنت التي نحياها في ألفيتنا الثالثة للميلاد ، فان الرسم بات وسيلة تفاعلية تغطي العديد من الجوانب الحسية والمعرفية والعقلية والإبداعية. فالصورة لغة عالمية تحمل المعاني والدلالات والأفكار بأيسر السبل إلى المتلقي وتتجاوز عوائق كثيرة، مثل حل شيفرة المكتوب كقدرة وزمن. هي الفكرة مباشرة بأقل وساطة ممكنة،فالرسومات التي تجذب الطفل تفتح امامه فرص التخييل وانماء الوجدان والمعرفة الثقافية، فضلا عما توفره من متعة وتسلية ، ومن ثم فان تنمية المنظور البصري لدي الصغار يشكل ضرورة لفهم النص وكشف دلالاته ، وبموجب ذلك تصبح الصورة لغة عالمية قادرة علي حمل العديد من المعاني والدلالات والأفكار بأبسط الطرق امام الصغار .


بينما جاء حديثها حول ايقاع الصورة مؤكدة أنه لا يمكن لأنسان عاقل في زماننا ان يغفل حقيقة ان عصر الميديا وطغيانه قد تواكب معه طغيان موازي للكتابة البصرية خاصة بين فئة الشباب ، لانهم نشأوا علي إيقاع عصري سريع شهد اختزال المسافات والامكنة والحواجز ، فالمعلومة تصل اليه في اقل من الثانية فور بحثه عنها بمحرك البحث جوجول وغيرها ، وتأنيه هذه المعلومة مصحوبة بكل أشكال الصور المصاحبة ، ومن فان ذائقته المعرفي والوجدانية قد تلونت بطابع العصر ، كما اننا لا يمكننا ان نفرض عليه نمط ثقافي يكرس لثقافة النص بينما هو يتعامل يوميا مع ألاف الصور قي شتي مجالات الفنون والعلوم والآداب، والحقيقة فان ايقاع الصورة يبدو اكثر توافقا مع إيقاع هذا العصر السريع في تدفق معلوماته المعرفية والثقافية، لان الصورة اسرع وأسهل التعبير عن المحتوي، ومن هنا كان الكتاب الرقمي له حضور في وسط كوكبة الشباب الذي لا يريد ان يهذب للمكتبة لاقتناء كتاب او شرائه، لكني في المقابل أرصد كما يرصد غير من المهتمين بالكتابة فنون الصورة أيضا ان ثقافة الصورة السريعة جاءت انعكاسا لثقافة الاستهلاك السريعة ، ويمكن تسميتها بثقافة التيك أوي ، سرعان ما تؤكل لكنها لا تغذي العقل وتصمد في الذاكرة الوجدانية طويلا ، بعكس ثقافة النص التي تبقي صامدة لأمد زمني أطول وتشكل وعيا تراكميا للمعرفة والثقافية الإنسانية الاصيلة والتي لا يمحوها الزمن ، وقد علمتنا التجارب الإنسانية حقيقة ان ما يأتي سريعا يذهب أيضا سريعا ، دون ان يترك أثرا فاعلا في حياة الأجيال المتعاقبة ، بينما الثقافات الحضارات التي تتشكل بتمهل ويتم هضمها بتأني ، فإنها تحافظ علي سر بقائها وخلودها .

واشارت الى ان ثقافة الصورة السريعة هذه لا تحتاج الي تأويل عميق ومن تأثيرها في النفس لا يبقي كثيرا، بينما النص يحمل في طياتها قراءات متعددة وتأويلات مختلفة، ولو نظرنا في النص المقدس كالقرآن الكريم لوجدناه ليس معجزا في تراكيبه والفاظه ومعانيه فحسب، بل ان اعظم ما فيه حسب فهمي المتواضع هو تعدد تأويلاته الي قيام الساعة، فهو مدهش وسيظل مدهشا لجميع الأجيال من العلماء المتخصصين ممن يملكون ملكة التأويل .

اما النص الادبي فاشارت اليه وقالت .. ، أيا كان نوعه قصة او رواية او ديوان شعري ، فانه هو الاخر رغم انه منجز بشري ، فانه يبقي من اسرار جمالياته هو القراءات المتعددة له وقدرة المتلقي حسب ثقافته وذائقته علي فك شفراته والتفاعل مع رموزه والاستمتاع بجماليات الفك والتركيب لهذا النص ، بل ان القراءة النقدية للنص الادبي تعد بمثابة ابداع موازي يقوم به الملتقي او الناقد خلال عملية عقلية وابداعية ملهمة في التأويل .
ولا احد يستطيع ان يلغي التطور البشري ووصول الإنسانية لاعلي مراحل تقدمها التكنولوجي والذي قادها الي ثقافة الصورة وطغياتها ، لكن تجارب البشرية أيضا علمتنا ان فن السينما عندم ظهر بكل قوته لم يلغ المسرح ، والدراما التليفزيونية بكل جبروتها ونفاذها الي كل بيت لم تلغ السينما ، والصحافة الاليكترونية لم تلغ الصحافة الورقية ، والكتاب الرقمي لم يقض علي الكتاب الورقي ، فكل من هذه القنوات الثقافية والمعرفية لم تلغ الاخر ، بل بقيت مجاورة لها ، ولكل منها جمهوره ومتلقيه .

واختتمت حديثها مشيرة الى ان النصوص ستظل خالدة لا يمحوها الزمن ، فالتدوين والنص المكتوب هو الذي حفظ لنا العلوم والابداعات الإنسانية من الاندثار ، ولن تستطيع الصورة ان تلغي النص لكنها ستظل معبرة عنها تستوحي منه الأفكار وتزيدها اضاءة واشعاعا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.