يوما بعد يوم تتكشف أسرار جديدة فى ملف استضافة قطر لبطولة كأس العالم 2022، وخرج جوزيف بلاتر الرئيس السابق للاتحاد الدولى لكرة القدم "فيفا"، بتغريدة له على موقع "تويتر"، الأسبوع الماضي، أشار فيها إلى أن قطر فازت بعد تدخل سياسى من الرئيس الفرنسى السابق نيكولا ساركوزى، فضلا عن مؤامرات أحيكت فى الغرف المغلقة لقادة سياسيين، كما تم الكشف عن رسائل مسربة لعمليات سوداء دبرتها قطر للإطاحة بمنافسيها، ويحدث هذا فى وقت تتزايد فيه الدعوات لتجريد الدوحة من حق استضافة المونديال. واصل بلاتر تصريحاته حول كيفية حصول قطر على شرف تنظيم كأس العالم 2022، وقال فى تغريدة عبر حسابه الشخصى على تويتر: "أخبار سيئة.. قطر اتهمت بالتشهير على الدول الأخرى التى نافستها فى استضافة المونديال"، وأضاف "الحقيقة هى أن قطر فازت بعد تدخل سياسى من الرئيس الفرنسى السابق نيكولا ساركوزى لدى ميشيل بلاتينى نائب رئيس الفيفا السابق". وسبق لرئيس الفيفا السابق أن أعلن فى نوفمبر الماضى عن ضغوط قامت بها فرنسا، ممثلة فى رئيسها، كان سببا رئيسيا فى فوز قطر، وتحدث بلاتر لقناة "إس إف آر" الفرنسية قائلا:"نيكولا ساركوزى رئيس فرنسا السابق ومواطنه ميشيل بلاتينى رئيس الاتحاد الأوروبى السابق لعبا دورا كبيرا فى حصول قطر على استضافة المونديال"، وكانت قطر آنذاك تتنافس على حق استضافة المونديال مع كل من أمريكا وأستراليا واليابان، وصرح بلاتر وقتها، أن أمير قطر السابق اجتمع مع ساركوزى، وهو ما غير مسار تصويت فرنسا لصالح الدولة العربية.
وبالتزامن مع تغريدة بلاتر التى كتبها الأسبوع الماضي، نشرت صحيفة "صنداى تايمز" البريطانية، كشفت خلاله عن إدانة جديدة تلاحق الملف القطرى الذى شابه الفساد، والدور الذى لعبته سلطات الدوحة فى مخططات لنشر ما وصفته (بالسموم) ضد مرشحين منافسين من أجل الحصول على تنظيم المونديال.
وألمحت الصحيفة إلى عمليات سوداء لجأت إليها الدوحة، ولجأت إلى شراء ذمم بدفع رشى للتأثير على قائمة المنافسين على الاستضافة، بل إن الأموال التى أغرت بها قطر عيون المرتشين دفعتهم للتآمر ضد دولهم، حيث عملت على تجنيد أشخاص ذوى نفوذ لمهاجمة الملفات الداخلية فى بلادهم، من أجل خلق الانطباع بأن بطولة كأس العالم لا تلقى دعما داخليا فى الدول المنافسة، لاسيما وأن الدعم الداخلى كان أحد المعايير الرئيسية التى وضعتها الفيفا لقبول الترشح.
وقدمت قطر أموالا لصحفيين ومدونين وشخصيات شهيرة فى مختلف دول العالم، حتى تنال من ملفى الولاياتالمتحدة وأستراليا، ولذلك ظهرت العشرات من المقالات التى تهاجم الملفين المنافسين لقطر.
ولعل الأسرار التى تتكشف بشأن هذا الملف ستعزز الدعوات المتزايدة بتجريد قطر من حق استضافة كأس العالم، بعد أن قدمت الصحيفة البريطانية أدلة مكثفة حول عمليات الفساد التى تمثلت فى دفع مبالغ من الأموال لمسئولى كرة القدم من قبل القطرى محمد بن همام، رئيس الاتحاد الآسيوى السابق، خصوصا أن ما كشف أخيرا يعتبر خرقا صارخا للقواعد الموضوعة من قبل الفيفا للدول المتنافسة على استضافة كأس العالم 2022.
لكن اللجنة العليا للمشاريع والإرث فى قطر، أعلنت رفضها التام لكل هذه الادعاءات التى نشرتها صحيفة "صنداى تايمز"، لافتة النظر إلى ضرورة نشر ذلك دون أن تشير إلى الرسائل الإلكترونية التى كشفت عنها الصحيفة البريطانية، كما نفت الاتهامات التى وجهت إلى قطر بأنها أدارت حملة سرية للنيل من المرشحين الآخرين لاستضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2022. وحصلت الصحيفة على رسائل إلكترونية تؤكد هذا التواطؤ بين الدوحة ومهاجمى خصومها فى المونديال، وتضمنت سطور التقرير الموسع إحدى الرسائل الإلكترونية عن استمالة أكاديمى بتسعة آلاف دولار حتى يكتب عن "أعباء المونديال".
وعملت قطر على ترويج أخبار مضللة وتحريك أنشطة مفتعلة، ففى إحدى الرسائل الإلكترونية المسربة، يظهر دعم الدولة لاحتجاج طلبة أستراليين من أنصار رياضة الركبى فى مدينة ملبورن على إقامة المونديال، بذريعة أن الحكومة المحلية مطالبة بدعم الرياضة الأكثر شعبية فى البلاد.
ورسالة أخرى تم إرسالها إلى نائب رئيس الملف القطرى على الذوادي، تكشف أن السلطات القطرية كانت على علم "بمؤامرة نشر السم" ضد خصومها الرئيسيين وحتى أنها كانت على علم بمخطط مشروع قرار كان على وشك أن يصدره الكونجرس الأمريكى، حول الضرر الذى كان من الممكن أن ينتج حال استضافة الولاياتالمتحدة لبطولة كأس العالم 2022.
كما كشفت الرسائل عن تنظيم شركات العلاقات العامة تظاهرة لمجموعة من الأكاديميين الرياضيين المعروفين، والذين ظهروا كأنهم يمثلون أموال دافعى الضرائب فى الولاياتالمتحدة، وتظاهروا ضد تنظيم البطولة، ووصفوها بأنها إهدار للمال العام، الذى كان له أثر إيجابى على المنافسين، لأنه يشير إلى عدم رضاء الشعب الأمريكى عن تنظيم الحدث الكروى الأكبر.
حتى إن الدوحة دفعت تسعة آلاف دولار لشخصية مرموقة لكتابة تقرير سلبى عن التكلفة الاقتصادية الباهظة لاستضافة البطولة فى الولاياتالمتحدة، ثم توزيعه على وسائل الإعلام حول العالم، وتم تنفيذ تلك العمليات بناء على طلب قطر، فى مكاتب شركة العلاقات العامة الأمريكية "براون لويد جونز"، التى أصبحت الآن شركة "براون لويد جونز العالمية"، وبالتعاون مع عملاء سابقين فى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.
كما قامت قطر بتوظيف مجموعة من أساتذة الرياضة فى الولاياتالمتحدة حتى يطالبوا أعضاء الكونجرس بتقديم نص تشريعى ينبه إلى أن الأموال التى سيتم إنفاقها على تنظيم المونديال ستكون أكثر فائدة لو تم توجيهها لدعم الرياضة فى المدارس الأمريكية.
وتشكل الوثائق الجديدة ضغطا مضافا على الفيفا لسحب ملف المونديال من قطر، يضاف إلى الجدل القائم بشأن تغيير توقيت المونديال إلى الشتاء والخسائر الهائلة التى سيتسبب فيها للشركات الراعية لبطولات الأندية المحلية، فضلا عن الأزمة السياسية التى تحاصر قطر، والتى تتعلق بمقاطعة بعض الدول العربية لها، بسبب دعمها للإرهاب فى المنطقة. ودفعت الرسائل التى كشف عنها اللورد تريزمان الرئيس السابق لاتحاد كرة القدم الإنجليزى، لمطالبة الاتحاد الدولى بالنظر إلى الأدلة بشكل كامل وبسرعة كبيرة، وأن تكون لديه الشجاعة لاتخاذ ما قد يكون قرارا صعبا.
وقال تريزمان الذى سبق وأن ترأس ملف ترشح بلاده لتنظيم المونديال، إنه إذا تبين أن قطر قد خرقت قواعد الفيفا، فإنه يجب حرمانها من استضافة بطولة كأس العالم، وشدد على ضرورة أن يعيد الفيفا النظر فى اختيار إنجلترا لاستضافة المونديال كبديل يحظى بدعم دولى كبير بمجرد سحب الملف من قطر، وذلك لأن إنجلترا تمتلك القدرات وتنطبق عليها المواصفات.