تكللت جهود سلطنه عمان ممثلة في وزارة التراث والثقافة والمندوبية الدائمة للسلطنة لدى منظمة اليونسكو في إدراج موقع مدينة " قلهات " الأثرية على قائمة التراث العالمي باليونسكو. جاء ذلك في إطار الحرص الدائم للسلطنة في ابراز تراثها الحضاري والثقافي والإنساني والتعريف بالقيمة الاستثنائية المتمثلة في اصالته كتراث ثقافي عالمي ترشيح موقع المدينة لإدراجها ضمن القائمة العالمية. كما جاء ادراج موقع مدينة قلهات التاريخية في قائمة التراث العالمي وهو الموقع العماني الخامس في هذه القائمة خلال الدورة الثانية والأربعين للجنة التراث العالمي المنعقدة حاليًا بالعاصمة البحرينية المنامة خلال الفترة من الرابع والعشرين من يونيو وحتى الرابع من يوليو بمشاركة وفد السلطنة . وقد ترأس الوفد حسن بن محمد بن علي اللواتي مستشار صاحب السمو السيد وزير التراث والثقافة لشؤون التراث بحضور الدكتورة سميرة بنت محمد موسى الموسى المندوبة الدائمة للسلطنة لدى منظمة اليونسكو وعدد من الخبراء في مجال التراث من الجهات المعنية. ويأتي إدراج هذه المدينة التاريخية الهامة على قائمة التراث العالمي تأكيدًا من المجتمع الدولي ومنظمة اليونسكو على أهمية هذه المدينة العريقة التي حافظت على مستوى عالٍ من الأصالة. وأكد مستشار صاحب السمو السيد وزير التراث والثقافة لشؤون التراث أن هذا الاعتراف الدولي جاء ليعزز المكانة التاريخية للمدينة وكذلك للدور الهام الذي لعبته في تاريخ المنطقة إذ تعتبر مدينة قلهات الأثرية أول عاصمة اتخذها مالك بن فهم الأزدي مقرًا له وكانت لاحقًا العاصمة الثانية لمملكة هرمز خلال الفترة بين القرنين الحادي عشر والخامس عشر نظرًا لموقعها الاستراتيجي الهام مما أكسبها أهمية تاريخية بسبب الدور الكبير الذي قامت به في تنشيط الحركة التجارية لمملكة هرمز في الخليج العربي والمحيط الهندي إذ تفوقت خلال تلك الحقبة الزمنية على غيرها من المدن المجاورة. وأوضح أن هجر المدينة بالكامل بدايات القرن السادس عشر ساهم بشكل أساسي في حفظ أصالة الموقع حيث بقيت جميع عناصر المدينة محفوظة بالكامل وبالتالي فإن المدينة تعتبر نموذجًا مميزًا لعمارة وتخطيط مدن الموانئ التي نشطت في العصور الوسطى. من جهتها قالت الدكتورة المندوبة الدائمة لسلطنة عمان لدى منظمة اليونسكو إن إدراج موقع مدينة قلهات الأثرية على قائمة التراث العالمي باليونسكو يأتي في إطار المساعي التي تبذلها السلطنة في صون تراثها الثقافي الضارب في جذور الحضارة البشرية". وأشادت بالجهود المبذولة من قبل الجهات المعنية بصون التراث الثقافي بنوعيه المادي وغير المادي مضيفة " أننا نشعر بالارتياح إزاء الدعم الدولي الذي تحظى به ملفات السلطنة لإدراجها على قوائم التراث العالمي". وتعتبر مدينة قلهات التي تقع بولاية صور بمحافظة جنوبالشرقية احدى العواصم القديمة لعُمان وتوجد بها آثار مهمة وشواهد بعضها لا يزال باقيًا إلى اليوم من أهمها الجامع الكبير وضريح " بيبي مريم " وبعض الأبنية الأثرية والسور الخارجي . وقد انتهت وزارة التراث والثقافة مؤخرًا من وضع وإعتماد خطة إدارة مدينة قلهات الأثرية التي تهدف الى حماية الموقع والحفاظ عليه واستدامته من خلال الإستثمار السياحي ونشر الوعي المجتمعي بأهمية المدينة الأثرية ومراقبة الموقع لضمان عدم التعدي عليه وتنفيذ القوانين والتشريعات المحلية والدولية المعتمدة لحماية مواقع التراث العالمي. ويأتي نجاح السلطنة في إدراج مدينة قلهات الأثرية ضمن قائمة اليونسكو بعد نجاحها على مدى ثلاثة عقود في إدراج أربعة مواقع أثرية على القائمة المذكورة وهي: قلعة بهلاء (1987م) ، موقع بات والخطم والعين (1988م) ، مواقع أرض اللبان (2000م) ونظام الري بالأفلاج (2006م) الذي يشمل خمسة أفلاج وهي دارس والخطمين والملكي والميسر والجيلة. وتسعى السلطنة على الدوام للمضي قدمًا في صون تراثها الثقافي بنوعيه المادي وغير المادي من خلال تسجيله لدى اليونسكو والتعريف به. يقول الدكتور حميد بن سيف النوفلي مدير قطاع دائرة الثقافة باللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم " موقع قلهات الأثري يمثل أهمية تاريخية كبيرة لعُمان والمنطقة على حد سواء ، ولها قيمة استثنائية عالمية حيث كان البوابة الاقتصادية كميناء بحري للتبادل التجاري بين عُمان وحضارات العالم القديم، ويمثل ادراجها في قائمة التراث العالمي اعترافا من دول العالم والمجتمع الدولي بان هذه المدينة تشكل تراثا ثقافيا للإنسانية ". وأضاف " هذا الادراج توج جهودًا عديدة سبقت في ادارة هذا الموقع واعداد الخطط اللازمة له وصونه والحفاظ عليه وقد عرض الملف على لجنة التراث العالمي في اجتماعها الحالي في المنامة وبفضل الله تعالى كانت كل الملاحظات ايجابية وكل الدول الأعضاء في اللجنة أيدت ادراج هذا الملف ولم توجد معارضة وهذا يدل على أن الموقع قد استوفى المعايير الفنية المطلوبة للإدراج وأن دول العالم تقدر الجهود والسياسات المعتدلة التي تنتهجها السلطنة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان . وأوضح أن مدينة قلهات لها تاريخ طويل وكانت احدى العواصم السياسية لعُمان والمدينة الاقتصادية الثانية بعد صحار باعتبارها ميناءً بحريًا يطل على بحر عُمان والمحيط الهندي ولها خطوط تجارية مع دول آسيا وشرق افريقيا وايران والعراق مما فتح الباب أمام التبادل التجاري والحضاري مع أمم وشعوب تلك الدول. وأشار الى النوفلي الى أن المدينة اتخذها حاكم هرمز العاصمة الثانية لحكمه وقد توفي ودفن فيها ويؤكد هذا وجود شواهد قائمة حتى الآن إذ أقامت له زوجته " بيبي مريم " ضريحًا وهو من المعالم الباقية يتميز بزخزفته ونقوشه من الداخل .