ولد أناتولى أندربوتش فى مدينة باكو عاصمة أذربيجان، التى كانت تابعة للاتحاد السوفيتى سابقًا . ولأنه نشأ وتربّى على الأفكار الشيوعية التى تنكر وجود الله.. نفر من كل ما هو غيبى وغير محسوس.. لذلك لم يكن غريبًا أن يترسخ فى نفسه منذ الصغر الكراهية والبغضاء للإسلام وللمسلمين، وتجلى ذلك فى عنفه وقسوته مع زملائه وجيرانه غير الشيوعيين فى المدرسة والجامعة وكل مكان.. ولعل هذا الحقد وهذه الكراهية كانا الدافع وراء التحاق أناتولى بالجيش الروسى، الذى تدرج فى صفوفه حتى وصل إلى أرفع الرتب والمناصب، وصار يعرف بالجنرال (اللواء) أندربوتشوف. ووجد أناتولى متنفسًا لهذه الكراهية للإسلام والمسلمين فى حرب الروس للأفغان، والتى استمرت 10 أعوام، من سنة 1979م حتى اندحارهم وجلائهم عن أفغانستان عام 1989 م، ذهب أناتولى إلى الحرب يملؤه الحقد الأسود على الرافضين لأفكار ماركس ولينين، فارتكب هناك مجازر يشيب لهولها الولدان.. وكانت المفاجأة التى لم يتوقعها أندربوتشوف، حين انتصر هؤلاء البسطاء فى العدة والعتاد وتوالت الهزائم على قوات الجنرال أناتولى، وأعيته الحيل فى تفسير انتصارات المسلمين الضعفاء الذين لا يملكون حيلة ولا يستطيعون سبيلًا.. فلا سلاح ولا تدريبات.. بدأ يفكر بطريقة أخرى.. أخذت تراوده الأفكار أن هناك قوى خفية غيبية تساعد هؤلاء الجنود المسلمين وتدعمهم.. وبينما الجنرال أناتولى يفكر فى الكشف عن سر قوة هؤلاء البسطاء "الجبابرة".. زادت حيرته وتعقدت أمام مشهد يخرق الناموس البشرى، كانت بداية الزلزال فى أفكار الجنرال الروسى. فعندما تم تكليفه بجمع جثث المقاتلين الروس بعد أحد المعارك بعدة أيام، ذهب القائدالروسى أندربوتش مع جنوده لنقل الجثامين.. وهناك استوقفه مشهد غريب، حيث شاهد جثث القتلى الروس منتفخة وتنبعث منهم روائح كريهة..بينما قتلى الجنود المسلمين تفوح منهم رائحة عطرة، وأجسادهم لم تتغير أو تتبدل، ولم يجد العفن الرمى إليها طريقًا.. وفى تلك اللحظة حدثت صدمة التغيير، واشتعلت فى داخله رغبة معرفة سر هؤلاء المسلمين. وبعد أن كان يعذب أسرى المقاتلين المسلمين للحصول على اعترافات بخطط الحرب، أخذ يجتمع ببعضهم ممن يجيدون اللغة الروسية، وراح يتبادل معهم أطراف الحديث من أجل أن يعرف أكثر عن سر قوة هذا الدين.. وما معنى كلمة "الله أكبر" التى يصيح بها المقاتل المسلم قبل كل طلقة مدفع أو قذفة حجر، فى وجه العتاد الروسى الجبار بثقة المنتصر.. وما هذا الدين الذى يناصبه العداء دون أن يعرف عنه شيئًا؟ وبمرور الوقت اتضح للأسرى أن روح الجنرال معذبة وحائرة تبحث عمن يرشدها إلى الحقيقة.. وانتقل إلى مدينة أخرى من مدن كازاخستان هى "ألما آتا" حيث لا يعرفه أحد، وهناك فى مسجد المدينة تعرف على داعية اسمه الشيخ محمد حسين.. فشعر الشيخ على الفور بمعاناة أناتولى وحيرته وقلقه الروحى، فأخذ بيده فى رفق إلى بر الأمان.. حتى قرّ قراره فى النهاية على إشهار إسلامه أمام الشيخ محمد حسين، برغم أن زملاءه نصحوه بألا يفعل.. واللافت للنظر أنه بعد إسلامه واختياره اسمًا عربيًا هو "عليّ"، عمد إلى دعوة أسرته وزوجته وأولاده وأصدقائه إلى الإسلام.. وتكللت جهوده بالنجاح. اللطيف فى أمر جنرال الجيش الروسى، أنه اختار أن يكون مؤذنًا فى المسجد الذى شهد إسلامه.. يصدح بصوته كل يوم خمس مرات بنداء الحق.. حى على الصلاة.. حى على الفلاح.. الله أكبر.. الله أكبر.. لا إله إلا الله.