أنا آخر وزير إعلام، قالها صفوت الشريف، وزير الإعلام الأسبق، ثم قالها من بعده ممدوح البلتاجى وأنس الفقى، ورددها وزراء ما بعد الثورة أسامة هيكل وأحمد أنيس، وها هو صلاح عبدالمقصود، الوزير الحالى يرددها ويتخذ خطوات ليؤكدها، إذاً نحن أمام وزارة إعلام فى طريقها للزوال، أما البديل، فهو مجلس وطنى للإعلام تحدث عنه عبدالمقصود، وأشار إليه المستشار أحمد مكى، وزير العدل عندما أكد أن مركزاً حقوقياً مده بدراسة حول مجلس وطنى للإعلام يضم تسعة عشر خبيراً من مجالات شتى، على أن تكون مهمة المجلس ضبط إيقاع إعلام الدولة ووضع معايير لسياسته التحريرية، وتمتد يد المجلس إلى وضع نفس المعايير للقنوات الخاصة، تساؤلات كثيرة حول إلغاء وزارة الإعلام أو الإبقاء عليها، وجميعها يتعلق بالعمالة الكبيرة التى تبتلع أغلب الميزانية، وبالسياسة التحريرية والأعمال التقنية، وبعيداً عن التساؤلات، هل يصدق وزير الإعلام هذه المرة ويكون صلاح عبدالمقصود آخر وزير؟ فكرة إنشاء مجلس وطنى للإعلام ظهرت منذ سنوات طويلة، ودخلت فى دائرة الاهتمام فى العامين الماضيين وتحديدا عندما توليت وزارة الإعلام، حيث تم إعداد مشروع بذلك يتضمن تصورا لكيان المجلس كبديل لاتحاد الإذاعة والتليفزيون فقط، أو بديلا لوزارة الإعلام بالكامل، ولكن نظرا لأن الوقت كان غير مناسب لم يصدر قرار بالبدء فى تنفيذه، هذا ما أكده أحمد أنيس، وزير الإعلام السابق، وأضاف: المشروع مهمته الأولى تحسين أداء الإعلام الرسمى عن طريق وضع سياسة إعلامية واضحة يتم وضعها من خلال كبار الإعلاميين، بالإضافة إلى وضع مبادئ وأسس عامة تسير عليها القنوات الخاصة دون انتقاص من حرياتها المسئولة فى انتقاد المسئولين، ومناقشة كل القضايا التى تظهر على السطح، وأكد أنيس: أن الملف الذى أراه من وجهة نظرى أنه أكثر خطورة من أى ملف آخر فهو، كيفية التعامل مع العمالة الكبيرة الموجودة فى وزارة الإعلام التى تستهلك ما يقرب من 80 ٪ من ميزانيتها، ولذا أرى ضرورة تشكيل لجنة من جميع القطاعات لبحث إمكانية تخفيض أعدادهم بالطريقة التى يرتضونها. أما حسن حامد، رئيس مدينة الإنتاج الإعلامى، ورئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق، فأكد أنه أول من نادى بضرورة إنشاء مجلس وطنى للإعلام فى عام 2004، حينما كنت أشغل منصب رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون فى ذلك الوقت، حيث قمت بعمل تصور لقانون جديد بديل عن قانون رقم 13 المنظم لعمل اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وأجرينا دراسات عن الأنظمة الموجودة فى عدد من دول العالم حتى تم الاستقرار على مشروع تحت أسم المجلس الأعلى للإعلام، له سيناريوهان الأول، يشمل بقاء وزارة الإعلام، مع تحديد علاقة وزير الإعلام بالمجلس، والسيناريو الثانى، يشتمل على أن يحل المجلس الأعلى للإعلام بديلا عن وزارة الإعلام، وهو الذى يشرف على الإعلام الحكومى والخاص، وله حق إعطاء التراخيص للقنوات الجديدة وتوقيع الجزاءات على من يتجاوز الأسس والمعايير التى سيتم وضعها. وكان أقرب مثال لمجلس وطنى للإعلام فى دولة متقدمة فى ذلك الوقت هو المشروع الفرنسى، وأضاف: فور الانتهاء من إعداد المشروع تم رفعه إلى ممدوح البلتاجى، وزير الإعلام فى ذلك الوقت ، لكنه حبيس الأدراج إلى الآن، فضلا عن أن هناك مبادرة تقدم بها حمدى قنديل و30 إعلاميا وأنا من بينهم تحمل مشروعا يكفل خروج الإعلام المصرى من الموقف الحالى واستقلاليته عن الحكومة، أما فيما يخص رأيى حول مشروع إنشاء مجلس وطنى للإعلام بعد موافقة رئيس الوزراء عليه، فأرى أن ننتظر حتى تتضح التفاصيل الخاصة به. ويقول الكاتب الصحفى لويس جريس: سمعت وغيرى من المهتمين بالإعلام عن هذا المشروع، وأن هناك رغبة سياسية لأن يضم المجلس الأعلى للإعلام كل ما له علاقة بالعمل الإعلامى من مرئى ومسموع ومكتوب، ولكن المهم ليس فى إنشائه، وإنما فى تفعيله وتأديته لدوره على أكمل وجه بما يضمن حرية الرأى المسئولة، ولا أن يكون إنشاؤه على سبيل « الديكور «، وأضاف: أتصور أن هذا المشروع سيكون مصيره فى الأدراج مثل باقى الاقتراحات التى قدمت فى السنوات الماضية، لأنه إذا كانت هناك نية جادة لدى رئيس الوزراء فى إنشائه فكان عليه أولا تكوين لجنة من شيوخ الإعلاميين فى القطاعين العام والخاص لكى تدرسه وتقدم له مشروعاً لإنشاء مجلس وطنى للإعلام يعبر عن طموحات وتطلعات العاملين فى هذا المجال، خصوصا فى ظل أعدادهم الكبيرة التى مثلت العقبة الوحيدة عند محاولة أى تطوير فى منظومة الإعلام الرسمى بسبب صعوبة السيطرة عليهم ، لكن ذلك لم يحدث، فضلا عن عدم تحديده لتبعية هذا المجلس سواء للحكومة أم أن يكون مستقلا. التحكم فى أداء القنوات ويقول الإعلامى أمين بسيونى، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق: الإعلام المصرى تغير كثيرا عندما ركب الفضاء، ثم الإنترنت، حتى القنوات الفضائية الخاصة التى لحقت به، وأصبح الكل يتسابق من أجل الوصول إلى الناس والتأثير عليهم سواء بالإيجاب أم بالسلب، مما يستلزم بالضرورة وجود مجلس وطنى للإعلام يحكم أداء القنوات العامة والخاصة ويرسم لها سياستها وفقا لمعايير محددة يضعها كبار الإعلاميين، بشرط ألا يكون تابعا للحكومة حتى لو جاء بديلا لوزارة الإعلام. د. عبدالله زلطة، رئيس قسم الإعلام بآداب بنها أكد أن مجلس الإعلام الوطنى ليس فكرة مبتكرة، ولكنها قائمة فى العديد من دول العالم، حيث يوجد ببعض الدول مثل بريطانيا وفرنسا وأمريكا وإنجلترا، وغيرها من الدول مجالس للصحافة والإعلام أعضاء فيما يسمى بالاتحاد العالمى للمجالس الصحفية والإعلامية، ونحن هنا فى مصر أعضاء فى هذا الاتحاد، ويمثل مصر بها المجلس الأعلى للصحافة الذى تنظم عمله المادة 69 من قانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 96، تغيير المسمى وأضاف: أقترح أن يتم تعديل مسمى المجلس الأعلى للصحافة إلى المجلس الوطنى للصحافة والإعلام، بحيث يكون مسئولا مسئولية كاملة عن الصحافة المطبوعة والإلكترونية والإعلام التليفزيونى والإذاعى الرسمى والخاص، بحيث يضع الإستراتيجية الإعلامية ومواثيق الشرف وتنسيق شئون المهنة بمختلف فروعها، وحتى لا يكون هناك اتجاه لإنشاء أكثر من مجلس، وقال زلطة: المشكلة الوحيدة التى ستقابل القائمين على هذا المجلس فور إلغاء وزارة الإعلام هى العمالة الكبيرة الموجودة فى ماسبيرو وكيفية الاستفادة منها، وإن كنت أرى أنها ستمثل عائقا كبيرا أمام إعادة هيكلة اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وأنه لا خيار أمام أصحاب القرار سوى توظيفهم بشكل جيد يخدم الإعلام على أساس مهنى وليس وظيفيا، وذلك من خلال سياسة تحريرية تحكمها معايير محددة، وأشار: أما فيما يخص هل صلاح عبد المقصود هو آخر وزير للإعلام فهذا أمر لايستطيع أن يؤكده أو ينفيه سوى صاحب القرار. فى حين رفض الإذاعى الكبير محمود سلطان، إبداء رأيه حول مجلس الإعلام الوطنى المزمع إنشاؤه واكتفى بالقول: الأمور الخاصة بهذا المشروع غير واضحة المعالم، وحتى الآن لا يعرف أحد هل المجلس سيكون تابعا للحكومة أم مستقلا، ولهذا دعنا ننتظر حتى تتضح الرؤية.