فى 4 مارس من عام 1938 بدأ بئر الدمام رقم 7 فى إنتاج 1585 برميلا فى اليوم من عمق 1.5 كيلو متر تقريبا، وكان هذا اليوم بداية منحنى تاريخى ضخما، حيث تحولت المملكة من منطقة يتركز اقتصادها حول تربية المواشى والزراعة و التجارة وكان موردها الأساسى يعتمد على الحج و العمرة إلى دولة تعتمد على 90 % من إيراداتها من عوائد النفط. وتعد المبادرات والتنظيم الحكومى اللذان قامت بهما الدولة جزءا لا يتجزأ من تاريخ النفط فى المملكة العربية السعودية، فقد قامت الحكومات السعودية المتعاقبة بتنظيم العمل النفطي، وذلك بإنشاء وزارة البترول، كما قامت الحكومة أيضا بتأسيس شركة أرامكو السعودية التى أصبحت فيما بعد أكبر شركة منتجة للنفط الخام فى العالم، كما قامت الحكومة بالتعاون مع بعض الدول بتأسيس منظمة أوبك ومنظمة أوابك.
وقد حاولت السعودية أن يكون متوسط إنتاجها من النفط بمستوى 10,1 مليون برميل فى اليوم من النفط، لما تبقى من هذا العام وأيضاً لعام 2016. فهذا منطقى ومبرر، لأن السعودية تريد حماية حصتها الإنتاجية فى السوق العالمية ولا تخفضها لحساب آخرين يأخذون ما تخفضه من حصة، لأنها لو فعلت ذلك مع بقاء أسعار النفط متدنية، ستخسر السعودية الحصة الإنتاجية والعائدات المالية. ولو استجابت السعودية لما تطالبها به فنزويلا وإيران والجزائر من تخفيض إنتاجها، لخسرت الحصة الإنتاجية والعائدات المالية. فلا داعى للقيادة السعودية التى تضع سياسة المملكة النفطية أن تغير مسار سياستها النفطية حتى لو انخفضت أسعار النفط. فهى ليست مسئولة عن هذا الانخفاض فى الأسعار الذى بدأ مع فورة إنتاج النفط الصخرى فى أمريكا، عندما وصلت أسعار النفط إلى مائة دولار للبرميل، وأسهمت فى الفائض فى العرض النفطى العالمى. أما الآن، فهناك انخفاض ملحوظ فى إنتاج النفط الصخرى الأمريكى بسبب تدنى أسعار النفط.
إن حماية حصة السعودية من الإنتاج النفطى هى سياسة ذكية، لأنه عندما سترتفع أسعار النفط فى المدى المتوسط إلى 80 دولاراً للبرميل كما يتوقع كثيرون من الخبراء فى مجال النفط، ستكون السعودية الرابحة بسبب حمايتها حصتها الإنتاجية من النفط. أما المشاريع الكبرى فى السعودية فقد تحتاج إلى بعض الوقت الإضافى لتنفيذها. وطبيعى أن تصبح المملكة أكثر حذراً فى الإنفاق، وأن تعيد النظر فى بعض المشاريع التى ليست فى حاجة ماسة إليها فى الوقت الحاضر مثل أى بلد كبير آخر، ولكن إستراتيجيتها النفطية ناجحة لحماية مكانتها العالمية ولا سبب لتغييرها. إن ركائز السياسة البترولية السعودية، هى المحافظة على استقرار السوق بالتنسيق مع المنتجين الكبار داخل وخارج المنظمة، والحفاظ على مستوى أسعار مناسبة للمستهلكين ومناسب للمنتجين بالاستثمار فى زيادة الطاقات الإنتاجية مستقبلاً، والحفاظ على طاقة إنتاج احتياطية تتراوح بين 1.5 و2 مليون برميل يوميًا فى كل الأوقات لمواجهة أى انقطاعات فى الإمدادات على مستوى العالم. وقد أصبحت السعودية اليوم إحدى أكبر دول العالم إنتاجًا للصناعات البتروكيماوية، يأتى ذلك فى وقت يمثل فيه توفير الطاقة بأسعار مدعومة نقطة ارتكاز أساسية، لارتفاع حجم الاستثمار فى صناعة البتروكيماويات، فيما قفز إجمالى إنتاج البلاد من المواد البتروكيماوية بنسبة 250 فى المائة خلال 10 سنوات.وتشير الأرقام الاقتصادية، إلى أن السعودية تحتل مرتبة عالمية متقدمة فى حجم تصدير منتجات البتروكيماويات، فيما من المتوقع أن يسهم الحراك الاقتصادى الكبير الذى تشهده البلاد على مستوى صناعة البتروكيماويات فى تقدم المملكة إلى المرتبة الثالثة عالميًا من حيث حجم الصادرات.
من المؤكد أن صناعة البتروكيماويات فى السعودية، أسهمت فى دفع عجلة الاقتصاد الوطني، كما أنها أسهمت بشكل فاعل فى خلق الفرص الوظيفية، وتوطين التقنية، وزيادة حجم الحراك والنشاط الاقتصادى للبلاد، كما أن الصناعات البتروكيماوية حققت تنمية اجتماعية، وخلق جيل من الشباب التقني، بالإضافة إلى توطين الصناعة، وخلق مصادر وإيرادات جديدة لاقتصاد البلاد بخلاف المصادر النفطية، وأن بناء مجمع صدارة للصناعات البتروكيماوية الذى يحتوى على 26 مصنعا عملاقا، يعتبر ثانى إنجاز تاريخى بعد شركة سابك.