المجتمع المغربي يغرق فى بحر التكفير، لا يمر يوم إلا ونجد حربا شرسة يشنها الشيوخ، ويطلق عليهم فقهاء بين المغاربة، ومن ثم يعطون لأنفسهم الصلاحية لتكفير كل من يعارضهم من المشاهير في كل الاتجاهات السياسية والفنية والدينية، فعقب إدلاء أي من هذه الشخصيات بتصريح لا يتقبله المتلقي لا يتردد أبدا في فتح النار عليه أيا كان منصبه. وربما كان أكثر من يتعرض لهذا الهجوم هو رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، فقد هاجمه الشيخ (الفقيه) الريسوني علي صفحات الجرائد والمجلات، وكذلك المواقع الإلكترونية المغربية، قائلا: إنه لا يمكن إعفاؤه من الخطأ أو السؤال، حتي عندما يقول إنه لا يعرف. وكان الريسوني قد سبق أيضا بتكفير المجتمع المغربي بالكامل، وكذلك أيضا نصف الدولة ووصفه بأنه كافر وملحد. أما الشيخ عبد الله النهاري فهاجم صحفيا وناقدا اسمه المختار الغزاوي الكاتب بجريدة الأحداث المغربية، واتهمه الأول بالكفر وأحل دمه، واعتبره ديوثا، وأن الدين الإسلامي قد أمر بقتل مثل هذا الصحفي، وذلك اعتراضا من النهاري علي تصرفات الغزاوي الشخصية وعلي حد تعبيره ل«الأهرام العربي» اقتلوا مثل هؤلاء، واستشهد بالحديث النبوي «اقتلوا من لاغيرة له». هذه القضية احتلت مكانة كبيرة علي صفحات الجرائد والمجلات، وأيضا فوجئ الجميع أخيرا بمجموعة من المتطرفين ينشئون صفحة علي الفيس بوك لتكفير مجموعة من الوجوه الإعلامية والحقوقية والسياسية، وذلك للتضامن مع الشيخ النهاري وطالب فيها المتطرفون بإهدار دم عدد من الشخصيات البارزة في المجتمع المغربي مثل الإعلامية سميرة سيطايل مديرة الأخبار بالقناة الثانية المغربية وآخرين. مجلة «الأهرام العربي» تحدثت مع الشيخ المغربي حسن الكتاني، للتعرف علي رأيه فى فتاوى التكفير السياسى والدينى فقال: التكفير مسألة فقهية شرعية، وليس العوبة ولا يصح لأحد أن يكفر آخر إلا بعد الاستناد للأدلة الفقهية، والتي هي محكومة بقواعد، وروابط، وأدلة، وليس لأحد أن يسب هذا أو يتطاول باسم الدين علي ذلك من منظوره الشخصي وفكره أيضا ولكن المشكلة أن بعض الناس يرفضون مثل هذا القواعد ويرون من مفهومهم لبعض الأحاديث ويفهمونها بشكل خاطئ فيكفرون بعضهم بعضا، ومجتمعنا المغربي لا يختلف كثيرا عن أي مجتمع عربي آخر نعاني من مثل هذه المواقف والاتهامات خاصة بين الشباب الذين يتحمسون ويكفرون بدون ضوابط، خصوصا بين الإسلاميين أو من يطلقون علي أنفسهم اسم التيار الإسلامي، والذي يري أنهم بحاجة لتغير مفاهيم وأفكار المجتمع بشكل عام، وطرح أفكار جديدة تتفق مع أفكارهم، وبذلك فهم ينظرون إلى أي شخص يختلف مع أفكارهم بوصفه كافرا وملحدا، وهذا أمر في منتهي الخطورة، ولا يقبله الدين الإسلامي أبدا.