في قرار وصفوه بأنه تعسفي ومخالف لقوانين الدولة، شكا مواطنون ينتمون إلى أحد فروع قبيلة قطرية من قيام السلطات في الدوحة باتخاذ خطوات لنزع الجنسية بشكل جماعي عنهم وعن أولادهم بل وعن آبائهم وأجدادهم المتوفين بأثر رجعي.. وذلك ضمن إجراءات يتعرض لها ذلك الفرع منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها أمير قطر السابق الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لاستعادة الحكم من ابنه، إذ اتهم عدد من أفراد تلك القبيلة من العاملين في الشرطة والجيش بالمشاركة في ذلك الانقلاب. وطالت قرارات نزع الجنسية التي تعرضت لها "فخيذة الغفران" - وهي أحد فروع قبيلة "آل مرة" التي تستوطن قطر تاريخيا، وامتدت لتشمل جميع أفراد عائلاتهم بالتبعية والبالغ عددهم 5266 فردا، وتبع تلك القرارات إجراءات حكومية بفصلهم من أعمالهم ومطالبتهم بتسليم المساكن التي يقيمون فيها كمواطنين، وحرمانهم من جميع امتيازات المواطنة من علاج وتعليم وكهرباء وماء وأعمال تجارية، ومطالبتهم عن طريق الجهات الأمنية المختلفة بتصحيح أوضاعهم كمواطنين غير قطريين.
وقال مسعود جار الله المري - أحد المتضررين - إن السلطات القطرية بررت هذا القرار الصادر في أكتوبر 2004م بأن تلك القبيلة تنحدر من الدولة السعودية وأنهم ما زالوا يحتفظون بالجنسية السعودية، وأشار إلى أن السلطات قامت منذ صدور ذلك القرار بتكرار الاتصال بالأسر والعوائل في البيوت، حيث هددتهم بالاعتقال، مشيرا إلى وقوع مداهمات فعلية للمنازل واعتقال بعض الأشخاص من المساجد. وأضاف المري أن عددا كبيرا من أسر "فخيذة الغفران" أصبحت في وضع لا تحسد عليه، بسبب وقف رواتبهم منذ عدة شهور، ورفض الجمعيات الخيرية وصندوق الزكاة القطري الممول من تبرعات المحسنين تقديم المساعدات لهم.
واعتبر المري أن اتهام السلطات القطرية لأبناء "فخيذة الغفران" بحمل الجنسيتين القطرية والسعودية دون غيرهم من القبائل والأسر الأخرى هو "ضرب من الكذب والافتراء" مؤكدا أن كثيرا من مواطني وقبائل دولة قطر ما زالوا يحتفظون بالجنسيات السعودية والبحرينية والإيرانية معا، وما زالت تلك الجنسيات سارية المفعول، وبرغم ذلك لم تتخذ السلطات أي إجراء ضدهم، ووصف ما تتعرض له "فخيذته" بأنه يدخل في باب "التمييز العنصري" و"التطهير العرقي".
وأكد في هذا الصدد أن قبيلة "آل مرة" تعد من أقدم القبائل التي سكنت قطر منذ مئات السنين، وأنها كانت على علاقة قوية "بآل ثاني" منذ عهد المؤسس الأول الشيخ قاسم بن محمد ومن تبعه من الأسرة الحاكمة، مشيرا إلى أنه لما تولى الأمير خليفة بن حمد آل ثاني مقاليد الحكم عام 1972 بعد عام من الاستقلال فتح الباب لكل من لديه رغبة في اكتساب الجنسية من أقارب القبائل والأسر المعروفة في الدولة دون مطالبتهم بجنسياتهم السابقة فوفدت بطون وأفراد من السعودية والبحرين وإيران واليمن ودول أخرى وحصلوا على الجنسية، واستقروا في الدولة ولم يطالبوا بالتخلي عن جنسياتهم السابقة، ولم يسألوا عنها أبدا.
وفي السياق ذاته، كشفت مصادر مطلعة في جنيف أن مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان اشترطت إطلاع أي وفد دولي يزور قطر على أحوال القبائل التي تشكو اضطهاد السلطات القطرية لها، قبل ترتيب أي زيارة للدوحة.
وأوضحت أن وفدها الذي من المقرر أن يزور الدوحة قريبا، أصر على مناقشة كل أوضاع حقوق الإنسان في قطر، بما فيها شكاوى قبيلة الغفران وعشيرة آل مرة من سحب الجنسية القطرية من أبنائهما.
وكان علي بن صميخ المري رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر قد زعم أن المفوضية سترسل بعثة فنية إلى الدوحة للنظر في تداعيات الإجراءات التي اتخذتها الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب تجاه قطر، وصرح: إن البعثة سترفع تقريرا إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان الذي سيطرحه بدوره على مجلس حقوق الإنسان، غير أن مصادر المفوضية أكدت الحرص على الاطلاع على كل ملفات حقوق الإنسان في قطر، بعد أن تلقت شكاوى رسمية من أبناء القبائل ومنظمات حقوقية عربية بشأن أشكال الاضطهاد.