لا تزال هناك قائمة طويلة لرجال أعمال أغرتهم مقاعد رئاسة الأندية الرياضية، فمصر ليست الدولة الوحيدة التى ينفرد رجال المال فيها بهذه الظاهرة، بل هناك رجال أعمال من جنسيات أخرى عربية، تقلدوا المنصب الذى يجعل أسماءهم تتردد بكثرة على ألسنة الجماهير، حتى وإن كلفهم الأمر بضعة ملايين أو حتى مليارات من الجنيهات لشراء النادى من بابه، وهى خطوة فى ظاهرها الاستثمار وفى باطنها الشهرة، لأن نجاح النادى ماديا أمر قد لا يتحقق. فى الحلقة السابقة من التحقيق الذى حمل عنوان «الرياضة.. طريق رجال الأعمال إلى الجمهور»، سردنا بعض الأسماء من قائمة طويلة، ضمت مستثمرين فى مجالات مختلفة منها، البترول، العقارات والسياحة، يتولون رئاسة أندية جماهيرية، وهناك أمثلة أخرى كثيرة مثل، عفت السادات الذى تولى رئاسة نادى الاتحاد السكندرى من عام 2002 حتى 2004، وبعد فترة ابتعاد حاول العودة مرة أخرى، لكنه خسر أمام رجل أعمال آخر وهو محمد مصيلحي، وكان ذلك فى انتخابات عام 2009.
ويمتلك السادات استثمارات فى مجالات الغاز والكيماويات والاستيراد والتصدير والملاحة البحرية، والحال نفسه بالنسبة لرجل الأعمال الملياردير ممدوح عباس، رئيس الزمالك الأسبق، وله استثمارات ضخمة فى مجال البترول، وقد تفضل جماهير الأندية الشعبية فى الأقاليم مثل المصرى فى بورسعيد، الاتحاد فى الإسكندرية، والإسماعيلي، تولى رجل أعمال رئاسة النادى للمساهمة فى الإنفاق، حيث إن أغلب موارد هذه الأندية ضعيفة، وهو ما يتباهى به رؤساء الأندية أمام وسائل الإعلام قائلين:»إحنا بنصرف على النادى من جيوبنا». أما على المستوى العربى لا تختلف الحال كثيرا، حيث يلجأ رجال أعمال عرب إلى شراء الأندية الأوروبية، لأنهم لن يتمكنوا من الجلوس على مقاعد الرئاسة إلا عبر هذه البوابة، وهى الطريقة التى اتبعها رجل الأعمال القطرى ناصر الخليفي، مالك قنوات «بى إن سبورت» الرياضية، ومالك نادى باريس سان جيرمان الفرنسي، والذى اشترى العام الماضى نادى إيه سى ميلان الإيطالى من مالكه السابق رئيس وزراء إيطاليا سيلفيو بيرلسكونى مقابل 750 مليون يورو.
هذه الصفقة وقتها لم يكن لها أى إضافة بالنسبة إلى الخليفي، بل إنها قطعا كبدته أموالا طائلا، فقد اشترى النادى فى وقت يعانى كثيرا من أزمات مادية، لكن عشاق الميلان كانوا على يقين بأن وجود رجل الأعمال العربى الذى يتولى أيضا رئاسة صندوق الاستثمار القطري، يدفع الصندوق الاستثمارى الكبير الملايين من أجل إنقاذ النادي. ولا يوجد الخليفى ضمن تصنيف عام 2016 الذى تصدره مجلة «فوربس» لأغنى أغنياء العالم، لكنه يعد واحدا من أهم رجال الأعمال العرب، ونجح الرجل فى عام 2011 للارتقاء بالنادى الفرنسى ووضعه فى مصاف الأندية العالمية الكبرى، وقد جلب عددا من الصفقات السوبر وكبار المدربين، وهى شهادة نجاح للرجل فى مجال الاستثمار الرياضى وتحقيق الكثير من الأرباح، ويحتل الخليفى مركزا ضمن قائمة أغنى مالكى الأندية فى العالم.
لكن أخيرا أثارت صفقة شراء نجم برشلونة الإسبانى السابق، البرازيلى نيمار دا سيلفا جدلا واسعا، بسبب المقابل المادى الذى بلغ 222 مليون يورو، وهو مبلغ يتجاوز ضعف الرقم القياسى لأغلى لاعب فى العالم حاليا، والمسجل باسم الفرنسى بول بوجبا الذى انتقل إلى مانشستر يونايتد الإنجليزى مقابل 89 مليون جنيه إسترليني..صفقة نيمار جعلت الخليفى حديث العالم كله .
وقد طرح ذلك تساؤلا واحدا وهو ما الذى جناه باريس سان جيرمان ورئيسه الخليفى من هذه الصفقة التى كبدت خزانة النادى خسارة كبيرة، خصوصا أن النادى غير مصنف ضمن أغنى أندية العالم، ويعول النادى على ما يحصده من العقود التجارية وحقوق الرعاية وبيع قمصان نيمار، وهى ما تعوض ثمن شراء اللاعب لكن على مدى ليس بقريب.
وإذا كان الخليفى صاحب الاستثمارات الرياضية غير مصنف ضمن أغنى أغنياء العالم، وفقا لمجلة «فوربس» الأمريكية الشهيرة، لكن هناك من يحتل مكانا فى القائمة ممن خاضوا تجربة شراء الأندية الرياضية، وهو رجل الأعمال المصرى الشهير محمد الفايد، ويأتى فى المركز ال 17 فى قائمة العرب بثروة بلغت 1.9 مليار دولار.
وكان رجل الأعمال المصرى محمد الفايد، هو رائد رجال الأعمال العرب فى هذا المجال، عندما كان أول عربى يمتلك ناديا، وهو فولهام الإنجليزي، قبل أن يبيعه فى عام 2013 للملياردير الباكستانى شاهد خان، فى صفقة قدرتها الصحافة البريطانية وقتها بنحو 173 مليون يورو، وقد اشترى رجل الأعمال المصرى النادى فى عام 1997 بنحو 6 مليارات جنيه إسترليني، ونجح فى تحويله من ناد ينافس فى الدرجة والثالثة إلى ناد مؤثر بين أندية الدورى الممتاز.
ويبدو أن التجربة أسالت لعاب عدد غير قليل من رجال الأعمال، بعد نجاح تجربة رجل الأعمال الروسى رومان أبراموفيتش فى نادى تشلسى الإنجليزي، وهو نوع من الاستثمار يفتح لهم طاقة الربح، إذا ما تم استثمارها بشكل مدروس، فلا عن منحهم الهيبة والانتشار والشهرة فى دول كبرى مثل إنجلترا وفرنسا، وهما أبرز دولتين شهدتا شراء الأندية الرياضية من قبل رجال الأعمال العرب.
لكن وجود رجال الأعمال على رأس الأندية أصاب عمليات انتقال اللاعبين بالصراع، وفقا للأرقام الضخمة التى تم رصدها لإنهاء هذه الصفقات، وقد قدم مركز الاقتصاد وقانون الرياضة التابع للاتحاد الأوروبى تقريرا أن الأرقام التى أنفقت فى هذا الصدد لا تستجيب لأى منطق اقتصادي، ما دفع رئيس اتحاد الكرة الدولى «فيفا»، السويسرى حيانى إنفانتينو إلى التفكير فى تقنين مسألة الصفقات، خصوصا بعد صفقة نيمار الخرافية.
ولعل اقتران اسم رجل الأعمال بأحد الأندية الرياضية، خصوصا الشهيرة، يضيف إليه الكثير والكثير بخلاف المال، لأنه يصنع رصيدا من الشهرة فى دولة أوروبية، ويمتلك نائب رئيس الوزراء الإماراتي، الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نادى مانشستر سيتى الإنجليزى عبر مجموعة «أبو ظبى الاتحاد للتنمية والاستثمار»، وذلك منذ عام 2008 وقد اشتراه من مالكه السابق رئيس وزراء تايلاند وقتها، تاكسين شيناواترا، مقابل 200 مليون جنيه إسترليني. وقد استعاد النادى وضعه بعد هبوطه إلى دورى الدرجة الثالثة للمرة الأولى فى تاريخه عام 1998، وذلك بعد انتقال ملكيته إلى الشيخ منصور، كما يمتلك الشيخ منصور أيضا أندية ملبورن سيتي، نيويورك سيتي.
كما يملك رجل الأعمال المصرى عاصم علام، الذى يحمل الجنسية الإنجليزية أيضا، نادى هال سيتي، وقد اشتراه فى عام 2012 مقابل 10 ملايين جنيه إسترليني، ووصل النادى لأول مرة فى تاريخه إلى الدورى الإنجليزى الممتاز فى موسم 2008-2009. وفى عام 2012 أيضا، اشترى رجل الأعمال الكويتى فواز الحساوي، نادى نوتنهام الإنجليزي، وترأس قبلها نادى القادسية الكويتي، لكن هذا النوع من الاستثمار عرف للمرة الأولى فى الكويت على يد الحساوي.
أما رجل الأعمال السعودى الأمير عبدلله بن مساعد بن عبدالعزيز آل سعود، هو الشريك الرئيسى لنادى شيفيلد يونايتد الإنجليزي، ويمتلك ٪50 من أسهم النادي، بينما يمتلك رئيس الوزراء القطرى عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثان، نادى ملقا الإسبانى منذ عام 2010.
وتعد كرة القدم من أكبر مجالات الاستثمار حول العالم، إذ تحصد مليارات الدولارات، لذلك يتنافس رجال أعمال كثيرون حول العالم لامتلاك الأندية الرياضية، وقد أعدت مجلة «فوربس» قائمة تضم أغنى ملاك الأندية الرياضية حول العالم، وجاء الإسبانى أمانسيو أورتيجا، مالك نادى ديبورتيفو لا كورنيا فى المقدمة بثروة تقدر بنحو 71.3 بليون يورو.
ويليه الإسبانى كارلوس سليم وتبلغ ثروته 54.5 بليون جنيه إسترليني، ولديه أسهم فى عدة أندية هي، باتشوكا وليونفى المكسيك ونادى ريال أوفيدو الإسباني، أما الأمريكى جورج سوروس، أحد ملاك نادى مانشستر يونايتد الإنجليزى بنسبة ٪1.9، وتبلغ ثروته قرابة 25.2 بليون جنيه إسترليني، ويأتى خلفهم الإماراتى منصور بن زايد، مالك أندية مانشستر سيتي، ملبورن سيتي، نيويورك سيتي، يوكوهاما مارينوس، وتبلغ ثروته 20 بليون جنيه إسترليني.
ويملك رجل الأعمال الأمريكى بول ألين، نادى سياتل سوندرز الأمريكي، وتبلغ ثروته 19.9 بليون جنيه إسترليني، أما الهندى لاكشيمي، والذى تبلغ ثروته 16.4 بليون جنيه إسترليني، فهو شريك بنسبة ٪11 من أسهم نادى كوينز بارك رينجرز الإنجليزي، ويملك مواطنه فيليب فريدريك، نادى لوس أنجلوس جلاكسى الأمريكي، وتبلغ ثروته 12.5 بليون جنيه إسترليني.
إجمالا، يلجأ رجال الأعمال إلى شراء الأندية من أجل كسب المال فى المقام الأول ثم الشهرة والوجاهة بعد ذلك، وهو عكس الوضع فى مصر، حيث لايحصد صاحب مقعد الرئاسة سوى الشهرة فقط.