النواب يناقش مشروع قانون تنظيم منح التزام المرافق العامة لتطوير المنشآت الصحية    وزارة العمل: توعية في مجال السلامة والصحة المهنية بمحطة توليد كهرباء بشمال سيناء    الخروف ب 11 ألف جنيه.. تعرف على أسعار الأضاحي 2024 في الشرقية    ضياء داود يرفض قانون تطوير المنشآت الصحية.. والأغلبية: منطلقاتنا وطنية    تداول 11 ألف طن و821 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر خلال 24 ساعة    لجان المقاومة في فلسطين: الرصيف العائم أصبح خدمة للاحتلال الإسرائيلي    محاولات إسرائيل لعرقلة القضايا القانونية (خبير يوضح)    رئيس «المصريين الأحرار»: لن يخرج فائز من الحرب على قطاع غزة    القنوات الناقلة المفتوحة لمواجهة الزمالك ونهضة بركان في نهائي الكونفدرالية الإفريقية    البدري: الأهلي قدم مباراة جيدة أمام الترجي .. وتغييرات كولر تأخرت    مصرع طفل وإصابة آخرين في حادث تصادم بصحراوي المنيا    دون وقوع خسائر بشرية.. التحقيق في اندلاع حريق بعقار سكني بمدينة نصر    السجن ل8 متهمين باستعراض القوة وقتل شخص وإصابة 5 آخرين في الإسكندرية    إصابة 4 مواطنين في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    «القومي للترجمة» يكرم المترجم علي الغفاري خلال الإحتفال باليوم العالمي لقارة أفريقيا    مايا مرسى تشارك في فعاليات افتتاح الدورة الثانية لملتقى التمكين بالفن    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    رئيس النواب: الحق في الصحة يأتى على رأس الحقوق الاجتماعية    متحور كورونا الجديد FLiRT: التحليل والتدابير الوقائية    افتتاح دورة تدريبية عن تطبيقات تقنيات تشتت النيوترونات    الأحد 19 مايو 2024.. الدولار يسجل 46.97 جنيه للبيع في بداية التعاملات    عقب مواجهة الترجي.. وصول بعثة الأهلي للقاهرة    رضا عبد العال: الأهلي حقق المطلوب أمام الترجي    طارق شكري: 3 مطالب للمطورين العقاريين للحصول على إعفاءات ضريبة للشركات    سعر كيلو السكر في السوق اليوم الأحد 19-5-2024    أيمن عاشور: مصر شهدت طفرة كبيرة في مجالي التعليم العالي والبحث العلمي    شهادات تقدير لأطقم «شفاء الأورمان» بالأقصر في احتفالات اليوم العالمي للتمريض    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    القومي لحقوق الإنسان يستقبل السفير الفرنسي بالقاهرة لمناقشة التعاون المشترك    وزيرة التضامن تبحث ريادة الأعمال الاجتماعية مع نظيرها البحريني    أحمد أيوب: مصر تلعب دورا إنسانيًا ودبلوماسيًا لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة    الفنان حسن مصطفى.. تميز بالصدق فى الأداء.. مدرسة المشاغبين والعيال كبرت «أبرز أعماله».. وهذه قصة زواجه من ميمي جمال    الليلة.. عمر الشناوي ضيف برنامج واحد من الناس على قناة الحياة    انطلاق الموسم المسرحي لاقليم جنوب الصعيد الثقافي على مسرح قنا| صور    مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعًا لبحث العملية في رفح    "اليوم التالي" يثير الخلافات.. جانتس يهدد بالاستقالة من حكومة نتنياهو بسبب خطة ما بعد الحرب    الأولى منذ عام 2000.. بوتين يعتزم زيارة كوريا الشمالية    بسبب الموجة الحارة تحذيرات عاجلة من الصحة.. «لا تخرجوا من المنزل إلا للضرورة»    طريقة عمل الأرز باللبن، تحلية سريعة التحضير وموفرة    بيت الأمة.. متحف يوثق كفاح وتضحيات المصريين من أجل استقلال وتحرير بلادهم    إعلام روسي: هجوم أوكراني ب6 طائرات مسيرة على مصفاة للنفط في سلافيانسك في إقليم كراسنودار    موعد عيد الأضحى 2024 وجدول الإجازات الرسمية في مصر    بحضور وزير الشباب والرياضة.. تتويج نوران جوهر ودييجو الياس بلقب بطولة CIB العالم للإسكواش برعاية بالم هيلز    رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب    أخبار جيدة ل«الثور».. تعرف على حظك وبرجك اليوم 19 مايو 2024    منها «تناول الفلفل الحار والبطيخ».. نصائح لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة    «البحوث الإسلامية» يوضح أعمال المتمتع بالعمرة إلى الحج.. «لبيك اللهم لبيك»    تعليم الفيوم يحصد 5 مراكز متقدمة على مستوى الجمهورية فى المسابقة الثقافية    إقبال الأطفال على النشاط الصيفي بمساجد الإسكندرية لحفظ القرآن (صور)    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    مصرع فتاة أسفل عجلات جرار زراعى بالمنوفية    أسعار الخضراوات اليوم 19 مايو 2024 في سوق العبور    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    نهائي دوري أبطال أفريقيا| بعثة الأهلي تصل مطار القاهرة بعد التعادل مع الترجي    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور سعد الدين الهلالى فى حوار مع « الأهرام العربي»: «الشيخ كشك» مجرد خطيب ذبح الدين بالزعيق


النخبة المصرية تسرق «السيادة» من الشعب
خلافى مع إسلام بحيرى أنه يريد أن يجعل من نفسه مرجعية

الميراث حق وليس واجبا وما جرى فى تونس اجتهاد محمود

الشعب المصرى بتدينه السائد ليس مؤهلا للتجديد فى قوانين الميراث

من قال إن الشريعة غير القانون يضحك على الناس ويريد إفساد عقولهم

الدين عمل القلوب وليس علما الشيخ والداعية وظيفة مبتدعة لا أصل لها فى الإسلام

القرآن هدى ونور وليس دستورا

خالد الجندى موضوعى مستعد للتغيير إذا وجد الأفضل

كشك مجرد خطيب ذبح الدين والمواطنة بالزعيق

شارك فى الحوار : جمال الكشكى - مهدى مصطفى - أسامة الدليل - دينا ريان - عماد أنور - علاء عزت

من حقك أن تقرأ بغضب وعنف، وأن تستشعر الحرج من أن الظروف تفرض علينا مناقشة قضايا، تم البت فيها منذ عقود، وأننا نعيد ونزيد فى القضايا نفسها كل عقد من الزمان، من حقك أن تفعل ذلك، إذا كنت تقف فى جانب تجديد الإسلام. لأن مجتمعك ظل حبيس رؤية أحادية، وسيطر عليه خطاب قديم اتخذ من الإسلام سلما للغنى أو للثروة أو للحكم، أو لأغراض أخرى، من حقك نعم، كما أننا كنا نشعر بالغضب نفسه حين جلسنا إلى العالم الكبير سعد الهلالى، الذى كان كعادته صريحا، لا يجامل فى الدين أو فيما يعتقد، فالرجل ينظر أولا إلى جوهر الدين، ويفرق بين المعتقد والرأى، ويقف لأصحاب الآراء المضللة ويقول بأعلى صوته من حقنا أن نختلف معكم، لأن آراءكم ليست هى الدين، وأن تفسيراتكم للدين ليست هى الدين، بل إنه ليس فى الإسلام لا مسمى ولا مفهوم الداعية، كما تفعلون فى أنفسكم الآن، فالدعوة من وجهة نظر د. سعد الهلالى، هى عرض المعلومات الصحيحة على الناس، ولهم أن يختاروا من بينها، وليس فرض الآراء على الناس، أو ممارسة الوصاية عليهم. فى هذا الحوار الكثير مما ينبغى أن تعرفه من د. سعد الهلالى..

كيف ترى مفهوم الوسطية فى الإسلام؟

أنا مؤمن بأن الوسطية لا يملكها فرد، ولا تملكها مؤسسة وإنما يملكها الشعب، لأن الوسطية هى الرأى الذى يتناسب ويعيش مع المنفذين، على سبيل المثال أبو حنيفة يقول إن ماء المطر أو البحر أو النهر إن تمت معالجته وإضافة شيء عليه مثل الصابون أو ما شابه، فإن ذلك لا يزيده إلا تطهيرا، وبالتالى يجوز الوضوء منه، أما سائر فقهاء المذاهب الأخرى يقولون إن الله تعالى قال (وأنزلنا من السماء ماء طهورا) وبالتالى يجب أن نتوضأ ونغتسل من ماء بكرى – أى بدون إضافة شيء عليه – فالرأيان قد نزلا إلى الشعب واختار الشعب المذهب الحنفى برغم أن المصريين يحبون المذهب الشافعي، فكلمة الشعب هى التى طبقت ولم تطبق كلمة الفقهاء، ومثال آخر على ذلك أن المذهب الحنفى يرى جواز خروج زكاة الفطر كمبلغ من المال وليس حبوبا، أما أنا شخصياً وأنا فى المرحلة الإعدادية كنت أخطب الجمعة وأنا طالب فى الإعدادية، وتربيت مع الأسف على يد خطباء الجمعية الشرعية الذين قالوا لا يجوز أن تخرج زكاة الفطر إلا حبوبا وصدقتهم، وألفت أول مؤلف فى حياتى (زكاة الفطر كما أمر بها الله عز وجل) وبكل أسف جمعت فيها كل الآراء الفقهية التى تقول إن زكاة الفطر لا بد أن تكون حبوباً، وسفهت فيها الرأى الذى يقول بجواز إخراجها نقودا، وهذا كان رأى الكثير، ولكن كلمة من التى سادت؟ والإجابة أنها أيضاً هى كلمة الشعب فالشعب الآن يخرج زكاة الفطر نقودا.

كثر الحديث عن تطوير الخطاب الديني.. هل هذا المصطلح صحيح من الأساس.. وكيف تراه؟

بالتأكيد هو مصطلح صحيح، لكن إذا حللنا الخطاب الدينى، سنجد أنه ينقسم إلى قسمين وهما المرويات أو النص وفهوم أو شروح، فالمرويات تصدق بحسب ثقتك فى الراوى، ولا يجوز الاستهزاء بها، فمن حقك أن تؤمن بها أو لا تؤمن ولكن بدون استهزاء لأنك بذلك تكسر مشاعر من آمن بها، ومن جمال هذه النصوص أنها ليست قانونا، فربنا سبحانه وتعالى وصف القرآن بأنه هدى ونور ووصف الإنجيل بأنه هدى ونور وكذلك التوراة، ولم يوصف بأنه دستور، ولكن، بفعل فاعل خبيث، قيل القرآن دستورنا، والقرآن قانوننا وقانون السماء،

هناك فرق بين كونه هدى ونورا وبين كونه دستورا وقانونا، فالهدى والنور يفتحان لك الطريق ولا يوجد أحد يتخلى عن هديه ولكن كيف أتعامل مع هذا الهدي؟

سيدنا عمر بن الخطاب أوقف سهم المؤلفة قلوبهم المنصوص عليه صراحة فى آية الصدقات فى سورة التوبة، كذلك العباس عم النبى وكان من الجيش الذى فتح العراق، فأرادوا أن يقسموا أرض العراق على الفاتحين والله تعالى يقول (واعلموا إنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذى القربى) فقال العباس خذوا الخمس لله والأربعة أخماس لنا كما كان يقسم فى عهد رسول الله، فرفض عمر بن الخطاب وكأنه يقول هل أوزع عليكم الأراضى وتلعننى الأجيال المقبلة، وقال سأقسم المنقولات فقط أما الأراضى فلن أقسمها وامتنع عن ذلك.

وإذا فتحنا كتب الفقه سنجد أن مذهبين فى الفقه الإسلامى مع عمر بن الخطاب ومذهبين لا يوافقانه، ولنأخذ مثالا آخر وهو ما رواه الترمذى عما قاله عمر بن الخطاب (متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا اليوم أمنعهما وأعاقب عليهما ....) فالهدى بإمكانك أن تتوقف عنه بدليل قول الله تعالى (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ...) فأين ملك اليمين اليوم؟ فنحن فى عام 1948 وافقنا على معاهدة حقوق الإنسان التى تقضى بعدم التعامل فى الرق بكل أشكاله، وهذا اتفاق بشرى وليس حكما سماويا.

هل فى الدين الذى نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم وظيفة اسمها داعية وبالذات داخل المجتمع المسلم؟

قلتها مراراً لم تكن على عهد رسول الله وظيفة الشيوخ ولا وظيفة الدعاة، فالنبى كان يقول ألا فليبلغ الشاهد الغائب، وكان هناك حراك علمى جماعى أحدث نوعاً من التوازن المجتمعي، فلم تكن هناك إلا طبقة واحدة، أما الآن فعندنا طبقات، وحديث فى الصحيحين أن سيدنا النبى كان عائداً من غزوة فأحد شباب المهاجرين ضرب أحد الأنصار ضربة فيها إهانة، فقال الأنصارى يا للأنصار، فالمهاجر حينما رأى عدد الأنصار يزداد قال يا للمهاجرين، وحينما سمعهما النبى قال أدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم دعوها فإنها منتنة، فالنبى قال ذلك لمن وصفهم القرآن بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، فالعبرة بالفعل وليس بالاسم، والشاهد من هذه القصة أن النبى صلى الله عليه وسلم قد أحدث توازنا ثقافيا واجتماعيا دون فئات. لكن كل صحابى وله آراء فقهية وكان يحترم الآخر لأن الاجتهاد مفتوح، ولو تم فتح هذا الباب لكانت الدنيا أسهل ولانتهت العصبية، فعدونا وعدو المجتمع هما الطائفية والعصبية. فالأزهر افتتح سنة 972م ويقوم بدور التعليم والتنوير فى جميع المذاهب بلا استثناء ولم نكن فى حاجة إلى الجمعية الشرعية التى أنشئت سنة 1912، وكذلك لم نكن فى حاجة لجماعة أنصار السنة التى أنشئت سنة 1926 فلم نكن بحاجة إلى خطاب دينى مواز ولدينا خطاب تعليمى علمى متمثل فى الأزهر، الذى أطالب ببقائه كمؤسسة علمية تعلم كل المذاهب بدلاً من الخطاب الموازى الذى يدعو الناس إليه وكأن من يخرج عنه يكون خارجاً على الدين وهذا الخطاب الأحادى تقوم به كل من الجمعية الشرعية وجماعة أنصار السنة والإخوان المسلمين ومن كان على شاكلتهم.

ما رأيك فى ظاهرة عمرو خالد وخالد الجندى ومصطفى حسنى وغيرهم؟

لن أتكلم عن أشخاص، ولكن أنا أطالب كل هؤلاء وأطالب الأزهر وأطالب نفسى وأطالب كل صاحب معلومة أن يتقدم بمعلومته إلى الشعب وأن يجعل الشعب سيداً، أما أن أقدم نفسى على أنى أمتلك الصواب وغيرى على خطأ فهذا نوع من الوصاية والكذب على الله عز وجل، فأنا أسمع معظم الدعاة تقريباً، وسمعت أحدهم على إحدى القنوات الفضائية دون ذكر أسماء، وكان يدعو أن يجلس الدعاة مع بعضهم فى مجالس مغلقة وألا يدخل الشعب فى المشكلات الفقهية، فأدركت أن الفكرة المقصودة هى من ينال النصيب الأكبر من الكعكة، وأن النخبة المتمثلة فى الآلاف هى من تتحكم فى الملايين.

ومن المقصود تحديداً بأصحاب الخطاب الديني؟

من يزعم أنه يمتلك الحق المطلق أو يمتلك الأصوب والأرجح، والكثير منهم لا ينسب الرأى لصاحبه وإنما ينسب الرأى للإسلام، فيقول هذا حلال شرعاً وهذا حرام شرعاً، ولا يقول قال أبو حنيفة أو قال مالك أو قال الصحابي، أيضاً فهم لا يعرضون بموضوعية جميع الآراء التى تعرضت للمسألة التى يُسألون فيها، ولكن يعرضون الآراء التى يرونها الأصوب، وهذا خطاب دينى حشدى وليس تعليميا، ولكن الواجب أن يكون هدف الداعية هو البيان.

هناك بعض القضايا الفقهية التى تحدثت فيها وأثارت الكثير من الجدل منها شرب الخمر والحجاب وعدة المرأة التى توفى عنها زوجها ، فما حقيقة الأمر؟

أنا كنت أتحدث حديثاً علمياً، وهذا الحديث العلمى اجتزيء منه أحد الفهوم ونسب إلى وكأننى أنا صاحبه وهذا ظلم لى والهدف منه إخراس الصوت التعليمي، على سبيل المثال مسألة الخمر، فلم يقل أحد بأن الخمر حلال فكل الفقهاء أجمعوا على أن الخمر حرام لكن الخلاف فى تفسير الخمر، (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) وقول "فاجتنبوه" نهى وفيه دليل على التحريم، وفى تفسير الخمر لدينا تفسيران أحدهما التفسير النبوى والآخر هو التفسير العمري، فالتفسير النبوى كما جاء فى صحيح مسلم عن أبى هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الخمر من هاتين الشجرتين، العنبة، والنخلة)، أما عمر بن الخطاب فقد قال (الخمر ما خامر العقل) أى كل ما يدخل العقل ويغيبه، ولو لم يكن من العنب أو البلح، ومسألة الخمر مسألة قديمة فالإمام أبو حنيفة أخذ بالتفسير النبوى ولم يأخذ بالتفسير العمرى رحمة بالناس، وقال إن الخمر ما اتخذ من العنب والنخل، أما السكر ما اتخذ من غيرهما مثل الشعير، فالنقطة التى لا تسكر حكمها حكم الكأس التى تسكر فى حالة العنب والبلح، أما غيرهما مثل الشعير والبصل وغير ذلك فقال الكثير المسكر حرام والقليل غير المسكر حلال، وهذا كلام الإمام أبو حنيفة فى القرون الهجرية الأولى ويدرس إلى يومنا هذا فى كليات القانون والشريعة، أما جمهور الفقهاء الإمام مالك والشافعى وأحمد بن حنبل رفضوا هذا الرأى من باب سد الذرائع، وهذا خلاف لا يزال قائماً حتى يومنا هذا ولم يكن هذا كلامى ولكن نسب الكلام لى من أجل إسقاط الصوت التعليمي.

هناك مسألة خلافية أخرى تتعلق برأيك فى الحجاب، وقد أثارت هى الأخرى جدلاً.. برأيك لماذا أحدثت كل هذا الجدل؟

أولاً من يتحدث فى الخطاب الدينى وظيفته نقل المعلومات وليس توجيه الناس للدين كما يراه، فلا يوجد فى كتاب الله أن الحجاب فرض، فالحجاب فرض هى جملة فقهية عند بعض الفقهاء، أما فيما يتعلق بالنصوص، فلدينا آية فى سورة الأحزاب (يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) فمفهوم الجلباب هم ما دنا من العنق وليس من الرأس ولكن فى أحد تفسيرين لابن عباس يؤيد أنه ابتداء من أعلى الرأس، ويؤيد ذلك من يقول بأن الجلباب المغربى على هذا الشكل، ولكن هل تفسير ابن عباس أو غيره يعتبر حجة كالقرآن؟ بالطبع لا فالاجتهادات يؤخذ منها ويرد عليها، الآية الأخرى فى سورة النور وفيها ركنان (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ... )، فقول الله تعالى (إلا ما ظهر منها) تركت مجملة رحمة بالأمة، ففسرها البعض على أنها تخص الوجه والكفين والبعض الآخر كأبى حنيفة فسرها على أنها تختص بالوجه والكفين والقدمين، والآخر أضاف إليها الذراعين، فعندما يذكر القرآن الكريم نصا يحتاج تفسير، فالمنطق الطبيعى لدى المفسر أن يزيد كلمه لكى يأتى بالتفسير، فلو أضفنا كلمة "ضرورة" وهو أحد التفاسير لابن عباس والذى يفسر الضرورة على أنها إحدى العينين فقط، لو أضفنا كلمة "حاجة" لفسرناها على أنها الوجه والكفان لحاجة الناس لمعرفة من هى تلك المرأة، ولو أضفنا كلة "عرفاً" لكان العرف السائد هو الحاكم، على سبيل المثال العورة بين المحارم، فورب العزة وحق من خلقنى لا يوجد دليل من القرآن أو من الأحاديث عن العورة بين المحارم، ولكن تركت للعرف ولكل بيت وأصله، فلا يوجد دليل فى القرآن ولا الأحاديث يقول ماذا يرى الرجل من ابنته أو ماذا يرى الأخ من أخته وأهم شيء أن يتأكد الأب والأم ألا أحد يعتدى على الآخر جنسياً. طبيعى أن الله خلق لدى المحارم نوعا من الزهد وليس زهداً مطلقاً.

الكل يعرف أن الاختلاف فيه رحمة، ولكن إلى متى يظل هذا الاختلاف قائما؟

فهناك مسائل لا تزال محل خلاف بعد مرور أكثر من ألف وأربعمائة سنة من نزول الإسلام، أليس من الأولى تخطى هذه الاختلافات والاتجاه نحو العلم؟
هذا السؤال مبنى على إدارة الناس بالدين، فكأنك تريد أن تستخدم الدين لإدارة المجتمع فتريد توحيد النصوص وترك المسائل الجدلية، وكأننا نريد أن نستخدم قانونا دينيا نفرضه على الناس، وبالتالى نلغى إرادة الناس وحق الإنسان فى فهم ما يريدون، ولكن هذا لا يستقيم مع كون القرآن الكريم هدى ونورا وليس بكونه قانونا ودستورا، فإذا كنت تريد أن تدير البشر بفكرك إذن أطلب منك أن تعيش مخلداً حتى تحكم الأجيال المقبلة بنفس المعيار الذى حكمت به هذا الجيل، ولكن الأفضل أن تترك الشعب سيد نفسه وألا تدير الناس إلا بإرادتهم، وفى هذا يقول الله تعالى (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم..).

لكن هل أنت سعيد باستمرار الخلاف لألف وأربعمائة عام؟

المشكلة كلها فى أن هناك خطاباً دينياً قدم للناس على أن الدين أحادى، وأن الدين مثل عليا وينقلك إلى المدينة الفاضلة، ولكن الحقيقة أن الدين جاء علاجاً للقلوب، وعلاج القلوب يتفاوت من إنسان لإنسان، فالقلوب هى التى تتفاوت وهذا من رحمة الله، والأمر نفسه فى الدين الذى هو علاقة بين الإنسان وربه، فالإنسان يتدين بما يشاء طالما أنه لا يضر الآخر، أما العلاقة بين الإنسان وآخر فيحكمها القانون، وللأسف روجت فكرة سيئة تدعى أن الشرع يختلف عن القانون، فُضحك علينا وقيل إن الشريعة غير القانون، وهذه مشكلة يجب أن نعالجها ولو بدأ الإعلام فى علاجها فلن ينتهى العلاج قبل عشرين أو ثلاثين عاما، لأن هناك من أفسد العقول بالفصل بين الشريعة والقانون، لدرجة أن البعض يقول إنه يريد الدين ولا يريد القانون، ولكن يجب أن نقتنع بأن القانون هو شريعة الشعب الذى يجب أن يتحاكم إليه، وهو قابل للتغيير من خلال الفقه. وإذا سألنا أنفسنا "ما الشريعة الإسلامية؟" لوجدنا أنها تعنى النصوص الثابتة التى لا تقبل التأويل ولكن يجب أن نتعايش بالفقه الذى يعنى الفهوم والاجتهاد، وهذه إرادة الله أن جعل النص يحمل أكثر من وجه، قال تعالى (إنا أنزلناه قرآنا عربياً لعلكم تعقلون) فلو شاء الله لأنزل القرآن بلغة أخرى لا تحتمل المجاز والحقيقة، فليختلف فى الدين من يختلف ولتتعدد فيه الآراء ولكن المهم أن تكون العلاقة فى الدين بين الإنسان وربه وليس بين الإنسان والآخر.

ما أثير من الاختلاف حول الطلاق فى الآونة الأخيرة كان مدعاة للسخرية من وسائل إعلام أجنبية، وقالوا إن المسلمين بعد قرون من نزول الإسلام لم يتفقوا على شكل الطلاق، فهل من المنطقى أن يستمر الاختلاف إلى هذا الحد؟

الاستهزاء فى هذا الموضوع كان بأمر آخر، وهو أننا نهدم مؤسساتنا بفتاوينا، فهل من المقبول أن تدار مصر بالفتاوى؟ أم أنها يجب أن تدار بالقانون؟ وللأسف لا يزال هناك من يريد إدارة مصر بالفتاوى، فالقانون ينص على أن من تزوج رسمياً فطلاقه رسمى ومن تزوج بشكل شفهى فلا علاقة لنا به، فالقانون لم يمنع الزواج الشفوى ولكن يعطى للمتزوج وثيقة رسمية تشهد بأنه متزوج إلى أن يحضر وثيقة طلاق، وهذا اعتبارا من أول أغسطس 1931 حتى يومنا هذا، ولا يقبل أن تصدر فتاوى وتكون مخالفة للقانون المصرى، لأن هذا ضرب للدولة القانونية فى الصميم باسم الدين.

لو سألنا عن الهدف الفلسفى للدين عموماً .. كيف تراه من وجهة نظرك؟

هدف الدين راحة القلب عن الغيبيات، فالإنسان دائما عنده شغف بمعرفة الأشياء الغيبية، فالإجابة التى ترضى الإنسان وتحقق له ذاته فليأخذ بها، ولا يمكن لى أن أقول لأحد خذ إجابة وقلبه يرفضها لأنه لو أخذ إجابة ترضينى ولا ترضى قلبه فسيكون بمثابة المنافق لنفسه، وبالتالى فلم يحقق الدين هدفه، فحتى يحقق الدين هدفه لابد أن تكون الإجابة مقنعة للفرد.

إذن فما الواجب عمله عندما نسمع فتوى بتحليل أو تحريم؟

تأخذ الفتوى وتجريها على قلبك، فأنت الذى تقول إنه حرام أو حلال، فإذا وجدت فى قلبك غصة من الفتوى فلا تقبلها أياً كان قائلها وإذا استراح لها قلبك فتوكل على الله وخذ بها ، لأن الحلال والحرام فى قلب كل إنسان.

ما رأيك فى مذهب القرآنيين؟

من يؤمن بهذا المذهب هو حر، لكن المشكلة فى أن تكون جماعة أو طائفة، فلا يجب أن يمكنوهم أو غيرهم من عمل جماعة أو طائفة، ولكن للأسف هم حريصون على عمل جماعة وطائفة ولو مُكنوا من هذا لزدنا الطائفية طائفة، فنحن لدينا طائفة سنية وشيعية ولدينا طوائف أخرى صغيرة.

يعتبر إسلام بحيرى من الشخصيات التى أحدثت جدلاً فى المجتمع والبعض اعتبره ظاهرة، فما رأيك؟

قمت بعمل حلقة مع الأستاذ إسلام بحيري، وكان وجه خلافى معه أنه يحاول أن يجعل من نفسه مرجعية لاختلافه مع بعض المفسرين والفقهاء، فأنا أرفض أن يكون هناك مخلوق مرجعية سواء كان إسلام بحيرى أم غيره، ولكن من حقه الاجتهاد كيفما شاء وأن ينشر ما شاء، ولكن من أراد أن يكون مرجعية فعليه ألا يموت!

وردت لفظة "الإماء" فى القرآن فمن هن الإماء وكيف نفسر هذه الكلمة فى العصر الحالي؟

العقل الفقهى لا يستوعب الإماء غير المملوكات اللاتى ليست لهن إرادة، فالعبد المملوك الذى ليست له إرادة كانت الإنسانية تعرفه قبل عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما جاء النبى بقى الوضع على ما هو عليه، ولكن فتح شيئا واحدا وهو الكفارة بعتق الرقبة أو من باب فعل الخير ،ولكن لا يوجد نص يمنع، ولو وجد نص يمنع لظُلمنا نحن المسلمين، لأن الذى سيلتزم بالنص هم المسلمون فقط عندها لن تكون هناك إماء أو عبيد من غير المسلمين. إذاً فهل يمكن تعطيل أحكام واردة فى القرآن؟ يمكن توقيف وليس تعطيل بعض الأحكام، وقد فعل هذا عمر بن الخطاب رضى الله عنه وأوقف دفع الصدقات للمؤلفة قلوبهم، أيضاً أوقف الغنيمة فى الأراضي، والسبب فى ذلك أن القرآن هدى وليس قانونا.

ما رأيك فى القوانين التى سنتها تونس بهدف مساواة الرجل بالمرأة فى الميراث مع وجود نص فى القرآن (للذكر مثل حظ الأنثيين)؟

هم اجتهدوا بغض النظر إن كان اجتهاداً صحيحاً أم خاطئاً، ولكن فى نفوسهم ظنواً بأنهم على صواب، وبالتالى فالواجب علينا أن نحسن الظن بهم ولا نسيء الظن بهم، فإن أصابوا أو أخطأوا فلهم أجر، أيضاً لو افترضنا أن أخا قال لأخته بعد وفاة والده سأقسم التركة بينى وبينك مناصفة، فهل يمنع الدين ذلك أو يقال له لماذا فرطت فى حقك؟! فالميراث حق وليس واجبا وما دام حقا فصاحب الحق يمكنه أن يتنازل عنه.

لكن فى إطار الشريعة هل يمكن أن تطبق مثل هذه القوانين فى مصر كما حدث فى تونس؟

الشعب حتى اليوم بالخطاب الدينى الذى يعرفه غير مؤهل لأن يتقبل مثل هذه القوانين، أما بالنسبة لى فليس من حقى أن أوافق أو لا أوافق, فالموافقة والرفض تكون للشعب، والشعب هو من يقرر إن كان ذلك هو الأفضل أم لا، فالشعب هو صاحب السيادة، ويمكن الرجوع إلى الشعب أو النواب الذين اختاروهم، وإذا صدر قانون من مجلس الشعب يؤيد ذلك فسأقول نعم ولن أقف أمام القانون وإلا سأكون ضد الحضارة.

لو أردنا أن تعطينا تعريفاً أو رأياً مقتضبا لبعض الشخصيات فماذا تقول عنهم؟

الشيخ الشعراوي.. مفسر ولكن قدم تفسيره فى صورة خواطر فكل الشكر له عندما فتح أذهاننا إلى أن ما قدمه ليس تفسيراً للقرآن وإنما خواطر، وأتمنى أن يحذو حذوه كل فقيه ومفسر, وأن ينسب اجتهاده لنفسه.

الشيخ كشك .. كان خطيباً ولكن كنت أشعر أن الإسلام ضحية على يديه وأن الدين يذبح، وكان حديثه يعطى للمستمعين والمستمعات ضياع الإسلام، وكان يشعرنا أن الدولة جائرة وظالمة ولا تعير اهتماما للدين، فكون لدى جميع مستمعيه أن هناك ظلما يقع على الدين من الدولة، خصوصا فى ندائه يا حماة الدين ويا حراس العقيدة، فكشك ذبح المواطنة.

عمرو خالد، وخالد الجندي، ومصطفى حسنى .. الشيخ خالد الجندى تربطنى به علاقة قرابة ونسب وأشعر بأنه موضوعى جداً ومحايد جداً، ولديه استعداد لتغيير أى فهم إذا وجد الأفضل منه، فهو يطوّر من ثقته فى نفسه، أما الباقون فأتمنى أن يكونوا دعاة وألا يكونوا حاشدين، لأننى أعتقد أنهم حريصون على الأتباع بشكل كبير.

إسلام البحيري.. يجتهد ويريد أن يقدم اجتهاده مرجعية بديلة عن الآخرين، فبغض النظر عن تعليمه فهو يريد أن يسحب حق الآخر من القناعة والاجتهاد والذاتية فى الدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.