زكريا القاضى: ظاهرة تفقد الرسالة 70 % من قيمتها العلمية حسنى أحمد: ليست طريقة مثالية للحكم على جودة محتوى الرسائل
بدأت فكرة التعليم عن بعد أواخر السبعينيات من قبل جامعاتٍ أوروبية وأمريكية كانت ترسل مواد التعليم المختلفة للطالب عن طريق البريد وتشمل الكتب، وشرائط التسجيل، وشرائط الفيديو لشرح المواد وتدريسها، وبالنمط نفسه كان الطالب يتعامل مع الفروض والواجبات الدراسية، مع اشتراط هذه الجامعات على الطلاب أن يأتوا إلى الجامعة موعد الاختبار النهائى فقط، الذى تحسب عليه العلامة. فى أواخر الثمانينيات تطور الأمر ليصبح التواصل بين المعلّم وطلابه عن طريق التلفاز والمحطات الإذاعية، ثم مع ظهور الإنترنت أصبح فى البداية البريد الإلكترونى هو وسيلة التواصل بين الطالب والمعلم حتى بداية القرن الجديد، فأصبحت هناك المواقع الإلكترونية المتخصصة فى هذا المجال، حيث سهّلت من عمليّة التواصل والتعلم، ووفرت حلقات النقاش والاتصالات المباشرة عبر المواقع والبرامج المتخصصة فى ذلك . تطور الأمر حتى أصبح بإمكان البعض الحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه عن بعد أو ما يعرف ب «الدكتوراه بالمراسلة» ولكن هل تضيف تلك الرسائل حقا للمجتمع المصرى وهل هى حقيقية أم مزورة كما يدعى البعض، «الأهرام العربى» تحاول من خلال هذا التحقيق معرفة ما قيمة هذه الرسائل العلمية التى يحصل عليها المصريون من الخارج وهل هناك أساتذة فى مصر يقومون ببيع الرسائل العلمية ؟ فى البداية قال الدكتور زكريا القاضى، خبير المناهج التعليمية ورئيس قسم الإعداد بمركز تطوير المناهج سابقا: إن القيمة العلمية لرسائل الدكتوراه بالمراسلة تتضاءل أمام الدكتواره التى تمنح بالطرق التقليدية، لأن إجراءات المناقشة والحوار بين المشرف والطالب أقوى بكثير، لكن الدكتوراه بالمراسلة فلا يوجد بها هذا فميزتها أنها توفر الجهد والوقت وأسرع فى تنفيذ ملاحظات المشرف، فحتى فى قانون الجامعات يجب توافر شرط العلانية كشرط أساسى للحصول على الدكتوراه وهو ما تفتقده الدكتوراه بالمراسلة، فهى تفقد 70 % من قيمتها العلمية، فهى صالحة للتطبيق والتنفيذ فى نطاقات محددة لأنه لا يوجد إثبات على أن هذا هو جهد الباحث الحقيقى ورأى القاضى أنها تعتبر بوابة خلفية للحصول على لقب الدكتور، لأن هذا هو الهدف النهائى منها اللقب فقط. أما كقيمة علمية فهى تفتقد وسيلة الكشف القياسية والمعيار الوحيد لمدى جدية الباحث والتزامه وفهمه لموضوعه وقدرته على العرض والمناقشة وقدرته على تلقى الانتقادات سلبا وإيجابًا وهى المناقشات العلنية، فالفكرة ليست فى صنع شهادات، لكن فى صنع أشخاص قادرين على البحث ف 80 % من الحاصلين على الدكتوراه لا يقرأون ورقة واحدة بعد الحصول على الشهادة وكأن الدنيا انتهت بالحصول على الشهادة، وهذا دليل على أنه حتى بعد المناقشة العلنية توجد نسبة خطأ فى خلق شخصية الباحث الذى يسعى ويجرب دائما للحصول على المعلومة، وهى الهدف الأساسى من الماجستير والدكتوراه لأن التعليم يستمر بدوام الحياة ذاتها . و طالب القاضى أن يعقب رسائل الدكتوراه بالمراسلة، جلسة مناقشة نهائية علنية ويتم تصويرها كإثبات على أن يتضمن لحظة اعتراف المشرف بإجادة الباحث كشاهد إثبات أن هذا الباحث سيكون مدرسا جيدا ويستطيع الدفاع عن مضمون بحثه . وأكد الدكتور حسنى أحمد الخبير التعليمى بالمركز القومى للبحوث التربوية: أنه لا نستطيع الحكم على القيمة العلمية للرسائل الجادة، وهل ستفيد المجتمع منها أم لا؟ إلا من خلال معرفتنا بالباحث والجامعة التى نال منها الدكتوراه، والمشرف وطريقة البحث والوقت والبحوث التى اطلع عليها الباحث وكم دفع من النقود؟ لذلك كتبت منذ التسعينيات عن خطورة الحصول على الدرجات العلمية من الماجستير والدكتوراه بالمراسلة. والأسوأ منها ظاهرة المكاتب التى يعطيها الباحث اسم البحث الذى يريده وهم يقومون بعمله وأيضا جامعات تحت بير السلم التى تعطى شهادات دكتوراه بدون رقيب أو حساب، حتى إن بعض الجامعات فى الكويت والسعودية أصدرت قرارا بأنها لن تعترف برسائل الدكتوراه المأخوذة من مصر. ونوه حسنى إلى أن تحديد الرسائل التى تحتاجها الجامعة هو قرار مجلس القسم وليس وزارة التعليم العالي، لأن الوزارة دورها إدارى فقط وليس فنيا، فالقرار يكون من مجلس القسم الذى يعقد سينمار كل أسبوع ويوضح ما الرسائل التى سيبدأ بها وما لا يحتاجه .