عادل المصرى: إجراءات حاسمة سيتم اتخاذها فى حالة مشاركة أى دار نشر مصرية د. جابر عصفور: هناك حالات لا ينبغى فيها مخالفة الاتجاه السياسى
عبد المعطى حجازى: الثقافة لا تستخدم لتحقيق جرائم إرهابية
حبيب الصايغ: عزل الثقافة عن السياسة يهمش دور المثقف
د. طلال الرميضى: علينا أن نمد جسور التعاون الثقافى بيننا
على العوين: لن نشارك فى أى دورة من دورات المعرض
د. شاكر عبد الحميد: المؤسسات صاحبة القرار وتختار حسب رؤيتها
تسعى قطر لاختراق المقاطعة المفروضة عليها من عدة دول عربية، باستقطاب الناشرين والمثقفين العرب، للمشاركة فى فاعليات معرض الدوحة للكتاب، حيث بدأت هذه المساعى بإرسال نائب مدير معرض كتاب الدوحة إلى مصر لمقابلة الناشرين المصريين، وتقديم العروض والمغريات للمشاركة فى معرض الكتاب، الذى يتم افتتاحه فى 5 نوفمبر ويستمر على مدار خمسة أيام، وهى تعد مدة قصيرة لإقامة معرض كتاب مقارنة بالمعارض العربية الأخرى التى تستمر ما لا يقل عن 15 يوما، وربما يكون ذلك هو السبب الرئيسى لتخفيض سعر الإيجار إلى النصف تقريبا 50 % . وفى الوقت الذى تقدم فيه قطر عروضها ومغرياتها، وترسل دعوات لكل المثقفين العرب، أصدر اتحاد الكتاب العرب - برئاسة الشاعر حبيب الصايغ - بيانا يطالب فيه المثقفين العرب بضرورة “مقاطعة قطر ثقافيا كونها الراعى الرسمى للإرهاب فى العالم، ولدورها الخبيث من خلال قناة الجزيرة فى بث الشائعات المغرضة” وهو ما أثار غضب مثقفين قطريين، وفى الوقت نفسه أعلن اتحاد الناشرين المصريين رفضه كل الإغراءات القطرية، وأصدر بيانا يؤكد فيه مقاطعته لمعرض الدوحة للكتاب معلنا أنه يلتزم بموقف الدولة المصرية سياسيا. أما بالنسبة للمثقفين العرب فقد تباينت آراؤهم، فهناك من أيد المقاطعة ثقافيا، وهناك عارضها، وقد استعرضت “الأهرام العربي” جميع الآراء حول هذا الموضوع، وجاءت التفاصيل على النحو التالي. يقول عادل المصرى - رئيس اتحاد الناشرين المصريين - معلقا على العرض الذى قدمه نائب مدير معرض كتاب الدوحة والخاص بتخفيض أسعار الإيجار للناشرين المصريين بنسبة 50 % إن موقف الاتحاد من المشاركة فى معرض قطر واضح، وقد أصدرنا بيانا أعلنا فيه موقفنا، وهو معروف منذ بداية الأزمة القطرية مع مصر، ورفضنا المشاركة، فكل هذه التسهيلات وهمية. ويضيف رئيس اتحاد الناشريين المصريين أن موقف الاتحاد يتماشى مع سياسة الدولة المصرية، ولن نحيد عنها، ويلفت الانتباه إلى أن هناك إجراءات حاسمة سيتم اتخاذها فى حالة مشاركة أى دار نشر مصرية فى معرض الدوحة للكتاب، صحيح نحن ليس لدينا قانون يجرم عقوبة المشاركة، لكن سنعلن للرأى العام اسم الناشر والجهة المشاركة وعلى الدولة ممارسة حقها القانونى تجاه هذه الجهة. أما رئيس اتحاد الناشرين العرب محمد رشاد فلديه وجهة نظر مغايرة فى هذا الأمر فهو يتمنى أن تصلح الثقافة ما أفسدته السياسة، ونحن كعالم عربى لنا تاريخ وثقافة مشتركة فى معظم الأزمات، وستتم دراسة أمر المشاركة فى المعرض من عدمه مع 15 دولة عربية أعضاء فى اتحاد الناشرين العرب. أما حبيب الصايغ - رئيس اتحاد الكتاب العرب - فيحذر فى تصريح خاص ل«الأهرام العربي» الأدباء والكتاب العرب من المشاركة فى معرض الدوحة للكتاب، وفى الجوائز القطرية أيضا، فلابد من رفضها، لأن قطر دولة تدعم الإرهاب، وأصبحت تعيش فى عزلة، وليس من المنطقى أن نجد دولة تمول الإرهاب، ونذهب لدعمها ثقافيا. ويشير إلى أن قطر تفهم الثقافة والحرية فهما خاصا، وإعلامها يغض النظر عن كل مساعى السلام، ويعتمد على دس الإشاعات المغرضة الهدامة، ويعلن رئيس اتحاد الكتاب العرب صراحة: لن نتعاون مع دولة تقوم على التدخل فى شئون الدول الأخرى وإرباكها ومحاولة زعزعة أمنها واستقرارها، ويرى أنه يجب أن يكون موقف المثقف العربى من أفعال قطر تجاه العرب واضحا، فهى تأوى وتمول جماعات إرهابية متطرفة تقتل الأرواح وتدمر الأخضر واليابس. ومن وجهة نظره ليس صحيحا أن الثقافة تصلح ما أفسدته السياسة، فمن يقل هذا يفسد ويهمش دور المثقف الحقيقي، فمنذ أيام الفلسفة اليونانية والفلاسفة والمثقفون معنيون بالسياسة، لذلك نشأت الفلسفة السياسية، حيث نادى أفلاطون بالمدينة الفاضلة، فمن صاغ السياسة بهذا الشكل وسعى لتحقيق مفاهيم العدالة، الحق والجمال وكلها مفاهيم انشغل بها المفكرون والفلاسفة منذ فجر التاريخ، ويلفت النظر إلى أن من يطالب بعزل الثقافة عن السياسة فهذا تهميش لدور المثقف ولا يمكن فصلهما، فالثقافة مرتبطة بالسياسة ارتباطا كليا، ولا يمكن فصلهما ومن يدع الحياد إزاء هذه القضية يتبنى موقفا سياسيا من الثقافة. ويتفق معه فى الرأى د. جابر عصفور - وزير الثقافة الأسبق - معلنا رفضه لأى جوائز قطرية مهما كانت المغريات ويقول:”من زمان وأنا أقول لابد أن نقاطع قطر ثقافيا ونعاملها معاملة إسرائيل، طالما أنها تدعم الإرهاب وتستمر فى تمويله”، ويرى أنه ليس فى كل الأحوال تصلح الثقافة ما أفسدته السياسة، بمعنى أن هناك حالات لا ينبغى فيها أن نخالف الاتجاه السياسي، ففى حالة قطر الموقف الثقافى لابد أن يكون متطابقا مع الموقف السياسي. ويعتقد د. عصفور أنه لا توجد مؤسسة فى مصر تفرض على الأشخاص مواقفها ولم يحدث ذلك فى تاريخ الثقافة المصرية، فدائما يكون فى مثل هذه القضايا رأى عام يتفق عليه المثقفون، مؤكدا أن المقاطعة الثقافية لن تؤثر على الحراك الثقافى فى الوطن العربى وذلك لأن قطر ليس لها فى العير ولا النفير، فكل إغراءاتها مادية فقط، ويرى أن طرح المقاطعة ثقافيا أمر ضروري، فقطر خرجت عن الإجماع العربى فى سبيل مغامرة فرد والتأكيد لمكانه المزيف، وتساءل: كيف نذهب لحضور معرض لدولة قتلت الأبرياء وتسعى لهدم استقرار المجتمعات العربية وزعزعة أمنها؟! ويشاركه الرأى الشاعر أحمد عبد المعطى حجازى قائلا: هى دولة تقوم بالتستر على نشاط إرهابى خطير، والثقافة يجب أن تكون بريئة من أى عبث سياسى يقصد به استخدامها لتمرير قرارات معينة، لتحقيق جرائم إرهابية، لافتا النظر إلى أنه من الواضح بشهادات الكثيرين أن قطر تدعم الإرهاب ليس فقط من اليوم، لكن منذ زمن بعيد، فهى تستخدم زعماء الإرهاب، ومنهم يوسف القرضاوى المقيم فيها حاليا، الذى أصبح دعامة وصوتا من الأصوات التى تخدم الأسرة الحاكمة فى قطر. ويرى حجازى أن قطر تستخدم الثقافة وترصد الجوائز لشراء الضمائر، ولا يصح للمثقف أن يسمح لأحد أن يشترى كلمته أو ضميره، ويضيف: إذا أرادت قطر أن يكون لها دور فى الثقافة العربية، فيجب أن تكف عن دعم الإرهاب، وعليها أن تختار إما دعم الإرهاب أو الثقافة، لكن الجمع بين الاثنين شيء مضحك، ويؤيد حجازى فكرة المقاطعة الثقافية، ويرى أنه لابد أن نشرح للجميع لماذا نقاطع نشاط قطر الثقافى. لكن د. شاكر عبد الحميد - وزير الثقافة الأسبق - لديه وجهة نظر مغايرة فهو يرى أن السياسة تقوم بدورها والثقافة تقوم بدورها، وهنا لابد أن نميز بين مؤسسات الثقافية الرسمية والأفراد خارج هذه المؤسسات، بالنسبة لوزارة الثقافة، فلابد أن تلتزم بسياسة الدولة، أما المؤسسات المستقلة فهى صاحبة القرار تختار حسب رؤيتها وحسب التزاماتها، أما بالنسبة للمثقفين فكل واحد حرفى نفسه لا نفرض أى رأى عليه، ويرفض د. عبد الحميد مقاطعة المجلات والمثقفين القطريين تماما، موضحا: نحن ضد تناقض موقف قطر السياسى وما تبثه قناة الجزيزة من شائعات مغرضة تجاه مصر وبعض الدول العربية، لابد أن نفصل بين رفضنا لممارسات قطر، وعلاقتنا بمثقفيها. أما على الجانب الآخر فقد رحب د. طلال الرميضى - أمين عام رابطة الأدباء الكويتيين - بالمشاركة فى فاعليات معرض الدوحة للكتاب، ويرى أن الثقافة تصلح ما تفسده السياسة، وبطبيعة الحال يجب علينا كمثقفين مد جسور التواصل والتعاون بعيدا عن خلافات السياسيين، يقول:”أنا واثق من أن هذه الأزمة ستحل وتعود المياه إلى مجاريها بين المثقفين العرب ثانية”، ويتمنى د. الرميضى أن يكون للإعلاميين والمثقفين العرب دورا إيجابيا فى نبذ الخلافات والتواصل ما بين الشعوب، حيث تجمعنا العروبة والإسلام. أما سعد العنزى - مدير معرض الكويت الدولى للكتاب - فيقول: لدينا قناعة عميقة بضرورة أن تشارك دولة الكويت ممثلة فى المجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب، فى العديد من معارض الكتب العربية والأجنبية، وبصورة خاصة معارض الكتب التى تقام فى دول مجلس التعاون الخليجى الذى يعتبر معرض الدوحة الدولى للكتاب واحدا من أقدم وأهم المعارض الخليجية. ويضيف العنزي: بطبيعة الحال تعود الفائدة على صناع الثقافة ودور النشر على مستوى العالم العربى بوجه خاص، ويعتبر أن المرحلة الراهنة التى تمر بها أمتنا العربية تحتاج إلى أن ننمى مفهوم “الثقافة هى القوة الناعمة” بامتياز وأنه يمكن أن تصلح الثقافة ما تفسده السياسة، ويرى أن دور النشر المصرية تعتبر أكثر المشاركين فى معرض الدوحة الدولى للكتاب، ما يؤدى إلى خسارة كبيرة للناشرين المصريين فى حالة المقاطعة، وكذلك للمثقف الحريص على اقتناء الإصدارات المصرية المختلفة، مع الأخذ فى الاعتبار أن القوة الشرائية خلال معرض الدوحة كبيرة جدا ومهمة لجميع الناشرين العرب. بينما يؤكد رئيس اتحاد الناشرين الليبيين على العوين: فى السابق لم نشارك فى أى دورة من دورات معرض الدوحة للكتاب، وفى المستقبل أيضا لن نشارك، ويوضح أسباب عدم المشاركة قائلا: كما يعلم الجميع الظروف الاقتصادية السيئة التى تمر بها ليبيا وما تمر به مهنة النشر فى ظل العزوف المستمر عن القراءة، وعدم تخصيص ميزانيات للجامعات والمعاهد العليا والقطاعات التعليمية بجميع أشكالها، ناهيك عن عدم توافر السيولة المالية لدى المواطن حتى لسد حاجاته الأساسية. يقول: نحن فى اتحاد الناشرين الليبيين فى منأى عن جميع التجاذبات السياسية، نحن اتحاد مهنى همنا الأول هو نشر الثقافة بين أبناء شعبنا، وإيصال إبداعات كتابنا إلى كل مواطن عربي، والوقوف مع حرية الكتابة والتعبير والتصدى لجميع أشكال الإرهاب الفكري، وبصفتنا أعضاء فى مجلس إدارة اتحاد الناشرين العرب، بناء عليه فنحن ملتزمون بما يتخده مجلس إدارة اتحاد الناشرين العرب من قرارات، فإذا قرر الاتحاد مقاطعة المعرض المذكور سنلتزم قطعا بهذه المقاطعة مهما كانت المغريات، أما إذا لم يكن هناك قرار بالمقاطعة فسيكون لكل حادث حديث. ومن ناحيته قال د. زياد أبو لبن رئيس رابطة اتحاد الكتاب الأردنيين علينا أن نفرق بين السياسة والثقافة، فما أصاب وطننا العربى من خلافات سياسية لا يدفعنا إلى خلافات ثقافية.