«الكنيسة القبطية الأرثوذكسية»: الأعياد مناسبة لمراجعة النفس والتقرب إلى الله    21 أغسطس 2025.. الجنيه يواصل خسائره أمام الدولار لليوم الرابع    تنمية القدرات الابتكارية للجامعات.. ندوة بجامعة عين شمس    قطع مياه الشرب عن مناطق بين فيصل والهرم بالجيزة لمدة 6 ساعات    صعود مؤشرات البورصة هامشيا بمستهل تعاملات جلسة نهاية الأسبوع    وزير الري يتابع الموقف التحصيلي للمستحقات المالية    لتسليمها إلى فلسطين.. تحرك عشرات شاحنات المساعدات من معبر رفح إلى كرم أبو سالم    رئيس كوريا الجنوبية يكشف تفاصيل الخطة الثلاثية لنزع السلاح النووي    بقيادة شيكو بانزا وألفينا.. تشكيل الزمالك المتوقع أمام مودرن    اندلاع حريق في مبنى الشباب والرياضة بالوادي الجديد.. صور    لنشرها فيديوهات منافية للآداب.. القبض على البلوجر نورهان حفظي    مديريات التعليم تنظم ندوات توعية لأولياء الأمور والطلاب حول البكالوريا    مليون زائر في الليلة الختامية لاحتفالات مولد السيدة العذراء بجبل درنكة في أسيوط    نحو مستقبل صحي.. الرعاية الصحية تطلق فعاليات المجلس التنفيذي السنوي    وزيرة الاستيطان بإسرائيل تؤيد استمرار عملية السيطرة على غزة: حتى لو أدى ذلك إلى مقتل المحتجزين    هندسة بنها تحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية في مسابقة "صنع في مصر"    الرياضية: اتحاد جدة يستهدف لاعب زينيت    هل يوجد زكاة على القرض من البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    "مدبولي" يدعو "تويوتا تسوشو" للاستثمار في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس    الصحة: تخصيص برامج تدريبية لرفع كفاءة العاملين لتأهيل واختيار القيادات    إجازة المولد النبوى .. 3 أيام متتالية للموظفين    "لن أخضع للتنمر".. كوك عضو الفيدرالي الأمريكي تتحدى ترامب وترفض تقديم استقالتها    امتحانات الثانوية العامة مستمرة وطلاب يؤدون امتحان الكيمياء والجغرفيا الدور الثاني    هل يجوز سؤال الوالدين عن رضاهم عنا؟.. أمين الفتوى يجيب    القبض على البرلماني السابق رجب هلال حميدة سببه قضايا شيكات بدون رصيد    أمانة الجبهة الوطنية بسوهاج تعلن اختيار وتعيين كفاءات وقيادات بارزة لمهام الأمناء المساعدين    وزيرة التنمية المحلية تتابع مع محافظ أسوان الموقف التنفيذي لمشروعات الخطة الاستثمارية    وصول قيادات الجامعات لافتتاح معرض التعليم العالي بمكتبة الإسكندرية |صور    ضربها بملة السرير.. زوج يقتل زوجته إثر مشادة كلامية بسوهاج    إصابة 4 أشخاص في حريق هائل داخل فرن بالغربية    قبل مواجهة الأهلي.. اشتباه بإصابة محمود نبيل لاعب غزل المحلة بتمزق عضلي    رضا عبد العال: أحمد عبد القادر أفضل من تريزيجيه وزيزو والشحات.. وانتقاله إلى الزمالك وارد    "صحة لبنان": مقتل شخص في غارة إسرائيلية على بلدة دير سريان بقضاء مرجعيون    القاهرة الإخبارية: مصر ترسل قافلة المساعدات الإنسانية العشرين إلى قطاع غزة    أوكرانيا: نعمل على وضع مفهوم أمني لما بعد الحرب مع روسيا    محافظ الدقهلية يشدد على انتظام العمل وحسن استقبال المرضى بعيادة التأمين الصحي بجديلة    عاجل.. مايكروسوفت تراجع استخدام الجيش الإسرائيلي لتقنياتها بسبب حرب غزة    دعاء الفجر| اللهم اجعل هذا الفجر فرجًا لكل صابر وشفاءً لكل مريض    أذكار الصباح اليوم الخميس.. حصن يومك بالذكر والدعاء    نجم الأهلي السابق: مودرن سبورت سيفوز على الزمالك    توقعات الأبراج حظك اليوم الخميس 21-8-2025.. «الثور» أمام أرباح تتجاوز التوقعات    سامح الصريطي عن انضمامه للجبهة الوطنية: المرحلة الجديدة تفتح ذراعيها لكل الأفكار والآراء    «ظهر من أول لمسة.. وعنده ثقة في نفسه».. علاء ميهوب يشيد بنجم الزمالك    الآن.. شروط القبول في أقسام كلية الآداب جامعة القاهرة 2025-2026 (انتظام)    حلوى المولد.. طريقة عمل الفسدقية أحلى من الجاهزة    لماذا لا يستطيع برج العقرب النوم ليلاً؟    ليلة فنية رائعة فى مهرجان القلعة للموسيقى والغناء.. النجم إيهاب توفيق يستحضر ذكريات قصص الحب وحكايات الشباب.. فرقة رسائل كنعان الفلسطينية تحمل عطور أشجار الزيتون.. وعلم فلسطين يرفرف فى سماء المهرجان.. صور    جيش الاحتلال يستهدف بلدة فى جنوب لبنان بصاروخ أرض أرض.. وسقوط 7 مصابين    استخدم أسد في ترويع عامل مصري.. النيابة العامة الليبية تٌقرر حبس ليبي على ذمة التحقيقات    وزارة الأوقاف تطلق صفحة "أطفالنا" لبناء وعي راسخ للنشء    شراكة جديدة بين "المتحدة" و"تيك توك" لتعزيز الحضور الإعلامي وتوسيع نطاق الانتشار    الجنائية الدولية: العقوبات الأمريكية هجوم صارخ على استقلالنا    "تجارة أعضاء وتشريح جثة وأدلة طبية".. القصة الكاملة وآخر مستجدات قضية اللاعب إبراهيم شيكا    الإسماعيلي يتقدم باحتجاج رسمى ضد طاقم تحكيم لقاء الاتحاد السكندرى    بعد التحقيق معها.. "المهن التمثيلية" تحيل بدرية طلبة لمجلس تأديب    بعد معاناة مع السرطان.. وفاة القاضي الأمريكي "الرحيم" فرانك كابريو    ناصر أطلقها والسيسي يقود ثورتها الرقمية| إذاعة القرآن الكريم.. صوت مصر الروحي    ما الفرق بين التبديل والتزوير في القرآن الكريم؟.. خالد الجندي يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد مرور 77 شهرا على تدشين سد النهضة.. مطلوب وسيط دولى محايد.. لفض الاشتباك

تقديرات شركة «سالينى» الإيطالية المنفذة للسد غير دقيقة هندسيا وجيولوجيا وماليا
سد النهضة نموذج لأزمة دولية متعددة الأبعاد فنيا وهندسيا وعلميا وأطرافها الثلاثة تشكل المنبع والمسار والمصب

فى الثانى من إبريل عام 2011 م. تم تدشين السد تحت إشراف – ميليس زيناوى – رئيس وزراء إثيوبيا السابق تحت مسمى «سد الألفية « . أعقب ذلك فى الخامس عشر من الشهر ذاته اعادة تسمية السد ليصبح « سد إثيوبيا العظيم المبتعث من جديد «وهى تسمية ذات دلالات سياسية واضحة. ومن ثم عرف إعلاميا ب «سد النهضة». يقع السد على بعد 20 كيلومترا من شرق الحدود السودانية - الإثيوبية فى مسار النيل الأزرق فى منطقة بنى شنقول – وهى أرض سودانية فى إقليم أوروميا احتُلت من قِبل إثيوبيا بعد هزيمة الثورة المهدية فى أواخر القرن التاسع عشر.

تم توقيع عقد المشروع بين الحكومة الإثيوبية وشركة سالينى الإيطالية بتكلفة تقدر ب (4.8) مليار دولار أمريكى موزعة على أساس (3) مليارات دولار أمريكى للإنشاءات و(1.8) مليار دولار أمريكى قيمة التوربينات وفترة إنجاز مدتها (76) شهراً. وشركة سالينى معروفة دولياً وسبق لها العمل فى إثيوبيا لعدة عقود مضت وأنجزت العديد من السدود الصغيرة سواء على النيل الأزرق (سدود منشا وكاروبى ... وغيرها ) أو على نهر عطبرة (سد تاكيزى) أو على نهر أومو (سدود جيب الثلاثة) وأسند إليها الأعمال الهندسية لسد النهضة دون وجود مهندس استشارى لوضع التصميم الهندسى أو المتابعة أثناء التنفيذ. ومن الأهمية الإشارة إلى أن الطاقة التخزينية لبحيرة السد بعد التنفيذ النهائى تستوعب ( 74) مليار متر مكعب، وارتفاع السد يصل إلى 170 متراً مكعباً وبطول 1800 متر. وتبلغ الطاقة الكهربائية المولَدة من التوربينات المزمع تركيبها ( 16 توربينا) إلى (6000) ميجاوات، أى ما يعادل (29) مليون ميجاوات /ساعة/ سنة، يشكل بذلك واحدا من بين أكبر 10 سدود مائية مولدة للكهرباء على مستوى العالم.

المتتبع لمراحل البرنامج الزمنى لتنفيذ السد منذ بداية المشروع فى إبريل 2011 م حتى يوليو 2017 يمكنه استخلاص عدة محطات مهمة تتطلب الوقوف والتحليل وهى موزعة على ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى.. مرحلة التقييم الفنى للمشروع

بعد 5 شهور كاملة من بدء بناء السد وبناء على طلب من مصر تم تشكيل لجنة ثلاثية من خبراء الرى فى الدول الثلاث (مصر، السودان، إثيوبيا)، إضاقة إلى خبراء دوليين (لجنة 3+1) لدراسة تأثير السد المزمع إقامته على دولتى المصب مصر والسودان، ورفع الأمر إلى وزراء الرى فى الدول الثلاث. وتم فعلا عقد الاجتماع الأول لهم فى الخرطوم فى أغسطس 2013 دون الوصول إلى نتيجة. وتم أيضاً رفع تقرير اللجنة الفنية على مستوى الخبراء فى مايو 2014 – أى بعد 20 شهر كاملة لاجتماع وزراء الرى. وعقد الاجتماع الأخير للجنة وتم إصدار توصيات عامة غير ملزمة؛ أشارت فيها إلى ضرورة الاستعانة بمكتب استشارى لإعداد الدراسات الخاصة بتداعيات السد، وعقب ذلك عقد الاجتماع الثلاثى والأخير لوزراء الرى للدول الثلاث.

المرحلة الثانية.. مرحلة تكثيف الدور الدبلوماسى

كانت البداية حضور وزير خارجية إثيوبيا مراسم تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسى فى يونيو 2014، وتصريحه على أن يتم التعامل مع ملف السد بشفافية لصالح الطرفين وما أعقب ذلك من تشكيل اللجنة السداسية لوزراء الخارجية والرى لمتابعة أعمال السد. وبجهود دبلوماسية ناجحة وموفقة فى نفس الشهر، تم انتهاء تعليق عضوية مصر فى المجلس التنفيذى للاتحاد الإفريقى فى دورته ال 25 المقامة فى العاصمة مالابو فى غينيا الاستوائية وزيارة الرئيس السيسى للعاصمة السودانية الخرطوم فى طريق عودته وعقد اجتماع ثنائى مع الرئيس البشير لمناقشة موضوع سد النهضة.
وشهد مارس 2015 حدثاً مهما تمثل فى اجتماع قمة لرؤساء مصر والسودان وإثيوبيا فى الخرطوم، وتوقيع إعلان المبادىء العشر للتعامل مع أزمة سد النهضة، وهذا يعنى دبلوماسياً رفع مستوى اللجنة العليا لملف السد إلى المستوى الرئاسي، ومن أبرز ما ورد فى هذا الإعلان ما يتعلق بمبادىء: التعاون على أساس المنفعة المشتركة والقانون الدولي، عدم التسبب فى ضرر ذى شأن، الاستخدام المنصف للموارد المائية، والاتفاق على قواعد الملء للسد بالتوازى مع عملية البناء ومع استمرار إجراء الدراسات.

وسجل شهر ديسمبر 2015 عقد الاجتماع الثالث للجنة السداسية من وزراء الرى والخارجية، وللأسف دون التوصل إلى إجابات واضحة لتساؤلات مصر حول تداعيات السد.

المرحلة الثالثة.. محاولة تفعيل المبادئ والأسس القانونية

فى ظل استمرار إثيوبيا فى تنفيذ الأعمال الإنشائية للسد مع إغفال الجوانب التشريعية والدولية للتعامل مع التجارب المماثلة، وحتى بعد دخول اتفاقية الأمم المتحدة للاستخدامات غير الملاحية للأنهار الدولية حيز التنفيذ وأنها ملزمة لكل دول العالم بما فى ذلك دول حوض النيل. فقد كان لمصر رأى واضح يرى أهمية وضع حلول ممكنة لأزمة السد، وبعد مفاوضات مرهقة تم اختيار المكتبين الاستشاريين الفرنسيين (بى. آر. إل ) و(أرتليا) فى سبتمبر 2016 للقيام بالدراسات المطلوبة والخاصة بنمذجة ومحاكاة الموارد المائية وتأثير سد النهضة على عملية الفيضان ووصول المياه إلى السودان ومصر، وكذلك الدراسات الخاصة بالتقييم البيئى والاجتماعى والاقتصادى العابر للحدود على مستوى الحوض الثلاثة. على أن يتولى المكتب الإنجليزى (كوربت) اختصاصات الجوانب القانونية، المالية والإدارية. لقد قدرت فترة الدراسات بثمانية عشر شهر وبتكلفة إجمالية 4.5 مليون يورو، وتم فعلا تحويل الدفعة الأولى فى ديسمبر 2016.

كما شهدت هذه المرحلة أخيراً تطوراً محموداً من دولة أوغَندا، حيث تم فى مارس 2017 عقد اجتماع استثنائى لجميع وزراء الرى فى حوض نهر النيل لبحث مخاوف مصر من الاتفاقية الإطارية وإنهاء الخلافات التى تمنع مصر من المشاركة فى أنشطة مجلس الحوض. وتجدر الإشارة هنا إلى أن تلك الاتفاقية تم عرضها منذ سبع سنوات مضت على جميع دول الحوض، ولم يتم توقيعها وقتها من قبل مصر والسودان ودولة الكونغو الديمقراطية، فيما وقعتها باقى دول الحوض الست الأخرى بما فيها إثيوبيا وأوغَندا . وكان عدم التوقيع بسبب إغفال العديد من الجوانب التى ترتبط بالمبادئ والأسس القانونية التى تحكم الاتفاقيات الدولية للمجارى المائية، نذكر منها عدم التعسف فى استخدام الحق، حماية الحقوق المكتسبة (الأمن المائى)، الإخطار المسبق للمشاريع المزمع تنفيذها، إضافة إلى أن ضرورة أن تكون قرارات المجلس بالإجماع وليس بالأغلبية. وأعقب هذا الاجتماع طلب أوغندا من دول الحوض عقد قمة للرؤساء لإحياء الاتفاقية الإطارية، وتم فعلاً بتاريخ 20 يونيو 2017 مشاركة من وزير الخارجية المصرى للتحضير للقمة ومشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى فَاعليات قمة الرؤساء وعقدت القمة فى منتجع (مونيوتو) القريب من (عنتيبى) عاصمة أوغندا فى 22 يونيو 2017، حيث شرح الرئيس فى خطابه وضع مصر المائى الحالى مقارنة بدول الحوض والدعوة إلى رؤية مشتركة، وأن نهر النيل هو شريان الحياة فى مصر، ولا بد من مراعاة الشواغل المصرية فى مياه النهر. وأشار الرئيس إلى أن هناك تجارب ناجحة لدول الأنهار الدولية المشتركة واختتم خطابه بضرورة دورية انعقاد القمة مع استعداد مصر لاستضافة القمة المقبلة فى القاهرة والمشاركة حسب المعايير الدولية. ومن أبرز إيجابيات القمة أنها شكلت بداية لتعزيز الثقة وتجاوز الخلافات على الرغم من عدم الخروج بأى نتائج أو توصيات وعدم الاتفاق على المعايير الدولية للتعاون، مع بقاء موقف الدول الموقعة على الاتفاقية بلا تغيير ومنها بالقطع إثيوبيا.
ويبقى السؤال؟ ماذا بعد مرور 76 شهرا كاملة على تدشين مشروع سد النهضة فى إبريل 2011 حتى الآن؟
الإجابة عن هذا السؤال تقتضى الوقوف على مجموعة من النقاط:
• النقطة الأولي: تزامن افتتاح السد مع حدثين مهمين ومؤثرين على مسيرة التنمية فى كل من مصر والسودان، وما صاحب ذلك من الأحداث اللاحقة لثورة 25 يناير 2011 فى مصر وانشغال مصر بالشأن الداخلى، انفصال السودان الجنوبى عن السودان الشمالى فى 9 يوليو 2011 وبالتالى قيام دولة متشاطئة جديدة فى منظومة حوض نهر النيل خارج معادلة سد النهضة. وشجع ذلك دولة إثيوبيا على تنفيذ مخططها والمضى قدماً فى الأعمال الإنشائية للسد دون أدنى مواجهة من دولتى المصب مصر والسودان .
• النقطة الثانية: التقديرات الموضوعة من شركة سالينى الإيطالية لم تكن بالدقة المطلوبة لمثل هذا المشروع الكبير سواء من الناحية الهندسية وطبيعة الأرض جيولوجياً أو تقديرات الناحية المالية، حيث تشير الأخبار الواردة إلى أن الشركة قد رفعت التكلفة الرأسمالية للمشروع من 4.8 مليار دولار أمريكى إلى 6.4 مليار دولار أمريكى وبزيادة 33 % والنتيجة هى مد فترة البرنامج الزمنى للتنفيذ وعبء أكبر على ميزانية الدولة الإثيوبية .
• النقطة الثالثة: الدراسات التى تتم حالياً بمعرفة المكتبين الاستشاريين الفرنسيين التى بدأت فى سبتمبر 2016 والمقرر الانتهاء منها فى فبراير 2018 لم تستكمل بعد، وهناك غموض فى الكشف عن محتوى (التقرير الاستهلالى) الذى تم تقديمه للأطراف الثلاثة مصر والسودان وإثيوبيا هذا الشهر. وإن عدم إتمام الدراسات فى الموعد المحدد سيكون له تأثير ضار على مصر.
• النقطة الرابعة: الجوانب التشريعية والقانونية لم يتم الأخذ بها فى الاعتبار من خلال المناقشات التى تتم بين الأطراف الثلاثة المعنية بأزمة سد النهضة، سواءً فى اللجنة الفنية أم اللجنة الثلاثية لوزراء الرى أم اللجنة السداسية لوزراء الخارجية والرى . وهى جوانب مهمة ومؤثرة على مسيرة المشروع.
• النقطة الخامسة: إن الجانب الإثيوبى أبدى فى أكثر من مناسبة على لسان المسئولين الحكوميين بأنه على استعداد لإمداد مصر والسودان بنحو 3000 ميجا وات من الكهرباء، أى نصف الطاقة المولدة بعد انتهاء تنفيذ السد وبسعر رخيص، وللأسف لم تترجم إلى واقع قابل للتنفيذ. حيث يتطلب ذلك هندسياً مد خطوط نقل تزيد على 1000 كيلومتر من موقع السد مع تجهيز شبكات التوزيع اللازمة فى المواقع المختارة.
• النقطة السادسة: مصر من جانبها لم تطالب إثيوبيا حتى تاريخه بتعويضات مالية أو حتى معنوية من جراء التداعيات والأضرار المتوقعة من جراء تنفيذ السد، والتى من أبرزها تقليل حصة مصر من المياه الواردة من النيل الأزرق إلى بحيرة السد العالى، وبالتالى نقص مستوى البحيرة وتخفيض الطاقة الكهربائية المولدة، ناهيك عن توقع تقليص الرقعة الزراعية. وعليه فإنه من الضرورى وضع «خطة عمل» ملزمة وقابلة للتنفيذ لمواجهة ذلك باشتراك كل الجهات المسئولة فى الوزارات والجهات ذات الصلة. بالإضافة أيضاً إلى وضع إستراتيجية طويلة المدى تكون بمثابة جرس إنذار لمصر يلزمها بضرورة إعادة النظر فى الميزان الوطنى المائى الذى يربط بين الموارد المائية المتاحة والطلب عليها لتلبية جميع الاحتياجات.
• النقطة السابعة والأخيرة: ضرورة العمل على تأكيد استمرارية توثيق أواصر التعاون والأخوة الأزلية التاريخية بين مصر والسودان فى مواجهة طموحات الجانب الإثيوبى غير المبررة، وأن العلاقات بين البلدين كدولتى مصب لنهر النيل العظيم لن ولم تتأثر بهذه الأزمة الطارئة، والدليل على ذلك ما جاء فى المبادىء العشرة التى وقعت عليها الدول الثلاث واحتضنته العاصمة السودانية.
فى الختام نشير إلى أن ملف سد النهضة هو نموذج لأزمة دولية متعددة الأبعاد، فهو من الناحية الفنية اختلاف فى تفسير وتحليل الجوانب الهندسية والعلمية فى ظل الوفرة المائية أوالشح المائى لدولة إثيوبيا كدولة منبع، والسودان كدولة مسار، ومصر كدولة مصب، وبالتالى يكون هناك رأى ورأى مخالف.
أما من الناحية الاقتصادية فإن الأزمة تعنى اضطراباً فى التوازن من جراء وجود فجوة اقتصادية بين الأطراف الثلاثة المعنية، وهذا واضح تماماً فى حالة المقارنة بين إجمالى الدخل القومى ونسبة الديون إلى الدخل لكل من مصر من جهة وإثيوبيا والسودان من جهة أخرى . أما الأزمة تشريعياً فهى تعنى بالضرورة عدم الاعتراف أو عدم الاتفاق على الأسس والمبادئ القانونية التى تحكم الأنهار الدولية المشتركة. كما أن للأزمة جوانب أخرى فرعية مؤثرة: سياسية، تاريخية، دينية وثقافية وهذا غير واضح فى تعامل الدول الثلاث مع هذا الملف الساخن.
إن الحل الممكن للمرحلة الحالية والمقبلة بعد هذه القراءة الهادئة لن يتم إلا باتفاق الأطراف الثلاثة (مصر – السودان – إثيوبيا ) على اختيار (وسيط) دولى محايد يتفهم أبعاد الأزمة من كافة جوانبها الرئيسية والفرعية، وله خبرة سابقة فى حل أزمات دولية مماثلة، وتكون أيضاً له القدرة على التعامل بشفافية لصالح الجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.