يتمتع أهل الجنة بمتع نفسية لا تقل عن متع الجسد ،وبهذا تكتمل لديهم دائرة النعيم.. ومن هذه المتع منع جميع المنغصات التى قد تؤذى النفوس أو تعكر صفوها ومن هذه المنغصات الممنوعة فى الجنة " اللغو"، حيث يقول تعالى عن أهل الجنة: (لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا) سورة [الواقعة:25]، واللغو هو كل الكلام الذى لا فائدة فيه، وكثير من الكلام هو لغو، مثل القيل والقال وغيره مما ينزه عنه أهل الجنة. وفى ذلك إشارة إلى أن أهل الجنة كانوا فى الدنيا يتجنبون اللغو، فهم قد فرضوا نظاماً على ألسنتهم بالكلام، يختارون أطيب الكلام كما يختار آكل الطعام أطيبه، فلا يتكلمون إلا بخير، وإذا زل واحد منهم بكلمة أسرع فى الاعتذار عنها؛ وكثير من المشكلات بين الناس مصدرها كلمة لغو، صدرت من صاحبها، فالإشارة إلى أن هؤلاء لا يسمعون فيها لغواً هو تذكير بأنهم فى الدنيا كانوا كذلك، لا يقولون اللغو ولا يسمعونه أيضاً؛ لأن تمكين أذنك من سماع اللغو هو تشجيع عليه، والذى لغا أو اغتاب أو سب أو شتم لو لم يجد من ينصت إليه لم يتكلم؛ ولذلك قال زهير، قال: السامع الذم شريك له ومطعم المأكول كالآكل ومن دعا الناس إلى ذمه ذموه بالحق وبالباطل ومقالة السوء إلى أهلها أسرع من منحدر سائل. كما قال النبى صلى الله عليه وسلم لمعاذ ، قال: (يا رسول الله! وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس فى النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم)، هنا أحياناً إنسان يكذب، يغتاب، ينقل الكذب عن الآخرين، ويقول: والله أنا ما أدري، أنا سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته، أو يروج الشائعات التى ربما تطيح بأناس وتتهم أبرياء، وتدمر سمعة المجتمع المسلم وعلاقة الناس بعضهم ببعض، فكم نحتاج للتذكير بأهمية أن نربى ألسنتنا على الانضباط، وأنه مجرد أن يجد الإنسان مادة للحديث فى شيء، لا يعنى أنه مفوض بذلك أن يتكلم بأشياء كثيرة دون أن يكون متأكداً منها، ومتأكداً من جواز النطق بها أيضاً، وأنه ليس عليه فيها بأس ولا مؤاخذة. .وبهذا يستحق شرف الانتماء إلى أهل الجنة .