الرئاسى الليبى يدين هجوم القوات التابعة له على قوات الجيش الليبى بقاعدة براك الشاطئ استشهاد الرائد فضل الحاسى فى معارك تحرير الصابرى ببنغازى
بعد ثلاث سنوات من المعارك الشرسة التى يخوضها الجيش العربى الليبي ضد الجماعات الإرهابية بمدينة بنغازى، استطاع أن يحرر ويسيطر على المدينة بالكامل ويحاصر باقى فلول الجماعات الإرهابية فى منطقتي “الصابرى وسوق الحوت” فقط.
وفى الوقت التى تزينت فيه مدينة بنغازى خلال الأسبوع الماضى بعدد من الاحتفالات المدنية والعسكرية بدأت باستضافتها لمهرجان «الأهرام الثقافى» فى الحادى عشر من الشهر الحالى، الذى أقيمت فاعلياته على مدار أربعة أيام بمسرح الطفل بوسط المدينة وسط حضور كثيف لأهالى المدينة، بمشاركة وفد من الفنانين والكتاب والصحفيين والساسة المصريين التى هبطت بهم الطائرة بمطار بنينا، كأول طائرة ركاب مدنية تهبط للمطار منذ أكثر من ثلاث سنوات، وبعد مغادرة الوفد المصرى بدأت احتفالات عسكرية ضخمة بمقر الكلية العسكرية ببلدة “توكرة” التى تبعد 70 كم شرق بنغازى، وشهدت الاحتفالية تخريج الدفعة 50 بعد توقف دام سبع سنوات، التى ضمت 460 ضابطًا وأكثر من 1200 جندي، بحضور القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير أركان حرب خليفة بالقاسم حفتر، ورئيس الأركان العامة اللواء عبد الرازق الناظوري، ونخبة من كبار الضباط بالقوات البرية والجوية والبحرية، ورئيس الحكومة المؤقتة عبد الله الثني وعدد من الوزراء، ونائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق علي القطراني، وعدد من أعضاء مجلس النواب.
وفى اليوم التالى للاحتفال استقبل المشير خليفة حفتر رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الفريق محمود حجازى والوفد المرافق ، فى زيارة مصرية رفيعة المستوى تعد الأولى لمدينة بنغازى. وخلال استقبال المشير حفتر لعدد من شخصيات الوفد المصرى المشارك فى فاعليات “مهرجان الأهرام الثقافى” الأسبوع الماضى بمقر القيادة العامة للجيش الليبى بالرجمة صرح ل«الأهرام العربى» عن أهم النقاط التى طرحها خلال اللقاء الذى جمعه برئيس المجلس الرئاسى فايز السراج بمدينة أبو ظبى، حيث أكد أن أى مباحثات لابد أن ترتكز على أسس وطنية غير قابلة للتفاوض وهى: ليبيا دولة واحدة غير قابلة للتقسيم، وعرض القائد العام للجيش نقاطاً.
الجيش الوطني الليبي هو الجيش الوحيد في الدولة الليبية، ولا توجد في ليبيا أى قوة موازية له وكل من يحمل رقما عسكريا بصورة قانونية هو فرد في هذا الجيش ويخضع لقانون المؤسسة العسكرية. لا سلطان للحكومة على الجيش.
الرفض القاطع لأي تدخل أجنبي في بناء هيكل الجيش الليبي وتنفيذ الترتيبات الأمنية. الجيش هو المسئول عن حماية مقدرات الشعب الليبي وحدود البلاد. يجب أن تتحرر السلطة التنفيذية المتمثّلة في الحكومة من هيمنة أي تيار أيديولوجي أو حزبي أو مناطقي أو ميليشياوي. تنظيم داعش والقاعدة وأنصار الشريعة والجماعة الليبية المقاتلة والإخوان المسلمون، وما يسمى بسرايا الدفاع عن بنغازي جميعهم تنظيمات إرهابية. حل الميليشيات بمختلف توجهاتها أمر حتمي ويتم وفقا للقانون. أى إجراء خارج نطاق الإعلان الدستوري وتعديلاته يعد باطلا. مواصلة الحرب على الإرهاب حتى القضاء عليه نهائيا. مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط والهيئة الوطنية للاستثمار مؤسسات سيادية لا تخضع للحكومة. الامتثال لجميع الأحكام القضائية التي تصدرها المحاكم الليبية.
كما أضاف القائد العام للجيش الليبى أن رؤية القوات المسلحة الليبية بخصوص التعديلات التى يجب أن تتم على الاتفاق السياسى هى: تشكيل هيئة رئاسية أو مجلس رئاسي للدولة يتألف من: رئيس مجلس النواب، القائد العام، والرئيس الحالي للمجلس الرئاسي ويكون أبرز اختصاصاته، مهام رئيس الدولة، والقائد الأعلى للجيش، وتكليف رئيس الوزراء لتشكيل الحكومة واعتمادها، وتعيين السفراء ورؤساء البعثات الليبية في الخارج واعتماد السفراء الأجانب.
وأكد المشير خليفة حفتر ضرورة إلغاء المادة الثامنة من الملحق في الاتفاق السياسى الخاصة بتكليف المناصب السيادية للدولة. وفى بنغازى برغم النجاح الباهر للجهات الأمنية والشرطية بخروج جميع هذه الفاعليات والاحتفالات فى أمان تام وعدم تمكين الإرهاب من إفسادها، إلى أنه لجأ للعمليات الإرهابية الدنيئة خارج المدينة، فشهدت بلدة سلوق 80كم غرب مدينة بنغازى عملية إرهابية بتفجير سيارة مفخخة قرب مسجد بلال بن رباح حصدت أرواح 4 وإصابة 15 بين الشهداء شيخ قبيلة العواقير إبريك الواطي. وفى الجنوب الليبي قامت قوات تابعة للمجلس الرئاسى بالتحالف مع تنظيم القاعدة الخميس الماضى بمذبحة جماعية ل 141 من جنود الجيش الليبي بقاعدة براك الشاطئ الجوية، كما أكده بيان الناطق الرسمى للجيش الليبي العقيد أحمد المسمارى، الذى أكد أن القوات المسلحة الليبية سترد بقوة وبشكل قاس، وبدأت قوات السلاح الجوى بشن غارات جوية على مواقع تابعة لمجموعات ومخازن تابعة لميليشيا “سرايا الدفاع عن بنغازى”.
وفى تصريح للقيادى الإرهابى البارز بالجماعة الليبية المقاتلة سامى الساعدى عضو دار الإفتاء لمدينة طرابلس وصف مذبحة قاعدة “براك الشاطئ” بالخير، وجدد انتقاده للقائد العام للجيش الليبى خليفة حفتر، وقال:”إن ما خفى كان أعظم” فى تهديد صريح باستمرار العمليات الإرهابية.
وخلال معارك الجيش لتحرير حى الصابرى بمدينة بنغازى يوم الأحد الماضى استشهد الرائد فضل الحاسى آمر استخبارات قوات الصاعقة الليبية، ليعكس خبر استشهاده حالة من الحزن بالمدينة التى كانت فرحة من أيام، نظرا لشعبية الشهيد الجارفة، فهو قد شارك منذ بداية عملية الكرامة العسكرية منتصف 2014 فى تحرير جميع أحياء بنغازى.
لتأتى هذه العمليات الإرهابية، بعد اللقاء الذى تم فى العاصمة الإماراتية أبوظبى بين المشير خليفة حفتر وفايز السراج رئيس المجلس الرئاسى، الذى وصفه مراقبون ومحللون بالإيجابى وخطوة لتفكيك الخلاف السياسي، ليخرج المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق ينفى أيّ مسئولية له في الهجوم، مدينا في بيان، واصفا إياه ب”استمرار للعبث بالاستقرار في جنوب الوطن”، وأنه “يثمن الجهود المبذولة لحقن الدماء والمصالحة الوطنية وتحقيق الاستقرار”، مضيفا أنه لم يصدر أي تعليمات لوزارة الدفاع في الهجوم، وأنه لن يتورط أبدا في إراقة دماء الليبيين. كما أعلن المجلس الرئاسي عن فتح تحقيق في الواقعة، وأوقف وزير الدفاع المهدي البرغثي وآمر القوة الثالثة جمال التريكي إلى حين “تحديد المسئولين عن خرق الهدنة”، ومنع القوات العسكرية التابعة له من أيّ عمليات عسكرية إلّا للدفاع عن النفس. ومن جانبه صرح المشير خليفة حفتر، بأن رد القوات المسلحة الليبية سيكون “مزلزل- 1”، لتبدأ القوات الجوية فى الهجوم على قاعدة الجفرة بالجنوب التى تتمركز بها ميليشيا “سرايا الدفاع عن بنغازى” وعدد من ميليشيات المعارضة التشادية مدعومة بمقاتلين من القاعدة، وبعض القوات التابعة للمجلس الرئاسى ووزارة دفاعه والذى قام بزيارتها رئيس المجلس الرئاسى ووزير دفاع حكومة الوفاق العقيد المهدى البرغثى فى ديسمبر من العام الماضى، ويظهر على صفحات التواصل الاجتماعى الخاصة ب”سرايا الدفاع عن بنغازى” أخبار تؤكد أن ضربات سلاح الجو الليبي موجعة ومؤثرة، حيث بدأ الإعلان عن مقتل أعداد كبيرة من مقاتلى الميليشيا، وطلبات التبرع بالدم لمستشفى الجفرة وهو ما يؤكد أن هناك أعداداً كبيرة من المصابين فى صفوف مقاتلى الميليشيات.
وفى الوقت الذى يرد الجيش الليبي بكل قوة على العمليات الإرهابية تأتى التصريحات الغربية التى أفردت لها الصحافة العالمية مساحات كبيرة فى النشر بوصف ما يحدث بالجنوب الليبي بأنها حرب أهلية وليس مكافحة تنظيمات إرهابية. إلا أن مصر أدانت رسميا مقتل 141 عسكريا بقاعدة براك الشاطئ ووصفته بالعملية الإرهابية. لتدخل ليبيا مرة آخر فى مشهد جديد من التعقيد والتباعد السياسى، مما قد يعرقل أى مبادرات سياسية توافقية خلال الأسابيع المقبلة.