إن رمضان شهر الخير والبركة والتسامح مع الآخرين، لقد جعله الله شهراً طول السنة، تتغير فيه كل معالم المعاملة مع الناس حيث يكون فيه ود وخير وبركة وتسامح مع الآخرين، ولقد جعله الله شهراً مباركاً فيه أنزل القرآن الكريم وليلة القدر، فكل من المسلمين يسعون لأخذ بركته بالتعامل مع الناس بالحب والود والتسامح، لكى يكمل بركات هذا الشهر الكريم. لى صديق مسيحى اسمه طارق فايز، وغيره من إخواننا المسيحيين فى شبرا، أراه الآن سعيد جداً، فسألته عن هذه السعادة، فقال لى: لأن شهر رمضان على الأبواب، كل عام وأنت بخير، فقلت له ماذا تنتظر من الشهر الكريم، فقال لى: إن الناس تتعامل فيه معنا ومع الآخرين بالتسامح والحب، ونحن نساعدهم فى الشارع بتعليق الأنوار والزينة ونفرح فيه مثلكم تماماً، ونأكل فيه الكنافة والقطايف والمكسرات، بل نحن ننتظر مدفع الإفطار لكى نفطر معكم، واحتراماً لكم ولهذا الشهر الكريم، حباً فى هذا الشهر، والتعامل معنا فى هذا الشهر بالود والتسامح والحب، فنحن نشعر أن هذا الشهر كريم فعلاً بكل معانيه، فلذلك نحن المسيحيين ننتظر هذا الشهر بفروغ الصبر، لأنه يكون شهر الخير والبركات والمحبة. فقال لى: أتمنى من ربنا أن تكون السنة كاملة رمضان! وكما نعلم أن هذا الشهر الفضيل من خصائصه تضاعف فيه الحسنات، وتفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وتصفد مردة الشياطين وعصاتهم، وهو الهدى لمن تمسك به واعتصم، وهو النور المبين، نور لمن عمل به، لمن أحل حلاله، وحرم حرامه، وهو الفاصل بين الحق والباطل، وهو الجد ليس بالهزل، وأن الأعمال فيه تضاعف عن غيره، وهو شهر التوبة والمغفرة ، وتكفير الذنوب والسيئات، وهو شهر العتق من النار، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه : قال صلى الله عليه وسلم: (وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة) رواه الترمذي . وهو شهر الصبر، فإن الصبر لا يتجلى في شيء من العبادات كما يتجلى في الصوم، ففيه يحبس المسلم نفسه عن شهواتها ومحبوباتها، ولهذا كان الصوم نصف الصبر ، وجزاء الصبر الجنة، قال تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} (الزمر:10). وهو شهر الدعاء، قال تعالى عقيب آيات الصيام: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} (البقرة:186)، وقال صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم) رواه أحمد. وهو شهر الجود والإحسان ولذا كان صلى الله عليه وسلم - كما ثبت في الصحيح - أجود ما يكون في شهر رمضان. وهو شهر فيه ليلة القدر، التي جعل الله العمل فيها خيراً من العمل ألف شهر، والمحروم من حرم خيرها، قال تعالى: {ليلة القدر خير من ألف شهر} (القدر:3). وكل رمضان وأنتم بخير.